كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

خاص بـ«سينماتك»

 

«صندوق الدنيا» وسرد يمزج التراث بالمعاصرة

ثنائيات الخير تتضامن في مواجهة الحياة

صفاء الليثي/ خاص بـ«سينماتك»

 
 

 

   
 
     

 

   

     
 
 

تخرجت من المعهد العالي للسينما بمصر(قسم المونتاج) عام 1975، عملت متدرجةً كمُساعدة ثم مونتيرة لعددٍ من مقدمات الأفلام - التريلر- والأفلام التسجيلية، والقصيرة، ثم أنجزت مونتاج فيلمها: "الحجر الدائر" (محمد راضي 1992)، و"3 على الطريق" (محمد كامل القليوبي 1993)، بدأت تحضر المهرجانات، وتشارك فى النقاش حول الأفلام، إلى أن ظهر نقاش يتهمّ المونتاج بإفساد فيلم "رومانتيكا" (زكي فطين عبد الوهاب 1996)، فكتبت رأياً كأنه دعابة، تحمّست له المخرجة "هالة خليل" - وكانت صديقة مقرّبة وقتها - ونُشر في مجلة "الفن السابع" المصرية، بعدها طُلب منها الكتابة بتوّسع أكثر، إلتحقتُ بجمعية نقاد السينما المصريين عام 1999 (تأسّست عام 1972)، وأصبحتُ عضو في مجلس الإدارة منذ 2004، وتشغل حالياً منصب مستشار تحرير مجلة الفيلم، شاركت في لجان اختيار، وتحكيم عدد من المهرجانات المصرية، والدولية، كما تكتب القصة القصيرة، والمقالات، والدراسات، كتبت سيناريو فيلم روائي طويل لم تجد له منتجاً، وهناك مشروعات أخرى حبيسة الأدراج، وعلى المستوى الشخصي عندها ولدين، وبنت يعملون فى مجال السينما، والإعلام. 

 

صفاء الليثي

ناقدة سينمائية

 

 

«صندوق الدنيا» وسرد يمزج التراث بالمعاصرة

ثنائيات الخير تتضامن في مواجهة الحياة

بقلم: صفاء الليثي/ خاص بـ«سينماتك»

هناك صوتان لسرد فيلم (صندوق الدنيا ـ 2020)، الأول من وجهة نظر الصبي علي ابن الريف، والثاني من وجهة نظر المؤلف المخرج، يتقاطع الصوتان ويشكلان ضفيرة تتماسك أكثر بعد ثلث الساعة وتعلو الدراما تدريجيا لنصل إلى النهاية وقد تخلصنا من حكايات الأشرار وبقينا فقط مع فاطمة ومرجيحة، قناوي وهنومة الألفية الثالثة، وعصفور وآدم الصديقان، رجلان في زمن شح فيه المال والحب والإخلاص، وبقيت الصداقة.

