حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

مخرج يرى أن العمل استفاد من اسمه ورضاه عنه 70%

بسام المصري: مشكلة “المرقاب” في نصه

عمّان- ماهر عريف

اقتصرت حصيلة إنتاج الدراما البدوية الأردنية هذا العام على مسلسل “المرقاب” ولأنه حصد تحفظات وملاحظات عديدة بعضها من مشاركين فيه كان لابد من مواجهة مخرجه بسّام المصري صاحب تجارب سابقة ناجحة ضمن النوع ذاته بينها “نمر بن عدوان” و”عودة أبو تاية” و”عطر النار” حيث طرحنا عليه كافة الأسئلة في هذا الحوار الخاص:

·         هل ظهر العمل مثلما تطلعت إليه؟

“المرقاب” من المسلسلات المهمة التي احتلت مساحة جيدة على الشاشات العربية بعرضه على أربع قنوات فضائية هي “تلفزيون أبو ظبي” و”التلفزيون الأردني” و”الشبابية الليبية” و”دنيا الفجيرة” ودائما طموح الفنان كبير لكنه يفاجأ أحيانا بمعيقات وحدود تجعله أقل قدرة على تحقيق تطلعاته وبصراحة واجهت ظروفاً في هذا النطاق .

·         ما نسبة رضاك عن نتيجته؟

أنتظر حصد ردود الفعل الكاملة والوافية من الجمهور بما يمنحني القدرة على استخلاص نسبة الرضا التي أحددها من واقع ما أنجزت بنحو 70% .

·         وماذا بشأن ال 30% وأبرز الظروف التي أشرت إليها؟

هذا العمل يختلف عن تجاربي الأخيرة فهو يستند على قصة غير معروفة ولا يطرح شخصية لها حضورها أو أحداثا واقعية يمكن تكوين معلومات مسبقة عنها كما في “نمر بن عدوان” و”عودة أبو تايه” و”عطر النار” ومشكلة “المرقاب” الكبرى في نصّه حيث التسلسل والتشابك طاغيان جدا إلى درجة أن عدم مشاهدة حلقة واحدة أو جزء منها ربما يؤدي إلى عدم فهم ما بعدها .

·         هل واجهت تدخلات وأموراً تنفيذية مقحمة؟

لا ولكن كان هناك تدخل مفروض من النص نفسه .

·         ماذا تقصد؟

حينما كتب جبريل الشيخ العمل تحت مسمى “السيف والمها” بداية ارتكزت رؤيته على تحكم عالم الغيب في حياة الإنسان ونحن قدّمناه بصورة مختلفة وجرى تعديل النص ثلاث أو أربع مرات وأتذكر أن المسلسل طرح أمامي في سنة سابقة وأرجعته إلى المنتج، حيث لم أجد نفسي فيه حينها حتى أعيدت صياغته فرضيت عنه بنسبة لا تتجاوز 60% .

·         ولماذا خضت التجربة من دون اقتناع كامل بالنص؟

بسبب ثقتي في نفسي وحبّي خوض مغامرات فنية جديدة خاصة في مجال الأعمال البدوية ورغبتي في تحدي هذا المسلسل .

·         هل تعتقد أنك نجحت في التحدي؟

أترك الحكم للمشاهدين إن كانت رسالة العمل وصلت أم لا .

·         هل أجبرت على قبول مشاركة ممثلين معينين؟

لا ولكن موضوع العمل حول فكرة التصالح العربي ورفض الدخلاء الراغبين في اقتحام المكان جعلنا نتوصّل نحن فريق الإخراج مع جهة الإنتاج إلى مشاركة فنانين عرب إلى جانب الأردنيين وإجمالا كانت مستويات الأداء متفاوتة ولابد من الإشادة بتميز الكويتي عبد العزيز حداد في تجسيد شخصية قصاص الأثر “حنتوش” وكذلك أحمد العمري في دور “عكاش” ومع الاعتزاز بالنجوم نبيل المشيني وعبير عيسى ومحمد العبّادي وحضور محمد الإبراهيمي لم تبرز اجتهادات كبيرة منهم لأن مساحاتهم المتاحة كانت محدودة وشبه عادية حسب السيناريو .

