حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

                          دراما رمضان التلفزيونية لعام 2012

«الجيل الثالث».. نجوم الموجة الجديدة في السينما المصرية

محمود عبد العزيز.. صانع البهجة

القاهرة - أحمد الجندي

رحلة شديدة الثراء في فن التمثيل وعلى شاشات السينما تمتد زمنياً لما يقرب من 40 عاماً قدم خلالها محمود عبدالعزيز ما يزيد على 90 فيلماً.

ولد محمود عبد العزيز بحي «الورديان» في مدينة الإسكندرية في 4 يناير 1946 لأسرة تنتمي للطبقة المتوسطة الميسورة الحال، حيث يعمل الأب بالتجارة وكان من التجار المعروفين، ووسط هذه الأسرة نشأ محمود وسارت طفولته وصباه بشكل طبيعي وسار في مراحله الدراسية المعتادة ينتقل من مرحلة إلى مرحلة وفي أثناء دراسته الثانوية بدأ يشعر بميل جارف إلى عالم الفن وبالتحديد التمثيل وكان للعديد من الأفلام التي شاهدها وبعض العروض المسرحية التي كان يرتادها مع أسرته دوراً مهماً في هذه الميول التي بدأت تظهر وتتضح وقدم بعض الأدوار الصغيرة مع فريق التمثيل في مدرسته، لكن وحتى هذه اللحظة لم يكن في ذهنه أن يحترف الفن وكان الأمر بالنسبة له مجرد هواية، وبعد حصوله على شهادة الثانوية العامة التحق بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية.

وفي مسرح الجامعة قدم العديد من الأدوار والمسرحيات، بل انه قام بإخراج بعض العروض المسرحية، وقد بدأت ميوله ومواهبه الفنية تتبلور أكثر للدرجة التي جعلته يفكر في خوض طريق الفن واحتراف التمثيل وهو ما حدث بالفعل فبعد تخرجه من كلية الزراعة نزل القاهرة وإلى مبنى التلفزيون ليقابل المخرج التلفزيوني «محمد فاضل» الذي سبق وأن أخرج له مسرحية شارك في بطولتها بالجامعة، لذلك كان محمود متأكداً أن فاضل سيمنحه الفرصة بحكم معرفته السابقة به، لكن الأمر سار عكس ذلك تماماً ولم يعطه محمد فاضل الفرصة التي كان يتوقعها، وأصيب محمود بإحباط وقرر العودة للإسكندرية وهناك فكر في لحظة ضيق أن يهاجر إلى أميركا، وحصل بالفعل على أوراق الهجرة لكن أسرته رفضت تماماً أن يهاجر ونصحه أبيه بأن يسافر إلى أوروبا ليعمل هناك لفترة ثم يعود، وهو ما حدث بالفعل، حيث سافر محمود إلى اليونان وإيطاليا والنمسا، لكن فترة بقائه هناك لم تطل وعاد مرة أخرى للإسكندرية.

بعد عودته قرر أن يكمل دراسته في كلية الزراعة من خلال الدراسات العليا والماجستير وكان هدفه من العودة للجامعة أن يمارس هوايته في التمثيل من خلال المسرح بها، وأثناء دراسته للماجستير وممارسة هوايته في التمثيل تقابل مع المخرج المعروف «نور الدمرداش» الذي كان يقوم بإخراج إحدى العروض المسرحية بالجامعة، ولما كان محمود لا يشارك بالمسرحية عمل مع الدمرداش كمساعد مخرج، لكن الدمرداش بعينه الخبيرة أدرك الموهبة الفنية بداخل محمود كممثل فأخذه معه للقاهرة وأعطى له دوراً صغيراً في المسلسل التلفزيوني «كلاب الحراسة» وكان هذا المسلسل هو أول بداية لمحمود عبد العزيز ليس أمام كاميرا التلفزيون فحسب بل في عالم التمثيل كممثل محترف.

