حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

وفاء عامر:

(كف القمر) لن يعيدني إلى الإغراء

القاهرة ـ دار الإعلام العربية

وفاء عامر ممثلة اتخذت من الإغراء في بداية مشوارها الفني بوابة للشهرة قبل أن تعلن قبل عامين مقاطعة هذه الأدوار من أجل التركيز في أعمال تضيف لرصيدها الفني لا تنتقص منه على حد تعبيرها، ومع براعتها في تقديم عدد من الشخصيات كالملكة نازلي وغيرها أشادت الصحافة الفنية بموهبتها قبل أن تعود للهجوم عليها عقب موافقتها على بطولة فيلم »كف القمر« اعتقادا منها بعودتها للإغراء.

وهو ما نفته وفاء في حوارها ل»الحواس الخمس«، كما تطرقت لقصتها مع تحية كاريوكا والتي تجسد دورها على الشاشة®. تفاصيل أكثر في هذا الحوار®.

·         ما حقيقة عودتك لأدوار الإغراء مع خالد يوسف في فيلمه »كف القمر«؟

يعرف الكثيرون أنني منذ شاركت خالد يوسف في فيلم »حين ميسرة« وقد ابتعدت تماماً عن أي دور يتخلله إغراء، وأعلنت ذلك على الملأ بأنني لن أعود إلى مثل تلك الأدوار، لكن فوجئت بعد موافقتي على فيلم »كف القمر« بسيل من الهجوم المتكرر من بعض وسائل الإعلام التي ادعت بأنني أقدم مشاهد ساخنة في »كف القمر«، فيما يشبه الهجوم المتعمد دون دليل.

·         معنى ذلك أنك مازالت متمسكة بقرارك السابق بمقاطعة أدوار الإغراء؟

بالطبع، ولن أتراجع عن قراري مهما كانت الأسباب علما بأن جميع المخرجين والمنتجين يعرفون ذلك جيداً ما دعا خالد يوسف لترشيحي إلى دور لا يحتوي على إغراء أو إثارة.

مفاجأة فنية

·         قلت أكثر من مرة إن دورك في الفيلم مفاجأة لجمهورك فهل هذا وسيلة للترويج للفيلم؟

لا أعتمد على هذه الطريقة للترويج لأي عمل فني أشارك فيه كما أن أفلام خالد يوسف لا تحتاج إلى دعاية؛ لأنه من المخرجين المتألقين والذين يمتلكون أدواتهم جيداً والدور الذي أعتبره مفاجأة للجميع أنني أجسد لأول مرة دور امرأة كبيرة في السن مسؤولة عن أسرة مكونة من 5 افراد هم خالد يوسف وهيثم زكي وحسن الرداد وحسن حرب ووجدي فواز، وهذا الدور أخوضه لأول مرة في حياتي حيث يبدأ الدور من سن الخامسة والثلاثين ويمتد إلى الثمانين من عمري.

·         لكن هذا الدور كانت مرشحة له الفنانة سهير المرشدي وابنتها حنان مطاوع؟

لم أعرف أي تفاصيل عن الترشيحات السابقة، وما حدث أنني فوجئت باتصال من المخرج خالد يوسف أثناء تواجدي في الساحل الشمالي وطلب مني الحضور إلى القاهرة لتوقيع عقد فيلم جديد سيكون له أهمية كبيرة في مشواري الفني.

وسيترك بصمة واضحة فوافقت على الفور وعلمت أثناء الإعداد للفيلم أنه كان معروضا على الفنانة القديرة سهير المرشدي فاتصلت بها وأوضحت لها أن خالد يوسف أسند إلي الدور فقالت لي: إنها بادرت بالاعتذار لظروف خارجة عن إرادتها وأنا لا أحب أن يحمل أحد ضغائن أو يكون في نفسه شيء.

·         إذا كنت تتحدثين عن الضغائن، فأنت طرف في حرب شرسة مع فنانة أخرى ومجموعة من الراقصات بسبب مسلسل »تحية كاريوكا«.

هذا حقيقي وأدعو الله أن تهدأ تلك العاصفة التي بدأت منذ شهرين تقريباً ولم تهدأ حتى هذه اللحظة، بالرغم من إسناد الدور إلي بناء على طلب عائلتها بعد محاولات مضنية للحصول على موافقتهم على تجسيد قصة حياتها وكفاحها من أجل فنها والحمد لله استطعت الحصول على موافقتهم.

