حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

الفيلسوف الضاحك.. نجيب الريحاني

بقلم: ماهر زهدي

الحلقة ( 21 )

العشرة الطيبة

بينما كان نجيب الريحاني ولوسي غارقين في حديثهما، سمعا طرقاً قوياً على الباب وإذ بمصطفى أمين يستعجل الريحاني بالمغادرة، أما السبب فكان مصيبة كبرى.

قص مصطفي أمين على نجيب الريحاني سبب مجيئه واستعجاله، مؤكداً أن ثمة من يريدون قتله! أو على الأصح يطالبون بإعدامه لاعتباره خائنا للوطن، لأنهم اكتشفوا أنه «دسيس من الإنكليز»!

* يا ليله كحلي مش طالع لها نهار… دسيس إنكليزي! دي تهمة مش تعدمني لوحدي، دا استاهل عليها الإعدام أنا وكل عيلتي. ومش من الحكومة… لا من الشعب المصري. وجت منين التهمة المصيبة دي؟

= أنا لسه جاي دلوقتي من الأزهر الشريف. كان فيه اجتماع هناك بين عدد كبير من السياسيين والوطنيين، كله خطب حماسية وكلام حوالين الإنكليز وعملائهم في مصر، والناس الخونة إللي بيساعدوهم، وأنه لا بد من كشفهم قدام الشعب ومحاكمتهم محاكمة شعبية.

* وأنا… أنا إيه إللي جاب سيرتي في حاجة زي كده. وإزاي يعتبروني خاين وعميل؟ بعد «قوم يا مصري» والتظاهرات إللي كانت بتخرج كل ليلة من تياترو الريحاني أبقى خاين وعميل؟

= الناس دول ماذنبهمش حاجة لأنهم ميعرفوش إللي أنت بتعمله.

* أمال ذنب مين؟ ذنبي أنا؟!

= لا… ذنب الحقد والغيرة الفنية. ناس ما بتفكرش غير في نفسها وبس. وبيرموا التهم جزافا حتى لو ودوا إللي بيتهموهم في ستين داهية… لأنه طلع واحد كده من تحت الأرض. أظن شفته كذا مرة في عماد الدين أو الأزبكية. عنها ومسك الميكروفون من غير ما حد يطلب منه وهات يا تهم وسب فيك باعتبارك دسيسة إنكليزية. اتفق معاك الإنكليز أنك تلهي الشعب بالروايات إللي بتقدمها علشان تساهم في إخماد الثورة!

* أيوه بس الناس إزاي تصدق. هو أي حد يقول كلمتين يبقى كلام منزل؟ في لحظة كدا اتنقل من خانة الشرفاء الوطنيين لخانة العملاء الخاينين بكلمة؟!

= يا سيدي الناس وقت الثورات ما بتقدرش تفرق أوي بين الخاين العميل، وبين الوطني الشريف… الشك ممكن يطول أي حد.

* لكن دا مش حقيقي ولازم الناس تعرف… وبعدين أنا لو كنت بشتغل مع الإنكليز ولا الملك ليه المستر «هورنيلو» مدير الأمن العام أمر بمصادر رواية «قولوا له»… إللي كنا هنعملها قبل «أش» وكنا فاضحين فيها الإنكليز والقصر؟!

= مش وقته الكلام دا. أنا سبت الموجودين وهما بيهتفوا ضدك وبيطالبوا بمحاكمتك وإعدامك… ومش بعيد ييجوا على هنا دلوقتي. ألف مين يعرف بيتك وإن ماعرفوش ممكن الأخ إللي أتطوع ورماك بالتهمة دي يدلهم على بيتك.

- نجيب… أنت مش لازم يستنى دقيقة واحدة لازم نسيب هنا فورا.

* متخافيش يا لوسي. اصبري لما نشوف هترسى على إيه؟

= الكلام إللي بتقوله مدام لوسي مظبوط… مفيش وقت لازم تسيبوا المكان دا فورا.

كاد قلب لوسي يقفز من فرط خوفها على نجيب، استقلا عربة «سوارس» ووقفت لوسي على سلم العربة لتحول بين نجيب وبين أنظار المارة، وراحت تستحث «الحوذي» لأن يلهب ظهور الخيل التي تجر العربة كي يبتعد بهما، وظلت على حالها تلك حتى وصلا إلى فندق «هليوبوليس هاوس» في مصر الجديدة، وحجزا فوراً غرفتين، وكانت عقارب الساعة قد تخطت الثانية صباحاً.