·         لدينا معلومات أن جهة الإنتاج هي التي حددت جميع الخليجيين وأنت وجدتهم أمامك بلا اختيار فما تعقيبك؟

أحضرهم المنتج فعلاً ولكن بموافقتي ومن الطبيعي طرحه الشخصيات بما يناسب عمله وآلية تسويقه ومكان عرضه فضائياً .

·         هل صحيح أن مرح جبر رشحت لدور البطولة “المها” وميساء مغربي حضرت يوماً واحداً فقط قبل أن تؤديه نادية عودة؟

صحيح والترشيح متاح في كل عمل كما أن نادية أتقنت الدور على أفضل وجه أما ميساء فقد غادرت بعد يوم واحد فقط من إنجاز اختبار “الماكياج” والملابس بسبب ظروف مرض والدها وسافرت إلى المغرب مباشرة أما مرح فلا أعرف أسباب عدم الاتفاق بينها وجهة الإنتاج .

·     لوحظ الاستناد إلي أسلوبين متفاوتين سينمائي وتلفزيوني في إنجاز “لقطات” المعارك الأولى فما المبرر؟ ولماذا لجأت إلى مشاهد طويلة على غير عادتك؟

العمل عبارة عن دراما تلفزيونية أساسا ولكن حاولنا استخدام الأسلوب السينمائي وفق “اللقطة” المتحركة في أكثر من “شوت” حسب الحاجة وحول اللجوء إلى مشاهد طويلة فان الشيء الوحيد الذي تحكم بي هو النص .

·         هل ساعدك المخرج والمنتج إياد الخزوز في التصوير وطرح رؤيته؟

إياد الخزوز لم يدخل مواقع التصوير إلا ضيفاً ولم يقحم رؤيته لا في التنفيذ ولا في “المونتاج” ولا في أي شيء ونحن جلسنا منذ البداية واتفقنا على كافة الأمور .

·         من استفاد أكثر: هو من اسمك ونجاحاتك السابقة أم أنت من إمكاناته؟

أعتقد أنه لا يحتاج إلي لأضيف له فهو حاصل على جوائز ولكن من حقه أن يستثمر تجاربي و”المرقاب” عموما كعمل استفاد من اسمي .

·         هل تكرر التعاون معه وما شروطك؟

هناك اتفاق مبدئي حول فكرة مسلسل جديد ولا مانع من تكرار التعاون معه ضمن مطالب وليست شروطاً منها تعديل أجري رغم حصولي ما حددت كاملا هذه المرة وضرورة توفير كافة ما يحتاجه العمل مثل أماكن التصوير حيث استبدلت وألغيت بعضها بسبب ضيق الوقت الذي أدعو إلى منحه بشكل أوسع.

·     انتقد المؤلف جبريل الشيخ إضافة خصلة من الخرز إلى شعر رأس “شكسار” الذي جسّده منذر رياحنة وعدم ظهوره وحشياً قاسياً كما كتب فما ردك؟

هذه العادة متبعة في البادية خصوصا أن “شكسار” يعيش في “المضارب” ولا تربطه علاقة ولا حضارة مع أحد ما يمنح حرية للشخصية في شكلها ولي رؤيتي الخاصة في ذلك لاسيما أنني أردت توضيح درجة الهمجية وعدم انتماء تلك الفئة لأي طرف . وفي المقابل يجب عدم تجاهل جوانب إنسانية مهما كانت درجة القسوة ثم هل سأل الكاتب نفسه كيف يحب الشاب الوحشي بعاطفة وأحاسيس حسب بناء أحداث لاحقة للنص؟ . . أعتقد أنه من واجبي إضافة لمساتي وإيجاد مبررات درامية أراها مناسبة .

·         كيف وجدت عرض المسلسل على شاشة التلفزيون الأردني؟

سعيد جداً بعودة قراءة اسمي على “تترات” يعرضها التلفزيون الأردني وهذه نقطة تحسب لإياد الخزوز ولكن لا أزال عند موقفي بأن شاشتنا الرسمية لم ترتق إلى المنافسة عربياً وخطواتها قاصرة في هذا الاتجاه .

