هل تملك الصين صناعة سينما مهمة؟.. وهل تعتبر سوقا سينمائية مهمة؟.. الاجابة المتسرعة غير مفيدة في الرد عن هذين السؤالين!.. وخلال زيارة الوفد السينمائي المصري للصين, حرص الصينيون علي أن يقولوا لنا ـ من خلال البرنامج الذي وضعوه ـ اننا نملك مستقبلا سينمائيا واعدا.. وإن الدولة ورجال الأعمال معا بدأوا حركة سينمائية قوية باستثمارات ضخمة, وانهم قادمون. حققت الصين معجزة اقتصادية ـ بكل المقاييس ـ خلال السنوات العشر الاخيرة, من خلال حركة تطوير مدهشة نحو الاصلاح والانفتاح, وكان أهم تعديل حدث أخيرا هو السماح بانضمام رجال الاعمال الي عضوية الحزب الشيوعي الصيني, واصبحت الدولة الاولي عالميا في جذب الاستثمار(500 مليار دولار خلال عشر سنوات).. من هنا كانت السينما كصناعة مستفيدة من هذه التغييرات الهائلة, ونستطيع ان نلمح هذا التغيير من فوز فيلم صيني الاب في مهرجان القاهرة الأخير, وفوز ممثلة صينية ماج شونج بجائزة التمثيل في مهرجان كان منذ ثلاثة اسابيع, وان مخرجا مثل زانج ييمو تصبح لافلامه شهرة عالمية.. اذن فالنتائج بدأت تظهر فعلا. فما الذي يحدث في الصين سينمائيا؟.. تشهد سوق التوزيع في الصين عرض عدد أفلام يتقارب من عدد الافلام التي تعرض في مصر(!!).. رغم الامتداد الهائل للاراضي الصينية, حيث يعرض في مصر بدور العرض مابين130 و140 فيلما مصريا وامريكيا, بينما يتراوح في الصين بين150 و180 فيلما( رغم ان مساحة الصين تزيد عنا9 مرات!).. والمعني ان الصين لم تكن تهتم بالسينما كثيرا في الماضي, ولكن الآن الاوضاع تتغير!.. الافلام الامريكية الحديثة اصبحت تشغل مساحة مهمة في الشوارع, فقد عرفت الشركات والاستوديوهات الامريكية قيمة هذه السوق. انتجت الصين في العام الاخير140 فيلما, تدعم الدولة أو تشارك في100 فيلم بنسب مختلفة.. ولايسمح بالاستيراد ـ حتي الآن ـ الا لعدد50 فيلما اجنبيا فقط, وهذه الافلام مقسمة الي قسمين: أفلام تقوم بشرائها الدولة وتملك حق توزيعها بدور العرض والفيديو(30 فيلما), وأفلام تعرض عن طريق مناصفة الإيرادات(20 فيلما), ومعظم الأفلام الأمريكية الكبيرة تخضع للنظام الثاني( عرض العام الماضي18 فيلما امريكيا, وفيلمان من جنسيات أخري).. بينما يخضع الانتاج المشترك للنظام الاول( انتجت4 أفلام صينية ـ فرنسية).. وقد اكد الجانب الصيني انهم يرحبون كثيرا بالانتاج المشترك مع مصر أو اي دولة.. لينا نتحرك. المفروض ان هذه الافلام تعرض في2000 شاشة بانحاء الصين, ولكن الافلام التي تشتريها مصلحة الاذاعة والافلام والتليفزيون تكون اكثر حظا في العرض, لانها تملك10 آلاف شاشة متنقلة يتم عرض هذه الافلام بها.. وقد لمست اهتماما متزايدا من الصينيين بمشاهدة السينما. اذن.. هناك اتجاه للتوسع في صناعة السينما, وفي زيادة دور العرض( تصبح داخل المولات كما في مصر!), وهم في طريقهم لرفع الحظر عن الافلام الاجنبية وفتح السوق.. وهذه الاتجاهات اكدها جانج بيمين نائب وزير الاذاعة والافلام والتليفزيون.. ونأتي للزيارة: ماذا اراد لنا الصينيون أن نشاهد؟!.. ذهبنا اولا الي أحد الاستوديوهات, ليس هناك أي جديد, والمعدات المستخدمة معظمها روسي ونعرفها في الاستوديوهات المصرية.. ثم انتقلنا الي قسم الكمبيوتر والفيديو, انهم يملكون احدث الاجهزة واكثرها تقدما( توجد في الصين1800 قناة محلية علي الاقل).. وفي نهاية الزيارة شاهدنا احدث جهاز لتحويل الفيلم السينمائي للعرض عن طريق الديجيتال في دور العرض.. وهم يهتمون كثيرا باقامة صالات عرض للديجيتال, وقد تمت اقامة54 صالة, وسوف يرتفع العدد الي100 صالة في نهاية العام.. وهناك خطة لاضافة100 صالة كل عام بداية من العام القادم. وزرنا كاعضاء للوفد المصري( نور الشريف وبوسي وطارق التلمساني وانا), مدينة السينما في هانجو, لقد اقاموا فندقا خصيصا لمن يصورون في الاستوديو المفتوح, وهذا الاستوديو اقيم من4 سنوات,وقد قاموا ببناء القصور الامبراطورية الصينية بنفس النسب القديمة, والبناء حقيقي, وتضاف له بعض الديكورات.. وكان اول الافلام التي صورت فيه البطل اخراج زانج ييمو, والذي حقق نجاحا هائلا داخل الصين في الايرادات.. وتحول الاستوديو الي مزار سياحي.. وفي الوقت نفسه تصور فيه كل الاعمال التاريخية, وبجواره تم بناء بعض المعابد والمنازل الصينية القديمة في استوديو آخر.. انه المكان الذي بلغت فيه الاستثمارات ثلاثة مليارات دولار.. والامر لاينتهي عند هذه المساحة التي تمثل الاستوديو, فقد اعتبروا المدينة كلها للسينما, وتم تجميل الجزيرة التي تحيط بالمكان, والبناء عليها.. وتقسيم المدينة لتستوعب التصوير الخارجي. انهم يتحركون في اتجاهات عديدة, وبدأت السينما كصناعة مهمة وكبري تشغل حيزا مهما من تفكيرهم واستثماراتهم, وخلال سنوات قليلة سيكون للصين شأن: انتاجا وتوزيعا وعرضا.. واعتقد ان السينما المصرية يمكن ان تجد لها مكانا ومكانة سواء عن طريق الانتاج المشترك أو التوزيع والعرض في الصين.. وافلامنا توجد هناك في شرائط الفيديو ومترجمة.. فهل هناك من يخوض التجربة أو المغامرة؟.. انها ستكون مغامرة ناجحة, لان سوق السينما في الصين مازال يعاد ترتيبها, وتبحث عن القادمين. الأهرام اليومي في 2 يونيو 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
كيف يحدث تعاون سينمائي بين مصر والصين؟! نادر عدلي |
|