حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

قصة إعدام عادل امام

لا يخفي «أهلاويته» ونوادره مع «الكباتن» لا تنتهي

بقلم: سمير الجمل

قال لي الأديب الكبير الراحل خيري شلبي وهو يستعيد شريط الذكريات:

الوقت الذي ظهر فيه عادل كان حافلاً بنجوم كبار، خاصة في مجال الكوميديا ولم يكن سهلاً على شاب مثله أن يقتحم دائرة العمالقة إلا إذا جاء بجديد ينفرد به ويميزه، وكنت أراهن عليه، وكان بعض الشلة يراه مغروراً ولن يعيش فنياً أطول من غيره، خاصة على المسرح وهو ليس فقط أبو الفنون ولكن «أبو الفوارس»، لأن صالة المسرح أشبه بفرس جامح متوحش لا ينجح في شد لجامه إلا كل فارس مدرب قوي وماهر.

ذكاء عادل أنه تمرد على مدرسة الريحاني والكسار، وهي مدرسة «القافيه» وانفصل بسرعة عن مدرسة ساعة لقلبك «الإسكتش» وكان نجماها عبدالمنعم مدبولي وفؤاد المهندس، ولكنه أخذ من المدرستين ما يتواءم وينسجم مع أسلوبه وهو التداعيات، إنه يهضم ما كتبه المؤلف وما يرصده عن الشخصية والموقف ثم تحدث انفجارات خالية شيطانية مشعشعة، التداعيات هي صور يجسدها بلفظ أو نكتة أو حركة استفاد عادل من صعلكته في قاع المدينة فاتسعت دائرة الكاميرا في بصيرته الفنية وأصبحت قادرة على استيعاب الكثير من الوجود في لقطة واحدة ولأنه صادق في تداعياته فإنه يكشف على الوجه الآخر لك وللمجتمع كله.

هذا صحيح فما من مرة في حواراتنا الطويلة الممتدة وجاءت سيرة اسم رجل أو حي أو منطقة في قاهرة المعز إلا وقال لك أعرفها: أليست هذه بجوار المسجد والعجلاتي والمكوجي الفلاني وتندهش كيف دار في كل هذا المكان، وكيف احتفظ بها في ذاكرته كل هذا الوقت، لكنك عندما تراه يستثمر الأماكن والأسماء تعرف أنه لا يترك صغيرة ولا كبيرة إلا وأودعها في خزانة حديدية لها أرقام سرية خاصة لا يعرفها إلا هو، وفي الوقت المناسب يستخرجها، يعني عندك مثلاً في مسرحية «مدرسة المشاغبين» يحكي أسماء عظماء مثل طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم، وزكي جمعة ثم يسأل نفسه ويسأل الناس: هو مين زكي جمعة؟

وراح الكل يسأل: مين زكي جمعة؟، وكان عادل يعرف بالطبع أن زكي هو رئيس فريق التمثيل بكلية الزراعة جامعة القاهرة، وهو الذي امتحنه لكي ينضم إلى الفريق، وكانت لجنة الاختيار تضم عبدالرحيم شحاتة الذي أصبح فيما بعد محافظاً للقاهرة، ونجح عادل وطلب منه زكي جمعة أن يبحث عن مواهب مثله في الكلية وعندما تخرج زكي تسلم عادل شارة الكابتن وأصبح هو رئيس الفريق، وهو صاحب فضل عليه كان يمده بكتب في النقد الفني والكثير من النصائح، وربما أراد بشكل غير مباشر وبعد سنوات طوال توارى فيها زكي واختفى أن يرد له الجميل وأن يخلد اسمه رغم أن المسألة جرت في إطار نكتة.

وقال في حديث لمجلة فنية إنه يتمنى لو جسد شخصية رئيس جمهورية أو زعيم على المسرح، يطرح من خلالها سؤالاً: هل الرئيس نظام؟، أو شخص أو ظروف؟!

