حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

قصة إعدام عادل امام

أول نجم يتربع على عرش الكوميديا لأكثر من 30 عاماً

بقلم: سمير الجمل

وقف الأول ينادي على المصلين: «تعالي صلّي الفرض وخلّي السنة علينا».

وهنا صاح الثاني: والصلاة عندنا من غير وضوء، من غير وضوء.

ولأني أعرف عادل جيداً، لا أطلب منه آخر نكتة، لأنه أصلاً لا يجيد اطلاق النكات هو فقط يسمعها، حتى النكت التي أطلقها في مشاهد بعض الأفلام كانت منتهية الصلاحية وثقيلة مثل تلك التي تقول: واحد حب يقعد على القهوة.. قعد على الشاي.

هو وهي

التقى عادل سينمائياً أكثر من مرة بالكاتب وحيد حامد، بجانب لقاء تلفزيوني واحد في مسلسل «أحلام الفتى الطائر» وكان اللقاء الأول في فيلم «الانسان يعيش مدرة واحدة» وفي هذا العمل التقى مع «يسرا»، وكلاهما يشكل حالة خاصة في مشوار عادل.

وحيد جاء من قريته بني قريش شرقية في عام 1963 وهو العام الذي بدأ عادل امام ابن المنصورة يضع قدمه على أول طريق الفن وكلاهما أحب يوسف ادريس وارتبط به، وحيد تحول الى الاذاعة من خلال قصص ادريس بعد أن قرأ مجموعته القصصية الأولى «القمر يقتل عاشقه» وقد التقى عادل مع وحيد ويسرا، في الفيلم الثالث لوحيد الذي ظل لفترة يكتب للاذاعة حتى أصبح نجماً من نجوم مسلسلاتها، ثم تكرر اللقاء بينهم في أعمال أو قل علامات سينمائية عديدة.

وتواكب صعودهما سوياً، وفي عام 81 التقى مع يسرا في فيلم «ليلة شتاء دافئة» مع المخرج سيمون صالح، والغريب أن ثلاثتهم نجح في هذه الفترة، وفي أعمال متفرقة لكل واحد منهم بذاته ثم كان اللقاء مجدداً بينهم في فيلم «الارهاب والكباب».

وتوالت أعمال الثلاثي: المنسي، طيور الظلام، عمارة يعقوبيان، لكنه مع يسرا التقاها في: على باب الوزير، الأفوكاتو، كراكون في الشارع، المولد، جزيرة الشيطان، رسالة الى الوالي.

وعلى هذا يمكن القول ان صعود الثلاثي: عادل ويسرا ووحيد تزامن الى حد كبير. تتميز كتابات وحيد السينمائية بالغوص في أعماق النفس البشرية وهو المنهج الذي يجيده ويعرفه ويسلكه عادل امام، وكلاهما عنيد الى درجة كبير في عمله، وكلاهما لا يقبل بأنصاف الحلول ولا أنصاف النجاح، ويتسم بالروح المقاتلة، وقد شاء القدر بعد سنوات من الصداقة والعمل أن يلتقي عادل ووحيد ويسرا وأولادهما جميعاً في «عمارة يعقوبيان» والفيلم مأخوذ عن رواية الأديب د. علاء الأسواني والعمارة قائمة بالفعل في وسط القاهرة وبالتحديد في شارع طلعت حرب.

سعت شركة كبرى يملكها الاعلامي عماد الدين أديب لانتاج القصة وكانت باكورة أعمالها السينمائية، وتم اسناد الاخراج الى الفتى مروان وحيد حامد، وأشفق الكل على المخرج الصغير من هذه المهمة مع كبار النجوم عادل ويسرا ونور الشريف وأحمد بدير وأحمد راتب وخالد صالح وخالد الصاوي وسمية الخشاب ولعب محمد عادل امام دوراً بارزاً في الفيلم كان أيضاً مغامرة، ولا مجال في هذا العمل أو في غيره للمجاملات العائلية لا عادل يقبل هذا ولا وحيد، لكن الدلائل كانت تقول بأن المغامرة ستكون مكللة بالنجاح.

مروان قدم فيلماً قصيراً عن قصة لـ يوسف ادريس بعنوان «لي لي» حصل عنه على عدة جوائز من مهرجانات محلية وعالمية ومحمد عادل امام كان قد اختاره المخرج اسماعيل عبد الحافظ لدور مهم في مسلسل «كناريا» الذي كتبه أسامة أنور عكاشة، ولعب بطولته فاروق الفيشاوي مع سمية الألفي وتوفيق عبد الحميد ولوسي ونجح محمد في أول مواجهة للكاميرا تلفزيونياً، وظهر الفيلم وحقق نجاحاً غير مسبوق جماهيرياً ونقدياً حتى مع الذين كانت لهم وجهات نظر في بعض الأمور التي تناولها الفيلم وأنا منهم، وكتبت هذا، خاصة مشاهد الشذوذ، أنا كمؤلف وناقد ضدها على طول الخط وتحت أي مبرر حتى لا تساهم في نشر المسألة وترويجها وقلت ان العمل مهم واحترم عادل وجهة نظري، ونفس الشيء بالنسبة لوحيد حامد، واحتفلت بنجاح «مروان» المخرج الموهوب ومحمد الممثل الواعد، وأذكر أن مذيعة تلفزيونية أجرت لقاء معه وسألته بطريقة عبيطة: تقول ايه للممثلين الشباب؟!، فضحك منها ساخراً: أقول ايه هو أنا يوسف وهبي، دا هوا فيلم يتيم اللي عملته، هكذا قال على الهواء بكل شجاعة وصراحة، ابن الزعيم بقي!

