كان ظهور «عاطف الطيب» على الساحة السينمائية في مصر مطلع الثمانينيات
كواحد من المخرجين الشباب حدثا سينمائياً وفنيا وثقافيا رائعا ومهماً..
عندما عرض له فيلمه الثاني «سواق الأتوبيس» 1983 فقد حقق الفيلم نجاحاً
فنيا وجماهيريا هائلاً وعرض في العديد من المهرجانات السينمائية الدولية
والمحلية وحصل على عدد هائل من الجوائز ودخل الفيلم القائمة الذهبية لأفضل
100فيلم مصري واعتبره النقاد من أهم 10 أفلام قدمتها السينما المصرية في
الـ40 عاما الأخيرة.. لم يكن الفيلم إعلانا عن ميلاد مخرج سينمائي واعد
متمكن من أدواته يمتلك الحرفة والرؤية ومهموم بقضايا وطنه ومجتمعه فقط.. بل
كان الفيلم بمثابة الميلاد الحقيقي والتأكيد على رسوخ «تيار الواقعية
الجديدة» في السينما المصرية فلا يمكن التأريخ لهذا التيار دون ذكر اسم
عاطف الطيب الذي يعد أحد المؤسسين الكبار له.
قدم عاطف للسينما 21 فيلما في مشواره السينمائي القصير الذي لم يتجاوز
14 عاما حيث عجل الرحيل المفاجئ وفاجعة وفاته الصادمة بانتهاء هذا المشوار
مبكرا جداً.. ورغم هذا المشوار القصير إلا انه وضع اسمه كواحد من أهم مخرجي
السينما المصرية في تاريخها كله فلم تجعله ظروف الإنتاج السيئ في بعض فترات
الثمانينيات أن يحيد عن الخط الذي رسمه لنفسه واختاره لأفلامه فلم ينجرف
لإغراءات منتج أو نجم أو لإغراءات الأفلام التجارية وظل معبرا بأفلامه عن
الشريحة الاجتماعية الكبرى في المجتمع بكل دقة وواقعية مازجاً بين طموحاتها
وأحلامها وآلام الوطن وقضاياه ومشكلاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لذلك اعتبرت أفلامه من أهم ما قدمته السينما المصرية كما سيظل مبدع هذه
الأفلام.. عاطف الطيب واحداً من المبدعين الكبار الذين أثروا هذه السينما
وأحد أهم الذين تركوا أثراً كبيراً في تاريخها..
ولد عاطف الطيب في 26 ديسمبر 1947 في حي بولاق الشعبي بالقاهرة لأسرة
بسيطة تنتمي جذورها لمحافظة سوهاج في صعيد مصر.. وخلال نشأته في هذا الحي
الشعبي وهذه الأسرة البسيطة تأثر عاطف بشدة بهذه الطبقة الشعبية التي ينتمي
لها وإليها جزء كبير من المجتمع المصري ورغم سنه الصغير ألا انه أدرك مبكرا
أحوال وآلام ومعاناة هذه الطبقة تدرج عاطف في مشواره الدراسي الاعتيادي في
المدارس الحكومية المرحلة الابتدائية ثم الإعدادية ثم الثانوية .. وأثناء
هذه المراحل الدراسية الثلاثة بدأ وعيه يتفتح إلى ما يكمله من ميول فنية
بدأت بالقراءة للروايات الأدبية ثم إعجابه الشديد بالسينما التي كان يتردد
عليها كثيرا وأثناء المرحلة الثانوية كان حب الفن والسينما بالتحديد قد
تمكن منه تماما وأدرك أن هذا الفن الساحر هو عالمه ومستقبله فالتحق بالمعهد
العالي للسينما قسم إخراج.. وظل يدرس بالمعهد طيلة أربع سنوات هي مدة
الدراسة العادية وأثناء دراسته زادت مشاهداته السينمائية وبدأ يتردد على
الاستديوهات والبلاتوهات ليتابع تصوير الأفلام واعتبر ذلك تطبيقا عمليا
لدراسته التي عمل خلالها ولفترات قصيرة مساعداً صغيراً في بعض الأفلام.