ولم ينتظر إجابته: ماذا لو عاد بهجت الأباصيري طالب مدرسة المشاغبين بعد كل هذا العمر، في صورة مدرس، وكيف سيتعامل مع تلامذة اليوم الذين يخبئون المطاوي والأسلحة في ملابسهم وحقائبهم ويتعاطون المخدرات والبانجو علناً، ألا يعرف الناس أن مدرسة المشاغبين كانت أرحم بكثير من أبالسة هذه الأيام الذين دخلت عليهم العولمة والمتغيرات الرهيبة في دنيا التكنولوجيا والاتصالات من إنترنت وشات وموبايلات وبلوتوث، إن الطفل الذي لا يتجاوز عمره الـ 15 عاماً تجده الآن جالساً أمام الشات يخاطب فتاة في أميركا، وهو لا يدري إن كانت فعلاً فتاة أم رجلاً متنكراً، لكنه أيضاً يستطيع بكاميرا بسيطة أن يراها وتراه على الهواء مباشرة لذلك أحاول الاقتراب أكثر من الشباب. ثم تجلى هذا بعد سنوات في فيلم «مرجان أحمد مرجان» الذى عاد به عادل، إلى مقاعد الدراسة وهو المليونير الشهير، بناء على رغبة ابنه وابنته، لأنه عبارة عن صندوق للفلوس فقط والعلم أساس كل شيء، وعاد إلى الجامعة بل وحاول أن يشتريها بفلوسه، وكانت الرسالة أن هناك أشياء ليست للبيع ولا بكنوز الأرض محبة الناس.. والتعليم.

فاصل من روسيا

بينما نحن في مطعم فندق الرشيد ببغداد، يتوسطنا عادل في جلسته المعتادة، همس إليه أحد الحراس بأن هناك مجموعة من شباب «روسيا وأوكرانيا» يطلبون مقابلته وقد انتظروا أكثر من ساعة على باب المطعم، وأمر عادل بأن يدخلوا على الفور، واكتشف أنهم يتحدثون اللغة العربية ويحفظون القرآن الكريم وكانوا يدرسون في جامعة بغداد، والمفاجأة أنهم يريدون مشاهدة مسرحية «بودي جارد» وفشلوا في العثور على تذاكر ولما ضاقت بهم السبل وعرفوا أنه ينزل في هذا الفندق حضروا لمقابلته وأصروا على ذلك، وكانت فرحته هائلة بهم سألهم عن روسيا وعن جورباتشوف، وعن موسكو وكلمهم عن أمجاد الاتحاد السوفييتي السابقة، ثم أمر لهم بمقاعد إضافية في الصفوف الأولى ودعاهم بعد العرض إلى غرفته بالمسرح لكي يستمع إلى وجهات نظرهم بالعربي وبالروسي، وعندما غادروا نظر إلينا وقد كنا نحيط به كالمعتاد محمود سعد ومحمود موسي والأمير أباظة وحسن عبدالفتاح وأنا، وقال: أنا الآن زرعت علماً في أرض جديدة، إن هؤلاء من الممكن أن يتحدثوا العربية وأن يتفاهموا بها مع الآخرين لكن أن يضحكوا بها ومعها، هذه شهادة أعتز بها.

ماتش كورة

عندما كنا في بغداد أيضاً لم تكن الغرف بالفندق بها إمكانية الاتصال بالأطباق الفضائية، وبالتالي أصبح من الصعب أن نتابع مباراة مهمة للفريق القومي المصري، وعرف السفير المصري شريف ريحان ودعانا إلى منزله لمشاهدة المباراة، لهفة عادل على الماتش رغم أن موعده مع اللحظات القليلة التي يستريح فيها ويتأهب للعرض المسرحي والسهر كل ليلة حتى مطلع النهار هذه اللهفة تكشف عن وطنيته وانحيازه لبلده، إنه يسافر كثيراً، وما من مرة طار فيها إلا وقال لمن يجلس بجواره وقبل أن تستقيم الطائرة في الهواء وهي تغادر مطار القاهرة: مصر وحشتني!.

