حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

قصة إعدام عادل امام

«الحرفوش» يمسك العصا.. ويدق الدقات الثلاث

بقلم: سمير الجمل

كل ممثل وله طريقة في دخوله إلى المسرح كل ليلة، لكنهم اتفقوا جميعاً على أن الخبرة والجماهيرية لا تمنعهم من الرعب والقلق كأنهم يدخلون الامتحان لأول مرة في مواد لم يسمعوا بها إلا قبل الامتحان بـ 24 ساعة، نعم لأن جمهور كل ليلة يختلف عن الذي يسبقه والذي يليه، كما يختلف الجمهور من مدينة إلى أخرى ومن دولة إلى غيرها.

وهناك من النجوم من يلقي نظرة على الصالة ومنهم من يخاف ويسلم أمره لله، وقناعته وقانونه أن يقدم العرض ولو كان من يجلس بالصالة هو متفرج واحد جاء بالصدفة.

الغالبية منهم تقرأ آيات من القرآن الكريم وهي عادة توارثها الشباب عن الكبار عن الأساتذة لأن درجة حرارة الاستقبال تعكس حالة الصالة وما فيها.

وهناك من يكنس خشبة المسرح قبل العرض حتى يتآلف معها وتلين له ولا تستعصي عليه، أما عادل فإنه يحب أن يمسك بالعصا ويدقها تلك الدقات الثلاث الشهيرة التي ترجو من الجميع الانتباه، لأن الستار على وشك الانفتاح، والله يفتح على الجميع.

وهكذا حتى يحدث الاندماج، يسقط الخط الفاصل بين المتكلم والمستمع, بين الفاعل والمفعول لأجله، بين خشبة المسرح والصالة، في توحد ليس من السهل أن يتحقق مع فلان أو فلانة!!

ومع ذلك يدخل إلى خشبة المسرح يجر ساقيه أو يحجل أو يتسلل كأنه كان مع المتفرج منذ برهة لكن إشعاعه يكون قد سبقه وفعل فعله أنا صارحته القول إن هناك طائفة لم تكن ترى في أفلامه سينما حقيقية، وكانوا ينظرون إليها باستخفاف، وكانت إجابته: من الغباء أن أدعي بأن أفلامي كلها في مستوى واحد لكنها اجتهادات تعكس مراحل وظروف معينة.

ومن جديد أضع يدي على مفتاح أساسي في شخص وموهبة عادل يجسده خيري شلبي بقوله:

إن ينابيع الإلهام عنده ليست قابلة للبيع، وليس أراجوزاً يبيع الضحك لمن يدفع، إنه يمثل الجانب الضاحك فينا، وأضيف من عندي، الضحك النبيل الذي يتلامس إنسانياً مع القلب ولهذا فهو دائماً عاري الأعصاب مثل الأسلاك الكهربائية المكشوفة الويل لمن يلمسها أو يقبض عليها بغلظة أو خشونة، جوهر الأمان الوحيد كان في شخصه هو وهذه مقدرة يحسد عليها، إذا عرفت هذه النقطة في شخصه فاطمئن غاية الاطمئنان وأنت تحتك بأسلاكه الكهربائية العارية، إنه قادر على أن يقطع التيار الكهربائي من نفسه عند أول بادرة تؤذيك وأنصحك بالوقوف على الخشب وأنت تعاشره أو تتعامل معه والخشب الذي يقصده «شلبي» أن تكون نفسك تجاهه مبطنة بالحب الحقيقي والإخلاص الحقيقي والصدق الحقيقي.

وعلى هذا يراه البعض مغروراً, أو متساهلاً, وهو أبعد ما يكون عن الصفتين.

ولفظ الحرفوش الذي أطلقه عليه شلبي، مأخوذ من حرافيش الحارة المصرية وقد صورهم نجيب محفوظ في روايات عديدة من كتاباته وقد قرأها عادل بإمعان وشغف، والمدهش أنه لم يمثل من تأليف نجيب محفوظ, أو من قصص صديقه يوسف إدريس وبالمناسبة هو أيضاً من مواليد برج الثور الذي يجمع أيضاً نور الشريف وأحمد بدير وفاتن حمامة.

وفي هذا يعترف للناقد والسيناريست أحمد صالح قائلاً:

الحقيقة كلما فكرت في تقديم قصة لمحفوظ سبقني منتج واشتراها وكنت ألوم عليه أنه يتساهل في بيع رواياته وقصصه بدون قيد أو شرط لمن يطلبها، ولهذا ظهرت قصصه في مجملها على الشاشة بشكل مشوه وكانت وجهة نظر محفوظ أن السينما والمسرح يختلفان عن القصة وللمخرج الحق في تقديم القصة كما يريد وحسابه عند الجمهور، هذا طبعاً باستثناء ما قدمه صلاح أبو سيف «مواليد برج الثور أيضاً» وأخذ يوسف شاهين قصص الحرافيش وباعها للآخرين حتة حتة، مع أن الحرفوش ليس مجرد فتوة وجدع وابن بلد، ومع يوسف إدريس كانت المسألة مختلفة إلى حد ما، لأن قصصه مركبة وما أحببته على الورق لم يكن يصلح لي كممثل.

