يشير ارتفاع تكاليف بعض افلام هوليوود وايراداتها واجور نجومها الى ما آلت اليه صناعة السينما الاميركية في تعاملها مع ارقام فلكية تثير الذهول في بعض الاحيان، خاصة اذا ما قورنت بافلام عصر هوليوود الذهبي في ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي. فعلى سبيل المثال، بلغت تكاليف انتاج الفيلم التاريخي الملحمي الجديد «طروادة»، وهو من اوائل افلام الصيف الحالي في دور السينما الاميركية 200 مليون دولار، وذلك قبل ان تضاف الى ذلك ميزانية حملته الدعائية التي تصل الى حوالي 50 مليون دولار، وبذلك يعادل فيلم «طروادة» في تكاليف انتاجه ما انفق على فيلم «تايتانيك» 1997 الذي يمثل المركز الاول في تكاليف الانتاج في تاريخ السينما وهي 200 مليون دولار وفي الايرادات العالمية الاجمالية، وهي 835ر1 بليون دولار. وعلى سبيل المثال ايضا، بلغت ايرادات فيلم الرعب الجديد «فان هيلسنج» 64 مليون دولار خلال الاسبوع الاول لعرضه في 3575 من دور السينما الاميركية، من ضمنها 20 مليون دولار في يومه الاففتاحي، اي ان هذا الفيلم حقق خلال نصف يوم لعرضه، وهو 10 ملايين دولار، اكثر مما كانت تحققه عشرة افلام مجتمعة على مدى عدة اشهر في جميع انحاء العالم في فترة الاربعينيات من القرن الماضي، كما ان هذا الفيلم يعرض حاليا في نحو 10 بالمائة من جميع دور السينما الاميركية. وان دلت هذه الارقام على شيء فهي تدل على ان صناعة السينما الاميركية تحولت على مدى نصف القرن الاخير -بشكل عام- من انتاج الافلام الفنية الى صناعة الافلام التجارية الضخمة الانتاج التي اصبح استثمار 100 مليون دولار في الواحد منها شيئا عاديا، واصبح استخدام التكنولوجيا السينمائية المتقدمة فيها امرا طبيعيا، وقد شكل فيلما الخيال العلمي «الفك المفترس» 1975 و«حرب النجوم» 1977 نقطتي تحول هامتين في هذا الاتجاه بعد ان حصدا 471 و800 مليون دولار، على التوالي. وافلام الضخمة الانتاج هي الطابع المميز لافلام الصيف في دور السينما الاميركية التي اعدت هوليوود اكثر من 125 فيلما منها ووفرت لها عددا من كبار نجومها ومخرجيها وانفقت عليها بسخاء، والتي نستعرض عددا منها في هذا المقال، وتهيمن على افلام هذا الموسم افلام الحركة والمغامرات المثيرة وافلام الخيال العلمي والافلام الكوميدية الخفيفة، اي الافلام الترفيهية التي تقترن بموسم الصيف، الا ان الموسم السينمائي الجديد لا يخلو من بعض الافلام الجادة كفيلم «طروادة» للمخرج الالماني فونجاج بيترسين الذي اشرنا اليه سابقا، والذي يقدم قصة تاريخية حربية غرامية مشحونة بالحركة والاثارة مستمدة من ملحمة «الالياذة» للشاعر اليوناني هوميروس والتي تقع احداثها في القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وتتعلق بحب «باريس» للملكة «هيلين» المتزوجة وحصار اليونان لطروادة بمساعدة القائد اخيليوس، وقد بني حصن طروادة المستخدم في الفيلم من خشب السفن المحترقة لكي يبدو واقعيا. ويقوم ببطولة فيلم «طروادة» النجم السينمائي برادت بيت الذي بلغ اجره عن هذا الفيلم 5ر17 مليون دولار، ويتقاسم بطولة الفيلم مع كل من اريك بانا واوردلاندو بلوم وديان كروجر، ويقول المخرج بيترسين انه اسند دورين في الفيلم لكل من الممثل بيتر اوتول بطل فيلم «لورنس العرب» 1962 والممثلة جولي كريستي بطلة فيلم «دكتور جيفاجو» 1965 تخليدا لذكرى المخرج البريطاني الشهير الراحل ديفيد لين مخرج هذين الفيلمين.