وفي سنة 1970 تخرج عاطف من معهد السينما بعد أن أنهى دراسته به وبعد
تخرجه مباشرة التحق بالقوات المسلحة لأداء الخدمة العسكرية وأمضى 5سنوات
كاملة بالجيش وكان أحد آلاف الجنود المصريين الذين خاضوا حرب أكتوبر 1973.
وقد أثرت هذه السنوات في الخدمة العسكرية في تفكير وشخصية عاطف كثيرا
وجعلته مهموما أكثر بقضايا وطنه وأكثر جدية في التعامل مع هذه القضايا
وأكثر وعيا وفهما لها.. وقد شكلت السنوات التالية لتخرجه من معهد السينما
وسنوات قضائه للخدمة العسكرية وما شهدته من أحداث سياسية متناقضة كالانفتاح
والاقتصاد والسياسة ومعاهدة السلام والصلح مع إسرائيل شكلت هذه الأحداث
نظرته ورؤيته الفكرية والحياة التي رأيناها فيما بعد في كل لقطة قدمها على
الشاشة حيث جاءت «سينما الطيب» شديدة التعبير عن احباطات وآمال جيل بأكمله
في تعاملاته مع واقع لم يعد موجوداً إلا في الخيال أو خانة «التمني» لذلك
جاءت كل أفلامه مشبعة بكل تداعيات هذا الواقع في إطار من الحرفية
السينمائية واللغة الخاصة التي أمتعتنا في طرح تلك القضايا.
بعد انتهاء خدمته العسكرية عمل عاطف مساعدا للإخراج في عدد من الأفلام
مع عدد من المخرجين الكبار مثل يوسف شاهين- كمال الشيخ- صلاح أبوسيف- شادي
عبدالسلام.. لكن هذه الفترة لم تطل ولم يرد أن يستمر طويلا في عمله كمساعد
فهو يريد أن يطرح رؤيته وأفكاره هو ولا يكتفي بتنفيذ رؤية وأفكار الآخرين
حتى ولو كانوا كباراً يحمل لهم كل تقدير واحترام . وكان أول أفلامه كمخرج
فيلم روائي قصير حمل اسم «مقايضة» وأظهر خلال هذا الفيلم رؤية واضحة
وتمكناً ملحوظاً من الحرفة السينمائية وهو ما جعل نقاد السينما ينتظرون
بشغف فيلمه الروائي الأول.. ولم يطل الانتظار ففي عام 1981 كان الموعد
والتاريخ لأول أفلامه الروائية الطويلة «الغيرة القاتلة» من بطولة نور
الشريف، نورا، يحيى الفخراني.. والفيلم كله اقرب لمعالجة عصرية لتراجيديا
شكسبير الشهيرة «عطيل» ورغم أن الفيلم لم يعرض جماهيريا ألا بعد فيلمه
الثاني الشهير «سواق الأتوبيس» الذي أخرجه عاطف في العام التالي 1983 ويرى
نقاد السينما أن ما حدث كان من حسن حظ عاطف الطيب رغم أن فيلمه الأول
«الغيرة القاتلة» يحمل رؤية ولغة سينمائية عالية الا أن «سواق الأتوبيس»
الذي عرض جماهيريا على انه أول أفلامه جاء كتحفة سينمائية رائعة بكل
المقاييس ودخل القائمة الذهبية التي تنظم أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما
المصرية وفيما بعد اعتبر النقاد «سواق الأتوبيس» واحد من أهم 10أفلام في
الأربعين عاما الأخيرة.
وبعد كل هذا النجاح الفني والجماهيري الساحق الذي حققه عاطف الطيب من
خلال ثاني أفلامه «سواق الأتوبيس» لم يتأثر النقاد أو يتأثر عاطف بالنجاح
الجماهيري المحدود لفيلمه الأول «الغيرة القاتلة» الذي عرض فيما بعد..
وانطلق عاطف الطيب في مشواره ومسيرته السينمائية ليقدم خلال حقبة
الثمانينيات 11 فيلما بخلاف فيلميه السابقين.. وبدأ هذه الأفلام بـ
«التخشيبة» 1984 الذي شهد لقاءه الأول بواحد من أهم نجوم السينما المصرية
أحمد زكي الذي قام ببطولة الفيلم ومعه نبيلة عبيد.. وكان «التخشيبة» هو
بداية لمشوار طويل بين الطيب وأحمد زكي حيث قدما معاً عدداً من الأفلام
التي تعد من أهم روائع الاثنين معا بل ومن أهم روائع السينما المصرية..
