أمين صالح

 
جديد أمينكتب في السينماجريدة الأيامجريدة الوطنالقديم.. الجديدملفات خاصة
 
 
 

كتب في السينما

 

الإصدار الأول

 
 
 

السينما التدميرية

قيس الزبيدي

 
 
 

السينما التدميرية

 

 
 

يحدثنا كتاب أ. فوغل، ترجمة الناقد أمين صالح،  الصادر عن دار الكنوز الأدبية في بيروت/ 1995، عن كيف يلتقي في صالة السينما النقيضان التكنولوجيا والميتافيزيقيا، العقلاني واللاعقلاني، وكيف يتجسد التحام المتفرج بالشاشة في موقع مغلق ومنعزل يلفه الظلام وينفجر فيه الضوء من الشاشة الفضية، وكيف حينها يستسلم المشاهد إلى عالم الوهم ويغيب عن عالمه الواقعي تماما، وينسى نفسه، ولا يعود يعرف من هو ولا في أي مكان يوجد.

جوهر السينما ليس الضوء، إنه الالتقاء السري بين عالم الضوء والظلام، إنه الحلم الذي نلج فيه أنفسنا ونفقد فيه ذواتنا ونحرر لا شعورنا من الكوابح العرفية، بينما تكبت ملكاتنا العقلية وتصبح أسيرة للقمع الاجتماعي.

موضوع الكتاب، هو التحول من التابو إلى الحرية، ويحذر الكاتب من أن الأشكال والمضامين التي تنتمي إلى تنويعات السينما التدميرية، كالسينما السريالية والسرية والتجريبية والسياسية  والكوميديا وسينما العالم الثالث وسينما تحطيم السرد والهجوم على المونتاج وانتصار وموت الكاميرا المتحركة وسينما الولادة والموت...الخ، قد تبدو غير مستساغة أو غامضة، لهذا لا ينبغي علينا أن نلقى بالمسؤولية على كاهل الفنان، الذي يعكس في أشكال شاعرية وخفية التشوش والعزلة والثورة الاجتماعية، ويحاول أن يكشف لنا معنى رسائله السرية، ربما دون استخدام المنطق، ليقودنا  إلى طريق المعرفة.

لنذكر بدورنا موقف بريشت التاريخي من مسالة التماهي في المسرح: "نعرف أن الناس تذهب إلى المسرح لكي تجرف وتسحر وتنفعل وتتسامى وتفزع وتتأثر وتتوتر وتتحرر وتتشتت وتخلص وتنشط وتهرب من واقعها وتزود بالأوهام".

طرح بريشت وجرب مبدأ استبدال مبدأ "التماهي" بمبدأ "التغريب" وتساءل: "هل أن متعة الفن ممكنة عموماً على أساس آخر غير "التماهي"؟  ويتحدث رولان بارت عن التغريب، ويبين أن المتعة تنتج بوساطته من التعرف على "حدود" العرض التمثيلي، الذي توقظ مسافته وعي الجمهور في الصالة وتضعهم أمام حالة عدم وعي شخصيات الحكاية الدرامية.

لقد قادت نظرية بريشت في نفي التقابل الميتافيزيقي، بين التماهي والتغريب، إلى أهم الإنجازات في تطور علم الجمال، كما وجدت لها في السينما مريدين، تأثروا، بوعي أو بدون وعي، بمبدأ التغريب، وحاولوا تدمير صورة "التماهي" في أفلامهم.   

يتعرض فوغل، في كتابه القيم، إلى أفلام، لم تتصالح مع الماضي، وحاول مخرجوها أن يقيموا مع المتفرج علاقة عقلية أكثر مما يقيموا معه علاقة وجدانية، لأن هدفهم ألتدميري، كفنانين حقيقيين، كان يحرص على الحرية الإنسانية  ويدافع عنها. لكن فوغل يبين في نفس الوقت، إن خصال التدمير،أن يتعرض، من يقومون به، بدورهم، إلى التدمير، لان جوهره، يقوم على أساس انعكاس الصراع المادي في بنية المجتمع.

ورغم عدد الأفلام،التي تناولها الكاتب بالعرض والتقويم: أكثر من 260 فيلما عالميا،  إلا أن أكثرها لم يتاح له العرض إلا أمام جمهور قليل، كما أن اغلبها، لا يتيسّر للعرض بسهولة في معظم أقطار العالم.

alzubaidi@surfeu.de

 

الإمارات اليوم في

____ ____

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004