جديد الموقع

 
 
 

لاحق

1<<

05

04

03

02

01

>>

سابق

 
 
 

المذكرات الأصلية لفاتن حمامة

الحلقة الثالثة..

ننشر المذكرات الأصلية لفاتن حمامة

عصام زكريا

 

حول مذكرات سيدة الشاشة العربية «فاتن حمامة»

 
 
 

تزوجت فاتن حمامة من المخرج عز الدين ذو الفقار في ديسمبر ١٩٤٧. لم تكن بلغت السابعة عشرة بعد، وذو الفقار يكبرها باثنين وعشرين عاما

تم الزواج رغما عن أسرتها، وهو ما أثار غضبهم بشدة كما أثار عاصفة كبيرة في الصحافة، ولكن الرأى العام والأسرة سرعان ما تقبلا الأمر، وتعاملا مع الإثنين كعاشقين كللا حبهما بالزواج السعيد الأبدي، كما يحدث في الأفلام، خاصة بعد أن أنجب الاثنان ابنتهما الوحيدة «نادية» بعد نحو عامين من الزواج، وبالتحديد في يناير ١٩٥١.

خلال السنوات الأولى من الخمسينيات أصبحت فاتن أهم نجمة سينمائية، وسرعان ما نالت اللقب الذي ظل ملتصقًا بها «سيدة الشاشة العربية». 

في موسم ٥١ مثلًا قامت ببطولة ٨ أفلام، وفى عام ٥٢ قامت ببطولة ١٠ أفلام. كانت أفلامها تحقق أعلى الإيرادات، وتحظى بشعبية هائلة وحب واحترام الجمهور. وقد دشنت صورتها الذهنية كفتاة جميلة، بريئة، طيبة، ومغلوبة على أمرها.

كانت تحتل أغلفة المجلات، وتتصدر أخبارها صفحات الفن، وتجرى الحوارات الخفيفة اللطيفة، وتستعين بالمصورين المحترفين لالتقاط الصور الفنية لها، بل وتشارك في بعض إعلانات الصابون والسجائر التي تنشرها الصحف.

من يرى فاتن حمامة في هذه الفترة سوف يلاحظ التغيرات الكبيرة التي ألمت بشخصيتها بعد ذلك بسنوات. لقد أصبحت شديدة الحساسية تجاه إجراء الحوارات الصحفية، والظهور الإعلامي عمومًا، واهتمامها الزائد بصورتها جعلها مقلة جدا في أعمالها، ومترددة بشكل واضح، حتى أنها ألغت الكثير من الأعمال المكتوبة خصيصا لها قبل أسابيع من موعد تصويرها، كما رفضت المشاركة في أي إعلانات بالرغم من الأرقام الفلكية التي عرضت عليها في سنواتها الأخيرة.

بذور هذا القلق، والتعاسة بدأت بعد قليل من زواجها من عز الدين ذو الفقار، وتضخمت بعد انهيار زواجها من عمر الشريف.

كانت الفتاة التي تجسد دائما أدوار الحب عاجزة عن العثور عليه، وهى في مذكراتها التي نشرت على حلقات في مجلة «الكواكب» بداية من ٣ يوليو ١٩٥٦، تتحدث بصراحة ملفتة، وغير معتادة منها، عن أسباب هذه التعاسة.

تروى فاتن قصة حبها الأول من ضابط البوليس كمال، الذي اكتشفت فيما بعد أنه شقيق عز الدين ذو الفقار، وأن زوجها استغل علاقاته بالضباط الأحرار لينقل أخاه إلى السودان، وهى تعترف بأنها شريكة في هذه الجريمة.

تعترف فاتن أيضا بأنها غارت من ابنتها نادية، عندما أصر ذو الفقار على أن تمثل، وعندما كتبت الصحف أنها تفوقت عليها.

وفوق ذلك تروى جوانب من خيانات زوجها المتعددة، مع نساء متواضعات الأصل والطبقة، ولعلها كانت تبحث عن التبريرات التي ستدفعها لاحقًا إلى الارتماء في حب الممثل الشاب ميشيل شلهوب.

