حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

دراما رمضان التلفزيونية لعام 2013

سير

وحلقات

يومية

في

رمضان

كانت هي وكاريوكا أشهر راقصتين في مصر في الأربعينيات والخمسينيات

سامية جمال نجمة السينما الغنائية والاستعراضية

القاهرة - أحمد الجندي

أشهر قصص الحب والزواج في الوسط الفني

ارتبط اسم سامية جمال بالسينما الاستعراضية والغنائية على مدى ما يقرب من 20 عاماً «منذ منتصف الأربعينيات وحتى منتصف الستينيات» وكونت ثنائيا سينمائيا مع الفنان فريد الأطرش قدم العديد من الأفلام الغنائية والاستعراضية طوال هذه الفترة وكانت قصة الحب التي جمعت بينهما على المستوى الإنساني حديث الجميع ولم تكن خافية على أحد وكان السؤال الأهم لماذا لم يتزوج فريد الأطرش من حبيبته سامية جمال التي تبادله نفس المشاعر وربما أكثر؟ 

وانتشرت اشاعات في حقبة الأربعينيات عن علاقة عابرة لها مع الملك فاروق وأطلق البعض عليها وقتها الراقصة الملكية وكانت سامية بالفعل ومعها تحية كاريوكا هما فرس الرهان في الرقص الشرقي خلال حقبتي الأربعينيات والخمسينيات وكانتا أشهر راقصتين في مصر والعالم العربي وعاشت سامية جمال حياة حافلة بالأحداث على المستوى الفني والإنساني صعدت فيها إلى قمة المجد والشهرة وكانت النهاية حزينة بائسة غير متوقعة ولنبدأ قصتها من أولها صحيح أننا سنركز أكثر على حياتها الخاصة لكن البداية والنشأة ستكون محطتنا الأولى.

ولدت «زينب إبراهيم خليل محفوظ» وهذا هو اسمها الأصلي في محافظة بني سويف بصعيد مصر في 27 مايو 1924 لأسرة محافظة منغلقة مثل الكثير من الأسر والعائلات في الصعيد خلال تلك الفترة في جو خال من الحرية، فوالدها كان يحمل لقب «شيخ» أي رجل دين وكان «الشيخ إبراهيم محفوظ» معروفا عنه الشدة والتدين الشديد ولم تكن سامية تبلغ من العمر 8 سنوات حتى ماتت أمها وتزوج أبيها بعدها وزاد هذا من ضيق مساحة الحرية أمامها أكثر وأكثر حيث لم تسمح زوجة الأب لها ان تكمل تعليمها لأكثر من ذلك واتفق الأب أيضا على ان يتوقف تعليمها إلى هذا الحد وقد بدأت تدخل مرحلة الصبا.. وفي هذه المرحلة بدأ وعيها يتفتح على حب الموسيقي والغناء وبدأت تسمع لأغنيات محمد عبدالوهاب وليلي مراد وبدت متعلقة جدا بهذا الفن بل وبدأت ترقص في حجرتها على موسيقى هذه الأغنيات من جهاز الراديو الذي اشتراها والدها وكان «الراديو» والإذاعة حدثا جديدا في بدايات الثلاثينيات من القرن الماضي.

وعندما وصل عمرها إلى 14 عاما كان جسدها قد نضج بالأنوثة المبكرة الهادرة اضافة إلى ملامح وجهها الجميلة.. وهنا لابد من زواجها مثل عادات الصعيد حيث تتزوج البنت في هذا السن المبكر وربما قبل ذلك أيضاً !! وبدأت ترفض من يتقدمون لخطبتها فهي لم تحلم أو تتمنى هذه الحياة العادية حيث الأزواج والإنجاب والاستمرار في الحياة على هذا النحو.. وما هي إلا أيام وتقدم لها عريس ثري ابن أحد الأعيان وهو مالا يمكن ان يرفضه الأب كزوج لابنته وأيقنت أنها لن تستطيع الرفض مثلما كانت تفعل دائما.. وهذا ما جعلها تتخذ القرار الذي غير مسار حياتها كلها.. بعد ان تلقت صفعة هائلة على وجهها من أبيها عندما قالت له «لا أريد ان أتزوج الآن.. ولا أفكر في الزواج» . 

