حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقع 

دراما رمضان التلفزيونية لعام 2013

سير

وحلقات

يومية

في

رمضان

«آدم» السينما المصرية.. وكيف قالوا عنه «ابن زوجته»

محمود المليجي وعلوية جميل.. قصة وتجربة زوجية وإنسانية رائعة

القاهرة - أحمد الجندي

أشهر قصص الحب والزواج في الوسط الفني

في عام 2010 كانت الدورة الـ34 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في هذه الدورة احتفل المهرجان بمرور مئة عام على ميلاد محمود المليجي وأقام احتفالية خاصة تحت عنوان «وجوه سينمائية خالدة» كان معه فيها الفنانة القديرة أمينة رزق وأهدى المهرجان دورته هذه الى روحيهما وبرغم العطاء الخصب والغزير لأمينة رزق التي تركت بصمة لا تمحى في الحياة الفنية الا أن اسم محمود المليجي يظل العنوان الأكثر تعبيرا عن التمثيل السينمائي، ويكفي أن نشير الى انه قدم ما يقرب من 700 فيلم روائي وهو رقم يعادل 20% مما أنتجته السينما المصرية عبر تاريخها كلها.

ورغم هذا الرقم غير المسبوق فان قيمة محمود المليجي تجاوزت الكم الى الكيف فهو على رأس قائمة عباقرة فن الأداء التمثيلي في تاريخ هذا الفن كله وحسب رأي الكثيرين من نقاد السينما الذي قالوا عنه «ان دولته الابداعية امتدت نجومها الى كل الأطياف الدرامية لتجده وقد استقر رمزا لها ولا يأتي ذكر السينما المصرية الا ويقفز اسم محمود المليجي انه المواطن السينمائي الأولى.. آدم السينما المصرية».

والحقيقة أن الحديث عن فن وابداع محمود المليجي وعبقريته وأدواره وأفلامه ومسيرته السينمائية والفنية بشكل عام يحتاج الى حلقات وكتابات لا حصر لها بخلاف كل ما كتب عنه لكننا هنا سنكون بصدد الحديث عن الجانب الآخر من حياة هذا المبدع الكبير حياته الخاصة كيف كانت سنحاول تقديم ملمح سريع لهذه الحياة ولكننا سنعرج سريعا في البداية للحديث عن نشأته وبدايته الفنية وذلك لما لها من ارتباط وثيق بحياته الخاصة فتجربة المليجي الحياتية والفنية معا تمثل تجربة متفردة في جوهرها

ولد «محمود حسين المليجي» وهذا هو اسمه كاملا في 22ديسمبر1910 بحي المغربلين احد الأحياء الشعبية العريقة بالقاهرة لأب كان يعمل بتجارة الخيول ثم انتقلت أسرته الصغيرة المكونة من الأب والأم وأخت صغيرة «توفيت مبكرا» الى حي الحلمية الأكثر رقيا حيث كانت تجارة الأب قد اتسعت وامتدت الى تجارة السيارات... وكان هذا الأب شغوفاً بالموسيقي وهو الشغف الذي امتد الى الابن في طفولته وحاول تعلم الموسيقي وبدأ يفكر عندما كبر قليلا في أن يصبح مطرباً وظلت هذه الفكرة وهذه الرغبة مسيطرة عليه حتى بدايات شبابه وانتهت عندما صدمه أستاذ الموسيقي في مدرسته وكان الموسيقار محمد عبدالوهاب وقتها وقال له ان صوته نشاز لا يؤهله ليكون مطربا وكان ذلك في نهايات العشرينيات وصرف المليجي النظر عن الطرب والموسيقي لكن حب الفن قد تمكن منه فقرر أن يتجه الى عالم التمثيل

بدأ مشواره كممثل في مدرسة الخديوية الثانوية حيث شارك في معظم المسرحيات التي قدمت على مسرح المدرسة وأبدى فيها موهبة كبيرة مما جعله يقتنع تماما أن الفن والتمثيل هو طريقه ومستقبله، وفي احدى عروضه المسرحية شاهدته الفنانة فاطمة رشدي واقتنعت بموهبته وضمته الى فرقتها المسرحية وكانت هذه هي البداية الأولى لاحترافه التمثيل لكن ما أن علمت أسرته بدخوله الى هذا المجال حتى غضب أبيه بشدة وطرده من المنزل وبالفعل عاش المليجي أوقات صعبة بمفرده بعيدا عن أسرته وكان يعيش حياة بائسة في غرفة فوق سطح احدى العمارات وكانت أمه متعاطفة معه بشكل كبير وترسل له من وقت لآخر بعض الأموال التي يعيش منها ورغم نجاحه في فرقة فاطمة رشدي التي رشحته للمشاركة في فيلم «الزواج» 1933 الذي كان أول ظهور سينمائي له على الشاشة الا أن الفيلم لم يحقق النجاح الجماهيري المنتظر مما كبد منتجته فاطمة رشدي خسائر فادحة أثرت على فرقتها المسرحية مما اضطرها لحل الفرقة واغلاق أبوابها

