حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

قصة إعدام عادل امام

الضحك سياسة.. والفنان ليس نشرة أخبار

بقلم: سمير الجمل

في الخمسينيات وحول الراديو كانت الأسرة المصرية والعربية تجتمع حول شيئين لا ثالث لهما، حفلات أم كلثوم أول كل شهر، وخطب جمال عبدالناصر، ومع ذلك أعلن حبه للسادات رغم انه لم يكن يوماً محسوباً على السلطة ولا من رجالها، لكنه لا يرى مبرراً لعداء النظام السياسي لمجرد انه في موقع السلطة، ومبرره ان النظام هو ابن البلد، تستطيع ان تختلف معه، لكن لماذا تناصبه العداء والكراهية، ولهذا دخل قصور الملوك والرؤساء العرب وارتبط بصداقات مع ياسر عرفات وحافظ الأسد ثم بشار وعلي عبدالله صالح والرئيس الجزائري بوتفليقة والملك المغربي الراحل محمد الخامس ثم الابن الملك السادس، وتم تكريمه في الخليج.

تحت الحصار

أوائل التسعينيات جاء عادل امام الى نقابة الصحافيين، بصحبة صديق عمره سعيد صالح، وكان ليلتها يقدم نفسه كمطرب اختار كلمات أحمد فؤاد نجم ولحنها، وفي الاستراحة كانت لنا وقفة مع عادل، وعلى الواقف طلبنا له قهوة وأخذنا نحاصره بالأسئلة وكان وقتها في قمة النجومية والتألق: لماذا لا تتوغل في ميدان السياسة، في أفلامك ومسرحياتك وكانت وجهة نظره، ان الضحك سياسة واسعاد الناس سياسة، وليست مهمته كفنان ان يتحول الى نشرة أخبار أو ينتمي الى حزب أو تيار، لأنه يقف دائماً وأبداً في خندق الغلابة هو منهم، وهم قاعدته الكبرى. مع الشاي.. يحكي عادل عن علاقته بالسياسة، وكيف كان يمشي على قدميه من شرق القاهرة الى غربها حتى تصادف مرور موكب الرئيس جمال عبدالناصر على مقربة منه، أشار للرئيس بكف يديه، ورد الرئيس الاشارة، لهذا الفتى النحيل، نظر عادل حوله وتأكد ان الرئيس أشار له هو، واحتفظ بالاشارة وساماً على صدره، ومثلما كان عبدالحليم يشعر بأن عبدالناصر هو أبيه، انتقل الاحساس الى عادل، من أبيه الرجل البسيط وأمه السيدة العصامية ومن مشاعر الملايين التي كانت ترى في عبدالناصر في هذا العصر منقذها وحاميها ومحاميها. وقد دفع ثمن مواقفه السياسية التي فسرها البعض على هواه وقد قال مثلما قال غيره وكانت له آراء قد تقبلها أو ترفضها في ظروف عادية لكن بعد ثورة يناير تبدل الحال وتغيرت الحسابات تماماً، حتى ان البعض اعتبره من الفلول مع ان أعماله الفنية تقول بغير ذلك.

عنوان البراءة

جزء كبير من شخصية عادل تستطيع ان تراه بوضوح في شخصية سرحان عبدالبصير بطل مسرحية «شاهد ما شافش حاجة» هو المستكين الغلبان الذي يحتمي بالبراءة وهي أيضاً تحميه ومشهد الاستهلال عندما يدخل الى المسرح محملاً بعدة أكياس يتساقط منها الواحد تلو الآخر كلما حاول ان يجمعها كلها بين يديه، قلت له: تعرف يا عادل هذا المشهد يلخص حكمة الحياة كلها؟، ضحك مندهشاً، ولكني استكملت كلامي لو قلنا ان هذه الأكياس التي تحملها هي الصحة والستر، والمال والبنون، قل انها الـ 24 قيراطاً التي يوزعها المولى على عباده، بالعدل ولا يمكن لمخلوق مهما كان محظوظاً الا ان يأخذ حقه فقط ولابد له ومهما تعاظمت قدرته ان يفقد بعض هذه الأكياس تسقط منه، رغم انفه، وانظر حولك وفتش في حياتك وحياتي، وأعجبه تفسيري وطلب لي واحد شاي ثقيل وفرحت بنفسي، ومع الشاي طلبت قطعة جاتوه بالشيكولاتة.