مناوشات فنية

·         لكن البعض يردد الآن بأنك خطفت الدور من فيفي عبده التي أعلنت منذ عامين عن تجسيدها لنفس الشخصية.

لم أخطف الدور من أحد فقد اتصلت بي شركة الإنتاج وعرضت علي السيناريو وطلبت مني التوسط لدى عائلتها للحصول على الموافقة وعلى مدى شهر ونصف تقريباً ونحن في مناوشات وشد وجذب حتى وفقني الله للحصول على الموافقة.

·         وما رأيك فيما تردده الفنانة رجاء الجداوي ابنة شقيقتها معلنة أن العائلة لم توافق حتى الآن على تصوير المسلسل؟

الاتصالات والمقابلات التي أجريتها في الفترة السابقة لم تكن مع رجاء الجداوي لكن مع الورثة الأصليين، وقد فوجئت رجاء بأن الخبر موجود بالصحف مما أثار حفيظتها؛ لأنها لم تكن في الصورة حيث هددتني بملاحقتي قضائياً بالرغم من أنني لست طرفاً في نزاع، لكن الشركة المنتجة هي المسؤولة عن ذلك ومن يتم ملاحقته هو المنتج والمؤلف والمخرج وليس الممثل.

·         وما سبب إصرارك على هذا الدور بالذات؟

هذا الدور يمثل لي نقلة فنية كبيرة كنت أنتظرها منذ فترة طويلة حتى جاءت لي الفرصة، وفوق كل هذا وذاك فأنا أعشق »تحية كاريوكا« وأعتبرها امرأة ذات تاريخ مهم وعلى قدر المسؤولية بالإضافة إلى كونها واضحة ولا تفعل شيئاً في الخفاء ولم تدنس تاريخها الفني بل قدمت فناً حقيقياً قادراً على أن يعيش بيننا سنوات طويلة، أما فيما يتعلق بكثرة زيجاتها فهذا لا يعيبها ولا ينتقص من قدرها.

أنا ونادية الجندي

·         لكن تردد أن نادية الجندي هي الأخرى دخلت حلبة الصراع على السيناريو وليست الراقصات فقط مثل لوسي وفيفي عبده.

علمت أن لوسي وفيفي عبده ودينا يحاولن اقتناص الدور لكن لم يحدث ذلك مع نادية الجندي وقد مللت من كثرة وضعي في صراع مباشر كل يوم مع نادية الجندي؛ فأنا لا أنافسها ولا يصح أن أنافسها؛ لأن تاريخها الفني طويل وأتمنى الوصول إلى نصفها فقط.

·         لكن أحداث المسلسل سوف تبدأ منذ كانت تحية في السادسة عشرة مما يضعك في ورطة.

بالعكس وجهي يصلح لكي يجسد شخصية طفلة في العاشرة وليس في السادسة عشرة، حيث من المقرر أن نبدأ في سرد حياتها منذ قدومها من الإسماعيلية حافية القدمين وصولاً لعملها كراقصة شرقية مع إلقاء الضوء على الظروف الصعبة التي مرت بها، ويتناول العمل الجوانب الإنسانية من حياتها واتجاهها لأعمال الخير وتعدد الأزواج الذين وصلوا إلى 31 زوجاً بجانب الرجال الذين لهم بصمات في حياتها مثل نجيب الريحاني ورشدي أباظة وسليمان نجيب.

·         بعيداً عن »كاريوكا« مازال البعض يردد أنك وراء هجوم النقاد على »ملكة في المنفى«.

لم أشاهد المسلسل من الأصل حتى أهاجمه، والأهم من ذلك أنني لا أستطيع مهاجمة عمل يحمل اسم الفنانة نادية الجندي؛ لأنها كما قلت صاحبة تاريخ كبير وطويل.

·         لكن ناقدا شهيرا هاجم المسلسل بالفعل وقارن على الهواء في أحد البرامج بين أدائك لشخصية »نازلي« وأداء نادية الجندي.

كما قلت لست مسؤولة عما يقوله أي ناقد، فأنا فنانة فقط أنتظر رد فعل الجمهور وآراء النقاد وهذه رؤية ناقد كبير وله رأي هام ومؤثر في أي عمل فني ولا أستطيع أن أحجر عليه أبداً.

·         لكنك صرحت بأنك تشفقين على نادية الجندي من هذا الدور.