انتقل محمود المليجي بعدها الى فرقة رمسيس وكان صاحبها ونجمها الأول يوسف وهبي مقتنعا بشدة بموهبة المليجي وأشركه في كل عروض الفرقة وفي هذه الفترة ظهر المليجي في عدد من الأفلام السينمائية منها «الحب المورستاني» عام 1937 «ساعة التنفيذ» 1938.

وهنا نتوقف قليلا لنتناول بعض المواقف التي كان لها تأثير كبير في حياة المليجي الخاصة حيث توفي والده ومثل الكثير من كبار التجار الذين يعيشون في «بحبوحة العيش» ولا يكترثون بالزمن ومفاجأته لم يترك الأب مالا كثيرا للأم فدخلت الأسرة في ضائقة مالية شديدة خصوصا أن الابن محمود دخله من الفن والتمثيل بالكاد يكفينه وما هي الا فترة قليلة حتى توفيت الأم وكان هذا قمة الدراما الانسانية في حياة المليجي الذي كان متعلقا بأمه بشدة وخصوصا بعد قسوة أبيه عليه بسبب حبه للفن وكانت أمه سندا وعونا كبيرا له خلال تلك الفترة.

كان المليجي مع فرقة رمسيس في مدينة «رأس البر» الساحلية بدلتا مصر عندما جاءه خبر وفاة والدته وأصيب بصدمة هائلة ولم يدر ماذا يفعل وهو عليه أن يعود الى القاهرة ليقوم بدفنها ويقيم لها مأتمها في الوقت الذي لايملك فيه نقوداً لكل هذه الالتزامات خصوصا، هنا تظهر زميلته في فرقة رمسيس الفنانة الكبيرة «علوية جميل» التي تعاطفت معه بشدة بعد أن فضفض لها بمشكلته وانه حتى لا يملك ثمن تذكرة السفر والعودة للقاهرة ولا مصاريف الجنازة فما كان منها الا أن تركته لساعة من الوقت باعت خلالها بعض أساورها الذهبية وعادت اليه لتعطيه النقود اللازمة لسفره وأيضا متطلبات جنازة والدته.

كان لهذا الموقف النبيل من علوية جميل تأثيرا هائلا في نفس محمود المليجي الذي كان وقتها يشعر بوحدة هائلة بعد رحيل أمه التي كانت آخر ما بقى من أسرته بعد رحيل أبيه وأخته الوحيدة من قبلها ولم يكن الشعور بالجميل هو وحده ما شعر به المليجي تجاه علوية بل كان أيضا الشعور بالاحتياج الانساني لهذه السيدة ولم ينتظر لفترات طويلة وهو لا يعرف ماذا يفعل حتى يخرج مما هو فيه وعلى الفور طلب منها الزواج فوافقت على الفور، وتم الزواج في عام 1931.

وترك المليجي بعدها فرقة رمسيس لكن بعد أن خرج منها بزواجه من علوية جميل التي نشير هنا الى أنها لبنانية الأصل والمولد والنشأة واسمها الحقيقي «اليصابات خليل مجدلان» وأن حبها للفن هو الذي جعلها تأتي الى مصر وهي شابة وتبدأ بالفعل مشوارها الفني داخل هوليود الشرق وغيرت اسمها الى اسمها الفني الذي عرفها الناس به طوال مسيرتها الفنية ونشير أيضا الى أنها عندما حضرت الى مصر كانت لها تجربة زواج سابقة في لبنان وأنها أنجبت من زوجها ابنة وحيدة وهناك بعض المصادر التي ذكرت أنها كان لها ابنتان من زوجها اللبناني لكنهما لم يعيشا طويلا ورحلا مبكرا وعندما تزوجت من المليجي كان الزواج الثاني لها وكانت تكبره بأكثر من 15 عاما حسب ما أفادت بعض المصادر التي أشارت أيضا الى أن زوج المليجي من علوية مع فارق السن بينهما كان يشير الى أن المليجي خلال هذه الفترة كان يحتاج الى أم تكون بديلة لأمه الراحلة التي كان مرتبطا بها بقوة وان احتياجه للام كان أكثر من احتياجه لزوجه وهو ما جعله لا ينظر الى فارق السن بينه وبين زوجته ولم يعيره أي اهتمام