ولم يذكر عادل إمام مشروع فيلم «المسطول والقنبلة» وهي القصة التي تدور حول رجل عادي فجأة يجد نفسه متورطاً في مظاهرة سياسية لا ناقة له فيها ولا جمل، وعندما يدخل السجن يكتشف أن هناك من يضحي بعمره كله وعن طيب خاطر لأجل شيء ضخم اسمه الوطن.

الفيلم عرض على عادل مرة أخرى في 2006 وظل عنده عدة أشهره، ثم اعتذر، فما هو السبب؟!

بدون أسباب

إذا وافق عادل على فيلم لا تسأل عن السبب، لكنك عليك مشاهدة الأفلام بعد تنفيذها وستعرف الأسباب بنفسك ويعرفها غيرك وإذا اعتذر فلا تسأل أيضاً عن السبب، إنه يقرأ الموضوع ككل، ثم ينظر إلى دوره، ثم ينظر إلى أدوار غيره، ثم يسأل نفسه: ماذا يضيف إليه هذا العمل؟!, وهل توقيته مناسباً؟, وهل سيكون رد فعل الجمهور جيداً في استقباله للعمل؟, إنها حسابات وحسابات وأسئلة يطرحها على كل من حوله، حتى يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

الاعتذار عن «المسطول والقنبلة» تزامن مع الاعتذار عن فيلم «طباخ الرئيس» لمؤلفه يوسف معاطي وبطله طلعت زكريا، سمع عادل بالفكرة والمسافة قريبة بينه وبين معاطي فهو مؤلف أغلب أفلامه الأخيرة ومسرحيته أيضاً التي اشترك في كتابتها مع سمير خفاجي «بودي جارد» وطلب تعديلات وكان له ما أراد، ثم اعتذر بعد أشهر.

بعدها أندهش الناس بزيارته للبابا شنودة بابا الأقباط الأرثوذكس وأعلن في نهاية عام 2007 أنه سيلعب شخصية رجل دين مسيحي «قسيس» يصطدم برجل مسلم متطرف وقال إن عنوان فيلمه «حسن ومرقص» وهو العنوان الذي استفز الناقد السينمائي الكبير سمير فريد فكتب يقترح على عادل أن يتوسع في العنوان ليشمل «كوهين» أيضاً أي يتناول شخصية اليهودي، وقد تربي عدد كبير منهم في مصر وعاشوا بين أهلها خاصة بالإسكندرية، و»حسن ومرقص وكوهين» هو اسم لفيلم أخرجه فؤاد الجزايرلي عام 1954 ولعب بطولته حسن فايق والفيلم مأخوذ عن مسرحية لعب بطولتها نجيب الريحاني وكما هو واضح من عنوانه يتناول شخصية مسلم ومسيحي ويهودي ولم تكن هناك أدنى حساسية في ذلك لأن هذه التركيبة كانت متعايشة ومنسجمة في المجتمع المصري, ولا أدري لماذا أصر معاطي على اختيار نفس الأسماء!!

وسألته مرة لماذا جاء فيلمك «الحريف» أقل جماهيرية من أفلامك الأخرى رغم أن اللعبة محبوبة فقال: لأن مخرجه محمد خان وضعني في أجواء مختلفة، صحيح أنني أسكن منطقة شعبية وأحترف لعب الكرة الشراب, لكن الموضوع تجاوز هذا الإطار إلى ما هو أبعد, وقد قاسمته البطولة فردوس عبد الحميد، ولم يكن هذا هو فيلمه الأول عن عالم كرة القدم فقد قدم «الشياطين والكورة» والثاني «رجل فقد عقله» لكن كمية الضحك على ما يبدو في «الحريف» لم تكن كما هي ومع ذلك فإن الفيلم محسوب له في خانة التجارب الخاصة التي خاضها مع «رأفت الميهي» وحسن يوسف ومحمد فاضل وبركات وحسين كمال.

من القاع إلى القمة

في قاعة صغيرة بمقر اتحاد كتاب مصر جمعني لقاء غير منتظر بالكاتب الروائي خيري شلبي، وأخبرته أنني أكتب حلقات عن عادل إمام واستعنت في واحدة منها بكتابه «حديقة المضحكين» وتحديداً ذلك الفصل الذي كتبه بعنوان «حرفوش من قاع المدينة», وتطرق الحديث إلى «عادل» وإلى صديق عمره سعيد صالح، وكيف أن شلبي عاد بعد نجومية عادل ليكتب رؤية جديدة عنه بعد أن ارتبط بلقب «الزعيم»، وكيف كان يلتقي بهذا الثنائي وأغلب أعضاء مسرح التلفزيون في مقهي بوسط البلد يسمى «الزعيم».