·         هل أضاف لك العمل كثيراً؟ وهل أخرجك من هزيمة “عطر النار” كما أملت سابقا؟

أضاف لي هذا العمل تجربة جديدة وأخرجني من هزيمة عدم عرض “عطر النار” بصورة مرضية وشعرت أنني موجود على الساحة على الأقل سواء أبدعت أم لا وسأنطلق إلى الأفضل .

الخلجي الإماراتية في

23/10/2010

 

صحفيون وأطباء علي الشاشة وأهل ماسبيرو »خارج الخدمة«

تحقيق: محمد سلطان  

مهنة المذيع أو المذيعة أصبحت مجرد خانة في الرقم القومي.. بعد أن تراجع أصحاب المهنة واحتل مقاعدهم أمام الشاشة وفي الفضائيات فنانون ورياضيون ومطربون وأطباء وصحفيون.. تحولوا بقدرة قادر الي مذيعين ومذيعات للعديد من البرامج.. بينما تواري أصحاب المهنة ولم يعد لهم مكان علي الشاشة الا في الوقت الضائع.. هذه الظاهرة بدأت علي استحياء داخل التليفزيون منذ 5 أعوام ولكنها استفحلت وانتشرت وأصبحت واقعا.. ولكن ماذا عن تقييمها والنتائج التي ترتبت عليها وأثرها علي أصحاب المهنة.. تساؤلات يجيب عنها هذا التحقيق:

كانت البداية مع عدد من المذيعين والمذيعات بالتليفزيون، أكدوا علي عدم نشر أسمائهم حرصا علي عدم اغضاب مرؤسيهم حيث اتفقت آراؤهم علي أن هذه الظاهرة تسببت في (دفنهم أحياء) وقلصت فرصهم في الحصول علي برامج متميزة وأصبح أقصي طموحاتهم هو الحفاظ علي البرنامج (اليتيم) المتاح لهم ان وجد!

وأشارت احدي المذيعات الي أن بعض قيادات ماسبيرو تتعامل مع (المذيع الموظف) وكأنه سبة رغم انتقائنا في البداية بعد اجتياز الاختبارات والحصول علي دورات تدريبية حول كل ما يخص العمل الاعلامي.

كما اتفقت الآراء علي ان هذا الغزو من الخارج بدأ قبل (5) سنوات كانت بالنسبة لهم سنوات عجاف وبعد أن كان نصيب المذيع أو المذيعة (3) أو (4) برامج فقل العدد وأصبحت الاذاعة في أوقات عرض اما صباحا أو فجرا.. ولكن بعض الآراء اتسمت بالموضوعية، حيث أكد أصحابها علي أهمية وجود عناصر من الخارج ولكن دون ان تجور علي حقوقهم وفرصهم ولا يمانعون من وجود فرز وفلتره بحيث لا يبقي الا من يصلح لهذه المهنة.

وذكرت احدي المذيعات انها بعد (20) عاما من العمل لا يتجاوز راتبها الألف جنيه ومثلها نظير تقديمها لبرنامج اسبوعي، وأضافت بأنها لا تري في بعض من يتم الاستعانة بهم من هن أفضل من مذيعات  التليفزيون حيث الشكل أو الصوت أو السن أو الكفاءة والقدرات وتساءلت عن معايير انتقاء مقدمي البرامج من خارج المبني وهل هي نفس المعايير التي تنطبق علي المعايير علي المذيعين والمذيعات بالتليفزيون؟!

وعن هذه الظاهرة قالت الاعلامية تهاني حلاوة: ان لقب اعلامي أصبح يطلق علي الجميع سواء كان له صلة بالاعلام أم لا ويتناسي الجميع ان الاعلام دراسة تستمر وتتواصل بعد التخرج  في الجامعة مع الدورات التدريبية حتي يصبح الاعلامي جاهزا لنطق لغة عربية سليمة ويدرك ضوابط الكاميرا والميكروفون.