بعد الزواج انطلق المليجي فنياً وتعددت أفلامه السينمائية وأصبح قاسماً مشتركا في معظم أفلام السينما المصرية طوال فترة الأربعينيات والخمسينيات ورغم كل النجومية والشهرة الواسعة التي حققها وما لذلك من تبعات الا أنه ظل زوجاً مخلصا وفيا مطيعا لزوجته وظل زواجهما مضرب المثل في الوسط الفني في الهدوء والصفاء ولعل طاعته الشديدة واحترامه وتقديره الهائل لزوجته علوية جميل واصراره على أن يخبرها بكل تفاصيل حياته التي يمر بها ولا يخفي عنها شيئا هذا الأسلوب النادر جعل البعض داخل الوسط الفني يلقبونه أو يقولون عنه انه «ابن زوجته».

وهذا التشبيه أو هذا اللقب ليس تقليلا أو سخرية منه أو اشارة لفارق السن بينه وبين زوجته بل هو دليل على مثاليته كزوج يحترمها كثيرا ويطيعها دائما ويحرص على مشاعرها ولا يغضبها ولا يخفي عنها شيئا وهو سلوك يفعله الرجل دائما مع أمه وليس مع زوجته لكن هكذا كان المليجي ظل طوال حياته معترفاً بجميلها ومساندتها له في بداية حياته وعندما ماتت أمه ولم يجد أمامه غيرها يسانده على تجاوز محنته حيث كان بائسا حزينا مفلسا ورغم أنها لم تنجب له أولادا ألا أن ذلك لم يؤثر أو يغير مطلقا من مشاعره ناحيتها أو معاملته لها واعتبر الأمر شيئا عاديا وان الأولاد رزق وهو مقدر له أن يُحرم منه ولم يحزن ويتأثر بالشكل التي يعقد حياته

لكن وبما أن المليجي بشر وليس ملاكاً فالأمر- كما يقولون- ففي أواخر الخمسينيات وعندما أصيبت علوية بمرض القلب وأصبحت غير قادرة على بذل المجهود أو الايفاء بكامل متطلبات الزواج، ارتبط المليجي بعلاقة زواج من ممثلة شابة كانت زميلة له بفرقة اسماعيل ياسين المسرحية وعندما علمت علوية بهذا الزواج اعترضت عليه بشدة فهي لم تغضب لان زوجها تزوج عليها لكنها غضبت لأنها شعرت أن هذه الشابة ليست هي التي تصلح زوجة أخرى للمليجي التي تحبه وتحترمه فطلبت منه أن يطلقها ولم يكن قد مر على زواجه من هذه الشابة سوى أيام قليلة وبالفعل استجاب المليجي لطلب زوجته التي لا يعصي لها امراً ولا يرد لها طلبا وبمجرد أن قابل زوجته الجديدة الشابة في المسرح حتى قال لها «علوية غير موافقة على زواجنا.. أنتي طالق» ويقال ان المليجي طلق هذه الزوجة بهذه الطريقة أمام معظم زملائه في الفرقة وذلك حتى تعلم علوية انه طلقها بالفعل وبشكل علني وأمام الجميع

ولم تكن هذه الزيجة هي الوحيدة في حياة المليجي على زوجته علوية جميل فقد تزوج من الفنانة الكوميدية الكبيرة سناء يونس التي تعرف عليها أثناء مشاركتهما معا في مسلسل «ظلال السنين» ثم تطورت علاقتهما وتزوجا أثناء مشاركتهما معا أيضا في مسرحية «عيب يا آنسة» التي كانا يقدمانها على مسرح سيد درويش بالاسكندرية وكانت سناء يونس وقتها فنانة شابة في بداية مشوارها الفني وكان زواجهما عام 1974 واستمر زواجاً سريا لم يعلم عنه احد لكن بعلم وموافقة زوجته علوية جميل

وقد توفي محمود المليجي عام 1983 وكانت سناء يونس التي عرف عنها جمهور الفن المصري أنها أشهر عانس في الوسط الفني وعلى شاشة السينما والتلفزيون وفوق خشبة المسرح ولم يعرف الجمهور أنها زوجة لفنانهم ونجمهم الكبير على مدى ما يقرب من 30 عاما، وان المليجى رحل وهي زوجته وفي عصمته.

النهار الكويتية في

25/07/2013

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2013)