وكان «الحب فوق هضبة الهرم» 1986 هو الفيلم الثاني لهذا الثنائي أحمد زكي
وعاطف الطيب وهو مأخوذ عن قصة قصيرة للروائي والأديب العالمي نجيب محفوظ
حملت نفس الاسم وكتب السيناريو والحوار مصطفى محرم وشارك في بطولة الفيلم
آثار الحكيم وأحمد راتب ونجاح الموجي.. في هذا الفيلم يواصل الطيب تعبيره
عن أزمة الطبقة الوسطى التي أصبحت أزمة جيل أصبح يعاني بالإضافة إلى مشاكله
الحياتية ومشاكل واقعة الاجتماعي .. المشاكل العاطفية والمشاعر المكبوتة
والآمال الضائعة والإحباط الذي أصبح مسيطراً .. ومن خلال دقة التحليل وعمق
الرؤية جاء الفيلم هادفا مؤثرا وواصل الطيب إثارة الجدل داخل كل الأوساط في
مصر وهو الجدل الذي بدأ مع «سواق الأتوبيس» حول هذا الشاب الواعي الذي يضرب
بعمق على جراح الوطن والمجتمع ولعب أحمد زكي واحداً من أهم أدواره وحقق
الفيلم نجاحاً جماهيريا وفنيا عاليا وحصل على العديد من الجوائز .. وفي نفس
العام 1986 كان نقاد السينما وصانعوها وجمهورها في مصر على موعد مع واحد من
أهم التحف السينمائية «البريء» هذا الفيلم الذي أثار ضجة سياسية واجتماعية
هائلة حيث منعت الرقابة الفيلم لكن مؤلفه الكاتب الكبير وحيد حامد ومخرجه
عاطف الطيب وأبطاله أحمد زكي ومحمود عبدالعزيز دخلوا في صراع هائل وحرب
طاحنة مع أعلى المستويات السياسية في الدولة من أجل عرض الفيلم وهو ما تحقق
بالفعل حيث سمح للفيلم بأن يعرض مع حذف عدد قليل للغاية من مشاهده وجمل
الحوار وحذف جزء من نهايته.. ورغم هذه المحذوفات حقق الفيلم نجاحا خرافيا
على المستوى الفني والجماهيري.. حيث يؤكد تاريخ السينما عدم وجود فيلم
يتفاعل مع الواقع الحي لدرجة استشراف المستقبل مثلما حدث مع هذا الفيلم فقد
تنبأ الفيلم بثورة وانتفاضة سوف تحدث بين «قوات الأمن المركزي» وهو ما حدث
في الواقع في العام التالي عام 1987 الذي شهد انتفاضة الأمن المركزي
الشهيرة.
ولم يكن أحمد زكي هو النجم الوحيد المفضل عند عاطف الطيب بل كان هناك
نجم آخر أو النجم الأول الذي تعامل معه الطيب وهو نور الشريف ويعد احمد
ونور أهم نجمين أو النجمين المفضلين عنده وقدما معه وقدم معهما عدد من أهم
أفلامه وأفلامهما في المشوار السينمائي لهذا الثلاثي فمع نور الشريف وخلال
حقبة الثمانينيات باستثناء الفيلمين الأولين «الغيرة القاتلة» و«سواق
الأتوبيس» كان هناك أربعة أفلام أخرى.. أولهما «الزمار» 1984 وشارك في
بطولته بوسي وصلاح السعدني ورغم أن الفيلم هو في نفس الاتجاه الواقعي
لأفلام عاطف الطيب إلا انه قدمه في إطار شاعري تناول في أحداثه رؤية متأملة
لواقع سياسي واجتماعي شديد القسوة.. وفي الفيلم الثاني «ضربة معلم»1987
الذي شارك في بطولته كمال الشناوي وصلاح قابيل.