ويدخل عصام امام المنتج وشقيق عادل طرفاً في دائرة الالتحام والمحبة والانسجام مع وحيد، فقد شارك في انتاج أكثر من عمل كتبه وحيد، ومنها «طيور الظلام» فقد ذهب الى حيث يكتب وحيد ويتواجد في أحد الفنادق الكبرى على نيل القاهرة وتحديداً في «الكوفي شوب» وعلى طاولة بعينها لم يغيرها منذ سنوات طوال.

يكتب وحيد بأقلام سوداء على ورق ملون ومن يريد مقابلته عليه أن يذهب الى هناك، وذهب عصام وكان وحيد وقتها يتمشى قليلاً خارج الكوفي شوب وأمسك عصام بالأوراق الموجودة أمامه كانت «مقال» أعده وحيد لكي يرسله الى مجلة «روز اليوسف» وعندما عاد وجد عصام يعرض عليه انتاج هذا المقال بعد أن يحوله الى سيناريو ويلعب بطولته عادل وقد كان.

على كل لون

من يرصد سينما عادل التي بلغت ما يقرب من 120 فيلماً سيلاحظ أنها تنوعت ما بين الأكشن والرومانسي والاجتماعي والسياسي، وفيها ما مزج بين التاريخي والمعاصر «رسالة الى الوالي»، وتناول فيه جميع القضايا: الارهاب، السلطة، المافيا، الفساد، كبار اللصوص، حتى قضايا السحر والشعوذة اقترب منها، فهو عازف ماهر يجيد العزف على أوتار الوطن والمواطن ومن هنا عاشت هذه الأفلام مع الناس، وعاشوا معها، وكان الضحك هو سيد الموقف في أغلبها، الا في بعض الأعمال أراد عادل من خلالها أن يعلن التحدي كممثل وكان وقتها في قمة النجومية أجراً ومكانة، وما يتقاضاه لا ينافسه فيه ممثل آخر، وما يحصده من نجاح جماهيري أيضاً خارج المنافسة ومع ذلك كان يريد أن يقول انه بدأ حياته مع موليير وشكسيبر.

ويكتب د. وليد سيف في كتابه «سحر الكوميديا في الفيلم المصري» عن عادل وأفلامه فيقول: انه أول نجم كوميدي يصبح نجماً للسينما كلها بلا منازع ويكفي أنه انفرد بالعرش لأكثر من 30 سنة وأن يصعد بالفيلم الكوميدي ليصبح في الصدارة وتفوق على أبناء جيله من الفتيان الأوائل محمود ياسين ونور الشريف وحسين فهمي وتفوق أيضاً على الكبار رشدي أباظة وفريد شوقي، بل الأهم أنه حقق الثلاثية أي جمع نجومية السينما والمسرح والتلفزيون وكان حضوره الطاغي سلاحه واقترابه من الناس كلمة السر.

وأضيف الى رأي وليد سيف أن عادل لا يتوقف ويتعلم ويتطور ويتجدد ولا يتجمد، ويستفيد من أخطاء موجودة في تجاربه وفي تجارب غيره، بل انه الآن ينظر الى أفلامه القديمة في غضب ووجهة نطره أن تمثيله كان من الممكن أن يكون أفضل، مع أن الجمهور العادي يراه كبيراً حتى في أفلامه التي كان فيها هامشياً وفي أدوار بسيطة، الجمهور يعرف هذا ويراه ويعامله كأنه واحد من عياله، وابنك لا تحبه فقط عندما يكبر أمامك وينجح ويصبح رجلاً له قامة وقيمة، ابنك تحبه طوال الوقت وتحت كل ظرف لأنه قطعة منك؟

- فهل لديك اعتراض يا أستاذ عادل على هذا الكلام؟

من كل بستان زهرة

نعم يميل عادل كانسان وفنان الى أشخاص بعينهم وهذا حقه، لكنك بأحصائية بسيطة تستطيع أن ترى وتلمس كيف يتنوع في أطقم أفلامه ومسرحياته اذا أحب وحيد حامد فهذا لا يمنعه من العمل مع لينين الرملي ويوسف معاطي وأي مؤلف جديد مثل نادر صلاح الدين ونفس الشيء بالنسبة للمخرجين بدأ مع الأكابر، حتى وصل الى جيل علي ادريس ورامي امام وعمرو عرفة، وبالنسبة للممثلين والممثلات نعم هو يلجأ أحياناً الى أسماء بعينها ولن أذكرها هنا، يشعر أن الوسط الفني يتجاهلها، ويدرك حاجتها للعمل، وبدلاً من العطف الذي يؤذي الكبرياء يأتي العمل كريماً لجميع الأطراف وقد يكتب بنفسه دوراً لهذا الممثل أو يوصي المؤلف بذلك حتى يتواجد الفنان بشكل لائق وفي كل فيلم أو مسرحية له حكاية عن هذا النوع لا يعلن عنها.

