تعرف على صاحب "سينماتك"  وعلى كل ما كتبه في السينما

  حول الموقعخارطة الموقعجديد الموقعما كـتـبـتـهسينما الدنيااشتعال الحوارأرشيف الموقعسجل الزوار 

ملفات خاصة

جديدالسينما

سينماتك ملتيميديا

إبحث في سينماتك

إحصائيات استخدام الموقع

تيم حسن يحقق نجاحات السينما في مصر

القاهرة ـ نضال قوشحة / خاص بـ"سينماتك"

 

اختار صناع فيلم ميكانو موضوعا صعبا قلما وجد في السينما العربية وهو ما يمكن تسميته بالسينما النفسية، فالكتابة في هذا النوع كانت مهمة صعبة ومجهدة كونها تحتاج لخبرة أو معرفة علمية في الحد الأدنى بعلم النفس الذي هو علم عميق وواسع بحد ذاته.

عديدة كانت محاولات الكتابة في هذا الاتجاه ومعظم هذه المحاولات اعترتها جوانب خطأ ،الأمر الذي لم يشذ عنه فيلم ميكانونفسه.

يتحدث الفيلم عن شاب مهندس يحمل موهبة فذة في الهندسة المعمارية يدعى خالد \ تيم حسن \ أصيب في مرحلة شبابه بمرض في دماغه مما اضطره لإجراء عملية جراحية فيه أستاصلت منه ورما كبيرا، لكن هذه الجراحة سببت خللا في دماغه فبات ينسى كل تفاصيل ذاكرته القريبة محتفظا بذاكرته البعيدة سليمة. نتيجة لهذه الحالة ينزوي خالد في بيته لايخرج منه إلا للضرورة وبمرافقة شقيقه الأكبر وليد \ خالد الصاوي \ الذي يكرس كل حياته لخدمة شقيقه المريض.

تبدا الأحداث من لحظة فوز مخطط المهندس خالد بالمسابقة التي تقيمها الشركة  الضخمةالتي يعمل فيها مع وليد لإقامة عدة منتجعات سياحية في عدة دول. فيصر مدير الشركة الذي لم يكن يعرف خالد بعد رغم أنه يعمل عنده على أن يوقع العقد بنفسه ويؤكد على ضرورة أن ياتي بنفسه لحفل الإستقبال المعد  لإطلاق المشروع، فيأتي خالد ويرتبك من مواجهة الناس وخاصة الإعلاميين. في هذا الحفل يتعرف على شابة جميلة تعمل في قسم المبيعات في الشركة ، لعبت الدور الممثلة نور من لبنان وتنشا بينهما علاقة صداقة لطيفة لاتلبث أن تتحول إلى حب. يعارض وليد وجود حبيبة في حياة خالد وهو العالم بحالته الصحية  لكن تمسك الحبيبة به يغلب إرادته.

بنى الفيلم خطه الدرامي الأساسي على هذه الثلاثية وعلى الصراع فيما بينها، وذلك عبر حبكة درامية كانت موفقة إلى حد معقول.

نظرة سريعة إلى بنية النص الذي كتبه وائل حمدي ستحيلنا إلى التنويه  لبعض الأمور التي ظهرت فيه. أولها أن الكاتب كان متدخلا قسريا في سير الحدث، ولم يترك النص يسير تلقائيا من خلال منظومة الأحداث التي فيه، سبب تدخله الوصول  إلى ذرى درامية محددة يريدها حاملا في النص نحو الوصول به لفكرته النهائية. مثالنا على ذلك المشهد الذي شخص لنا طرد وليد وخالد من العمل بعد أن عرف مدير الشركة بمرض خالد بدسيسة من زوج الحبيبة السابق. فمفهوم أن يطرد رب عمل  عاملا فيه مرض ، ولكن لماذا يطرد الأخ، ببساطة أراد الكاتب أن يصل بنا إلى أهم ذروة درامية في الفيلم، لنصل إلى توليفة البحث عن حل عاطفي يشد انتباه المتلقي ويستفز متابعته لمآل الأحداث بعد هذه المشكلة المهنية الكبرى التي تسببت بها الحبيبة من دون قصد، كذلك أختل النص في مسألة حالة النسيان التي كان يعاني مها خالد، فكان يتذكر القريب أحيانا وينسى البعيد، على خلاف ما ذكره الفيلم في مشهد توضيحي ابتدائي نفذ بشكل عادي خال من أي قيمة فنية. مثال ذلك مشهد وجودهما في السيارة وتذكيرها له بكلمة \ كويس \.

