أمين صالح
المبدع والمتمكن من لغته الإبداعية والمحتضن كنز من الصور والدلالات، القادر
بجدارة خلق نص يحمل الشعر والقصة والفيلم السينمائي والفن التشكيلي والمنشور
السياسي.
هذا الإنسان
المتواضع يستحق أكثر من تكريم رسمي وشعبي، بل يستحق التقدير لأنه لم يفرض نفسه
على ساحة الإبداع من خلال العلاقات العامة والتسويق والترويج الإعلامي
والإعلاني، بل وبتراكمات إبداعية امتدت منذ أكثر من ثلاثة عقود ونيف كان يصنع
عوالمه بهدوء ودون ضجيج فإذا بإبداعه يخلق الضجة والصخب والإعجاب والتحول في
ساحة الإبداع.
أمين كان
أمينا لعالمه الأدبي فلم يلوث ذاته من أجل البروز أو الصعود المصطنع، ولم يتسلق
كالطحالب بل كان شامخا متنوعا في إبداعاته المتميزة، لذلك تمكن من خلق مدرسة
إبداعية جميلة وبصماته واضحة، حيث انفرد بلغة شفافة شعرية وهو يخلق القصة
وومضات سينمائية وهو يصنع الرواية لدرجة أن توأم روحه الشاعر قاسم حداد قال عنه
"انه شاعر أكثر حرية مني" كما قال عنه " انه كان العنصر الأكثر تحريضا لتجربته
من اجل اقتحام الأفق الذي كان يحلم به". بل كان دقيقا في وصفه لإبداع أمين من
انه قادم من عالم النثر إلى التألق الشعري بسرعة متناهية وكان مبكرا في ذلك
أيضا، لدرجة تمنى قاسم أن لا يكتب على غلاف روايته ( أغنية أ.ص الأولى ) إنها
رواية فقد رأى فيها نصا جديدا مغايرا لمثل هذا التصنيف، نص يتمتع بحرية تخرج عن
حدود الرواية بمفهومها المتعارف عليه، فقد كان فيها من الشعر عناصر كثيرة.
وشخصيا أرى
بان نصوص أمين صالح كلها تحمل الفنون فيها، فمنذ مجموعته القصصية (هنا
الوردة..هنا نرقص) التي صدرت عام 1973م مرورا بـ (الفراشات) عام 1977م و (الصيد
الملكي) ثم (الطرائد) و (ندماء المرفأ..ندماء الريح) و(العناصر) و(ترنيمة
للحجرة الكونية) و(المدائح) كلها تحتضن التألق الشعري والومضات القصصية
واللوحات التشكيلة والموسيقى الواضحة التي تلامسها والمقاطع السينمائية.
كان أمين
أمينا لبيانه التاريخي المشترك مع قاسم حداد (موت الكورس) وجسد أمانته
الإبداعية في (الجواشن) كعمل مشترك أيضا مع قاسم.
الميزة
الإبداعية في نصوص أمين صالح تتمثل في قدرته أن يخلق تمازجا وتلاقحا بين الفنون
دون أن يقحم الفنون ذاتها مع النص المكتوب، بمعنى أن المبدعين الآخرين الذين
حاولوا مزج الديوان الشعري باللوحات التشكيلية أو المنحوتات الخشبية أو الصور
الفوتوغرافية أو الأغنية والموسيقى أو إقحام المسرح والتمثيل أو غيرها من مثل
هذه المحاولات، في حين نصوص أمين صالح تمكنت من حضور معظم هذه الفنون في النص
المكتوب الذي تقف أمامه لتشاهد فيلما أو تتأمل لوحة أو تسمع موسيقى أو تقرأ
شعرا بجانب ثوابت الرواية والقصة سواء السريالية منها أو الرومانسية أو
السياسية.
إن المنشود
ليس فقط تكريم هذا المبدع بل قيام المعنيين بعقد ورش نقدية لدراسة وتفكيك
المدرسة الإبداعية التي أسسها أمين عبر مشواره الطويل بتراكماته التي حققت
قفزتها النوعية الأولى والطريق طويل لاكتشاف فضاءات جديدة في هذه التجربة
المتميزة والمتفردة في الإبداع البحريني المعاصر.
Jnahi2000@yahoo.com
رؤى -
عبدالله جناحي
الأيام البحرينية في 22
ديسمبر 2007