سألتنى ابنتى نادية هل أنت سعيدة؟.. فانفجرت في نوبة من البكاء

وصلت إلى قمة المجد.. وأطلقوا علىّ سيدة الشاشة العربية.. والحقيقة أننى كنت أندمج في الأدوار التي ألعبها.. وكنت أعيش هذه الأدوار.

وعندما كان يتطلب منى الموقف أن أبكي.. كنت أذرف الدموع دون أن أستعمل أي وسيلة لذلك.

وكنت أعيش في دوامة السينما.. فأنا دائمًا في «البلاتوه» أمام الكاميرا.. أو أذاكر السيناريو.

ومرت الأيام.. وبدأت أكتشف حقيقة غابت عنى طويلًا.. بدأت أكتشف أننى أعيش للفن.. وللفن وحده.. أما حياتى الخاصة، وحتى عواطفي.. فقد انزوت في ركن صغير من الوجود حتى كادت تتوه عن عيني.

وذات ليلة.. وكنت وحدى في البيت.. أنتظر عودة زوجى عز الدين.. الذي طال غيابه في الاستديو.. تساءلت:

هل أنا سعيدة؟

كان غريبًا أن أوجه مثل هذا السؤال، وكان الأغرب أن أحاول البحث عن الإجابة عليه بعد أن تزوجت، وأصبحت أمًا.. وبعد أن اشتهرت وغدوت نجمة.

ولكن الحقائق كثيرًا ما تحتجب عن أعيننا فترة.. ولكنها لا يمكن أن تحتجب إلى الأبد..

وفى مقدمة هذه الحقائق أننى لم أكن راضية.. وبالتالى لم أكن سعيدة..

حالوت أن أهتدى إلى السر في تعاستي.. وعلماء النفس يؤكدون أن الوصول إلى أصل العلة فيه الشفاء من نصف الداء.. وحاولت للمرة الأولى أن أحدد علاقتى بعز الدين.

وأنا قلما أدخن، ولكننى وجدت نفسى مدفوعة إلى إشعال سيجارة، وجلست في السرير العريض.. بملابس النوم.. أجذب أنفاسًا عميقة من اللفافة البيضاء، ثم أتلهى بالنظر إلى دوائر الدخان وهى تتصاعد.. وتتشابك.. ثم تتلاشى في الهواء.

هكذا كانت حياتي.. أوقات واهية من السعادة تلامس سعادة الآخرين ثم تضيع كما يضيع الدخان في الهواء.

إن علاقتى بعز الدين كانت علاقة تلميذة مبهورة بحب الفن.. وكان لقائى به للمرة الأولى في الاستديو وهو يُخرج فيلمًا استعراضيًا تاريخيًا لحساب المرحوم محمد فوزي.. لم يلق نجاحًا كبيرًا.. كنت أقوم في الفيلم بدور صغير.. وكان هو يخرجه.. وأدهشنى أن أراه يؤدى الأدوار كلها.. دور البطل.. والبطلة.. وحتى الكومبارس وكأنه قد خلق وهو يتمرن عليها، كان يمثل ببراعة.. وينفعل.. ويبكى ساعة اللزوم.

ومن هنا أخذت بالصدق في إحساسه..

تزوجت الأستاذ مدفوعة بنزوعه إلى الكمال.. وليس بالحب.

ومرت الأيام وبدأت أبحث عن الحب.

أبحث عنه بهدوء.. وفى سكون.. كمن أضاع شيئًا ثمينًا.. وخاف أن يكشف الضياع للناس حتى لا يسخروا منه.. فراح يبحث عنه بالسر..

وقد ضاعف من حاجتى إلى الحب إحساسى بالفراع.

فعز الدين كان يقضى نصف ساعات يومه في العمل.. والنصف الآخر في الاستعداد للعمل.. وما تبقى من وقته كان يمضيه معي.

ولم يكن هذا كافيًا لأن تصمد الحياة الزوجية لما تعتريها له من أزمات يعرفها كل بيت.. ولم يكن هذا أيضا كافيا لأن تتوطد بيننا العلاقة أكثر وأكثر.. فالعلاقة الزوجية مثل النبات الأخضر يحتاج إلى ماء كثير ليبقى على خضرته.. وإلا جف وذبل.