في الصباح الباكر حملت سامية حقيبة ملابسها ومبلغ ثلاثة جنيهات لا غير كانت تملكها وهربت من منزل أسرتها إلى القاهرة فهي تريد ان تحقق أحلامها في مجال الفن الذي أحبته من خلال الموسيقى والغناء والرقص وفي القاهرة سألت كل من قابلته عن كازينو «بديعة مصابني» حيث كانت تعرف انه أفضل مكان لرعاية واكتشاف المواهب الفنية الجديدة.. وفي كازينو بديعة كانت البداية حيث قالت لها عند رؤيتها لأول مرة «أريد ان أصبح راقصة» وحكت لها حكايتها وهروبها من منزل أسرتها فأجرت لها بديعة عدة اختبارات رقص مع المجاميع فأظهرت سامية تفوقاً كبيراً وبراعة اكبر من سنوات عمرها وبدت وكأنها ولدت راقصة.. وما هي إلا أيام قليلة وكانت سامية ترقص بمفردها على كازينو ومسرح بديعة مصابني بعد ان غيرت اسمها من «زينب خليل إبراهيم» إلى «سامية جمال» وقد اختارت هي بنفسها اسم «سامية» بينما اختارت بديعة لها اسم «جمال» نظراً لجمالها وفتنتها

وأثناء عملها في كازينو ومسرح بديعة تعرفت سامية على عدد من الفنانين في مقدمتهم فريد الأطرش وإبراهيم حمودة ومحمد عبدالمطلب في هذا الوقت كانت سامية تجيد بشدة الرقص وهي حافية القدمين وأطلق عليها الكاتب والصحافي الكبير «محمد التابعي» اسم الراقصة حافية القدمين.. وكان هذا دليل على أنها بدأت تحقق الشهرة وما هي إلا فترة قليلة حتى أصبحت هي وتحية كاريوكا التي بدأت عند بديعة مصابني أيضا أشهر راقصتين في مصر ولم تكتف سامية بما حققته من نجاح وشهرة كراقصة بل كان طموحها اكبر من ذلك فهي تريد ان تكون نجمة سينمائية وجاءت الفرصة عندما كانت مع صديقه لها في الستديو أثناء تصوير فيلم «رصاصة في القلب» للموسيقار محمد عبدالوهاب وراقية إبراهيم وشاهدها مخرج الفيلم محمد كريم فأعجب بجمالها ورشاقتها ولم يكن يعرفها وعندما عرفته بنفسها ضمها إلى المناظر الاستعراضية في الفيلم وبذلك يكون أول ظهور سينمائي لسامية جمال من خلال فيلم رصاصة في القلب مع محمد عبدالوهاب والمخرج محمد كريم وكان هذا عام 1944 وهناك من يؤكد ان ظهورها السينمائي الأول كان في فيلم «انتحار الشباب» أول أفلام فريد الأطرش مع أسمهان عام 1941 لكن ظهورها لم يلفت الأنظار.

لكن الفرصة السينمائية الأكبر في حياتها جاءت عندما رشحها نجيب الريحاني لتقاسمه بطولة فيلمه «أحمر شفايف» 1946 وفي العام التالي كانت بطلة أمام فريد الأطرش في فيلمه الشهير «حبيب العمر» 1947 والذي كان أول انتاج له من خلال شركته التي أسسها للانتاج السينمائي بعدها انطلقت سامية جمال كنجمة سينمائية شكلت إلى جوار فريد الأطرش ثنائيا سينمائيا قدم العديد من الأفلام الغنائية والاستعراضية كما قدمت هي أفلاما أخرى عديدة تنوعت وتباينت نوعيتها ما بين الدراما والاكشن والكوميديا والفانتازيا مع معظم نجوم السينما المصرية في الأربعينيات والخمسينيات والستينيات .

ونترك مشوارها الفني الحافل ونتحول إلى مشوارها الحياتي كإنسانة فهي إلى جانب شهرتها كنجمة سينمائية كانت أيضا مع تحية كاريوكا أهم نجمتين للرقص الشرقي في العالم العربي وكان تصنيفها هكذا ولما تكررت لقاءاتها الفنية مع فريد الأطرش كان الحب قد نسج خيوطه بين قلبيهما وهناك من أشار إلى ان حب سامية جمال لفريد الأطرش بدأ منذ زمالتهما في كازينو بديعة لكن المهم هنا ان قصة حبهما انتشرت على ألسنة الجميع ولم تعد قاصرة ومتداولة داخل الوسط الفني فقط وبدأ السؤال الذي يردده الجميع بقوة لماذا لا يتزوج الحبيبان؟ طالما ان كل منهما يحب الآخر بقوة وان الجميع يعلم ذلك .