كانت مسرحية «شاهد ما شافش حاجة» هي الأولى التي ينفرد بها عادل امام بالبطولة بعد «مدرسة المشاغبين» التي حطمت كل المقاييس في النجاح المادي والجماهيري وقيل أيضاً انها حطمت الثوابت الأخلاقية في العلاقة بين التلميذ والأستاذ، لأن شلة المشاغبين كلهم من الظرفاء وحضرة ناظر المدرسة هو أيضاً من الظرفاء، والأبلة سهير البابلي، وكلمات كثيرة من حوار المسرحية، غادرت خشبة المسرح، الى مسرح الحياة لتصبح من الأمثال والأقوال الشعبية التي هي الآن من التراث ومنها: «المقرر» أي الفتاة الحلوة، والبتاع بتاع البتاعة، والسمبورة، أي «السبورة»، وتاكسي رايح وتاكسي جاي، و.. اعيط، وبعد 14 سنة خدمة في ثانوي، وأنت ما بتجيش ليه ما تبقى تيجي، وأنت اللي بابا.. وغيرها. بعد المشاغبين قدم سعيد صالح مع أحمد زكي ويونس شلبي مسرحية «العيال كبرت» وانفرد عادل بتقديم مسرحية «شاهد ما شافش حاجة» التي اقتبسها ابراهيم الدسوقي وابراهيم أبو حطب وأخرجها هاني مطاوع، وحفلت المسرحية بمشاهد أخرى خالدة عبر فصولها الثلاثة، ومناظرها المختلفة في كل فصل. تريد ان تعرف ارتباط عادل بالمسرحية وأثرها في نفسه، كلمه عنها، وانظر الى وجهه وعينيه وهي تزهو بهذا العمل الذي استمر ما يقرب من 9 سنوات بأرقام قياسية في الايرادات والجمهور والنجاح. الضحك في المسرحية يتلامس مع الانسانيات، حتى مع الست «عنايات» الراقصة المتعودة «دايما»، انه لا يريد ان يفتري عليها، ورغم ان كل الظواهر تكشف شخصيتها لكن سرحان البريء لا يرمي اتهاماته جزافاً ولا يخلصه من أزماته الا صدقه، وبراءته، وحكي لي النجم أحمد بدير كيف لعب دور برعي أكثر من مرة ولكنه أفلت من يده عند تصوير المسرحية وذهب لغيره، لكن القدر عوضه عن ذلك بدور عبدالعال في مسرحية «ريا وسكينة» على نفس المسرح بعد سنوات، حيث انسحب الفنان القدير حمدي أحمد قبل التصوير وكانت من نصيب بدير.

برج الثور

ينتمي عادل امام الى مواليد برج الثور (17 مايو 1940) وهؤلاء ومنهم نور الشريف وأحمد بدير وتيسير فهمي، يتميزون بالصبر والتأني، والطموح، والعناد أيضاً، والحساسية البالغة، فقد يتخذ الواحد منهم موقفاً طوال حياته لا يغيره بسهولة مع شخص أو مكان أو أكلة لسبب أو آخر اذا كانت الغزالة رايقة، خذ منه أحلى ما تسمع وترى واذا جاء طوفان الغضب ابتعد عنه وأتقى شره، فانه اعصار مدمر، دائماً في كل مكان هو محور الجلسة، ومركز الاهتمام، لا يحبون ولا يقبلون بأنصاف الحلول، متعة انسانية كبرى عندهم اسمها «العطاء» في السر والعلن، كلما ارتفعت مكانتهم، تواضعت انفسهم، يستطيعون التمييز بين تواضع انساني، وبين غرور فني وثقة زائدة، لا مجال للمساومة عليها نهائياً.

فمتى رأيت عادل امام غاضباً ولماذا؟!

 

فيلم للعلم

عنتر شايل سيفه

اخراج: أحمد السبعاوي.

قصة: سعد شنب.

سيناريو وحوار: رؤوف حلمي.

تصوير: سعيد شيمي.

ألوان: 110ق.

ماكياج: علي امام (ليس له علاقة بعادل)، عبدالوهاب قطب.

موسيقى: محمد علي سليمان.