هذا صحيح؛ لأنه دور صعب للغاية وأصعب من الدور الذي قمت به منذ 3 سنوات لنفس الشخصية حيث يحتاج إلى مجهود كبير لتوصيل معاناتها للناس كامرأة وأم وقد قدمت هذه الشخصية بكل تفاصيلها وتعبت جداً؛ لذلك أشفق على أي فنانة تقدم نفس الدور.

·         احتكارحتى الآن لم تجيبي عن أسباب رفضك العمل مع زوجك في »بره الدنيا«.

انسحابي من المسلسل كان خارجاً عن إرادتي؛ لأنني كنت أمر بظرف عائلي صعب للغاية جعلني متفرغة خلال تلك الفترة لذلك فضلت عدم الارتباط بأي عمل فني خلال تلك المرحلة، كما أن رفضي للعمل مع زوجي المنتج محمد فوزي كلام غير دقيق بالمرة؛ لأنه إنسان وزوج مثالي قبل أن يكون منتجا وأنا أسعد كثيراً بالعمل معه وهو يعاملني مثل أي فنانة أخرى.

·         وما رأيك فيما يقال إنه يحتكرك فنياً؟

لو عملت معه ستخرج أقلام تؤكد أنه يحتكرني فنياً ولو عملت مع مخرج آخر ستقول نفس الكلام أنني أرفض العمل معه وأرغب في العمل بعيداً عنه؛ لأنه لا يمنحني مقابلا ماديا يليق باسمي ومكانتي، وفي النهاية كلها اتهامات باطلة لأن زوجي ترك لي حرية الاختيار في العمل سواء معه أو مع منتج آخر.

·         وهل أغضبك خروج »الدالي« من العرض الرمضاني؟

بصراحة أنا سعيدة بخروجه بعد أن وجدت أن دراما رمضان بها تخمة شديدة ولا يستطيع أي مشاهد أن يتابع 5 أعمال كل يوم؛ لذلك انتابني شعور جميل بعدما علمت أن المسلسل سيعرض بعد عيد الأضحى حيث سيضمن له تحقيق مشاهدة مضاعفة.

البيان الإماراتية في

21/11/2010

 

(العار) يكتب شهادة ميلاد أحمد أبو زيد في التأليف

القاهرة : دار الإعلام العربية 

يعتبر واحدا من الكتاب الشباب الذين نجحوا في كتابة شهادة ميلادهم خلال شهر رمضان من هذا العام، بعدما أعاد إلينا قصة رائعة كتبها والده محمود أبو زيد في بداية الثمانيات بفيلمه الشهير »العار«، ليقدمها الابن في ثوب درامي جذب به أنظار العالم العربي®.

إنه المؤلف أحمد أبو زيد الذي عشنا معه بين سطور أوراق مسلسله »العار« الصراع بين الحلال والحرام®. الحواس الخمس التقى أبو زيد الابن وهذا نص الحوار. وعن توقعاته لتجربته الدرامية الأولى »العار« يقول ابو زيد: لم أكن أتوقع كل هذا النجاح، ولكنني كنت أحاول أثناء كتابتي لورق المسلسل أن أقدم عملا مختلفا ومتميزا وأن أعتبر نفسي من المشاهدين ولست من الوسط الفني، فقد حرصت خلال الكتابة على إلقاء الضوء على أن معظم الناس أصبحت تفكر فقط في جمع المال بأي طريقة حتى ولو كانت هذه الطرق غير مشروعة، وهي مشكلة خطيرة أصابت مجتمعاتنا خلال السنوات الأخيرة، وقد كان التجاوب كبيرا من الجمهور، نظرا لأن أحداث العمل كلها من قلب الواقع .

وحول اختيار الموضوع من قبل شركة الانتاج يوضح قائلا:لم أختر الموضوع ولكن شركة إنتاج المسلسل هي التي جاءت لوالدي وطالبت بحقها في عرض العمل وتحويله إلى عمل درامي؛ ليتم عرضه خلال شهر رمضان، ولكن والدي لم يفضل إعادة تقديم عمل قدمه لكنني وجدت في المقابل أنها بداية متميزة لي أستطيع من خلالها أن أقدم قدراتي الفنية والإبداعية.