أما الفيلم الثالث «كتيبة الإعدام» 1989 الذي كان احد التجارب
السينمائية القليلة لعملاق الكتابة والتأليف الدرامي الراحل الكبير اسأمه
أنور عكاشة يقدم عاطف الطيب خلال هذا الفيلم رؤية واقعية لنموذج من النماذج
العديدة التي طفت على السطح بعد أن سرقت واستولت على كل شيء وأصبحت من
علامات هذا المجتمع المهترئ الذي ظلم أبطاله الحقيقيين. ونأتي إلى الفيلم
الرابع والأخير الذي تعاون فيه عاطف الطيب مع نور الشريف احد ثنائي نجمه
المفضلين وكان فيلم « قلب الليل» 1989 والمأخوذ عن رواية نجيب محفوظ
الشهيرة التي تحمل نفس الاسم ويعد هذا الفيلم واحداً من أهم الأفلام
الفلسفية الرؤية في تاريخ السينما المصرية.. ويرى عدد من النقاد أن هذا
الفيلم من أحسن أفلام الطيب من الناحية الجمالية,
ولم تقتصر أفلام عاطف الطيب في حقبة الثمانينيات على نور الشريف وأحمد
زكي وحدهما.. بل قدم أفلام أخرى ناجحة فنيا وجماهيريا بنجوم آخرين مثل «ملف
في الآداب» 1986 بطولة فريد شوقي، مديحة كامل، صلاح السعدني، سلوى عثمان،
أحمد بدير.. وفي هذا الفيلم يطرح عاطف الطيب بنفس أسلوبه الواقعي وظيفة
وحقيقة القانون في مجتمع يقوم على القهر.. وكيف أن القانون في هذا المجتمع
لا يصبح هو العدل- «ابناء وقتلة»1987 بطولة محمود عبدالعزيز، نبيلة عبيد،
مجدي وهبه، شريف منير، احمد سلامه.
ونأتي إلى حقبة التسعينيات التي لم يشأ القدر أن يكملها عاطف حيث رحل
عن دنيانا بشكل مفاجئ في منتصف عام 95 لكنه خلال هذه السنوات الخمس الأولى
من هذه الحقبة واصل تقديم أفلامه المهمة جدا والمؤثرة في سيرته ومسيرة
السينما المصرية.. حيث واصل خلالها رصد الواقع الاجتماعي والسياسي في مصر
معبرا عن آلام الوطن والمواطن بواقعية صادمة وجرأة شديدة فيقدم في عام 1990
واحداً من أهم أفلام السينما المصرية وهو فيلم «الهروب» الذي يعد ملحمة
سينمائية مأخوذ بعض ملامحها من الرواية الشهيرة «اللص والكلاب» لنجيب محفوظ
يقدم الطيب مع السيناريست بشير الديك في هذا الفيلم رصد بالغ الجرأة لواقع
القهر الاجتماعي من جانب السلطة ممثلة في أجهزتها الأمنية وتلاعب هذه
الأجهزة بالناس وقهرها من خلال مجتمع أصبح لا يعترف بالعدالة إلا للأقوياء
وواجه الطيب مشاكل رقابية هائلة وأيضاً غضب عارم من وزارة الداخلية
والحكومة التي تحفظت على الفيلم وعرضه لكن بعد حرب وصدام عنيف تم عرض
الفيلم ليحقق نجاحاً فنيا وجماهيريا متقطع النظير ويكون من أهم أفلام أحمد
زكي الذي عاد للتعاون مع الطيب من خلال هذا الفيلم ويلتقي هنا الثنائي
«الطيب وزكي» في فيلم آخر صادم جرئ وهو فيلم «ضد الحكومة» 1992 ومعهما
السيناريست والكاتب الكبير بشير الديك.. ويضرب بشير والطيب وأحمد زكي بقوة
من خلال هذا الفيلم الذي دارت أحداثه في إطار سياسي ورصد قهر السلطة أحيانا
وتخاذلها وتلاعبها أحيانا أخرى مع وضد مواطنيها بدلا من رعايتهم وحمايتهم
حيث نجد السلطة الحاكمة في هذا الفيلم لا يهمها إلا حماية نفسها وسمعتها
حتى ولو كان ذلك على حساب الناس ومن خلال قهرهم وكالعادة في كل أفلامه أو
معظمها كانت هناك المشاكل والمعوقات الرقابية والسلطوية ضد الفيلم لكن صناع
الفيلم لا يهدأون ويحاربون حتى يعرض الفيلم ويحقق نجاحا فنيا وجماهيريا
مذهلا ولابد أن نشير إلى أن الفيلم شارك في بطولته القدير أبو بكر عزت
ولبلبة وعفاف شعيب .