بقي نجيب ولوسي في هذا الفندق أياماً عدة، غير أن مخاوفه من مطاردة الثوار له، لم تلهه عن واجبه الوطني فلم ينقطع عن المشاركة في التظاهرات، على رغم مخاوفه من التنكيل به، غير أنه راهن على أن أحداً لم يعرف شخصيته الحقيقية، لم تنشر صوره صحيفة أو جريدة، وما نشر كان لشخصية «كشكش بك» وهو يضع اللحية ويرتدي «الجبة والقفطان».

انتصار سياسي وفني

انتصرت الثورة بعدما أبرق اللورد «اللنبي» لحكومته بعد أقل من أسبوع من وصوله إلى مصر يقترح، أو بالأحرى يطلب، الإفراج عن سعد زغلول باعتباره مفتاح الحل مع المصريين الذين لا يكلون ولا يملون من التظاهرات، فأسقط في يد الحكومة البريطانية، فقد أرسلت «اللنبي» وخولته أن يفعل أي شيء وفي ذهنها أن كل شيء يعني قتل المتظاهرين من المصريين، حتى لو كانوا بالآلاف لإخماد الثورة، وأن آخر ما تتصوره أن يكون «أي شيء» يعني المطالبة بالإفراج عن سعد ورفاقه، ومن هنا لم تستطع إلا أن تلبي الطلب.

وصلت موافقة لندن بالإفراج ظهر يوم 6 أبريل 1919 فأسرع «اللنبي» بإبلاغ الخبر إلى السلطان فؤاد، الذي وجدها فرصة يتقرب فيها إلى الشعب بهذه المناسبة السعيدة فأذاع منشوراً في مساء 6 أبريل، غير أن البيان خلا من أي إشارة للإفراج عن سعد، وإن كان وعدهم بمفاجأة سارة، فقد ترك إذاعة النبأ للورد «اللنبي». في صباح 7 أبريل أذاع اللنبي النبأ، وبلغ من لهفته لإحاطة الأمة علماً بالنبأ السعيد أن جعل الطائرات تلقي المنشورات المتضمنة النبأ في أنحاء البلاد، وتم الإفراج عن سعد زغلول ورفاقه والسماح لهم بالسفر لحضور مؤتمر الصلح في «فرساي».

مضت على تلك الحال أيام استقرت فيها أمور العامة، وكانت النتيجة الطبيعية أن فتحت المسارح ودور اللهو وعادت إلى ما عهده الجمهور فيها من تسلية، لكن بشروط فيها شيء من الشدة كتحديد مواعيد السهر ودقة المراقبة التي فرضتها الداخلية التي اتخذتها السلطات البريطانية «مخلب قط»!

رجع الاستقرار غير أن الحياة الطبيعية لم تعد إلى طبيعتها بعد إلى المسارح ودور اللهو، فكان الجمهور لا يزال بعيداً إلى حد ما على غير المعتاد، فضلاً عن تردد نجيب في العودة بسبب من كانوا يريدون رأسه.

أبلغ رد

وجد نجيب أن أفضل رد على هؤلاء المتشككين الذين لم يفهموا طبيعة رسالة نجيب أن يجاهد في ظل هذه الظروف ويحاول مجدداً مع «نظارة الداخلية» للسماح له بتقديم روايته المصادرة «قولوا له» فكانت المفاجأة بالموافقة عليها.

ضمن الريحاني كل ما مرت به مصر منذ اندلاع الثورة في التاسع من مارس 1919، وحتى هذه اللحظة، من تظاهرات وهتافات والمطالبة بالاستقلال التام لمصر وإظهار دور المصري في المطالبة بحقه في حرية واستقلال بلاده، وما قدمه من مصابين وشهداء في سبيل نيل الحرية، كما وضع بديع خيري أزجالاً جديدة في هذا الإطار وضع ألحانها الشيخ سيد درويش، فأدخلوا في صلب الرواية ألحاناً وطنية على ألسنة كل طائفة من الطوائف التي قامت بهذه التظاهرات، فلم يدعوا واحدة منها إلا وجدت نفسها في ما كان يلقيه الممثلون، حين يتقمصون شخصيات أفراد تلك الطوائف على المسرح، واحدة بعد أخرى:

يا مصر يحميك لأهلك… ما نشوف لك إلا يوم سعدك

نموت ونحيا في حبك… دنيا ما دنيا مافيش بعدك

ما زادش خير عنه… وابنك مافيش أكرم منه

فضلك على نساك ورجالك… وعلى إللي راح وإللي جالك.