وأول أزمة تعرضت لها الحياة بينى وبين عز.. كانت بسبب نادية.. كانت نادية، ابنتى الأولى، وحبيبتى في الرابعة.. أو لعلها تجاوزتها بقليل حين عنَّ لعز أن يظهرها على الشاشة.

كنا نستعد لفيلمنا الأول معًا.. الفيلم الذي أنتجته وأخرجته.. وكتب قصته يوسف عيسى، حين رأى عز وهو يضع اللمسات الأخيرة في الفيلم.. كعادته.. أن تقوم نادية في «موعد مع الحياة» بنفس دورها في الحياة.. دور ابنتي.

وانزعجت للأمر.. فأنا أعرف المتاعب التي يتعرض لها الأطفال عندما يعملون بالسينما.. وأعرف البصمات التي يتركها هذا العمل المبكر.. والشهرة التي تتولد عنه.. على حياة الإنسان فيما بعد.

وقلت لعز:

أنا أحب الفن.. وأكبر دليل أننى فنانة.. وأن زوجى فنان.. والفيلم فيلمي.. ولكننى بالرغم من هذا لا أريد لنادية أن تمر بتجربتى الأولى في الحياة، لا أريد لها أن تفعل فعلتى عندما ظهرت وأنا طفلة في فيلم «يوم سعيد» فكان أن ارتبطت حياتى كلها بهذه الخطوة المبكرة.

واستمع إلىّ عز وكأنه يستمع إلى ممثل يقوم ببروفة.. ثم قال بهدوء:

وهل تكرهين لها أن تكون فنانة؟

وأجبت:

لا.. ولكنى أريدها أن تختار بنفسها طريقها في الحياة.. وألا أحاول أنا أو أنت رسم هذا الاتجاه من اليوم.

وقال لى عز بهدوء:

لا تنسى أنها ابنتي.. وأننى المسئول الأول عن مستقبلها.

ولم أرد عليه، واكتفيت بالبكاء.

دموع كثيرة تساقطت من عينى في تلك الليلة على الوسادة.. وآهات خانقة تسللت من تحت الغطاء لتموت في الظلام.

لم أغفر له.. أو لنفسي.. أننى هزمت.. ضعفت.. تراجعت.. قبلت أن تمثل نادية لأول وآخر مرة في فيلم «موعد مع الحياة».. وخيل إلىّ أننى نسيت مع الأيام تمردي.. وتبرمى بحياتي.. ولكن..

ولكن الذي حدث أننى سافرت بعدها بشهور إلى بيروت.. ثم عدت لأواجه أقوى عاصفة هبت على حياتي..

في الحياة فقرات كثيرة راكدة تخلو من الأحداث والانفعالات المهمة.. وحياتى مع عز الدين ذو الفقار، طوال المدة التي استغرقها العمل في فيلمنا الأول «موعد مع الحياة» كانت من هذا النوع، فقد ابتلعتنا دوامة العمل، فلم أعد بالتالى أفكر إلا في كل ما يختص بالفيلم، ابتداء من عقود زملائى الفنانين إلى مواعيد خروج النسخ من المعمل..

وعرض الفيلم.. عرض في دار سينما ميامى في شارع سليمان باشا، وحقق إيرادات خيالية، فقد مست القصة في الجمهور وطر الإنسانية.. ومن هنا تهافتوا على مشاهدته..

وأحسست بشيء من الراحة..

وأحسست أيضًا بشيء من الغيظ، عندما حمل إلىّ المرحوم عز الدين، مع قبلة وشاى الصباح.. جريدة أفردت نصف صفحة كاملة لنادية وحدها.. قال فيها كاتبها: لقد أثبتت نادية أن الفن يمكن أن يورث، فالذي يراها في «موعد مع الحياة» يحس أنها كادت في مشاهد كثيرة تتفوق على أمها العظيمة.

وأسعدنى أن يكتب هذا عن نادية.. بقدر ما ضايقتنى نظرات التشفى التي لمعت في عينى عز.

والواقع أن نادية كانت طبيعية في أدائها حتى لكأنها ولدت في بلاتوه..