إضافة لما ذكر، حشر النص بين شخوصه عددا من الشخصيات لم يكن وجودهم مبررا دراميا، بحيث يمكن حذفهم كاملا من الفيلم دون التاثير على سير أحداثه، مثل شخصية صديقة الحبيبة وخطيبها ، اللذان وجدا في الفيلم فقط ليبررا وصول معلومة مرض خالد في لحظة ما وعبر زوج الحبيبة السابق لمديره في العمل.

 طبعا هذا لايلغي أن فكرة النص الأساسية ذكية وجميلة، فكلمة ميكانو ترمز إلى تلك اللعبة التي يمارسها الصغار بحيث يصنعون  فيها مجسمات وأشكالا جميلة من مجموعة من القطع الصغيرة المؤلفة لها. كذلك حملت بعض المشاهد توترا دراميا ساخنا وجميلا وشادا للمتلقي كما في مشهد مكاشفة وليد لخالد عن خطيبته السابقة ومعارفه من الفتيات الذي لعبه خالد الصاوي بشفافية عالية.

إخراجيا كان تفاعل محمود كامل مع خصوصية الفكرة وطبيعة النص محل التباس، ففي مشاهد كان الأداء عاديا، كما في المشهد التوضيحي الذي تحدثنا عنه آنفا، الذي نفذ بطريقة عادية حيث ظهر شاب يافع أصلع الرأس بلقطة جانبية مقربة وصوت خارج الكادر يخبره بحالته الصحية دون أن تظهر على معالم الرأس التي من المفترض أنه يحمل ورما كبيرا أي أثار، كذلك كانت هنالك أخطاء في زوايا الكاميرا بحيث أخذت لقطات متعددة وجهات النظر لنفس الوجوه وأظهرت أكثر من تعبير وجهي على حالة نفسية واحدة .وهذا طبعا خطأ مونتاج، وفي زمن آخر يبدع المخرج في المشهد الختامي الذي يصور خالد في مكان عام يجلس لطاولة وحيدا وأمامه كأس عصير، ترقبه الحبيبة من بعيد ثم لاتلبث أن تقترب منه، تسلم عليه فلا يتذكرها، فتقرر فورا بدأ اللعبة من أولها كما لو أنها لعبة ميكانو، هنا يظهر المخرج وليد الشقيق الأكبر وقد راقب من بعيد ما حدث، فيعرف أن قوة الحب بين خالد وحبيبته كبير، فيقرر تركهما وشأنهما والذهاب بدراجته النارية نحو قرص الشمس الذي يمثل تطلعاته، و الذي كان يغرب، فيتابع السير نحوه حتى يدخل فيه، في مشهد شفاف يحمل دلالات واضحة ومهمة.

كذلك كان للمخرج بالمشاركة مع مدير التصوير لقطات جميلة كما في مشهد نفسي لوليد يكون فيه منكسرا فتظهر الإضاءة من حوله كما لو أنه في سجن.

تيم حسن الفنان السوري الذي كرس مكانة عالية له في الفن المصري التلفزيوني  من خلال أعمال تلفزيونية، يثبت علو قامته الفنية في أول تجربة سينمائية له في مصر، فتيم كان مجسدا تماما لحالة خالد، تمتع ظهوره بالرشاقة والأنسيابية في الأداء. كان تناغمه هادئا مع الفنان خالد الصاوي وظهرت مشاهده معه بشكل أقوى من مشاهده مع الممثلة نور. تيم حسن طاقة إبداعية هامة وهو سيكرس نفسه قامة فنية كبيرة في الفن العربي فيما لو استمر على هذا النهج، ذلك أنه يكشف يوما بعد آخر أنه فنان ذكي إضافة لموهبته، فقراره الأخير بترك التلفزيون في مصر والعمل فيها بالسينما فقط يؤكد ما نذهب إليه.

خالد الصاوي كان رصينا، وهو يخطو بفيلمه هذا خطوة جديدة جادة تخرجه من هول مشاركاته أحيانا ببعض الأفلام التي هي أقل بكثير من امكاناته. أما الممثلة الجميلة نور، فقد لعبت دورا حياديا، لم يكن صعبا ولم يحمل ميزة خاصة تستطيع بها أن تظهر ما لديها. كان ظهورها محببا على كل حال واستطاعت الوصول بالدور لبر الآمان.

ميكانو فيلم يحاكي دواخل الناس جميعا، و يدعوهم لتكرار المحاولة مجددا من بعض تفاصيل الحياة التي تحيط بهم ولو كانت صعبة وقاسية، فجمع هذه التفصيل الحزينة والسعيدة معا يوصل لما هو جيد ومفيد وسعيد. ميكانو يخاطب بشكل خاص شريحة الشباب الذين هم على بدء الخطو لكي لايفقدوا الأمل فيما لو فشلت خطواتهم الأولى.

سينماتك في 12 مايو 2009

 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2009)