بعد أن أهدى المخرج فيلمه إلى أسامة فوزي وشوقي الماجري ولن ننساكم، واللي خلف ماماتش. تأتي التترات على مشهد خيال الصبي مع عرائس الماريونيت، قصة وسيناريو وحوار عماد البهات وأسامة حبشي... ثم عنوان على الشاشة الحلم، باسم سمرة يصحو من غفوته مفزوعا وينادي يا علي، صبي جالس في المقعد الخلفي لسيارة ميني باس تأتي ريفيات متشحات بالسواد (النائحات فيما بعد)  سنعرف من الحوار أنهم في الطريق إلى القاهرة لأداء نذر في الحسين، الابن بجوار والده وسؤال يأتي فجأة في غير محله، هيه صحيح مصر جنية بشعور يا با؟ مصر مولد كبير بلد صعب، يدير الكاسيت اسمع الشيخ يس، هامت الأرواح هامت من غير حذر، يتبول الذكران والنساء في خجل مصطنع دعابة على الماشي من المخرج للتعبير عن طول المسافة من قرية الى العاصمة. الرحلة مع الأرمل وابنه والنائحات ومزج جيد بين التواشيح وموسيقى الفيلم التي تدخل مع مشاهد القاهرة ليلا، النيل وميادين وسط المدينة والإشارات. يطلب عبد الباري من ابنه شراء علبة سجائر، رغم الكابوس إلا أنه يبدو لاهيا عن القدر وتوهان الصبي في فتارين القاهرة وميادينها. لقطات قريبة لوجه عبد الباري المنزعج من كلاكسات السيارات تحثه على الحركة، انزعاج الريفيات في السيارة، ظهور لقاهري يشتري علبة حمراء، يسخر من الصبي الذي أسقط نقوده ويسأل عن الميدان والإشارة. قطع على صعلوك وبائعة نمطان لحرافيش القاهرة مستمد من الدراما التلفزيونية، بالحوار والأداء التمثيلي، مشهد من السينما السائدة ويتحول الكابوس إلى مشهد حركة مصحوبا بموسيقى يحق وصفها بالتصويرية تدعم المشهد الحركي ويصل الشقي إلى سيارة الريفي ، يهدد وتنزل السيدات، وبلا مبرر كافي يقتله بسكين ويمتزج نواح السيدات ونواح الموسيقى في استخدام تقليدي ميلودرامي بينما الصبي في متاهة، مزج على طبول الشارع وفنان شوارع شعبي يصيح اصحى، وينتهي الفصل الأول من الفيلم وتأتي لوحة مكتوبة كومبارس. مشهد لفتاة وشاب ينهي ممارسة أخفقت في الغالب، يلتقط علبة السجائر الحمراء يخرج إلى الشرفة، وسؤال المرأة، مالك يا حاتم؟ انت بتحب ولا إيه؟ رخامة النسوان.. هوه جوزك بيشتغل إيه، شاعر، شاعر بإيه بقى! هوه لسه في كده!.. أداء الشاب وحواره يرسمان شخصية سوقية فظة يقيم علاقة مع المرأة المتزوجة بلا حب، المخرج يكره الشخصية ويحتقرها وتنتقل كراهيته إلينا ولن ينتهي الموقف قبل أن نفهم احتياج المرأة لمجاراته لتحصل لها على عمل يلبي احتياجها للمال الذي لا يوفره الزوج. اسم حاتم أصبح عند المشاهد المصري رمزا للشخصية السيئة من فيلم يوسف شاهين "هي فوضى!" ومفيش حاتم بيتحاكم التي أصبحت دلالة على تواطؤ النظام مع الشخصيات الفاسدة. أسلوب تحميل اسم الشخصية دلالة محددة، أسلوب محفوظي انتقل من الأدب إلى السينما فيه يتم اختيار اسم الشخصية بإسقاط مقصود على دلالتها عند المتلقي. هو يستعد للخروج ويطلب منها أن تعد له مشروبا، يعاملها كخادم، وهي تنصاع، تبصق في المشروب، ويتداعى لي أثناء المشاهدة نفس الفعل لخادم أسود في مسلسل الجذور الشائع باسم كونتا كونتي، تداعي يفرض نفسه لغرابة الفعل على عاداتنا، هي تخبره وتخبرنا أن آدم أحبها وأحبته وكان لديهما أحلام، باختصار حب قتلته الظروف الاقتصادية وعجز الزوج عن تلبية متطلبات المعيشة. من الحوار أيضا نعرف أنه تسامح مع كونها ليست عذراء وتزوجها تقول أول مرة أقابل رجل شرقي يقبل.. تبدو جملتها تعليقا من الكاتب وتعليق آخر لحاتم يتجشأ في صوت فاضح. يبالغ الممثل الشاب عمرو شاهين في تشخيص "حاتم" الكريه بتوجيه المخرج، يصل إلى كشك السجائر حيث الصبي من قصة الحلم وتتكرر لقطة النقود التي أسقطها سهوا ومناولة حاتم له، يعاد المشهد بنفس الزاوية وتهمس لي صديقة بجواري، مش ده شفناه قبل كده؟ في حاجة غلط، أهمس لها بأنها طريقة سرد معروفة وغالبا ستكرر. ثم في الطريق يبصق على أشجار شارع نظيف، يتسكع في القاهرة، يصل إلى مقهى ويقابل مقاول الكومبارس طالبا منه نوعية جديدة ويعطيه نقودا، تأتي أجنبية ويعلق صديقه بأنها تدرس الأدب العربي، حاتم بطريقته خليها في الأدب. أسلوب الحوار السوقي مستمر. واستمرار في تقديم دلالات على سوء خلقه مع عامل مقهى يطلب منه أن يأخذه في دور. نتنفس مع شارع به دكان فاكهة، بائعة تنام بجوار بضاعتها وتبادره بغضب، ايه اللي جابك دلوقت يا حاتم؟ روحية جميلة فائرة لا أصدق نومتها هذه، يذكرها بطلب الزواج، ما اتجوزش راجل شايفاه وسخ، شامة ريحة المرة اللي كنت معاها قبل ما تجيني، أتحمل بذاءة الحوار وطريقة الأداء ثم تأتي المعلومة، يا راجل ده أنا جاية معاك من البلد من عشر سنين ما حليتناش غير جتتنا وأكل عيشنا، يمضي مهموما بعد أن واجهته، ما أعرفش ليه الراجل فيكم ما بينساش المرة اللي تقوله لأ. تواصل النوم ويصل هو إلى موقع التصوير، الكومبارس مضربين ومساعد الإنتاج فشل في إقناعهم بالعمل. يشخط حاتم فيهم، مشهد يتركز في انتقاد حال الصناعة مع سيطرة النجم وتعطيله الكومبارس لساعات دون طعام، المخرج عماد البهات يظهر في المشهد ممتعضا وكأنه يريد التأكيد على قرفه شخصيا من هذا الوضع. حاتم مع المنتج يسوق له ربى التي كانت معه، زوجة الشاعر فنتأكد من دوره كقواد وليس فقط ريجيسير كما تعريف الشغلانة. نصف ساعة من الفيلم مع قاهرة كمتاهة، وشخصيات قذرة وضحايا مستسلمين لأقدارهم.