وتشتمل افلام الموسم الجديد على عدد من الافلام
المتممة لافلام سابقة
حققت نجاحا كبيرا او افلاما تعيد قصص افلام سابقة ناجحة، وهما تقليدان قديمان
تتبعهما هوليوود لمحاولة استغلال افلامها الناجحة تجاريا املا في تحقيق
المزيد من
النجاح. ومن الافلام الجديدة ذات القصص المتممة ايضا فيلم الخيال العلمي «هاري بوتر وسجين ازكابان» وهو الحلقة الثالثة في سلسلة افلام «هاري بوتر»، ويعود في هذا الفيلم الذي يواصل سلسلة من المغامرات في عالم السحر والسحرة طاقمه التقليدي من الممثلين البريطانيين الذين يضمون دانيال رادكليف وروبرت جراينت وايما واتسون، وبين الوجوه الجديدة في الفيلم الممثلة ايما تومسون والممثل مايكل جامبون الذي حل محل الممثل الراحل ريتشارد هاريس في الفيلمين السابقين، وقد حل محل مخرج الفيلمين السابقين كريس كولومبوس في الفيلم الجديد المخرج المكسيكي الفونسو كوارون، ويعد الفيلمان السابقان في هذه السلسلة من انجح الافلام على شباك التذاكر في تاريخ السينما، فقد بلغت ايراداتهما العالمية الاجمالية 835ر1 بليون دولار. وتشتمل الافلام الجديدة المتممة لقصص افلام سابقة على فيلم الرسوم المتحركة «شريك- الجزء الثاني» الذي يعود فيه طاقم ممثلي الفيلم الاول مايك مايرز وايدي ميرفي وكاميرون دياز وينضم اليهم الممثل الاسباني انتونيو بانديراس بطل فيلم «قناع زورو» 1998 والمغنية الشهيرة جولي اندروز بطلة فيلم «صوت الموسيقى» 1965، وينضم الى احد مخرجي الفيلم الاول اندرو ادامسون المخرجان كيلي آزبوري وكونراد فيرنون في الفيلم الجديد الذي يواصل مغامرات شخصيات الفيلم الاول في اطار هزلي ساخر، يشار الى ان فيلم «شريك» 2001 حصد اكثر من 455 مليونا على شباك التذاكر في سائر انحاء العالم، وكان اول فيلم رسوم متحركة طويل يفوز بجائزة الاوسكار. ويعيد فيلم «زوجات ستيبفورد» في الموسم الجديد قصة فيلم بنفس العنوان حقق نجاحا فنيا وتجاريا كبيرا في العام 1975 واستندت اليه ثلاثة افلام تلفزيونية ضعيفة في السنوات اللاحقة، ويقدم المخرج فرانك اوز في الفيلم الجديد مجموعة من الممثلين القديرين بينهم نيكول كيدمان وماثيو برودريك والمغنية بيت ميدلر وجلين كلوس وكريستوفر واكين، ويستمد فيلم «زوجات ستيبفورد» اسمه من بلدة تقع في ولاية كنيتيكت، ويقوم كاتب السيناريو بول رودنيك بتطوير القصة القديمة للكاتب ايرا ليفين التي تتعلق بحالة الغموض المرتبطة بعلاقة عدد من الازواج بزوجاتهم بادخال شخصيات انسان آلي ليحلوا محل الزوجات، وتقديم القصة بقالب كوميدي. كما يعيد المخرج المعروف جوناثان ديمي تقديم قصة الفيلم المتميز «المرشح المنشوري» 1962 الذي تقع احداثه بعد الحرب الكورية بحيث تقع احداث الفيلم الجديد بعد حرب الخليج، وتتعلق بمسح دماغ عسكري اميركي سابق للتجسس على بلاده، ويقوم ببطولة الفيلم الجديد ثلاثة من الممثلين الفائزين بجوائز الاوسكار هم الممثل دنزيل واشنطن وميريل ستريب وجون فويت. ويعود النجم السينمائي رقم واحد في العالم توم كروز في فيلم «الفرعي»، وهو