وجاءت إلليلة الأولى لظهور الرواية لتكون ليلة عيد بحق لكل من احتواه التياترو، سواء في ذلك الممثلون أو المتفرجون، إذ جاءت الرواية بمثابة قنبلة انفجرت هزت الجماد وحركت الصخر!

هتاف يرتفع إلى عنان السماء، تصفيق يكاد يصم الآذان، وما إن ظهر نجيب على خشبة المسرح للتحية حتى قوبل بعاصفة من التصفيق والهتاف، فوقف الريحاني يغالب دموعه لا يستطيع أن يحبسها، فلم يجد إلا الانحناء أمام هذا التقدير لمدة 15 دقيقة حتى خطر للريحاني خاطر وهو على هذه الحال:

* طب ماهو الحساد إللي بيطاردوني بحسدهم لهم حق… دول لو شافوا مظاهرة الحب دي، ولا حتى نص مظاهرة زيها والناس بتهتف لي كده… كانوا يموتوا من الغيظ وهما مكانهم!

هذا النجاح في استعادة الجمهور وثقته، في أقل وقت ممكن، جعل الفنان علي الكسار يفكر في الرد عليه بمسرحية باسم «إحنا إللي فيهم»، فجاء الرد عليه سريعاً. ما إن انتهت الأيام التي قدرت لرواية «قولوا له» حتى كان نجيب وبديع والشيخ سيد درويش قد انتهوا من إعداد الرواية التالية واختاروا لها اسم «رن»، لتأتي كسابقتها شعلة من الوطنية المتأججة، ولهباً من الحماسة تشتعل ناره ويلتهب أواره.

انهمر المال على خزانة تياترو «الإجيبسيانة» كالمطر الغزير وبشكل لم يكن أحد ينتظره أو يتصوره، وكلما ارتفعت أرقام الأرباح، ارتفعت معها عقيرة الخصوم والحساد، وامتلأت أعمدة بعض الصحف بالطعن في كشكش من جميع النواحي.

في نهاية الموسم جاء نصيب الخواجة ديموكنجس صاحب التياترو ثمانية آلاف جنيه نظير حصته من الشراكة التي مقدارها 30% من الإيراد، بينما جاء نصيب الريحاني صاحب السبعين في المائة الباقية، 20 ألف جنيه تقريباً.

وجد الريحاني أن ذهابه وإيابه يومياً إلى ضاحية مصر الجديدة، يستنزف الكثير من وقته الذي أصبح له ثمن، فأراد أن يكون قريباً من المسرح ومنطقة وسط القاهرة وما تعج به من مسارح وملاه، فاستأجر شقة في حي الزمالك المطل على نيل القاهرة، ليمر بكوبري «أبو العلا» من الزمالك ليكون في شارع «بولاق» (26 يوليو) حيث منطقة مسارح وملاهي وسط القاهرة، فانتقل إلى الشقة بمفرده مع الإبقاء على الأسرة في منزل مصر الجديدة.

بدا الانتقال للسكن الجديد كأنه بمثابة مرحلة جديدة في حياة الريحاني، فأراد أن يتوقف عند هذا الفاصل قليلاً، ينظر خلفه في ما قدّم وما حقق، وأمامه وما ينتظره وماذا يمكن أن يقدم؟ هل يستمر في ما هو فيه ونتيجته واضحة ومضمونة؟ أم يقدم على خطوة جديدة؟!

وقفة للحساب

خلا نجيب بنفسه وراح يحاسبها على ما أدى للفن من خدمات تستحق أن يصل بها إلى ذروة الشهرة التي اعتلاها، وإلى أفق الصيت الذي لا يحد مدى، فوجد أن كل أعماله مجرد صفر على الشمال مقارنة بما فعلت أعماله الأخيرة مثل «ولو، إش، قولوا له، ورن» من إشعال جذوة الوطنية بين الجماهير، وهذا وحده ليس كافياً لأن يكون مطية ذلولاً تقفز به في ميدان الشهرة هذه الطفرات المتوالية، لذلك أراد أن يشبع حاسته الفنية ويستبدل الفن الذي يقدمه بنوع جديد يرضي به ضميره وجمهوره في آن!