بعد هذا المسلسل والدور الصغير انهالت العروض على محمود، حيث كان وقتها وجهاً جديداً يتميز بالوسامة والرشاقة والشباب، بالإضافة إلى موهبته التي أظهر بعضاً منها، وكان المسلسل الشهير «الدوامة» الذي أخرجه نور الدمرداش بمثابة الخطوة الأهم خلال هذه الفترة، حيث أسند له دوراً مهماً أمام أبطال المسلسل محمود ياسين ونادية الجندي ونجح رهان الدمرداش على محمود الذي أثبت موهبة كبرى وقدرات هائلة في التمثيل وحقق محمود بعض الشهرة مع النجاح الهائل الذي حققه هذا المسلسل الذي عرض لأول مرة في شهر رمضان عام 1974، وفي العام نفسه كانت مشاركته الأولى في السينما ووقوفه لأول مرة أمام كاميراتها وكان ذلك في فيلم «غابة من السيقان» الذي قام ببطولته محمود ياسين وهو الذي رشح محمود عبدالعزيز للمشاركة معه في الفيلم بعد أن نشأت علاقة صداقة بين الاثنين أثناء مسلسل «الدوامة».

وقدم في العام نفسه 1974 دوراً صغيراً آخر في فيلم «يوم الأحد الدامي» مع المخرج نيازي مصطفى، لكن في العام التالي كانت هناك قفزة سينمائية أكبر في انتظاره وذلك من خلال فيلم «الحفيد» الذي أخرجه عاطف سالم عام 1975 ولعب محمود الدور الثاني أمام نور الشريف وميرفت أمين ومنى جبر ومن خلال هذا الفيلم والنجاح الفني والجماهيري الذي حققه زادت شهرة محمود وزاد طلب منتجي ومخرجي السينما عليه سريعاً وفي نفس العام الفرصة الأكبر، البطولة المطلقة وكان ذلك عندما اختاره المنتج الشهير رمسيس نجيب ليجسد شخصية الطيار الذي يشارك في حرب أكتوبر ويصاب إصابة جسيمة أثناء الحرب وكان ذلك في فيلم «حتى آخر العمر» الذي لعب بطولته أمام نجوى إبراهيم وأخرجه أشرف فهمي، ويعد هذا الفيلم هو نقطة الانطلاق الحقيقية لمحمود عبد العزيز في السينما انطلق محمود عبد العزيز كنجم وبطل سينمائي وخلال مشواره السينمائي الممتد منذ فيلمه الأول «غابة من السيقان» وحتى فيلمه الأخير «ابراهيم الأبيض» 2009 قدم ما يزيد على 90 فيلماً، ويمكن تقسيم هذا المشوار السينمائي الطويل إلى ثلاث مراحل، المرحلة الأولى هي مرحلة «الانتشار وأدوار الفتى الوسيم»، أما المرحلة الثانية فهي مرحلة «الممثل النجم»، والمرحلة الثالثة هي مرحلة «قمة النضج»، وإذا بدأنا بالمرحلة الأولى سنجد أن محمود قدم خلال هذه المرحلة ما يزيد على 30 فيلماً خلال ما يقرب من 8 سنوات من عام «1974 حتى عام 1982»، وفي هذه المرحلة كان من الطبيعي أن تستغل السينما وسامته وشكله الجميل ورشاقته وتقدمه في عدد كبير من الأفلام غلب عليها الناحية التجارية وكانت هذه المرحلة بالنسبة له هي «مرحلة الانتشار والفتى الأول الوسيم» الذي يظهر في الأدوار الرومانسية وغالباً دور البطل الشاب الجميل الذي يحب بطلة الفيلم الجميلة وكانت هذه هي التيمة السائدة في الأفلام التجارية التي تعتمد على وسامة البطل وجمال وجاذبية البطلة، ورغم ذلك استطاع محمود أن يقدم خلال هذه المرحلة عدداً من أفلامه المهمة التي شكلت علامات في مشواره السينمائي «وجهاً لوجه» 1976 مع المخرج أحمد فؤاد، «كفاني يا قلب» 1977 من اخراج وبطولة حسن يوسف، «طائر الليل الحزين» 1977 مع المخرج يحيى العلمي وهو من الأفلام السياسية التي تناولت قضية أو ظاهرة مراكز القوى في الستينيات واستطاع محمود بموهبته أن يقدم واحداً من أدواره المهمة على الشاشة في تلك الفترة.

