أمين صالح

 
جديد أمينكتب في السينماجريدة الأيامجريدة الوطنالقديم.. الجديدملفات خاصة
 

جريدة الوطن البحرينية

فيتوريو ستورارو..(2-2)

باب آخر.. رحلة أخرى

بقلم: أمين صالح

بعد أن اعتذر فيتوريو ستورارو عن تصوير الجزء الثاني من فيلم " الأب الروحي"، عمل مع فرانسس كوبولا في فيلمه  " القيامة الآن" ثم "واحد من القلب" one from the heart .. يقول ستورارو:

" أثناء التحضير لفيلم (القيامة الآن) قرأت رواية جوزيف كونراد (قلب الظلام) –التي استمد منها كوبولا فيلمه- و أدركت أن القصة تتحدث عن التعارض بين ثقافتين. عندئذ صرت أبحث عن طريقة لإظهار ذلك، و شعرت أن الاختلاف هو بين الطاقة الطبيعية و الطاقة الاصطناعية. كان يتعين علي أن أتخيل تلك الطاقة و أجسدها بصريا.. تلك كانت نقطة انطلاقي."

مع " واحد من القلب" أصبح ستورارو مشاركا في ما سيكون طليعة السينما الإلكترونية. مشروع طموح كان يهدف إلى دمج الكومبيوتر و الفيديو و كاميرا الـ steadicam  في عملية صنع الفيلم. لكن لم يتحمس لهذه التجربة, و لم يدافع عنها، إلا القلة من المشاهدين و النقاد.. و بدلا من أن يكون رائدا لمرحلة جديدة في السينما، صار سببا في إفلاس كوبولا و إغلاق استوديوهاته.

ويعلق ستورارو على هذا الأمر قائلا: " تصوير الفيلم لم يكن وظيفة على الإطلاق. كان ذلك لهواً بالفعل.. كنت أحلّق. أحببت العمل مع كوبولا، لأن الفيلم يصبح جزءً من حياته. عندما يؤمن بشيء فإنه يراهن ببيته و زوجته و أولاده من أجل انجازه، و هو أمر غير عادي تماما".

عمل ستورارو في تصوير فيلم Reds ، للمخرج- الممثل وارن بيتي، لمدة عام. لكن قبل إكمال الفيلم بخمسة أيام، اعترضت نقابة المصورين في أمريكا على توظيف مصور أجنبي.. و في هذا الصدد، يقول فيتوريو ستورارو بمرارة:

" كان ذلك أشبه برفض منح الكاتب الإذن بإكمال الفصل الأخير من كتابه، أو عدم السماح للفنان التشكيلي بتحريك فرشاته لإنهاء اللوحة بلمسات أخيرة، أو حرمان المؤلف الموسيقي من فرصة اكمال الجزء الأخير من مقطوعته الموسيقية".

*   *   *

في ما يلي مقتطفات من آراء فيتوريو ستورارو في التصوير بصفة خاصة، و الفن بصفة عامة:

* الكاميرا قادرة أن تصف، أن تكتب، و أن تقول شيئا.

* المصور مؤلف يستخدم الضوء، الظل، اللون. و هو يوظف تجربته و حساسيته و ثقافته و انفعالاته ليطبع أسلوبه الخاص و ذاتيته على العمل.

* عندما تشرع في قراءة السيناريو فإنك تبدأ في تصور القصة بصريا.. و لهذا السبب ربما تدعى مصورا سينمائيا. إنك تبحث عن المفتاح الذي يخبرك كيف تستطيع أن تجد الضوء.. الضوء الذي به نحاول أن نعبّر عن أنفسنا. الفيلم حساس في ما يتعلق بما يريده التقني.. إنها إضاءة ذاتية.

* الجزء الأول من حياتي المهنية، و الطريقة التي بها كنت أحاول أن أصل إلى فهم أفضل لنفسي، كانت مبنية على بحثي و دراستي للضوء و كل ما يخص ذلك، مثل الظل و شبه الظل، الاصطناعي و الطبيعي. لاحقا، أصبحت أكثر اهتماما بخاصيات الإضاءة نفسها، نطاق الضوء، و بالألوان " أطفال الضوء".. على حد تعبير ليوناردو دافنشي.

لقد أمضيت وقتا طويلا و أنا أبحث في معنى اللون،  كيف يستجيب إليه الجسد البشري، كيف نستطيع باللون أن نجسد بصريا العاطفة و الانفعال، و كيف يتصل هذا كله بفيسيولوجيا و سيكولوجيا الكائن البشري.

بعد ذلك، بعد " الإمبراطور الأخير"، أدركت بأن علي أن أقوم بخطوة أخرى في محاولة إيجاد توازن بين كل هذه الأشياء المختلفة. في البداية، كنت أحاول بالدرجة الأولى أن أفصل الضوء عن الظل، و أن أعزل الأحمر عن الأزرق، لون معين عن لون آخر. لم يكن ذلك عن وعي دائما، لكن نتيجة لما كنت أحاول فعله. الآن حان الوقت لرؤية ما إذا أستطيع أن أقوم بتركيبها معا، أن أجد تناغما و تناسقا أكثر.

* بحساسيتي، بخلفيتي الثقافية، بتجربتي الخاصة، أحاول أن أعبّر عما أكونه حقا. أحاول أن أصف قصة الفيلم من خلال التجسيد البصري، من خلال التصوير، بحيث يستطيع المشاهد أن يشعر و يفهم، بوعي و بلا وعي، ما تتحدث عنه القصة. بالطبع أنا دائما أبذل جهدي لإتمام رؤية المخرج، لكنها أيضا قصتي الخاصة، لأنني أوظف كل ما يوجد داخل نفسي لفعل ذلك.

* الضوء هو الطاقة.. و أظن أننا لا ننشأ من هذه الطاقة فحسب، لكنها أيضا واقعنا. إن لجوهر الضوء هذه الخاصية الروحية، سواء أ كنا نعرفها أم لا نعرفها. حتى لو أننا لا نفهم، حتى لو أننا لا نؤمن، حتى لو أننا نرفض، حتى لو أننا لا نعرف، فهذا ما ينبغي أن يكونه الضوء.

* أعتقد أن كل فيلم هو جزء من حياتك، حتى لو لم ترد منه أن يكون كذلك، لأنك تعمل بينما تعيش، و من خلال عملك تعبّر عن نفسك. وخطوة خطوة، فيما تعبّر عن نفسك، تنمو ككائن بشري. و بطريقة مماثلة، كلما تنمو ككائن بشري، تعبّر أكثر عن ذاتك.. هذا يحدث في أي يوم من حياتك، يحدث في أي وقت تكلف بانجاز عمل ما.

* عندما أنتهي من فيلم ما، أقول لنفسي، لا.. إنها ليست النهاية على الإطلاق. هذه بداية شيء آخر. لقد فتحت بابا آخر. سوف أشرع في رحلة أخرى. لا أعرف إلى أين ستأخذني الرحلة، أو أين سوف تنتهي. لا أعرف ما الذي سأفعله غدا.. لكن ذلك هو جمال الاكتشاف.

المصادر:

- مجلة Films، عدد يوليو 1984

- مجلة Film Quarterly  ، عدد شتاء -95  1994 

الوطن البحرينية في

29.09.2006

 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004