بعد تفكير طويل، ضم الريحاني إلى الفرقة الجديدة إلى جانب عزيز عيد، وروزاليوسف وزكي مراد، محمود رضا ومنسي فهمي ومختار عثمان وستيفان روستي والمطربة برلنتة حلمي ونظلي مزراحي وغيرهم، ومكثوا يؤدون بروفات الرواية أربعة أشهر كاملة، كان يدفع فيها الريحاني رواتبهم كاملة.

«الأوبرا كوميك»

أخرج عزيز عيد الرواية، وفي اليوم المحدد لظهورها، كان مجموع ما تم إنفاقه في سبيل إعدادها إلى لحظة رفع الستار عن أول مشاهدها، مبلغ ثلاثة آلاف جنيه مصري، لتكون رواية «العشرة الطيبة» أول عهد «الأوبرا كوميك» و{الأوبريت» في مصر، إذ وضع فيها الشيخ سيد درويش كل عصارة فكره الموسيقي لتقديم أول أوبرا مصرية!

أظهر موضوع الرواية استبداد الشراكسة، في الوقت الذي خرجت فيه تركيا من الحرب العالمية مقهورة وكان العامل الأقوى والمهم في هزيمتها إنكلترا، وفي ظل ما يعانيه الشعب المصري من نير الاحتلال الإنكليزي ووقوف المحتل في طريق نهضة مصر، جنحت العواطف مجدداً نحو تركيا.

استغل خصوم وحساد الريحاني الموقف وادعوا مجدداً أنه دسيس إنكليزي، وأن القصد من عرض رواية «العشرة الطيبة» هو تجسيم مساوئ الأتراك في أعين المصريين وتقريب الإنكليز إلى قلوبهم، وهو ما لم يكن له علاقة برؤية الرواية من قريب أو بعيد.

نجح دعاة السوء في التأثير في بعض السذج بهذه الدعاية فتجاوبوا مع نظرية المؤامرة التي تحاك ضد الريحاني ونجاحه، ففوجئ أعضاء الفرقة أثناء التمثيل وفي فترة الاستراحة بخطيب ينادي بالويل والثبور وعظائم الأمور، ويهتف بسقوط الريحاني «داعية الإنكليز وربيب نعمتهم»… ذلك كله وهم يعرفون تماماً أن الريحاني كان هدفاً لنقمة الإنكليز وسلطتهم العسكرية في مصر، وكثيراً ما كان يقف بين المتفرجين بعض العقلاء والمستنيرين، فيردون على سفاسف أولئك الخطباء ويسفهون آراءهم… ما حول أوبريت «العشرة الطيبة» إلى ساحة للجدل السياسي اليومي، وأنذر بإغلاق المسرح.

لجأ الريحاني إلى محمد تيمور بك واقترح عليه أن يصطحب معه بديع خيري، ويقصدا أحد البارزين من أعضاء الوفد المصري الذين يعتقد الشعب بآرائهم، ويطلبا إليه أن يتفضل بمشاهدة تمثيل الرواية، ثم يحكم بعد ذلك من الناحية الوطنية لها أو عليها، فكان أن وقع اختيارهما على «مرقص حنا»، وكيل لجنة الوفد المركزية، فذهبا إليه، وفي المساء نفسه حضر في رفقة السيدة قرينته والآنسة كريمته السيدة عايدة هانم مرقص وخطيبها مكرم عبيد.

نجحت الفكرة، وفي اليوم التالي نشر مرقص حنا في الصحف رأيه الصريح حول الرواية، نافياً عنها كل ما يذيعه المغرضون لحاجة في نفس يعقوب، فكان هذا التصريح الكبير من رجل مثله له مكانته في قلوب الأمة معولاً دكّ حصون الخصوم.

لم يشارك الريحاني في أوبريت «العشرة الطيبة» كممثل، بل كمنتج ومستأجر لتياترو «كازينو دي باري»، فقرر أن يقدم رواية جديدة على مسرح «الإجيبسيانة» مع أعضاء فرقته، خصوصاً أن لغة «الشماتة» وضحت من خلال المسرحيات التي يقدمها صديقه اللدود علي الكسار.