قبل ان نُجيب على هذا السؤال نتوقف سريعا لنشير إلى جانب مهم للغاية في حياة سامية جمال ففي أحد الأيام رقصت في حفلة أمام الملك فاروق وأعجب برقصها بشدة ما جعله يستدعيها لترقص في الكثير من حفلات القصر فأطلقوا عليها اسم «الراقصة الملكية» أو «الراقصة الرسمية» وترددت وقتها روايات عن اعجاب الملك الشديد بها وانه استدعاها وقضى معها أيام عدة في استراحته الملكية بضاحية «حلوان» وان قصة حب سريعة قد ربطت بينها وبين الملك فاروق الذي ربطته الكثير من قصص الحب مع عدد من الفنانات في فترة الأربعينيات كان من أشهرها قصته مع كاميليا .

وقد قيل وقتها إن الملك طلب منها ان تقطع علاقتها بفريد الأطرش فقالت له انها لا تحب سوى جلالته وان فريد ما هو إلا واحد من رعاياه وقيل كلام واشاعات كثيرة حول هذه العلاقة التي انتهت سريعاً جدا بين الملك والراقصة.

هناك من أكد ان هذه العلاقة السريعة كانت السبب الوحيد الذي جعل فريد الأطرش يعيد النظر في علاقته بسامية وانه صرف النظر عن زواجه منها الذي كان ينوي إتمامها بالفعل وان خصامه معها استمر لأشهر عدة بسبب العلاقة والاشاعات الهائلة التي ربطتها بالملك لكن هذا الرأي لا يبدو انه السبب الحقيقي لعدم زواج الأطرش وسامية جمال فالسبب الحقيقي الذي أشار إليه الكثير بل وقاله الأطرش لأصدقائه المقربين منه هو انه مستحيل ان يتزوج من سامية جمال لأنه ينتمي لأسرة من «أمراء جبل الدروز» وتقاليدهم العائلية تمنعه من الزواج من خارج العائلة بل وتمنعه أيضا من الزواج من راقصة وانه لو فعل ذلك لاستباحوا دمه.

وقيل وقتها إن العائق الأكبر وراء عدم زواج فريد من سامية هو شقيقه الأكبر «فؤاد الأطرش» الذي كان يقول له «على جثتي هذا الزواج فأنت أمير لا يمكن ان تتزوج من راقصة» .

وكان طبيعيا ان تصاب سامية بالإحباط والحزن نتيجة لهذا الرفض لاكتمال سعادتها بالزواج من حبيبها كما أحزنها أكثر هذا الموقف السلبي من فريد وعدم اصراره على الزواج منها رغم حبها الشديد له ورغم انه - كما يقال- كان يقول عنها إنها «حبيبة العمر» نسبة إلى أول فيلم جمعهما معاً لكن كانت هذه هي النهاية لهذا الحب الهادر بين سامية جمال وفريد الأطرش والذي استمر لسنوات طويلة وكان مثار حديث الجميع وتساؤلاتهم طوال هذه السنوات.

قررت سامية إزاء هذا الفشل العاطفي ان تصادر مشاعرها تجاه فريد وان تتغلب على أحزانها وتواصل حياتها الفنية لكن بعيدا عنه ولم يمر وقت طويل حتى حدث ما جعلها تنسى أو تتناسى هذا الحب ففي إحدى الحفلات التي كانت ترقص فيها أثار رقصها وخفتها إعجاب المليونير الأميركي «يشرو كينج» وسرعان ما حدث التعارف بينهما وتحول الإعجاب من جانب هذا المليونير إلى حب ووجدتها سامية فرصة هائلة أمامها لتنسى أحزانها وحبها المهزوم فبادلته المشاعر فعرض عليها الزواج فوافقت لكنها اشترطت عليه ان يشهر إسلامه حتى يمكنها الزواج منه لان دينها الأسمى يحكم بذلك وبالفعل أشهر الرجل إسلامه من شدة حبه لها وغير اسمه إلى «عبدالله كينج» وتزوجها وسافرت معه إلى أميركا وهناك عاشت معه كزوجة فقط لا علاقة لها بالفن

لم يستمر هذا الزواج سوى عام واحد فقط وعادت سامية إلى مصر بعد ان انفصلت بالطلاق عن زوجها وكان الحنين إلى الفن وراء هذا الانفصال وهذه العودة وأيضا الحنين إلى الوطن حيث قالت وقتها: إنها لم تحتمل ان تعيش بعيدا عن مصر وتقضي حياتها كلها في أميركا» وبعد العودة استكملت مسيرتها الفنية من خلال بطولتها لعدد كبير من الأفلام شاركها فيها عدد من نجوم السينما المصرية في الخمسينيات وتنوعت هذه الأفلام- كما ذكرنا من قبل- ولم تعد قاصرة على الأفلام الغنائية والاستعراضية فقط خصوصا ان اللقاءات الفنية مع فريد الأطرش قد تقلصت سريعا بعدما شعرت أنها قد شفيت تماما من حبه ومن مشاعرها ناحيته وهذا ما أهلها لان تخوض قصة الحب الأكبر في حياتها وذلك عندما التقت مع رشدي أباظة في فيلم «الرجل الثاني» عام 1959 الذي أخرجه عزالدين ذوالفقار وشاركتهما البطولة صباح وصلاح ذو الفقار.