مناظر: عبلة زرد.

مونتاج: فكري رستم.

صوت: مجدي كامل.

انتاج: سعد شنب.

توزيع: شركة مصر للتوزيع ودور العرض السينمائي.

الطبع والتحميض: ستديو مصر.

بطولة: عادل امام، نورا، مصطفى متولي، أحمد بدير، ابراهيم عبدالرازق، حاتم ذو الفقار وايفا.

القصة

يعيش عنتر عالة على زوجته مستورة التي تزرع أرضها بنفسها وفي سبيل البحث عن المال يقنعه أحدهم بالسفر الى ايطاليا بعقد عمل مزور، وهناك يكتشف انه ضحية لنصاب وهو لا يعرف لغة أو صنعة، حتى يصطاده مخرج سينمائي للتمثيل في أفلام جنسية ويحقق المال، لكن يتم القبض عليه بعد عودته من رجال بوليس الآداب، وفي القرية يكتشف ان مدحت استولى على أرض زوجته وحاول الاعتداء عليها، ويعود عنتر الى رشده ويدرك ان سيفه الحقيقي في فأسه، وأرضه.

 

«حكاية مشهد»

مناخير أحمد راتب.. مشكلة لها حل!

اضطر ان يتدرب على ركوب الخيل رغم انفه فهو يفضل قيادة السيارات على الأحصنة.. ويعتبر نفسه من المحظوظين لأنه لم يضطر للعمل في الأفلام والمسلسلات التاريخية التي تتطلب من الممثل ان يضع ماكياجه ثقيلاً، خاصة في أيام الحر وغالباً ما يتم التصوير بالصحراء وتثبيت اللحية يتم باستخدام مواد مخدرة تسبب الحساسية.. وكذلك الملابس التي يبلغ وزنها في بعض الأحيان أكثر من 4 كيلوجرامات.

ولكنه أحياناً يفعلها من باب الهزار في مشهد واحد كما جرى في «مرجان أحمد مرجان» عندما اشترك في فريق الجامعة المسرحي وبفلوسه حصل على جائزة أحسن ممثل.. رغم انه فشل في نطق الكلمة الوحيدة التي كان مطلوب ان يقولها ويمضي.

وقبلها كان لازماً عليه ان يركب الحصان ويمسك بسيفه وقد أطال شعره فقط وظهر حليق اللحية.. لأن الدور يحتم عليه ان يأتي من القرون القديمة أيام الفاطميين في فيلم «رسالة الى الوالي» وكانت ملابسه أقرب الى العصرية سروال وقميص وعليه صديري من الجلد.. أي انه ظهر كفارس قديم في ثوب شبه عصري.

وفي هذا الفيلم احتبس صوت يسرا أثناء العمل واقترح البعض ان يتم التصوير بدونها في المشاهد التي تخلو منها.. لكنه أصر على ايقاف العمل تماماً حتى يتفرغ معها للاطمئنان على حالتها الصحية وأخذ يستشير حتى توصل ان يحجز لها لدى طبيب فرنسي وقرر ان تسافر للعلاج واستغرق ذلك 20 يوماً.. وقال البعض وقتها انه يمارس الفروسية ولكن بطريقة انسانية.. خاصة ان الجميع عرف سابقاً بموقفه مع زميله وصديقه المقرب أحمد راتب الذي أصيب في انفه أثناء تصوير أحد المشاهد أمامه بسبب ضربة يد غير مقصودة بالطبع.. وأسرع به ومعه الى واحدة من أكبر المستشفيات، حيث خضع لعملية جراحية على الفور.. واكتشف راتب ان عادل قام بدفع فاتورة الجراحة كاملة واعتبرها اصابة عمل وحق الزمالة يفرض عليه ذلك ولذلك يقول أحمد راتب: انا لا أعمل مع عادل امام بمنطق العمل.. لكن بروح الصداقة والعيش والملح.. وهناك من الأعمال لم يكن لي فيها من دور.. فهو لا يريد تواجدي والسلام.. لكنه أيضاً يحسب حساب اسمي وتاريخي وكأني انا الذي أفكر لنفسي لذلك النداء من عادل أو الاشارة معناها على الفور تحت أمرك وأنا مطمئن تماماً.

النهار الكويتية في

24/07/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)