لا يقولها على سبيل المزاح أو الهزار لكنها حقيقة، فإذا ما رأيته يجلس ليتفرج على مباراة دولية لمصر أو أي دولة عربية تلاعب فريقاً أجنبياً، رأيت شخصاً آخر غير الذي تعرفه، ولا أخفي على حضراتكم أنني كصحافي وجدت نفسي أمام حالة نادرة، نجم الكوميديا يتابع مباراة مهمة، أضف إلى ذلك معرفته ودرايته بكرة القدم، وهو لا يخفي «أخلاويته» أي «أهلاويته» والانتماء إلى الفانيلة الحمراء، وكان فيما مضى يميل إلى الزمالك، حتى وجد رامي بعد أن بدأ يتعلم النطق، يهتف ذات مرة «أخلي أخلي» فقرر أن يميل إلى الأهلي إكراماً لابنه، ومع ذلك صداقته رائعة مع الجميع بلا تمييز.

جلسنا في صالة بيت السفير وتركت مباراة المنتخب المصري مع ناميبيا في تصفيات إفريقيا المؤهلة لكأس العالم، ووضعت تركيزي كله نحو عادل، وكان بجواري مباشرة في الهجمات الخطيرة على مرمي ناميبيا كنت أراه يحرك قدميه كأنه هو الذي يسدد الكرة، ولو كانت تحتاج إلى الرأس، اهتزت رأسه، وهذا تراه بوضوح في المدربين الذين كانوا من مشاهير الكرة أنهم يلعبون خارج الخط، بأقدامهم وأيديهم وأسنانهم.

يكلمك الكابتن عادل إمام في تشكيل الفريق، لماذا لم يلعب إبراهيم حسن في مركز الظهير الأيمن المتقدم، لماذا لا يلعب فلان في مركز الليبرو، وتكون الخطة 4/3/2/1، بدلاً من 4/2/4، لا يا جماعة ضروري نسدد من خارج منطقة الجزاء، الفريق الإفريقي متكتل أمام مرماه، ثم فجأة يصرخ: يلاه يا حسام مستني إيه؟!

وينتهي الشوط الأول بالتعادل السلبي، ومع كوب الشاي يتحول إلى محلل كروي إستراتيجي، خاصة ان الفريق الإفريقي يلعب على أرضه وسط جمهوره، والفريق المصري في أشد الحاجة لنقاط المباراة.

الكابتن عادل يكلمك عن الكابتن لطيف أشهر معلق كروي وصاحب «أخف دم» على الإطلاق، وأخبره أنني كتبت مذكرات لطيف، فإذا به يحكي لي كيف تعلم التعليق وقت أن كان يدرس في جلاسجو بإنكلترا، من صحافي إنكليزي اسمه «ريكس» كان يصطحب معه إلى الملعب مجموعة من المكفوفين ويصف لهم المباراة لحظة بلحظة، فإذا ما دخلت الكرة الشباك وقفوا يهللون مع باقي المتفرجين في نفس اللحظة. لا يدهشني إذا ما تكلم عادل عن نوادره وحكاياته مع كباتن الكرة المصرية والعربية فهو يعرفهم عن قرب، وهو الذي يعرف سيد الميكانيكي في شبرا، وعباس الحلاق في الشرابية، وممدوح بائع الفسيخ في باب الشعرية، وعلي الكهربائي في مصر القديمة، ومع ذلك أردت أن استفز مشاعره وانتقل به إلى منطقة جديدة في الحوار وسألته: تعرف حسن أرابيسك؟!

 

فيلم للعلم

هاللو أميركا

إخراج: نادر جلال.

قصة وسيناريو حوار: لينين الرملي.

زمن الفيلم: 125 دقيقة.

تاريخ العرض: 1998.

الأبطال: شيرين، أحمد راتب، يوسف داود، هناء عبدالفتاح.

القصة

يعتبر هذا الفيلم هو الجزء الثاني من فيلم «بخيت وعديلة» لنفس المؤلف والمخرج، ونرى بخيت يتجه إلى أميركا، ويتعرض للحياة الاجتماعية والسياسية فيها، بعد أن اصطدم بخيت وعديلة في المنافسات الانتخابية داخل مصر، ولكننا نرى كيف يمكن للثقافة الشرقية أن تتعايش مع الثقافة الأميركية، وعلى طريقة عادل إمام يقدم مثل هذه الأمور السياسية بأسلوبه الكوميدي والذي يجيده مؤلف الفيلم.