كان رشدي وقتها معروفاً عنه كثرة مغامراته النسائية والعاطفية وكان له تجربتي زواج الأولى كانت من الأميركية «بربارة» وهي أم ابنته الوحيدة «قسمت» والزيجة الثانية كانت من الفنانة تحية كاريوكا وسرعان ما تحركت المشاعر بين سامية ورشدي أباظة وبدأت قصة الحب الهادر بينهما والتي استمرت أكثر من ثلاث سنوات وكان نهايتها الزواج في عام 1963 ذلك الزواج الذي استمر ما يقرب من 15 عاما ولكن لم ينجبا أولاد

كان زواج رشدي من سامية حدثا في الوسط الفني وتوقع الجميع ان لا يستمر هذا الزواج طويلا بسبب نزوات رشدي ومغامراته النسائية وان سامية لن تتحمل هذا الوضع طويلا لكنها خيبت كل التوقعات وتحملت كل مغامرات زوجها التي أحبته كثيرا بل أنها كانت تعلن على الملا ان رشدي أباظة هو الحب الوحيد في حياتها ومن شدة إخلاصها لهذا الحب ولهذا الزواج التي أصبحت تعشقه ابتعدت لفترة عن الفن وتفرغت خلالها لتربية ابنته «قسمت» التي جاءت لتعيش معها لكن وقعت الطامة الكبرى في حياتها مع رشدي أباظة عندما تزوج عليها بشكل مفاجئ من الفنانة صباح أثناء وجوده في لبنان وهو الزواج الذي أثار زوبعة في الوسط الفني وكان بمثابة الصدمة لسامية جمال .

ولم يستمر زواج رشدي من صباح أيام قليلة والبعض قال أسابيع قليلة المهم ان رشدي عاد مرة أخرى إلى سامية جمال وقيل ان طلاقاً قد وقع بينهما بسبب هذا الزواج في حين هناك من ينفى ان يكون قد تطلقا لكنها كانت فترة غضب وخصام من جانب سامية ولم يصل الأمر إلى حد الطلاق واكتفت سامية بطلاق رشدي من صباح وعودته إليها واستأنفا حياتهما الزوجية حتى وقع الانفصال بينهما في عام 1977 عندما بدأ رشدي يعاني من بعض المتاعب الصحية وكان هذا الانفصال بعد زواج استمر 15 عاما

بعدها ابتعدت وتوارت سامية عن الحياة الفنية وحزنت كثيرا لوفاة رشدي أباظة مطلع الثمانينيات واعتكفت في منزلها لا تغادره حتى جاءها الفنان سمير صبري وعرض عليها العودة للفن خصوصا أنها كانت في احتياج للمال حيث لم تكتنز شيئا من الأموال الهائلة التي حصدتها طوال مسيرتها الفنية الحافلة فوافقت وعادت لترقص مع فرقة سمير صبري الاستعراضية عام 1984 وكان عمرها 60 عاما لكنها لم تستمر طويلا حيث شعرت أنها وهي في مثل هذا السن لا يجب ان ترقص حتى لا تضيع تاريخها الفني واعتزلت الفن تماما بعد شهور قليلة من هذه العودة بل ورفضت ان تشارك سمير صبري في فليم اختار له اسم «سمسة» والحقيقة ان سمير كان يحاول ان يساعدها لاخراجها من وحدتها حيث لم تنجب أبناء من تجربتي الزواج التي خاضتهما وأيضا لمساعدتها ماديا لكنها رفضت أيضا وفي الأعوام الأخيرة من التسعينيات احتجبت تماما في منزلها «بعمارة ليبون» بالزمالك حتى فاجأها المرض اللعين «السرطان» الذي لم يمهلها طويلا لترحل عن الدنيا في الأسبوع الأول من شهر مايو عام 1994 بعد حياة حافلة بالنجاحات الفنية الهائلة والانكسارات الحياتية والعاطفية الكبيرة.

النهار الكويتية في

17/07/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)