وأضافت ان الظاهرة بدأت باتساع في القنوات الخاصة ثم امتدت الي التليفزيون وهو ما جعل كليات الاعلام بلا فائدة وأكدت بأن المؤسسات الاعلامية رسمية كانت أو خاصة مطالبة بضخ دماء جديدة من وقت لآخر.. مع أهمية القيام بعملية "غربلة" للابقاء علي العناصرة الجيدة واستبعاد الردئ.

ومن جانبها أكدت د.مني الحديدي الخبيرة الاعلامية وأستاذ الاعلام ان هذه الظاهرة موجودة في التليفزيون بصورة أكبر من الراديو حيث ان الباب الاعلام التلفزيوني مفتوحا علي مصراعيه دون قيود أو معايير خاصة أمام لاعبي الكرة المعتزلين والممثلين الذين انحصرت عنهم الأضواء والذين يجدون في البرامج فرصة للكسب والظهور.

وأضافت بأنها تعتقد بأن الصحفي يمكن ان يكون مقدم برنامج ناجحا بشرط ان يملك المهارات فليس كل صحفي متميز (بقلمه) مذيعا ناجحا وأكدت بأن التليفزيون عمره جاوز ال(50) عاما ومن العيب ألا يفرز مذيعين جددا وما يحدث الآن نوع من (الانيميا).

وأكدت بأن ما يحدث من اهدار لحقوق المذيعين يرجع إلي عدم وجور نقابة للاعلاميين خاصة مع وجود التفاوت الرهيب بين أجور المذيعين ومقدمي البرامج من خارج المهنة الذين يتقاضون أجورا كبيرة ونسبة من الاعلانات.

وأشارت الي ان دور المؤسسة الاعلامية الرسمية يجب الا يقتصر عند اقامة المسابقات لاختيار مذيعين جدد بل عليه اكتشاف المواهب الجديدة بين خريجي كليات الاعلام سنويا.

وتقول الاعلامية سهير الإتربي رئيس التليفزيون الاسبق: اذا كان هناك مذيع متميز ودارس موضوعه بصورة جيدة فهو أفضل أما اذا كان المذيع يقدم برامج (تافهة) فلا داع لوجوده واذا تساوت المهارات والقدرات، فالأولوية يجب أن تكون للمذيع المعتمد والا فلا مانع من الاستعانة بالمتخصصين في مختلف المجالات بشرط حصولهم علي التدريب اللازم. وتضيف ان مسابقات المذيعين الجدد انحصرت في الفترة الأخيرة لأن الفرصة أصبحت شبه معدومة، وأوضحت ان فترة توليها مسئولية رئاسة التليفزيون كانت المنافسة محسومة للتليفزيون وكانت صناعة المذيع النجم أسهل أما الآن فالكل يبحث عن المتميز سواء كان مذيعا أو من أصحاب المهن الأخري بحثا عن المشاهد.

وضعنا هذه الآراء أمام نادية حليم رئيس التليفزيون التي أكدت في البداية ان تواجد النجوم والرياضيين في البرامج ليست ظاهرة جديدة بل ان التليفزيون في بداياته كان يعرض علي شاشته برامج لميرفت أمين وحسين رياض الي جانب مؤلفين وأدباء ورياضيين كبار والقائمة طويلة وهذا أمر لا يخص الاعلام المصري فحسب بل موجود في كل دول العالم، وأضافت بأن المذيع الجيد داخل التليفزيون يفرض نفسه ويتم الاعتماد عليه مادام يحقق كسبا للشاشة، وأشارت الي ان التليفزيون بمثابة مرآة للمجتمع ويجب ان تمثل فيه كل الفئات الثقافية وأكدت بأن البرامج علي قنوات قطاع التليفزيون الأولي والثانية والفضائية التي تقدمها عناصر من خارج المبني قليلة بالمقارنة بعدد برامج المذيعين.. أما التعامل مع برامج النجوم فيأتي كالفاكهة علي مائدة الطعام وليس من المقبول ان يستعين التلفزيون بعناصر من الخارج، بينما يجلس مذيعوه في البيت والدليل علي ذلك ان الجميع يعمل ولا يوجد مذيع أو مذيعة بلا برنامج. وأضافت بأن التليفزيون يحرص من وقت لآخر علي وجود وجوه جديدة بعد تدريبهم وثقلهم.