ومع النجم الثاني نور الشريف قدم الطيب ثلاثة أفلام اثنان منها عام
1992 هي «ناجي العلي» الذي تناول سيرة وحياة المناضل ورسام الكاريكاتير
الفلسطيني الشهير ناجي العلي.. والفيلم الثاني كان التجربة الثانية في
الكتابة للسينما للمبدع أسامة أنور عكاشة مع عاطف الطيب وكان هذا من خلال
فيلم «دماء على الاسفلت الذي شارك نور في بطولته حسن حسني وإيمان الطوخي
وحنان وشوقي ويواصل الطيب في هذا الفيلم رصد الواقع الاجتماعي بقسوة ..
وجاء الفيلم الثالث «ليلة ساخنة» 1995 الذي دارت أحداثه في ليلة واحدة
وهي «ليلة رأس السنة» خلال هذه الليلة يقدم عاطف الطيب وبإيقاع سريع لاهث
حالة المجتمع المصري وما وصل إليه من تحلل وفساد وقهر وعدالة غائبة والفيلم
بمجمله كان صاماً قدم في جرأة بالغة وثيقة إدانة لهذا المجتمع الغائب الذي
لم يعد يمنح الفرصة للشرفاء البسطاء ليعيشوا حياتهم حتى وهم يرضون بأقل
القليل وحقق الفيلم نجاحا هائلا فنيا وجماهيريا وأيضا على مستوى المهرجانات
السينمائية التي عرض بها وحصل منها على العديد من الجوائز..
ثلاثة أفلام أخرى قدمها الطيب خلال السنوات الخمس الأولي من
التسعينيات بعيدا عن نجميه المفضلين نور وزكي قدم في عام 1994 فيلمين
أولهما «إنذار بالطاعة» بطولة محمود حميدة وليلى علوي وهو شابه كثيراً
فيلمه «الحب فوق هضبة الهرم» في تناول واقع معاناة الشباب ومعاناة جيل أصبح
بعيدا عن أنظار واهتمام السلطة والحكومة.. وفي الفيلم الثاني «كشف المستور»
التي قامت ببطولته نبيلة عبيد مع فاروق الفيشاوي وشويكار.. يواصل الطيب رصد
الواقع المتمثل في حالات القهر الشديدة التي تمارسها الأجهزة الأمنية
والسيادية ضد المواطنين وفي عام 1995 يقدم عاطف الطيب هذا المخرج وفنان
السينما الكبير فيلمه الأخير «جبر الخواطر» المأخوذ عن رواية بنفس الاسم
للكاتب عبدالفتاح رزق وكتب له السيناريو والحوار بشير الديك ولعب بطولته
شريهان واشرف عبد الباقي وجيهان فاضل ولم يمهل القدر مخرجنا الكبير المقام
الصغير السن عاطف الطيب لينهي فيلمه فكان رحيله المفاجئ قبل أن ينتهي من
تصور المشاهد الأخيرة لهذا الفيلم وقبل أن يقوم بعمل مونتاجه.. فأكمله من
بعده صديقه المونتير احمد متولي ولم يعرض الفيلم إلا بعد رحيل عاطف الطيب
بثلاث سنوات كاملة وعرض عام 1998. وكان الرحيل المفاجئ لهذا الفنان الكبير
في منتصف شهر يونيو عام 1995 فاجعة وصدمة هزت الوسط الفني والسينمائي
والثقافي في مصر.. فلم يكن الطيب قد وصل إلى الخمسين من عمره حيث توفي وهو
دونها بسنوات قليلة.. ويكتفي هنا إلى أن نشير إلى ما قاله الكاتب والروائي
العالمي نجيب محفوظ عندما علم بخبر الوفاة «رحيله خسارة متضاعفة وليست
خسارة واحدة فهو أحد آمال السينما المصرية».
الجريدة الكويتية في
07/08/2012 |