وفي العام 1982 كانت بداية مرحلة جديدة في مشوار محمود عبد العزيز وهي المرحلة الثانية التي أطلق عليها مرحلة «الممثل النجم»، فإذا كان محمود قد قدم واحداً من أدواره المهمة والمختلفة في فيلم «وكالة البلح» فإنه يقدم دوراً مختلفاً ومهماً في واحد من أجمل أفلام السينما المصرية وهو فيلم «العار» الذي أخرجه علي عبد الخالق عام 1982 وكانت البطولة جماعية لنور الشريف ومحمود عبدالعزيز وحسين فهمي وشهد الفيلم مباراة في التمثيل بين هذا الثلاثي ومعهم نورا وإلهام شاهين وأمينة رزق، وحقق هذا الفيلم نجاحاً فنيا وجماهيرياً غير مسبوق ويعد علامة بارزة في المشوار السينمائي لكل من شارك فيه وقد وضع هذا الفيلم محمود على بداية مرحلة جديدة من مشواره السينمائي مرحلة بدأ فيها يدقق بشدة في اختياره لأدواره وشخصياته وأفلامه، فجاءت معظم أفلام هذه المرحلة لتشكل علامات في مشواره السينمائي ونذكر منها أفلاماً مثل: «العذراء والشعر الأبيض» 1983 مع المخرج حسين كمال، «نصف أرنب» 1983 مع المخرج محمد خان، «درب الهوى» 1983 من إخراج حسام الدين مصطفى، «السادة المرتشون» 1983 مع المخرج علي عبدالخالق، «تزوير في أوراق رسمية» 1984 مع المخرج يحيى العلمي، «الفقراء لا يدخلون الجنة» 1984 مع المخرج مدحت السباعي، «أرجوك أعطني هذا الدواء» 1984 من إخراج حسين كمال، «لكن شيئاً ما يبقي» 1984 مع المخرج محمد عبد العزيز، «بيت القاصرات» 1984 مع المخرج أحمد فؤاد، «الشقة من حق الزوجة» 1985 من إخراج عمر عبدالعزيز، «الكيف» 1985 مع المخرج علي عبد الخالق، «الطوفان» 1985 من تأليف وإخراج السيناريست بشير الديك، «الجوع» 1986 مع المخرج علي بدر خان وهو مأخوذ عن إحدى حكايات ملحمة الحرافيش للكاتب الكبير نجيب محفوظ وقدم محمود في هذا الفيلم واحداً من أجمل وأهم أدواره أمام سعاد حسني في غاية الغرابة من خلال شخصية «ضابط الشرطة» قائد السجن أو المعتقل الذي يسجن به المسجونين السياسيين، وهو ضابط يعاني من انفصام في الشخصية فهو رجل عنيف شديد القسوة والسيادية في عمله، ويظهر بشكل مختلف ومغاير تماماً كرجل رهيف الإحساس ملئ بالمشاعر والضعف الإنساني في حياته العادية، وذلك من خلال فيلم «البريء» مع المخرج عاطف الطيب الذي يعد ملحمة سينمائية رائعة من تأليف وحيد حامد وبطولة أحمد زكي وإلهام شاهين وممدوح عبد العليم وصلاح قابيل.

وفي العام التالي 1987 يقدم مع عاطف الطيب أيضاً واحداً من أهم أفلامه وهو «أبناء وقتلة».

ونأتي الآن إلى المرحلة الثالثة من المشوار السينمائي لهذا النجم الكبير وهي مرحلة «قمة النضج» وفيها يواصل محمود اختياراته الدقيقة جداً لأدواره وشخصياته وأفلامه ويحرص بشكل كامل على تنوع وتباين واختلاف هذه الأدوار وبشكل ربما يبدو مختلفاً تماماً عما قدمه في المرحلتين السابقتين، وقد دشن محمود عبد العزيز هذه المرحلة بلقائه مع المخرج رأفت الميهي ليقدم هذا الثنائي ومعهم معالي زايد عددا من أهم أفلام الفانتازيا التي عرفتها السينما المصرية التي برع في تقديمها فنان السينما الكبير رأفت الميهي منتجاً ومؤلفاً ومخرجاً وبدأت هذه الأفلام بفيلم «السادة الرجال» 1987 و«سمك لبن تمر هندي» 1988 و«سيداتي آنساتي» 1990 وشاركته بطولة هذه الأفلام معالي زايد، ومن أهم أفلامه خلال هذه المرحلة: «جري الوحوش» 1987 مع علي عبد الخالق، «يا عزيزي كلنا لصوص» 1989 مع المخرج أحمد يحيى، «الدنيا على جناح يمامة» 1989 مع المخرج عاطف الطيب، «قانون إيكا» 1991 مع المخرج أشرف فهمي، وجاءت تحفته السينمائية «الكيت كات» خلال العام نفسه مع المخرج الكبير داود عبد السيد والفيلم مأخوذ عن رواية الكاتب الراحل إبراهيم أصلان الشهيرة «مالك الحزين» وجسد خلاله شخصية «الشيخ حسني» الرجل الكفيف عاشق الموسيقى وعازف العود والذي يتعامل مع الحياة رافضاً عجزه وكأنه أحد المبصرين يقدم محمود عبد العزيز واحداً من أهم أدواره السينمائية، بل إن عدداً من النقاد يرونه هو أهم شخصية جسدها أو أهم دور لعبه محمود عبد العزيز في تاريخه الفني.