وفى الفيلم مشهد لن أنساه ما حييت.. مشهد بكيت فيه بدموع حقيقية.. كانت اللقطة تصورني.. وأنا جالسة إلى جوار فراش نادية.. أداعبها.. وأروى لها القصص كى أجلب النعاس إلى عينيها الجميلتين..

قلت لها: إن أميرًا في مملكة بعيدة أصيب بمرض عضال عجز أمهر الأطباء في مملكته عن شفائه منه.. وقد خرج الأمير حزينًا في رحلة صيد، وهناك التقى برجل اشتهر بأنه صاحب خبرة وصاحب رأى سديد، وراح الأمير يشكو إلى الحكيم علته، فاستمع إليه الرجل جيدًا، ثم قال له:

- إن علاجك يا مولاى بسيط.. عليك أن تلبس قميص رجل سعيد مدة أسبوع وبعدها سوف تشفى نهائيًا من مرضك..

واستمعت نادية إلىّ باهتمام بالغ وأنا أروى لها القصة حتى كادت تنام قبل أن أكملها.. وتابعت القصة فقلت لها:

- وقد أرسل الأمير في اليوم التالى رجال حاشيته.. فجابوا أرجاء البلاد كلها.. بحثا عن القميص.. وعادوا في النهاية دون أن يحققوا للأمير رغبته.

وعندما أناب الأمير قائد حرسه.. قال له الأخير مغلوبًا على أمره:

- آسف يا مولاي.. فالرجل السعيد الوحيد لا يملك قميصًا.

وفوجئت بنادية تسألني.. وكان هذا خارجًا عن الحوار المكتوب:

أنت سعيدة يا ماما؟

وصاح عز الدين بعصبية:

- ستوب..

ولم أقدر على إعادة اللقطة قبل ربع ساعة.. فقد انخرطت في نوبة من البكاء.. لأن أصابع نادية الرقيقة.. مست دون أن تدري.. جرحًا عميقًا في نفسي..

والسبب في شقائى قديم.. يعود إلى أيام كنت في معهد التمثيل، فقد التقيت يومها، بضابط شاب.. وسيم، يزهو بالنجمة البراقة على كتفه، وأعجبت به جدًا، بل أقول بصراحة في هذه السطور أننى أحببته.. وقد التقيت به مرات قليلة عرفت في إحداها أن اسمه كمال.

ثم مرت الأيام واكتشفت أن «كمال» ليس إلا شقيق عز الدين الأصغر وقد عرف عز بتفاصيل الحب البرىء قبل أن يطلب يدي.. ولم يفاتحه في شيء.. وإنما اكتفى بالسعى لدى أصدقائه من كبار الضباط - وكان هو نفسه ضابطًا قبل أن يتفرغ للسينما - حتى نقل كمال إلى السودان وقد تركت هذه القصة في نفسى رواسب من المرارة.. خفت مع الأيام، ولكنها لم تتلاشى تمامًا..

وعندما سألتنى نادية هل أنا سعيدة.. تذكرت على الفور المتاعب التي لقيها كمال بسبب حبه لي.. وقلت لنفسي: إن التي تطأ في طريقها قلوب الآخرين لا يمكن أن تكون سعيدة..

بسبب إحساسى بالذنب عشت معذبة فترة طويلة.. بالرغم من أن الذنب لم يكن ذنبى وحدي.. وإنما كان لى فيه شركاء.. وأنا أحس بالراحة.. راحة الخاطئ عندما يجلس إلى كرسى الاعتراف.. فقد نفضت عن كأهلي.. بتلك السطور.. عبئًا ثقيلًا حملته طويلًا..

وانتهى تصوير الفيلم.. وأسفت جدًا.. فقد كان مقدرًا لى أن أعود إلى الفراغ الذي أخشاه.. خاصة وكان عز غائبًا في الإسكندرية.. وكنت أقرأ قصة أحببتها كثيرًا تروى سيرة الإمبراطورة جوزفين.. والمتاعب التي تعرضت لها في حياتها الزوجية.. كنت منكبة على الصفحات باهتمام التلميذة التي تذاكر دروسًا.. حين رن جرس التليفون.. وسمعت أحمد ضياء الدين يقول:

تونة، تسافرى لبنان؟

- ولم أفكر لحظة، بل قلت له على الفور:

- ياريت..