مشهد لحواة تبدو كفاصل لالتقاط الأنفاس وقبل الدخول في قصة جديدة مع موقع جديد، في النصف الساعة المنصرمة فكرة القاهرة ومتاهتها، وحال الصناعة التي تدار من الأوغاد ولها ضحايا من البؤساء.

العنوان الثالث ممرات الخوف، سطح في قلب القاهرة، غالبا منزل لفنان، استعراض لغرفته عليها ملصقات لأفلام، أحمد كمال يحيك شيئا وهو يصفر لحنا، يصعد شاب يبدو بوجهه قدر من الإعاقة، الممثل علاء مرسي يتلصص قبل الدخول يناديه الفنان، مرجيحة، ويدور حوار نصفه بالإشارة، مخنوق، أنا كمان مخنوق، تعال نقعد نتونس مع بعض، اقعد عاوز فلوس، يشير علامة الرفض، أمال مالك، يشير على قلبه، آه الحب، هنا مشهد حميم بين ندين رغم اختلاف الطبقة الاجتماعية والظروف، ويدور حوار نعرف منه حكاية مرجيحة مع فاطمة، آه قناوي وهنومة، أداء الفنان يعكس روحا مرهفة تتفهم البشر وتهتم بمعاناتهم، ملاك في مقابل الشيطان حاتم. ومشهد مريح للمشاهد وألتقط الأنفاس، (تمام كده مش كله شر في شر). يرقص مرجيحة بدعوة من الفنان (لم نعرف اسمه بعد) ثم قطع على خالد الصاوي في ندوة مناقشة رواية ممرات الخوف، يقدم المخرج ندوة أدبية بمحاكاة تامة للواقع في خلاف أسلوبي عن المشهد الشاعري فوق السطح، يطوع المخرج أسلوبه للتعبير المباشر عن الحدث والشخصيات وكأنه يقدم كولاج فني متأثرا بأنماط من أفلام سابقة يربط بينها الحواة في بانوراما الشارع. نعود إلى الكاتب آدم وسنربط أنه زوج ربى التي كانت تبيع جسدها لحاتم، خالد الصاوي في لحظة إحساس بالذات وكأنه كاتب كبير، يأتي الشقي من القصة الأولى يخرج إليه ويأخذ منه مسدس. المشاهد الفطن سيخمن أنه سيقتل زوجته، آدم في شارع بوسط البلد ثم صاعدا إلى سطوح الفنان يمر على مرجيحة الجالس على سلم وسنعرف السبب لاحقا، قبل وصوله السطح الفنان يقدم عرضا بملابس بلياتشو كان يحيكها، يطول المشهد وأتذكر رغما عني عبد الله شابلن في "البحث عن سيد مرزوق"، هل هي تحية للفيلم أم أن أحمد كمال أسير مثل هذه الأدوار بموافقة المخرج؟ شابلن الشخصية المرتبطة بالممثل أحمد كمال وكأنها معادل يشرح تركيبته،  يصفق له آدم ويناديه عصفور، اسم آخر يعبر عن فنان حر كطائر خفيف. آدم أبو الانسانية صديقان يحتضنان وحوار يضيف إلى نقد حال السينما، هأعمل نمرة في السيرك لغاية ما تفرج بدور في فيلم أو بطولة. الموسيقى مبطنة للمشهد معزوفة جيدا، عصفور يعنف آدم على نية استخدام المسدس، يذهب الأخير إلى بار حيث ساكسفون غربي وآدم يشرب وحيدا مكتئبا. عصفور يغلق بابه، يخرج آدم من البار وعصفور يلاحقه، آدم يصل إلى موقع حادث مقتل الريفي وينحني على الصبي، يسأله تعرفه، الصبي في حالة توهان من الصدمة ينفي، عصفور في تركيز شديد على متابعة آدم الذي يصل إلى بناية ويلحقه ويدور حوار نفهم منه معرفته بنيته في قتل الزوجة الخائنة، جاي ليه، جاي أشوفك وانت بتقتل؟ مشهد فائق للممثلين الكبيرين، عصفور المهتم والمتفهم لأزمة صديقه المهزوم وغير القادر على تجاوز محنته، ينتهى المشهد بتطليقه للزوجة تليفونيا بالثلاثة ويحتضنان بعضهما. أتنفس الصعداء، الحمد لله. يكمل المخرج رحلته بنا في ليلة قاهرية، الصديقان معا والصبي علي تائه يصل الثلاثة حيث الحواة وعرضهم التراثي، تحية من المخرج للفن الشعب وحكمة الحاوي، هي الحياة كده، ونكون قد قاربنا على الساعة من أحداث الفيلم المنفصلة المترابطة يجمعها قلب القاهرة، ميادينها وبناياتها. ومع دخول الموسيقى المؤلفة نصل إلى القصة الرابعة وعنوان الرهان، بادئة بمرجيحة/ قناوي على السلم ينتظر أمرا. ولافتة عيادة طبيب د. خالد..، سكرتيرة العيادة رانيا يوسف يستدعيها الطبيب فاطمة ببلوزة حمراء، وشك حلو عليا تعليقا على ازدحام المركز الطبي، وحوار نفهم منه نيته الزواج منها، وتكتمل التفاصيل مع استعداد سريع منها بإزالة الشعر بالطريقة البلدية بمساعدة زميلتها الممرضة، زواج عرفي تخرج به من عنوستها وهي تقترب من الأربعين. يعلو المخرج الكاتب دراميا بهذه القصة حيث مشكلة العنوسة اجتماعيا، واستغلال الأغنياء للفقراء، الذكور وطمعهم في الإناث، زواج عرفي تصفه هي المراهنة، وحوار كاشف هوه انت لسه ما اتعلمش عليك!!، ينبيء بالأسوأ القادم. ومشهد عالي من المخرج، فاطمة جالسة في برودة الحمام وقطع على مرجيحة متوترا على السلم في مواجهة باب العيادة وكأنه يشعر بما يتم بالداخل، الطبيب معه شاهدين للزواج يبرران، كله حلال ربنا، هي متوجسة ودموعها صامتة قبل استلامها نسختها وتضعها في حقيبتها وتحتضن الحقيبة. ويستمر القطع المتوازي بين مرجيحة وما يحدث في الداخل من جماع أشبه باغتصاب، وحركة متوقعة بالتحايل لتخرج ويأخذ نسخة الزواج، يذهب للحمام ثم يختفي وتدور في العيادة الفارغة باحثة عنه، من النافذة هي ضائعة في إضاءة زرقاء لمدير التصوير الفنان عمرو فاروق، دون ثرثرة تدرك المأساة، تفتح الباب تنادي مرجيحة، اظهر يا مرجيحة، ما تخافش مش هأزعقلك المرة دي. رؤية جديدة لعلاقة قناوي بهنومة، لا قتل ولا خداع، بل تفهم من بائسين وهما بعد العنوان الأخير المكتوب على الشاشة آخر نفس، يسيران متساندين في شوارع القاهرة، كما يسير عصفور وآدم، يجمع المخرج شخوصه المتحابة الخيرة فقط بعد أن تخلصنا من الأشرار (مش عاوزين سيرتهم) الصبي علي يقترب من تجمع الحواة حيث وصل عصفور وآدم ومشهد جامع لكل الأبطال بينهم عازف الساكسفون من البار، وصعيديان بعصا التحطيب والحاوي ونمرة النار وعلي صبحي يردد الحكمة الشعبية، وعلشان يلاقي اللقمة، علشان يلاقي الهدمة، علشان يلاقي العلاج، والحياة، الحياة مش سهلة أبدا. تفاحة تتدحرج للصبي علي ويكتب عنوان الفيلم، صندوق الدنيا.