واختتمت حديثها بأن ظهور الوافدين من الخارج علي شاشة التليفزيون كمقدمين برامج يأتي بعد تقييم وموافقة من اللجان المعنية ومنهم من يتم اجازته ومنهم من يتم رفضه!

الأخبار المصرية في

23/10/2010

 

سقوط الخلافة: تعاطف مع الخلافة أم تآمر عليها؟

بقلم: أحمد القصص 

المسلسل أنصف السلطان عبد الحميد بعكس الأعمال الأخرى، ولكنه قوّض فكرة الخلافة الضرورية في الإسلام.

عندما قرأنا في الصحف منذ شهور خبراً عن التحضير لمسلسل بعنوان "سقوط الخلافة" يتناول "ما جرى من محاولات استعمارية لإسقاط الحكم الإسلامي وتقويض مشروع وحدة المسلمين وإشغال الإمبراطورية العثمانية بمسائل أدت إلى الانشقاقات وإضعاف الدولة وتمزيق الدولة الإسلامية وتحويلها إلى أجزاء واحتلالها" استبشرنا خيراً، على الرغم من إدراكنا أن هذا المسلسل أتى في سياق موسم سياسي تعطى فيه حكومة العدالة والتنمية التركية دوراً مهماً ومتعدد الوجوه في المنطقة.

وعلى الرغم من ذلك رأينا في مثل هذه الفكرة بادرة جيدة، إذ لطالما دأبت المسلسلات العربية -كما الأفلام والكتب والمقالات والمسرحيات على تصوير السلطنة العثمانية إمبراطورية استعمارية احتلت بلاد العرب وأذلتهم وسامتهم سوء العذاب والذل والمهانة، ولطالما صُورت السلطنة العثمانية دولةً متخلفة تعيث في الأرض ظلماً وفساداً، على الرغم من الدور العظيم الذي لعبته هذه الدولة العريقة التي عمرت ستة قرون من الزمان، ولاسيما في القرنين اللذين تليا انتقال الخلافة إلى السلاطين العثمانيين ابتداء من السلطان سليم الأول عام 925هـ 1518م.

ولعل أبرز المسلسلات مثالاً على ذلك التوجه كان مسلسل "اخوة التراب" الذي عرض منذ عدة سنوات ودأب على تشويه صورة السلطنة العثمانية من خلال التركيز على السنوات القليلة التي تولى حكم السلطنة خلالها حزب الاتحاد والترقي ذو العنصرية القومية الطورانية. فالسلطنة العثمانية التي تحولت إلى دولة الخلافة وبقيت تحمل هذه الصفة أربعة قرون لا تُعرِّفها الأقلام والأفلام القومية العربية إلا من خلال السنوات العشر التي تولى فيها الاتحاديون الحكم ومارسوا فيهاً أشكالاً من التمييز العنصري ضد العرب، أعني السنوات الممتدة من سنة 1908 إلى سنة 1918، ولاسيما ما قام به الوالي الاتحادي جمال باشا خلال الحرب العالمية الأولى.

فكان مما امتاز به هذا المسلسل الجديد (سقوط الخلافة) أنه عاد إلى الوراء عشرات السنين، إذ تبدأ أحداثه في السبعينيات من القرن التاسع عشر، مركزاً على عهد الخليفة الذي بذل ما يملك من جهد وطاقة للحفاظ على دولة الخلافة في مواجهة المتربصين بها من الدول الكبرى والماسونيين واليهود وغيرهم، أعني به السلطان عبد الحميد الثاني.

