أمين صالح

 
جديد أمينكتب في السينماجريدة الأيامجريدة الوطنالقديم.. الجديدملفات خاصة
 
 
 

كتب في السينما

 

الإصدار السابع

 
 
 

ضوء

« سينما مطرّزة بالبراءة »

عدنان مدانات

 
 
 

سينما مطرزة بالبراءة

 

 
 

يواظب الكاتب والناقد السينمائي البحريني أمين صالح على تزويد المكتبة السينمائية باللغة العربية بكتب سينمائية قيّمة يلعب من أجل إصدارها دور المترجم والمعد . اختار أمين صالح لأحدث هذه الكتب عنواناً مفعماً بالشاعرية هو “سينما مطرزة بالبراءة” . الكتاب الجديد مخصص لسينما المخرج الإيراني عباس كيارستمي الذي بات منذ سنوات واحداً من الأسماء الكبيرة بين مخرجي السينما في العالم ممن يملكون أسلوبية فنية مميزة خاصة به يمكن تلمسها في سائر أفلامه على الرغم من تنوع مواضيعها وقصصها . يتشابه الكتاب الجديد في توجهه العام مع الكتاب الأسبق لأمين صالح حول المخرج اليوناني ثيو انجيلوبولوس، فكل من هذين الكتابين لا يكتفي بالتعريف بأفلام المخرج، بل يتضمن مقابلات مع المخرج يتم تحليل تجربة العمل على الفيلم من خلالها، وهذا التحليل لا يتعلق فقط بآليات العمل وكشف تجربة المخرج في إدارته للقطات وللممثلين ولكافة الطاقم الفني والتقني العامل ضمن مجموعة الفيلم، بل يضيف إلى ذلك ما يمكن اعتباره ولوجاً داخل “المختبر الإبداعي” الكامن داخل دماغ المخرج بدءاً من ظهور الفكرة الأولية المتعلقة بالفيلم مروراً بتطورها وبتشكلها المتدرج عبر نص سيناريو أدبي وصولاً إلى مرحلة التنفيذ النهائي للفيلم . . هذا “المختبر الإبداعي” هو سر من أسرار خبرة كل مخرج سينمائي، أو حتى كل مبدع في مجال الفن أو الأدب، والكشف عن خفاياه أمر مهم للغاية في تطوير النظرية النقدية، وجعلها قادرة على تفسير ما لا يسهل تفسيره على المستقبل العادي للعمل الفني، بل وأحياناً، على المبدع نفسه، الذي قد تقوده أحياناً مشاعر غامضة مبهمة تتفاعل داخله وتتحكم بطريقة غير مباشرة في اقتراحه لحلول فنية لموقف ما في الفيلم، وذلك على نحو ما يحصل عند الشعراء بخاصة . ما يميز المقابلات مع عباس كيارستمي الواردة في كتاب “سينما مطرزة بالبراءة” هو قدرة كيارستمي على كشف مختبره الإبداعي وتقديمه للقارئ بطريقة ميسرة الفهم لا تعقيد فيها، وهذا أمر لا يحسب فقط لمصلحة المخرج، بل أيضاً لمصلحة المترجم المعد الذي أحسن الاختيار فاختار ما هو معبر ومكمل للمقالات التعريفية والنقدية التحليلية التي شملت كل أفلام المخرج كيارستمي القصيرة والطويلة، وحتى تجربته الرديفة في مجال التصوير الفوتوغرافي . هذه الميزة عند كيارستمي المتعلقة بقدرته على تحليل أفلامه وتجربته الخاصة لا تتوفر عادة عند الكثير من المخرجين . . هذا ما لاحظته مراراً أثناء حضوري في المهرجانات والمؤتمرات السينمائية ومشاركاتي في لقاءات مباشرة كانت تجري فيها نقاشات بين المخرجين والمشاهدين، سواء أكانوا من المشاهدين العاديين أم من النقاد، بعد عرض أفلامه، وجود نوع من التناقض في أحيان كثيرة بين التفسير الذي يدور في أذهان المشاهدين أو النقاد لفيلم ما وبين ما يجيب به المخرج على ما يطرح عليه من أسئلة حول الفيلم، أو تفسير لفيلمه من قبل المشاهدين كثيراً ما يتضمن تحميله رموزاً وإسقاطات يستغربها المخرج أو يتقبلها، لكنه بالمقابل قد يعترف بأنه لم يقصدها ولم تخطر على باله . لاحظت أيضاً تكرار الحالة التي يكون فيها المخرج عاجزاً عن تفسير ما أنجزه أو أبدعه أمام مشاهدين يعانون من صعوبة في فهم الفيلم الذي جرى عرضه عليهم، ويغطي على عجزه عن التفسير برفضه تقديم إجابات واضحة، معتبراً أنه قدم ما لديه وأنه من حق كل مشاهد أن يفهم الفيلم انطلاقاً من قراءته الخاصة له، ويمكن ملاحظة هذه الظاهرة ليس فقط عند مخرجي الأفلام الروائية بل حتى عند مخرجي الأفلام التسجيلية الذين يتعاملون مع الفيلم التسجيلي من منطلق فني شعري نتيجة تكرار معايشتي لمثل هذه الحالات وتفكيري فيها من دون الوصول إلى استنتاجات مقنعة ومفيدة، خطرت ببالي ذات يوم فكرة إعداد كتاب يتضمن مقابلات مع مخرجين عرب أستكشف عبرها ما أطلقت عليه في حينه تعبير أسرار “المختبر الإبداعي” الموجود داخل دماغ المخرج، بحيث أحاول أن أتتبع من خلال الأسئلة والأجوبة مراحل اشتغال المخرج على فيلمه، بدءاً من الفكرة الأولية التي خطرت على باله مروراً بآليات ومراحل تفكيره أثناء العمل على السيناريو الأدبي، ومن ثم السيناريو الإخراجي وصولاً إلى مراحل الإعداد وتصوير الفيلم، وبعد ذلك تركيب الفيلم بواسطة عمليات المونتاج وصولاً إلى إنجاز نسخة العرض النهائية . المشروع لم ير النور في حينه لأسباب كثيرة موضوعية، إنما الفكرة بقيت حية في الذهن أجدني اهتم بكل كتاب جديد يصدر باللغة العربية ويتضمن تحليلاً للمختبر الإبداعي لدى مخرج ما، ومن هنا اهتمامي الخاص الإيجابي بهذا الكتاب الجديد . جاء كتاب “سينما مطرزة بالبراءة” في 360 صفحة من القطع الكبير، يبدأ بمقدمة من المترجم يليها مدخل ثم مقال جاء تحت عنوان “سينما ذات امتلاء شعري” يحلل تجربة المخرج ككل، وذلك قبل الانتقال إلى الباب الأول الذي يضم مقالات تعريفية تحليلية لكل أفلام المخرج، ويضم الباب الثاني مجموعة المقابلات مع المخرج والتي يكشف فيها عن خبرته الخاصة في إخراج الأفلام وعن فهمه للسينما، أما الباب الأخير من الكتاب فهو عبارة عن مقالات لمجموعة من النقاد السينمائيين يحللون فيها عدداً من أفلام عباس كيارستمي الشهيرة، وصدر الكتاب ضمن سلسلة “كتاب البحرين الثقافية” التي تنشرها وزارة الثقافة والتراث الوطني في مملكة البحرين .

 

الخليج الإماراتية في

24.12.2011

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004