ويبدو أن الزعامة صفة مرتبط بشخصية عادل منذ سنوات, فالناس الآن تطلق على مسرحة بالهرم اسم «الزعيم» نسبة إلى المسرحية التي لعبها بعد ذلك وكتبها فاروق صبري, واستمرت لسنوات بنجاح، وطاف بها العديد من العواصم العربية والعالمية وقبلها «الواد سيد الشغال» وهي من تأليف سمير عبد العظيم المخرج الإذاعي والكاتب والمنتج السينمائي الراحل وإخراج حسين كمال.

 

فيلم للعلم

التجربة الدانمركية

إخراج: علي إدريس.

قصة وسيناريو وحوار: يوسف معاطي.

زمن الفيلم: 160 دقائق.

تاريخ العرض: 2008.

الأبطال: نيكول سابا، أحمد راتب، مجدي كامل، تامر هجرس، أحمد تهامي، سيد صادق.

القصة

أب أرمل يعيش مع أولاده الشبان الثلاثة ويحاول أن يكون قريباً منهم وصديقاً لهم ويتم ترشيحه وزيراً للشباب والرياضة في الوقت الذي تحضر فيه شابة جميلة من الدانمارك لدراسة بعض الأوضاع الاجتماعية في مصر وتقديم بعض المحاضرات في الثقافة الجنسية، ويقع الأب في غرامها وكذلك الأبناء، وتصبح المسألة أكثر صعوبة نظراً لمنصب الأب كوزير والفيلم يتعرض لمشاكل الشباب داخل بيت وزير الشباب.

 

حكاية مشهد

ابو الكباتن تعلمها جيدا في شوارع الحلمية

سأله المخرج محمد خان هل تجيد لعب الكرة الشراب.. وكانت إجابته سؤال من عادل لخان: هل شاهدت عبدالكريم صقر ونجوم الكرة زمان في مبارياتهما تحت الأضواء في ليالي رمضان بالعباسية!

واندهش خان كيف لابن الحلمية الجديدة أن يسأل ابن العباسية عن ذلك وقد كانت التجمع الأكبر لنجوم الكرة.

يلعبون الكرة الشراب في شوارعها وحدائقها ويلعبون في الأندية الشهيرة الأهلي والزمالك..

أنا شاهدت مباريات للكرة مع عادل الذي بدا حياته زملكاويا ثم غير اتجاهه بعد أن سمع ابنه رامي وهو صغير يهتف: أخلى.. أخلي.. وكان يقصد أهلي.. أهلي.. وهو سعيد بذلك لأنه ضمن أن يكون مع زملاء العمر صلاح السعدني وسعيد صالح في خندق واحد بدلا من الجدل خاصة من صلاح الذى لا ينام الليل إذا انهزم الأهلي حتى لو كان ذلك في مباراة للاستغماية.

فيلم الحريف ظهر فيه عادل إمام يلعب الكرة الشراب ولم تكن المرة الأولى التي يتعامل فيها مع الكرة على الشاشة فقد قدم للسينما «الشياطين والكورة» مع حسن يوسف وشمس الباردوي1973، و»رجل فقد عقله» مع سهير رمزي وفريد شوقي ونجم كرة القدم «إكرامي» حارس مرمي الأهلي ومصر 1980، ثم كان فيلم «الحريف» 1984.

وفي تصوير المشاهد بالشوارع كان عادل يبدو سعيدا وهو يداعب الكرة ويستعيد ذكرياته في شوارع الحلمية الجديدة القريبة من قلعة محمد علي والسيدة زينب والعتبة..

ويحكي ضاحكا ومندهشا في نفس الوقت: لاحظت أيام الصبا في الحلمية ان صاحب الكرة الذي له الحق أن يلعب حتى لو كان وزنه يقترب من 120 كيلو غراماً... ولا أدرى لماذا في اغلب الأحوال لا يمتلك الكرة نفسها إلا أصحاب الأوزان الثقيلة وهم اقرب إلى لعب المصارعة منهم للكرة ومع ذلك كنا نسمح له باللعب حتى لا يحرمنا من الكرة ويأخذها. ويرى عادل أن الكرة الآن فيها الكثير من التمثيل فاللاعب ينزل وقد جهز في خياله سيناريو للاحتفال بالهدف الذي سيحرزه رغم أنه في علم الغيب ولا بأس من ذلك لكن التمثيل موجود أيضا في ادعاء الإصابة وإثارة الجماهير وهناك من يجهز «تي شيرت» مكتوب عليه كلمات وعبارات معينة.. وعندما يحرز الهدف يكشف الفانلة الثانية معلنا عن رأيه وأحيانا في المباريات أتفرج على الجمهور اكثر من اللاعبين وان كان يزعجني التعليق الا من الكابتن لطيف رحمه الله عليه.

النهار الكويتية في

10/08/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)