وحسناً فعل أصحاب المسلسل إذ أنصفوا هذا السلطان المفترى عليه والذي دأب أعداء الخلافة على تصويره سلطاناً ماجناً مستبداً، فلقبوه بالسلطان الأحمر والدكتاتور، على الرغم مما عُرف به من التقوى والصلاح والحرص على قضايا المسلمين ومصالحهم، ولاسيما حرصه على فلسطين وحمايتها من مؤامرات اليهود وأنصارهم من دول أوروبا.

وعلى الرغم من تحفظنا على تعبير "سقوط الخلافة" -إذ إن الخلافة لم تسقط وإنما هدمت بعد دهور من الكيد بها والتآمر عليها- إلا أن مجرد عرض مسلسل متعاطف مع دولة الخلافة في تلك الحقبة شكل حدثاً نوعياً لطالما افتقده المشاهدون, ولاسيما في عصر صُوِّر فيه العاملون لإعادة الخلافة مجرد حالمين أو متطرفين أو غلاة، وشنت عليه الحملات الدعائية والأمنية بكافة أشكالها.

هذا هو الانطباع الذي تركه في أذهاننا الخبر عن المسلسل قبل عرضه. واحتفظنا بهذا الانطباع عند متابعة معظم حلقاته، إلى أن بدأت الحلقات الأخيرة تطل علينا بمشاهد وحوارات ومواقف "افتراضية" لا تمت إلى الحقيقة والتاريخ بصلة. بل كان من الواضح أنها أتت غير متّسقة مع أحداث المسلسل وتوجهه، بل بدت نشازاً غير منطقي وغير مفهوم.

وكان أبرز ذلك النشاز كلام مُقحم وضع على لسان شيخ الطريقة القادرية الذي قدمه المسلسل على أنه الرجل الذي ينطق بالحكمة وأحكام الشرع. أعني بذلك ما وضع على لسانه في الحلقة السابعة والعشرين خلال حوار جرى بينه وبين نجل السلطان عبد العزيز الذي كان يخبره عن تآمر جمعية "تركيا الفتاة" على الخلافة للقضاء عليها. فإذا به ينطق بعبارات ومفاهيم لم يعرفها حَمَلة الثقافة الإسلامية آنذاك ولاسيما الفقهاء وعلماء الشريعة بشتى اتجاهاتهم. إذ يرد عليه قائلاً "دعني أصارحك القول يا ولدي، رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف أحدا من بعده ولو أراد لفعل، ومعنى هذا أنه لا خلافة في الإسلام إن كانت هذه هي المشكلة يا ولدي".

إن أول تساؤل خطر في ذهني عند متابعتي لهذا المشهد الدخيل على التاريخ والمنطق والذي بدا مقحماً في المسلسل بشكل فج ومبتذل: هل هذا المشهد هو إشارة المرور التي سمحت بعرض المسلسل على الأقنية الفضائية والتي تكاد تكون جميعها ممثِّلة لنظام من الأنظمة العربية العلمانية؟ وهل إلباس هذا المفهوم لشخصية هي أبرأ ما تكون منه هو صك البراءة من تهمة الترويج لدولة الخلافة التي باتت أمل الأمة الإسلامية من أقصاها إلى أقصاها؟

إنه بلا شك تصريح بأن إنتاج مسلسل يتعاطف مع أحد سلاطين بني عثمان لا يعني البتة أنه متعاطف مع قضية دولة الخلافة. والتالي فإن المسلسل الذي عول عليه الكثير ليكون نصرة جديدة لدولة الخلافة أثبت أنه حلقة جديدة في مسلسل الانقضاض عليها فكرياً وإعلامياً.

وهنا يبرز السؤال التالي: إذا كان المسلسل بهذا المشهد وغيره من التلميحات الأخرى قد تبرّأ من شبهة نصرة الخلافة، فماذا بقي له من مغزى؟ الجواب هو أنه لم يبق من مغزى له سوى مزيد من الترويج للموسم الجديد كما قدمنا في البداية، ألا وهو الترويج لنموذج حكومة العدالة والتنمية والدور الذي تلعبه في المنطقة، والعبارات التي خُتم بها المسلسل والتي توحي بأن من يتولون السلطة في تركيا حالياً -والذين وصفهم البعض وهماً أو ظلماً بالعثمانيين الجدد- يحملون همّ فلسطين كما حملها من قبلهم السلطان عبد الحميد الثاني. وشتان بينه وبين هؤلاء الذين وصلت العلاقة بين تركيا وإسرائيل ذروتها في عهدهم.