وبالفعل أخذت الفكرة وقررت أن أبدأ من حيث انتهى الفيلم من نقطة أخذ الأشقاء الثلاثة للمال الحرام مع تقديم صورة لمستقبل الشخص الذي يستحل الاستمتاع بمال حرام، كما أضفت أيضاً شخصيات إلى العمل لم تكن موجودة بالفيلم، ووظفتها بشكل جعلها شخصيات محورية مثل شخصية »نديم« فقد كان السبب في الصفقة التي أطاحت بكل أبطال العمل.

لا للجزء الثاني

وحول الاتهامات التي وجهت المسلسل بأنه صورة أخرى من الفيلم يقول :هذه الاتهامات رددها البعض قبل عرض المسلسل، لكن أصحابها تراجعوا عنها بعد عرض العمل، فقد كان عندي بيانات هامة لأبطال العمل أخذتها من الفيلم وصنعت منها توليفة درامية مناسبة للحاضر الذي نعيش فيه.

وجمعت فيها مشاكل عصرنا الحالي؛ لأن الفيلم عرض عام 28، بينما أحداث وقضايا مسلسل »العار« مواكبة لكل مشاكل عصرنا الحالي، والحمد لله أن المشاهد انفعل جداً مع المسلسل، واكتشف أنه مختلف تماماً عن الفيلم وهذا في حد ذاته نجاح.

ويوضح بان أحداث العمل لا تسمح بتقديم جزء ثان، ولو أن الموضوع الذي تناوله العمل كان يستدعي تقديم جزء ثان لفعلنا، ولكن المسالة أن الجمهور في حقيقة الأمر عاش مع كل شخصيات العمل وأحب تفاصيل العمل، ولهذا يريد أن يعيش مع كل أبطاله فترة أخرى على غرار الدراما التركية التي تخطت عدد حلقاتها 002 حلقة.

مسلسل تامر حسنيوعن الجديد الذي سيقدمه للجمهور خلال الفترة المقبلة يقول: هناك عملان أحدهما مسلسل للفنان تامر حسني والآخر بعنوان »كيد النسا« للفنانة فيفي عبده والفنانة سمية الخشاب، ولكن لم تكتمل تفاصيل كتاباتي للعملين، ولهذا لن أستطيع أن أخوض في الكلام عنهما إلى أن تكتمل كل تفاصيلهما®.

ولكن كل ما أستطيع أن أقوله أن أفكار العملين قريبة من الجمهور ومن واقع مجتمعنا العربي، انطلاقا من أن المؤلف يجب أن يلقي الضوء على كل سلبيات وقضايا مجتمعه، كما يجب أن تكون هذه القضايا من واقع الشارع العربي ويضعها المؤلف على الشاشة بطريقة إبداعية وأن تكون الجمل الحوارية بين أبطال العمل مليئة بالعمق؛ لأن الجمهور يستشعر صدق الموضوعات التي تقدم له، وكل عمل يقدم موضوعات حية يخلق صدمة عند المشاهد عندما يجد مشاكله مجسدة أمامه بدون أي رتوش.

وعن اتهام لماذا تتجه الدراما إلى إعادة الأعمال القديمة التي حققت جماهيرية كبيرة؛ هل هناك ضعف في النصوص الأدبية يوضح قائلا:هذه المقولة أصبح يرددها الكثيرون ولكنها غير صحيحة؛ لأن تقديم العمل في السينما أو التليفزيون أو الإذاعة يكون حسب رؤية المؤلف، فمع كل عمل يقدم هناك فكر جديد وإضافة جديدة فإلى الآن تقدم قصة »روميو وجولييت« بشكل جديد مع كل عصر.

وليس معنى هذا أن هناك إفلاسا ولكن المهم أن يكون هناك إضافة يقدمها المؤلف مع كل عمل يقدمه، وليس من العيب أن يأخذ المؤلف التيمة والمضمون ويقدم توليفة مختلفة وإضافة جديدة للعمل، لأنه لو لم يكن هناك إضافة فإن هذا يعتبر إفلاسا من المؤلف.

ثنائيات فنية

وحول اختياره للمخرج الذي يعمل معه يقول :اختاره لأننا مشتركان في بناء العمل معاَ فالمؤلف لا يتدخل في اختيار الممثلين؛ لأن هناك حسابات إنتاجية تحسم هذه الاختيارات، ولكن اختيار المخرج من أهم الأشياء التي أحرص عليها؛ لأني أراه كل يوم ودائماً ما يكون هناك حوارات مفتوحة بيني وبينه طوال فترة التصوير.