فقال المخرج الصديق:

- إذن استعدى للسفر قريبًا.. فقد دعانا موزع الفيلم لحضور حفلات العرض في لبنان..

ووضعت سماعة التليفون وأنا أكاد أطير من الفرحة.. لم تكن هذه أول زيارة لى للبلد الجميل.. فقد زرته كثيرًا من قبل.. ولكننى كنت في حاجة إلى الهروب من نفسي.. ومن متاعبي.. جاء السفر في الوقت المناسب كى لا يفلت زمام أعصابي.

وطلبت بدوري عز في فندق متروبول بالإسكندرية.. ورد علىّ موظف الاستعلامات بأدب.. فقال لى إنه قد خرج للتصوير.. ورجوته أن يبلغه رسالتى بمجرد عودته..

وكنت في ذلك الوقت قد انتقلت من مصر الجديدة.. من شارع المقريزى الموازى لشريط المترو حيث أقمت في بداية زواجي.. إلى شقة أنيقة استأجرناها في عمارة برج الزمالك.. بالزمالك. فقد رأيت أن السكنى في الضواحى غير مناسبة.. وخاصة عندما كنت اضطر في حالات كثيرة إلى العودة وحدى بعد منتصف الليل.. فالعمل في الاستديو لا يعترف بالمواعيد..

ووقفت في شرفة الشقة الجديدة.. أتسلى بمراقبة رواد نادي الضباط المواجه لنا.. وقد جلسوا في الشمس يلعبون أو يتحدثون.. وأخرجنى من تأملاتى البعيدة.. فقد كنت أرى نفسى بعين الخيال واحدة من الزوجات اللواتى أراهن أمامى أو أن حبى الأول انتهى بالزواج.. أخرجنى من الهدوء النسبى الرنين المتصل لجرس التليفون.. وهو رنين تتميز به المكالمات الخارجية دون سواها..

كان المتكلم هو عز.. وقلت له إن ضياء الدين عرض علىّ السفر فقال لى على الفور:

- أنا ما عنديش مانع.

وضايقنى رده السريع، تمامًا كما ضايقنى من قبل الليلة التي عشتها إلى جوار التليفون أيام خلافنا الأول.. فالمرأة - وهذه طبيعة فيها - تريد من الرجل أن يتمسك بها.. حتى لو كانت هي لا تريده.

لقد تمنيت أن يقول لى عز:

- هل تسافرين وحدك.. انتظرى حتى نسافر معًا.

أو حتى:

- لنؤجل البت في الموضوع حتى أعود.

ولكنه لم يقل شيئًا من هذا.. وافق على الفور..

وشعرت بفرحتى بالسفر تشوبها مرارة جديدة..

وسافرت دون أن أودع عز.. فقد كان في الإسكندرية.. لأن اللقطات التي صورت من قبل تلفت في العمل.. واضطر إلى إعادة تصويرها، ومن هنا اكتفى بإرسال برقية يتمنى لى فيها إقامة طيبة.. وعودة سريعة.

وفى مطار القاهرة التقيت بأحمد ضياء الدين.. والتقيت أيضا بصديق عزيز.. وكنت أرتاح إليه كثيرًا.. وهو المونتير المعروف ألبير نجيب.. الذي تحول إلى الإخراج فيما بعد..

ولم أشعر بالرحلة على الإطلاق.. بالرغم من أنها في ذلك الوقت كانت تستغرق ساعتين ونصف.. فقد راح ألبير يروى لنا طوال الوقت مشاهداته في باريس - وكان قد عاد منها منذ مدة قصيرة - وكانت والحق يقال ذكريات طريفة.. شدتنا إليها شدًا..

ثم هبطت الطائرة في المطار.. مطار بيروت.. والتقيت على أرض لبنان بوجوه عديدة.. بأصدقاء كثيرين.. ومعجبين أكثر..

وتلاشت متاعبى وأفكارى كما تتلاشى الغيوم عند أول شعاع شمس.

 

البوابة نيوز المصرية في

09.06.2015

 
 

المذكرات الأصلية لفاتن حمامة ـ عصام زكريا

 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004