ليس كاتب هذه السطور ناقداً فنياً، وإنما ناشط في حزب جعل قضيته المصيرية استئناف الحياة الإسلامية من طريق إقامة دولة الخلافة، لذلك كان من الطبيعي أن يستفزه ذلك المشهد الفج الذي ينسف فكرة تطبيق الشريعة من أصلها ويجعل الخلافة العثمانية وما سبقها من عهود الخلافة مجرد دول عبرت التاريخ ولا تستند إلى أساس حقيقي من الإسلام إذ "لا خلافة في الإسلام" كما زعم كاتب المسلسل أو من أوعز له بإدراج هذا المشهد، وأن القضية ليست الخلافة وإنما هي الإسلام نفسه.

والسؤال البديهي الذي يوجه لصاحب هذه الدسيسة التاريخية: وهل كان لأي نظام - سواء الإسلام أو غيره – أي وجود في الحياة والمجتمع والدولة دون كيانه التنفيذي أي دولته التي تجعله شاخصاً على أرض الواقع؟ وهل هناك كيد بالإسلام أعظم من أن تهدم دولته التي تجعله حياً يرعى شؤون الناس ويصوغ طريقة عيشهم؟

ويكفينا ردا على هؤلاء في هذه العجالة حديث رسول الله الذي لا خلاف على صحته إذ رواه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما "كَانَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ تَسُوسُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ كُلَّمَا هَلَكَ نَبِيٌّ خَلَفَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي وَسَيَكُونُ خُلَفَاءُ فَيَكْثُرُونَ قَالُوا فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ فُوا بِبَيْعَةِ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ أَعْطُوهُمْ حَقَّهُمْ فَإِنَّ اللهَ سَائِلُهُمْ عَمَّا اسْتَرْعَاهُمْ".

هذا هو تعليقي على أخطر فكرة احتواها المسلسل، علماً بأن ثمة العديد من الملاحظات التاريخية عليه، ولاسيما أن التاريخ كان من ضمن ما تخصصت به في دراساتي الأكاديمية، ولولا خشية الإطالة لتحدثت على التحول المفاجئ في صورة الأفغاني ومحمد عبده من متهمين بالماسونية والتآمر على دولة الخلافة إلى نموذجين لإصلاحها والحرص عليها ومن تشويه لصورة الشيخ أبي الهدى الصيادي الذي صوّره المسلسل رجلاً خسيساً مخادعاً ودجالاً.

إلا أن الملاحظة الأخيرة التي لن أفوّتها هي أن المسلسل لم يكن وفياً لعنوانه، إذ انتظرنا الأحداث التي هدمت معها الخلافة كلياً على يد ألدّ أعداء الإسلام والخلافة مصطفى كمال سنة 1924م، فإذا بأحداث المسلسل تنتهي بعزل السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1909، أي قبل الفاجعة الكبرى بخمس عشرة سنة تَعاقَب على منصب الخلافة خلالها ثلاثة خلفاء هم خاتمة سلسلة خلفاء المسلمين على الرغم من كونهم مجرد رموز ليس لإرادتهم أي دور في صنع قرارات دولة الخلافة بعد استيلاء الاتحاديين عليها. أليست في هذا البتر تعمية عن الجاني الأكبر في هذه الجريمة؟

أعني مصطفى كمال الذي لقب نفسه ولقب أتباعه زوراً وبهتاناً بـ"أتاتورك"، أي أبي الأتراك، وهل وراء هذا التغاضي والتجاهل عن الجناية العظمى تحاشٍ لإغضاب الكماليين الذين لم ينته دورهم حتى الآن في مواجهة الإسلام من حيث نظام سياسي ومشروع حضارة؟

أحمد القصص - رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير في لبنان

ميدل إيست أنلاين في

22/10/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)