ولأنه الشخص الوحيد الذي أسمح له بالاطلاع على النص قبل أي شخص في العمل ومن الممكن أن يكون له ملاحظات على الورق، ولهذا يجب أن أختاره بحيث يكون متشابه معي إنسانياً وفكرياً وبنفس وجهة نظري وتكون هناك خطة مدروسة بيني وبينه حتى يخرج العمل في النهاية بالشكل الذي يرضي الجمهور .

البيان الإماراتية في

21/11/2010

 

نغضب من انغلاق الأفق ولا نفتأ نزيده انسداداً

دلال البزري 

يصعب إحصاء الغاضبين الظاهرين على الشاشة: أبطال المسلسلات الدرامية الذين لا يتوقفون عن الصراخ، فيما يفترض بهم انهم «يتحاورن»؛ تتعالى اصواتهم بدأب وعنفوان. الأغاني الوطنية التي تصدح بصوت طروب عن «الغضب الساطع»، فيرقص الشباب على أنغامها وكلماتها. المذيعات، خصوصا مذيعات النشرات الاخبارية، هذه ترفع حاجبيها، وتلك تبرم شفتيها، غضباً من خصوم أصحاب قناتهما ومشاريعهم التآمرية أو عمالتهم مع العدو. الكاتب الذي يعتزّ بتسمية نفسه «غاضباً«، «العربي الغاضب» هو اسم موقعه، هو يكتب بغضب متعمْلق، قلبه وقلمه غاضبَين، كلماته يسيل منها اللعاب، ويعشقه جمهوره من القراء، بسبب انفلات غضبه من عقاله. صاحب الطباع الغاضبة، الذي يترفّع على السكينة ويعتقد انها دليل ضعف، أو شيء من هذا القبيل. العامل في السياسة، المعارض أكثر من غيره، الذي يفيض غضباً وحدّة، المحبّبَين لدى جمهوره؛ والخائبين من هذا المعارض أو ذاك، أو من سياسته، يقولون لك: «ليس غاضباً بما فيه الكفاية!».

الغضب فعل نضالية أكيد. لتبقى على شبابك النضالي، على وثبتك القومية، أو أية وثبة اخرى ماضية، عليك ان تكون غاضباً. وإلا انضممت الى قافلة المبكرين في الهزيمة والاستسلام والخذلان...

خلف هذه الوضعية النضالية الممتازة التي يحتلها الغضب في أذهاننا، الوضعية شبه المقدسة، هناك الصفات الشخصية التي يتمتّع بها الغاضب: لأنه غاضب بالذات، فهو لا يكذب، لا يغش، لا يسرق، لا يستغيب، لا يتزحزح عن غضبه، ولا يرفّه عن نفسه... الا، ربما، بين الأسوار. كأن الغضب نار تطهّر الغاضب من الذنوب والعيوب.

أما الذين يصفّقون للغاضبين، فهم بدورهم غاضبون، يتوسلون غضباً أعلى صوتاً من غضبهم، وأكثر قدرة على بلوغ الجمع. غضب متسام، نبيل، هادر. وعندما يلتقون بأكثرهم قدرة على الغضب، يفرحون، يتغنّون بكاريزماه، يدغْدغهم غضبه، ويضجرون اذا ما حاد عنه قليلاً، معلّقاً او محلّلاً.

هو يعرف متى يكون غاضباً، والجمهور الغاضب يعرف أيضا. وأنتَ لو راقبته، فسوف تلاحظ طلوع الغضب من حنجرته، بتصاعد نغمته وألفاظه؛ فتقول لنفسك: «الآن سوف يتعالى التصفيق الحاد». حقا يتفاعل غضب الجمهور مع غضب صاحب الكاريزما الغاضبة، فيصفق بقوة. ولا يكتفي بذلك، بل يتابع التنفيس عن غضبه برفع قبضاته الصلبة وانزالها ثم رفعها وانزالها في حركة واحدة وصرخة واحدة تقول انها مستعدة ان تموت من أجل هذا الغاضب الممتاز، في سبيلنا وفي سبيل امتنا وعزتنا الخ.