 

حكاية مشهد

بطل الشاي بالياسمين.. فعلاً حضرة الناظر

حضرة الناظر تعني في الوسط الفني حسن مصطفى فهو ناظر مدرسة المشاغبين حتى ساعته وتاريخه وهو على المستوى الشخصي من اقرب الفنانين إلى قلب عادل إمام وقد التقى به في أفلام عديدة... حتى انه ظهر في مشهد واحد أداه بفيلم «مرجان» ونال إعجاب الجمهور والنقاد وتحول المشهد إلى عنوان منفصل (الشاي بالياسمين).. الذي يحاول فيه رجل الأعمال الثري أن يشتري ذمة موظف الضرائب.. الذي يخرج من نهاية المطاف ورزم الأموال تتساقط من المظروف الضخم الذي يحمله بعد حوار كوميدي ظريف.

وهنا يلعب دور الشيخ بلال الرجل الريفي الطيب الذي يحسن استقبال ضيفه الشيح حسن وهو لا يعرف انه القس جرجس ومن باب الكرم الزائد يخلع عليه الكرامات باعتباره من أولياء الله الصالحين وبحضور الابن بولس الذي نسي أن اسمه الحالي «عماد»

أمام العمارة..

يقف التاكسي ينزل بولس وجرجس لنكتشف انهما يرتديان جلاليب بيضاء

بولس مازال بذقنه وتنزل ماتيلدا محجبة يخرج الحاج بلال صاحب العمارة.

بلال: أهلا وسهلاً يا شيخ حسن.. اتفضل يا حاج.. امبارح بالليل جاني الحاج عمران وقاللي انك حتسكن عندنا.. قلت له حاضر على راسي من فوق.. طول الليل والنهار بأه ماسبنيش.. عمال يوصيني.. الظاهر انك عزيز عليه قوي يا شيخ حسن...

جرجس: الحاج عمران مين؟!

يلحقه

بولس: عمك الحاج عمران يابني!

بلال: ماشاء الله.. ابنك ده يا شيخ حسن!

كاد أن ينطقها

بولس: آه ابني جر.....

جرجس: عماد.. عماد حسن العطار!

بلال يحمل حقيبة ومعه طفل في السابعة من عمره.. يرتدي جلباباً ابيض وطاقية

بلال: اتفضلوا.. شيل يا اسلام.. اسلام ابني ده بأه اخر العنقود.. في تانية ابتدائي

بولس: ربنا يحافظ لك عليه يا شيخ بلال.

يدخلون إلى الشقة.. يضعون الحقائب.. وقد انهكهم السفر..جرجس يشرب من الشفشق.. وقد ظهر عليه العطش.

بلال: اتفضل يا شيخ حسن يادي النور.

بولس: متشكر يا شيخ بلال!

بلال: اسيبك على بال ما تاخد نفسك كده هدومك.. وح أعدي عليك علشان نروح مع بعض أنا وأنت وعماد نصلي العصر في الجامع!

رد فعل على وجه بولس.. وجرجس أيضا الذي يبخ الماء الذي يشربه

الشيخ بلال يغلق الباب خلفه.. والثلاثة قد اسقط في يدهم

ماتيلدا: ح تروحوا الجامع يا بولس!

جرجس: انا مش ح اروح يا بابا.. ويحصل اللى يحصل.. لو عرفوا ان احنا مسيحيين ح يعملوا فينا ايه.. لو انا قاعد معاك في الجامع وحد عرف ان اسمي جرجس ولا لو عرفوا ان انت مش الشيخ حسن ح يقطعونا حتت!

ماتيلدا: باسم الصليب..

بولس: اهدوا كده.. ما تخافوش. إحنا في حماية ربنا!

النهار الكويتية في

12/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)