وفي عام 2000 يعود ليقدم واحداً من أروع أدواره وأفلامه مع المخرج سمير سيف والكاتب وحيد حامد من خلال فيلم «سوق المتعة» في هذا الفيلم يعود محمود عبد العزيز ليحلق في أقصى درجات الأداء التمثيلي ويقدم لوحة بديعة في فن التمثيل.

وخلال الحقبة الأولى من الألفية الثالثة تقل أفلام محمود عبد العزيز عدداً بسبب تدقيقه الشديد في اختياراته، خصوصاً مع طغيان موجة أفلام الكوميديا والشباب قليلة المستوى، وهو فنان ونجم كبير يريد أن يحافظ على اسمه وتاريخه السينمائي الذي صنعه بموهبته وجهده فتراجعت أفلامه كماً، لكن لم تتراجع كيفاً، قدم خلال السنوات العشر الأخيرة عدد قليل من الأفلام المهمة بدأها عام 2003 بواحد من أهم أدواره وهو شخصية «الساحر منصور بهجة» من خلال فيلم «الساحر» مع المخرج الكبير الذي رحل عن دنيانا مبكراً رضوان الكاشف، «رحلة مشبوهة» 2002 مع المخرج أحمدي يحيى، ويعود عام 2008 ليشارك في بطولة واحد من أكثر أفلام السينما فخامة من ناحية الإنتاج في السنوات الأخيرة وهو فيلم «ليلة البيبي دول» الذي كتبه السيناريست الكبير الراحل عبد الحي أديب، وأخرجه ابنه المخرج عادل أديب وشارك في بطولته عدد كبير من نجوم السينما منهم نور الشريف، ليلى علوي، سولاف فواخرجي، غادة عبدالرازق، محمود حميدة، أحمد مكي، جمال سليمان، وفي العام التالي 2009 يقدم آخر أفلامه «إبراهيم الأبيض» مع النجوم الشباب أحمد السقا وهند صبري وعمرو واكد.

تفرد محمود عبد العزيز بأسلوب خاص في أداء وفي التعامل مع الشخصيات المختلفة التي جسدها من خلال اكساب هذه الشخصيات «حيوية في الأداء الحركي» و«بهجة» تجعلها مفعمة بالحياة مخلقة أجواء من الإبداع حلقت فيها شخصياته وهذا التطور في الأداء جعل من الصعب أن تتخيل أن يقوم ممثل غيره بتجسيد شخصياته، وقد حصل محمود عبدالعزيز على أدائه لهذا الشخصيات على عشرات الجوائز وحصل عن أفلامه على العديد من التكريمات من مهرجانات سينمائية محلية وعالمية عدة.

ولا يبقى في النهاية إلا أن نشير إلى أن محمود عبد العزيز وان كان قد حقق كل هذا النجاح في مشواره السينمائي فهو أيضاً صاحب رصيد كبير من النجاح في الدراما التلفزيونية فبرغم أعماله القليلة في التلفزيون والتي لم تتجاوز «11» مسلسلاً إلا أن بعضها حقق نجاحاً غير مسبوق مثل مسلسلات: «الدوامة»، «اللقيطة»، «الإنسان والمجهول»، «وعاشت مرتين»، «مبروك جالك ولد»، «البشاير»، «محمود المصري» ثم كان مسلسله الشهير «رأفت الهجان» الذي قدم في ثلاثة أجزاء من أهم مسلسلاته بل ومن أهم الأعمال في تاريخ الدراما التلفزيونية.

ونشير أيضاً إلى أن محمود عبد العزيز تزوج مرتين أنجب من زواجه الأول ولديه «محمد وكريم» والاثنان أصبحا يعملان في مجال الفن، وزواجه الثاني كان من الإعلامية «بوسي شلبي» ولم ينجب منها.

الجريدة الكويتية في

29/07/2012

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2012)