 
 
   

 

 

 

حتى ما يقرب من ربع الساعة كنت أتابع فيلما لا يعد بأي اختلاف عن السائد، تمثيل جيد ومشاهد حركة مع باسم سمرة وابنه ونزولهم إلى القاهرة، ومنها إلى الريجيسير عمرو وشخصيته المستفزة لي رغم تأكدي من وجودها بالواقع، ثم يختلف التفاعل مع ظهور موقع باعث للتفاؤل على سطح بناية بالقاهرة وشخصية يؤديها أحمد كمال وظهور علاء مرسي مرجيحة ومشهد شديد اللطف بحوار ينضح بالمحبة لهذا المرجيحة وأداء تمثيلي عالي الدهشة للثنائي كمال ومرسي. ومنه لخالد الصاوي ومنارات الخوف، علو ثاني مع ظهور الشخصية ويكون السرد الذي يتراوح في المكان الذي نجح المخرج فيه قد وضعنا على طريقة تتابع فيلمه بحكايات منفصلة مترابطة، نستعيد ما نعرفه عن شوارع وسط البلد بالقاهرة وشخصياتها ونندمج في لعبة التراكيب المشهدية بإعادة لقطة من زاوية أخرى ومشاركتنا في الربط بين الشخصيات في ثنائيات، الشاعر وزوجته الخائنة، مرجيحة وفاطمة، ثنائيات يدخل فيها ثالث الريجيسير، يصبح حوار عصفور مع آدم مريحا للمشاهد الذي سبق وأن شاهد علاقة مهينة لهذه الزوجة مع الريجيسير الذي بالغ المخرج في تقديمه كشخص سيء مما يزيد قرفنا من العلاقة ويصعب تحييدنا بل نتماهى مع آدم ونتوحد مع عصفور وهو يطلب منه أن (يرميها في الزبالة) وستلعو الدراما إلى ذروة عالية مع حكاية فاطمة وخدعة زواجها العرفي وتعذب مرجيحة العاشق المهووس وقد عرفنا حكايته في مشهده مع عصفور.

يقع الفيلم بين بين، بين سينما سائدة نمّطت شخصياتها وخاصة من النساء، وبين سينما تسعى إلى التجديد في طريقة السرد وتسكين ممثلين يكسرون التنميط، أحمد كمال/ عصفور، علاء مرسي/ مرجيحة، خالد الصاوي/ آدم، صلاح عبد الله/ د. خالد، ورانيا يوسف/ فاطمة.

فيلم عماد البهات يختلط فيه الذاتي لمخرج نازح من الريف عبر عن تجربته الخاصة مع القاهرة وصعوبة العيش فيها، ولم ينسى أن يقدم تحية لأستاذه شاهين، ولشعبه الباحث عن اللقمة والهدمة والعلاج، ولمثقفيه المتضامنين معا في مواجهة الحياة.

الفيلم هو العمل الثالث للمخرج بعد "البلياتشو ـ 2007" و"استغماية ـ 2006"، حصل على جائزة جمعية شباب الفنانين بعد اختياره كفيلم افتتاح بالأقصر الإفريقي في دورته التاسعة التي أقيمت في ظروف استثنائية قبل جائحة كورونا.

سينماتك في ـ  21 مارس 2020

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004