|
يحتل الجمال الأسمر موقعه على خارطة السينما العالمية، رغم
ان ذلك الجمال عانى الكثير ولعقود من التفرقة وغياب الفرص، فحتى وقت قريب،
كانت البطولة للعناصر السمراء، سواء بين النساء أو الرجال، تبدو غائبة،
ولربما معدومة، إلا من بعض الفرص التي رسخها النجم سيدني بواتييه في مطلع
الستينيات من القرن الماضي، أما اليوم فقد تغيرت المعادلات، ويكفي ان البيت
الأبيض يحكمه باراك اوباما، وهذا الشيء يعني الكثير.
وقد يتصور البعض ان الطريق كان مفروشاً بالبساط الأحمر امام
النجمة السمراء هالي بيري، التي ولدت في 14 أغسطس 1966.
لقد عانت هالي كثيرا من اجل الحصول على الفرص، سواء في
المرحلة الاولى من مشوارها، حينما كانت تعمل كموديل، أولاحقا حينما احترفت
التمثيل.
ويكفي ان نعرف ان هالي بيري، هي أول ممثلة تحصل على جائزة
أوسكار «أفضل ممثلة» وليس «أفضل ممثلة مساعدة» وكان ذلك عام 2002 عن دورها
في فيلم «كره المتوحشين»، وهي اليوم واحدة من اعلى النجمات السمر في تاريخ
السينما الأميركية، وتتحرك على مدى خطوط عدة من بينها التمثيل والانتاج،
بالاضافة الى عمل كموديل، وهو امر لم تبتعد عنه، حتى في قمة نجوميتها
السنمائية.
حينما ولدت هالي، حملت اسم ماريا هالي بيري، ولكنها في سن
الخامسة غيرت اسرتها اسمها الى هالي ماريا بيري.
والدتها جوديث ان وهي ذات اصول انكليزية - ألمانية، وكانت
تعمل كممرضة، ووالدها هو جيروم جيسي بيري، من اصول اميركية - افريقية عمل
كسائق باص، وقد انفصل والدها عن والدتها ولهذا التحقت هالي بجدتها «نيلي
ديكن» والتي اشرفت على تربيتها ورعايتها، ثم لاحقا مع والدتها هي وشقيقتها
الصغرى هايدي.
وتعترف هالي في حديث مطول، نشرته ليكون مقدمة لكتاب تعتزم
اصداره، انها لم تلتق والدها من جديد، حتى يومنا هذا، وتعتقد بانه لم يعد
على قيد الحياة!.
وكل ما تتذكره عن طفولتها، ظل ينحصر في والدتها، وجدتها
ايضا.
تخرجت هالي من بيدفور هاي سيكول، حيث عملت لفترة في ادارة
شؤون الاطفال، ثم التحقت بكلية جياهوجا.
وفي فترة الثمانينيات، شاركت بدعم من والدتها في العديد من
مسابقات الجمال حتى فازت بلقب ملكة جمال المراهقات في اميركا عام 1985، ثم
ملكة جمال أوهايو 1986، ثم دخلت التصفيات النهائية كملكة جمال الولايات
المتحدة، وتجاوزت المراحل الاولى ولكنها لم تبلغ النهائيات، ورغم ذلك فازت
بلقب اول ملكة جمال سمراء للوافدين من اصول افريقية في عام 1986 على مستوى
الولايات المتحدة.
بعدها انتقلت الى شيكاغو للعمل كموديل، حيث حصلت على عقد،
رغم ان الفرص ظلت ضيقة امام السمراوات في عالم الموضة في الولايات المتحدة
على وجه الخصوص.
في عام 1989، انتقلت هالي الى مدينة نيويورك حيث المزج
للمرة الاولى بين العمل كموديل، وايضا كممثلة حيث واجهت الكثير من المصاعب
المادية، اضطرتها في المرحلة الاولى للاقامة في ملجأ خاص بالذين لا يمتلكون
منازل او سكن يأويهم.
في نهاية ذلك العام، بدأت الاجور تتفتح امامها، حيث حصلت
على عقد عمل لتقديم شخصية الموديل ايميلي فرانكلين مع قناة «اي بي سي»
الاميركية في مسلسل «ليفنج دولز» وقد صور العمل في نيويوك.
بعد نجاح العمل، انتقلت من جديد الى لوس انجلوس لتحصل على
دور رئيسي في مسلسل «كونش لاندنج»، ثم اختارها المخرج الأسمر سبايك لي لدور
صغير في فيلم «جانجل فيفر» 1991 حيث جسدت دور «فيفان» الفتاة مدمنة
المخدرات.