اول افلامه منذ قيامه ببطولة الفيلم التاريخي الملحمي «الساموراي الاخير» 2003، ويقوم توم كروز في هذا الفيلم للمخرج مايكل مان بدور قاتل محترف يستخدم سائق سيارة اجرة لنقله الى جرائم القتل التي يرتكبها الى ان ينقله السائق ذات مساء لقتل شخص يعرفه شخصيا، وهذه هي اول مرة يقوم فيها توم كروز بدور شرير منذ فيلم «مقابلة مع مصاص الدماء» 1994. ويقدم المخرج المعروف ستيفين سبيلبيرج انجح مخرج علي شباك التذاكر في تاريخ السينما، فيلم «مبنى المطار» الذي يجمعه مرة اخرى مع النجم السينمائي توم هانكس الفائز بجائزة الاوسكار والممثلة كاثرين زيتا- جونز الفائزة بالاوسكار ايضا. ويستند هذا الفيلم الى وقائع شبه حقيقية تتعلق بمهاجر يقع انقلاب عسكري في بلاده اثناء توجهه الى اميركا، ويرغم على العيش في مطار كنيدي بنيويورك لعدم توفر جواز سفر صالح لديه، وتم بناء مبنى مطار مؤلف من ثلاثة طوابق مماثل لاحد مباني مطار كنيدي لتصوير مشاهد الفيلم. كما تقوم الممثلة السمراء هالي بيري الحائزة على جائزة الاوسكار ببطولة فيلم المغامرات «المرأة الهرة» للمخرج بيتوف، وتشاركها البطولة الممثلة شارون ستون، وتتعلق قصة الفيلم بامرأة خجولة تنبعث قوتها الداخلية في دور المرأة الهرة، وقد بلغت تكاليف هذا الفيلم 100 مليون دولار واستخدمت فيه 60 قطة. ويعود الممثل المخضرم روبرت ريدفورد في فيلم «الخلاص» للمخرج الهولندي يان بروج، ويقوم روبرت ريدفورد فيه بدور مليونير يختطفه رجل في سبيل الانتقام والحصول على المال، وتنشأ بين الرجلين اثناء سيرهما في الغابة علاقة صداقة وثيقة، ومع ان احداث الفيلم تقع في الولايات المتحدة فقد استوحاها المخرج من حادث اختطاف حقيقي وقع في بلاده هولندا. ويقدم المخرج الهندي المولد والاميركي النشأة م.نايت شيامالان فيلم «الجزيرة» وهو سادس فيلم له ذي قصة سيكولوجية تقع احداثها في منطقة مدينة فيلادلفيا التي يقيم فيها المخرج بعد الشهرة التي حققها في فيلمه الثالث «الحاسة السادسة» 1999، وتقع احداث فيلم «الجزيرة» في العام 1897 وتدور حول بلدة صغيرة بولاية بنسلفانيا تحيط بها غابات مليئة بالمخلوقات الغامضة التي يقيم سكان البلدة معها علاقات يشوبها التوتر، ويتقاسم بطولة الفيلم الممثلون جوكوين فينكس وادريان برودي ووليام هيرت وسيجورني ويفر وبرايس دالاس هوارد، وهي ابنة المخرج والممثل رون هوارد. ويتضح من هذا العرض لبعض افلام الصيف الجديدة في دور السينما الاميركية تنوع هذه الافلام رغم هيمنة افلام الحركة والمغامرات عليها، وسيحتدم التنافس بين هذه الافلام وغيرها على اجتذاب جمهور السينما الذي سيقرر اقباله على مشاهدتها نجاح هذه الافلام او فشلها في موسم الصيف الذي تعول عليها استديوهات هوليوود، حيث يمثل هذا الموسم 40 بالمائة من الايرادات السنوية للافلام التي تعرض في دور السينما الاميركية. الرأي الأردنية في 29 مايو 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
125 فيلما لاستقبال الصيف في دور السينما الاميركية محمود الزواوي |
|