 

فيلم للعلم

حسن ومرقص

إخراج: رامي إمام.

قصة وسيناريو وحوار: يوسف معاطي.

تاريخ العرض: 2009.

زمن الفيلم: 120 دقيقة ألوان.

الأبطال: عمر الشريف، لبلبة، محمد عادل إمام، ضياء الميرغني، يوسف داود، شيرين عادل، عزت أبو عوف.

القصة

موضوع مهم جرت كتابته في عدة أشهر واستعان عادل امام بمجموعة من خبراء الشأن الكنسي، حيث يضطر بطل الفيلم لخلع ملابس الراهب، ولذلك تم نصحه بأن يكون قسيساً يقوم بالتدريس في مدارس اللاهوت، وقد وجد الفيلم ترحيباً هائلاً عند عرضه لأنه توغل لأول مرة فيما يدور في كواليس الحياة القبطية، وأيضاً بين المتشددين الاسلاميين، والمدهش أنه قدم موضوعه الجاد بأسلوب كوميدي ووصلت الرسالة.

 

حكاية مشهد

حنفي الأبهة في غرفة نوم حضرة الضابط!

تصور لو أن زوجة اكتشفت فجأة في ليلة عيد زواجها أن حبيب القلب زوجها الضابط بدلاً من أن يدخل عليها بهدية مدهشة.. يصطحب في يده «حنفي الأبهة» مكبلاً معه في الأغلال.. الست الهانم حماة الضابط «رجاء الجداوي» تسقط وقد أغمي عليها، خاصة أن حنفي داعبها في وجود زوجها «يوسف داود».. وأصيبت الزوجة «هدى رمزي» بالذهول وحنفي يطالب بالأكل والشرب ويغازل شقيقة الضابط «علا رامي» لقد جاء دخول حنفي الى البيت لكي يقلبه رأساً على عقب.

حنفي ليس لديه ما يزعجه فقد تعود على حياة التشرد والاجرام وهو أسعد ما يكون بتلك الصحبة مع الضابط الى بيته.. لكي يأكل ويتمتع بالفراش النظيف والزوجة تهدد بطلب الطلاق والضابط «فاروق الفيشاوي» يحاول أن يشرح لها أنها مأمورية مهمة جداً وحنفي هو مفتاح الوصول الى الجناة.

ورجاء الجداوي رغم أنها عملت كثيراً مع عادل امام الا أنها تنهار بسهولة أمام حركاته التي ينقض بها عليها دون اتفاق مسبق.. ونفس الشيء بالنسبة لـ يوسف داود الذي يعتير فاسوخة في معظم أعمال عادل وهو من قدمه للحياة الفنية وكان مهندساً للكهرباء بالاسكندرية حتى تفرغ للفن.. ومظهره المهيب منحه أن يكون من نجوم الكوميديا بصوته المميز.. وبينه وبين عادل كيمياء خاصة والقاعدة العامة في العمل الفني أن هناك سيناريو من عدة نسخ يحتفظ كل ممثل بواحدة منها.. وعند تصوير مشهد بعينه يتم التنبيه عليه لاعداد ملابس الدور، خاصة اذا كان قد صور بها من قبل.. وبالتالي يحفظ الحوار الذي سيكون بينه وبين زملاء المشهد.. ويقوم المخرج بتقسيم المشهد الواحد الى عدة لقطات يأخذها من زوايا عديدة تقتضي تغيير الاضاءة.. وفي الاستديو تكون الحركة أفضل.. لكن في التصوير الخارجي يحتاج الأمر الى ترتيبات وكثيراً ما يتم تسجيل الصوت في مرحلة تالية داخل الاستديو عن طريق ما يعرف بالدوبلاج.. لكن عادل في كثير من الأحيان ما يفاجأ الممثل الذي أمامه بما لا يتوقعه واذا سألته هو شخصياً كيف فكرت في ذلك؟.. سيقول لك بكل بساطة: انها أمور تفرض نفسها من وحي اللحظة ووفقاً للممثل أو الممثلة الذي يؤدي الدور أمامي والمسألة في المشاهد الكوميدية تختلف بالطبع عنها في المشاهد الأخرى.. والمهم أن يصل التأثير المطلوب للمتفرج.. وفي فيلم «حنفي الأبهة» لاعبت فاروق الفيشاوي أكثر من مرة.

النهار الكويتية في

14/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)