قدم الأول مسرحية بعنوان «الدنيا جرى فيها أيه» فرد عليه الثاني بمسرحية «الدنيا بخير»! وراح الريحاني يضم إلى الفرقة عناصر فنية جديدة، خصوصاً الأصوات التي تدعم الفرقة بعدما أصبح للغناء دور بارز في رواياته مع ألحان الشيخ سيد درويش، فضم المطربة فتحية أحمد، التي كانت جميلة الصوت ساحرة الغناء، خفيفة الظل رشيقة الحركة دائمة الابتسام على المسرح، ووضع لها قطعاً تلحينية في صلب الرواية، وفي الوقت نفسه كان قد كلف عبد اللطيف جمجوم بالبحث له عن مطربين جدد يصلحون للمشاركة في الرواية، ففوجئ به يدخل عليه ومعه شاب صغير لم يتجاوز عمره 16 عاماً، نحيل القوام، غير أنه لطيف المظهر تبدو في عينيه دلائل النبوغ:

* إيه ده يا عبد اللطيف؟

= دا المطرب الجديد. بس إيه… موهبة محصلتش. حنجرة موسيقية نادرة وصوت ساحر. وماشاء الله رغم أنه سنه صغيرة بس عنده ذاكرة فنية قوية جداً.

* أيوه… يعني اشتغل قبل كده؟

= اشتغل شويه مع فؤاد الجزايرلي.

* بس دا صغير أوي يا عبد اللطيف وشكله كدا ما كلش بقالوه جمعة.

= سيبك من الشكل. اسمعه الأول وبعدين أحكم عليه.

(البقية في الحلقة المقبلة)

 

عزيز عيد إلى فرقة نجيب

خشي نجيب أن يقدم للناس نوعاً من الفن لم يألفوه، فيهجرونه، ففكر في طريق جديد يحاول من خلاله التوفيق بين النظرتين.

نظر حوله باحثاً عمن يمكن أن يعينه على حالة التوافق التي ينشدها، فوجد أن عزيز عيد لا يعمل بعد فشل روايته «حنجل بوبو» في «كازينو دي باري»، ووجد حوله عدداً كبيراً من الفنانين أعيتهم البطالة، فاستدعى عزيز وأشار عليه بالتعاون معه مجدداً:

= مش فاهم؟ يعني عاوزني أشتغل عندك في التياترو؟

* أستاذ عزيز. أنت عارف إني بحبك وبقدرك ومش ممكن انسى فضلك عليّ مهما حصل. والنهارده أنا بعرض عليك إننا نرجع نشتغل سوا.

= لازم تعرف أن نجاحك جزء من نجاحي ودا بيسعدني… وأنا معنديش مانع. دا يشرفني، لكن أنت ناجح في سكتك. أنا هعمل إيه معاك؟

* خلينا من المجاملات. أنا بفكر في مشروع جديد مفيش حد ممكن يعمله معايا غيرك.

= خير يا نجيب.

* أنا لسه قاري رواية فرنسية هايلة. اسمها «اللحية الزرقاء» ففكرت إننا نمصرها ونقدمها.

= عارفها… دي رواية صعبة.

* صعوبتها في أننا ننقل الجو بتاعها لمصر. والمشكلة دي اتحلت لأني اديتها للأستاذ محمود تيمور بيه اقتبسها ومصرها. وكمان بديع خيري كتب أزجالها والشيخ سيد درويش بدأ يحط الألحان.

= الله!! دا أنت مخلص كل حاجة بقى. ونويت تقدمها امتى وفين «اللحية الزرقاء» دي.

* لا. أنا سميتها «العشرة الطيبة» اهه. ابدأ على طول في عمل ترتيبك لإخراجها، وكمان أجرت لها تياترو خاص. أجرت تياترو «دي باري» هو صحيح الإيجار حراق شوية. تتصور ألفين جنيه في السنة! بس مش خسارة فيها لأني عاوزها تبقى مشروعنا كلنا..

= بنفس الفرقة بتاعتك؟

* وهنضم لهم المطرب زكي مراد والصديقة العزيزة روزاليوسف، و…

= روز دلوقت بقت أم لطفل لسه مكملش سنه.

* معقولة! روز بقت أم هي ومحمد عبد القدوس.

= أيوه. جابوا إحسان.

الجريدة الكويتية في

09/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)