وتوالت الفرص لتأتي احدى المحطات الأساسية، في فيلم
«بومرانج» امام النجم الاسمر ايدي ميرفي عام 1992، حيث جسدت دور الحبيبة في
الفيلم «بعدها بدأت تحظى هالي بالاهتمام والمتابعة».
وتأتي نقلة أساسية، مع الرواية الشهيرة «الملكة» قصة عائلة
اميركية لاليكس هيلي، وهو الذي كتب من ذي قبل رواية «الجزور» وجسدت احدى
الشخصيات الرئيسة في ذلك العمل.
وتمضي المسيرة، حيث تبقى هالي بيري تتحين الفرص، وهي تعلم
جيدا، ان الطريق الى النجومية في عالم النجوم السمر، ليست بتلك السهولة
التي يتصورها البعض.
ولكن هالي في تلك المرحلة ظلت دائما ترضى بالادوار الصغيرة،
والمساعدة، حتى وهي تقف الى جوار نجوم ونجمات كبيرات بمستوى شارون ستون
وغيرها.
في عام 1999، تأتي نقلة أساسية في عالم التلفزيون، حينما
قدمت بالتعاون مع «اتش بي او» فيلم تقديم دروثي داندريج وهي اول نجمة تحصل
على أوسكار افضل ممثلة مساعدة عن فيلم «ذهب مع الريح» وقد استطاعت ان تتقمص
المراحل الاولى من تلك الشخصية وفازت بجائزتي «ايمر» و«الغولدن غلوب».
في عام 2000 قدمت شخصية ستروم في فيلم «اكس وان» وواصلت
المسيرة من تلك السلسلة السينمائية وهي تستعد للجزء الجديد في العام المقبل
2014.
وتأتي التجربة الاهم، من خلال شخصية ليتيسا ميسجروف زوجة
القاتل المعتوه في عام 2001 في فيلم «كرة المتوحشين» والتي فازت عنها
بأوسكار افضل ممثلة، عبر اداء لا يمكن الا ان يوصف بـ «المذهل».
وبذلك دخلت التاريخ، لتصبح اول أميركية سوداء تحصل على
أوسكار افضل ممثلة.
بل ان اجرها راح يرتفع بشكل لافت، حتى انها تقاضت 12.5
مليون دولار عن دورها في فيلم «كات ومن» «المرأة القطة» وقد حقق الفيلم
كثيرا من النجاح وتجاوزت عوائده بعد شهر من عرضه 100 مليون دولار.
وهي تعتبر واحدة من أعلى نجمات هوليود، وواحدة من اكثر
المشتغلات بالقضايا الاجتماعية، والمدافعة عن حقوق الملونين، وكان لها دور
كبير اثر الاعصار الذي اجتاح المدن الفقيرة في لويزانيا على وجه الخصوص،
وهي تدير ايضا صندوق يخصص ريعه لدعم بناء دور الايتام وايضا مدارس الاطفال
في العديد من مدن العالم.
على الصعيد الشخصي ارتبطت هالي في المرحلة الاولى مع جون
رونان.
كما ارتبطت عام 1993 بلاعب كرة المضرب الاميركي دايفيد
جاسيتس وانفصلا عام 1997.
كما ارتبطت للمرة الثانية مع زوجها ايرك بينه في 24 يناير
2001، ولكنها انفصلت عنه عام 2003 بعد علاقته الفضائحية مع احداهن.
وفي عام 2005 ارتبطت بالموديل غابرائيل اوبري ومنه انجبت
عام 2008 طفلتها نهيلة ايرلا اوبرى، وفي عام 2010 انفصلت عن غابرائيل اوبري
ليدخل بعدها في كم من القضايا حول ابنتهما، ولا تزال المحاكم حتى اليوم
تشهد جولات ساخنة بين الطرفين، تحددت وتنوعت فيها الاتهامات العدوانية بين
الطرفين.
مسيرة هالي بيري اقترنت بأكبر عدد من جوائز السينما
والتلفزيون، وفي كل مرة هي حاضرة باسلوبها وايضا مقدرتها على التقمص،
وتغيير شكلها، والذهاب بالشخصية الى مراحل جديدة من الاكتشاف، والعمل
الدؤوب.
خلال مسيرتها لم تعتمد هالي على جمالها فقط، بل مزجت ذلك
الجمال الاسمر بمقدرة فنية صقلتها الايام الصعبة، والتجارب الكبرى، هكذا هي
وباختصار شديد هالي بيري السمراء.
النهار الكويتية في
18/07/2013 |