انها حركة دائرية مغلقة. وليست هي الوحيدة من بين بنات جنسها تلك العلاقة التي ينسجها الجمهور الغاضب مع زعيمه الغاضب بامتياز. هو غاضب في السياسة، القائد الأكثر غضباً: وذروة الغضَبين الملتقيين المتفاعلين، غضب القائد الغاضب وغضب جمهوره، هي حالة الافتداء هذه بكلمة واحدة منه، بأمر منه... ما يسهّل فكرة الموت الغاضب في سبيل الزعيم الغاضب. وهكذا ترتوي قافلة الشهداء بمن قدّم روحه لتوسيع دائرة الغضب وترسيخها الى ما لا نهاية. ومن هذا الاستعداد للموت من أجل الذي غضب نيابة عنا، يأتي الاستعداد الطبيعي للقتل. الغاضب كل هذا الغضب، من البديهي ان يحق له قتل عدوه. انها الطريقة الوحيدة للتعامل مع ذلك العدو: القتل. نوع غضبه يحتم ذلك، محو الآخر من الوجود. فوق ذلك، الحق بقتل من يقول بأية علاقة اخرى مع هذا العدو. القتل هو دوغما الغاضبين والمحرّضين على الغضب. الموت والقتل.

وعلى الرغم من المصير المأتمي الذي تنطوي عليه ذهنية الغضب هذه، بالرغم من جديته وقداسته، الا انه لا يشكل سوى نوع معيّن من الغضب: انه غضب سطحي، لا يمس الأوتار ولا يسأل عن المعنى الوجودي له، أو الفلسفي، اذا كان مهيئا له؛ ينحصر في السياسي من حياة الجماعة؛ وإن كان للشخصيات الغاضبة وضعية بعينها.

وهو فوق ذلك غضب موسمي مبرمَج، له آلته ومنظّموه وأربابه. وطقوسيته مشهدية، فيها مسرح. والمشاهد تمثيل، أي انها مدروسة ومرتّبة. آلة غضب اذن ومشهدية يُبقيان الغضب على السطح، عاجز عن طرح أي سؤال على نفسه، أو عن نفسه.

ولكن الأهم من كل ذلك ان الغاضبين الكاريزماتيين، عتاة الآلة الصانعة للغضب، ليسوا بالضرورة غاضبين صميميين. كواليسهم تضجّ بالحسابات والماكيافيلية والتفكير البارد. انهم نقيض الغضب. والمشهدية التي يضعون غضبهم في اطارها، ديكورها وأغانيها ومسرحياتها... كل هذه العناصر المهيئة للغضب، تحتاج الى إعداد هادىء ومدروس.

وهؤلاء الغاضبون المفتعلون مسؤولون عن تحويل الغضب الى بنية ذهنية ثابتة تذهب بقضاياها نحو الدوران حول نفسها: فنحن نغضب لأننا لا نملك افقا غير ذاك الذي امامنا: الأفق المسدود. ولكن عندما نغضب نجد انفسنا امام أفق مسدود آخر، بل نترحّم على الافق السابق، الأقل إنسداداً. فيزيد غضبنا، لنصل الى أفق ثالث أكثر إنغلاقاً من الأول والثاني. فيرتفع منسوب الغضب.... وهكذا الى ان يصبح الغضب هو المشكلة. هو الذي يحدّ من طاقاتنا الفكرية وقدرات مخيلاتنا، الذاهبة كلها نحو التعبئة على الغضب، على تصعيده وتحويل حياتنا الى ما يشبه العيش في مستشفى المجانين.

ولكن متى نصل الى هذه الدرجة من الوعي لعقم غضبنا؟ متى نتخلص من طفولية غضبنا وصبيانيته؟ ربما عندما نعثر على بصيص أفق ونتجاوز مفارقات غضبنا.

ومن بين هذه المفارقات، ان الغضب لا يستطيع الذهاب الا الى الأفق المسدود. لا يستطيع ان يكون خلّاقا، الا بوجود الأفق امامه، أو بعضه؛ باستنباط الافق، بتخيله. وهذا يتطلب التخلص من غضبنا هذا كمتنج للمعاني السياسية، وإعتناق غضب آخر، له القدرة على التقدم في هذا الافق، بكونه طاقة حياة، لا طاقة خراب. وفي هذه الحالة يكون الغضب رزيناً، عميقاً، بطقوسية ربما، ولكن مختلفة، مفضية الى الخروج من الحلقات المفرغة التي يغذّيها غضبنا الصاخب.

المستقبل اللبنانية في

21/11/2010

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2010)