صدر للناقد السينمائي نديم جرجورة "السيرة المنقوصة" (بحث في تاريخ السينما اللبنانية) لمناسبة الاحتفال بالذكرى الخامسة والسبعين لولادة هذه السينما. فكان الكتاب شكلاً من اعادة قراءة المسار التاريخي لهذه السينما من وجهة نظر نقدية، مركزاً على الانتاج الابداعي، طارحاً اسئلة عن واقع هذه السينما والمساحة الثقافية والفنية التي تحتلها وسط المشهدين السينمائيين العربي والعالمي. ويتجنب الكاتب الدخول طرفا في السجال الذي لم يحسم: سينما لبنانية ام السينما في لبنان؟ ويعترف بأن الجزم في هذا الامر صعب، فكل ما يرمي اليه هو رسم صورة لسينما لم تتحول بعد، رغم هذا العمر المديد، صناعة متكاملة لأنها تحتاج الى المزيد من المناقشة النقدية في موضوعاتها وبنيتها وتركيبها الجمالي، رغم التطور الملحوظ منذ مطلع تسعينات القرن الماضي، في مسيرة قامت في معظمها على عاتق مبادرات فردية. معاينة هذا المسار لا تقتصر على مرحلة دون اخرى لأن سينمائيين كثرا اثبتوا حرصهم على مدى 75 عاما على تطوير اللغة السينمائية اللبنانية وعلى مواجهة الـعقبات المختلفة من اجل صناعة افلام بأشكال متعددة من التعابيرالثقافية والفنية. كل ذلك من دون تناسي الانتاج السينمائي الذي عرفته بيروت في ستينات القرن الماضي. تختلف الروايات في تاريخ ولادة السينما في لبنان. فبعضهم يرى انها ولدت عام 1929 على يد مخرج ايطالي الاصل استوطن لبنان اسمه جوردانو بيدوتي انجز الفيلم الصامت "مغامرات الياس مبروك"، فيما يرى آخرون ان البداية كانت مع مخرج مهاجر اسمه رشيد الخوري مطلع عشرينات القرن الماضي. ومن البدايات انتقل الكاتب الى الحديث عن الدور الكبير الذي لعبته الاستوديوات مثل استوديو بعلبك واستوديو هارون واستوديو الارز. واستعرض الاساليب التي اعتمدها تقنيو مرحلة البدايات في تحضير الافلام وتحميضها بالطرق البدائية. ثم يستعرض الكاتب المحطات التاريخية التي مرت بها هذه السينما، والمنعطفات الحاسمة التي تركت اثرها البارز في مسيرة هذه السينما وخصوصا النكبة وهزيمة حزيران والحرب اللبنانية التي بلغ معها التفتت مداه مع تشتت المخرجين في اصقاع الارض مع ان غالبية افلام الحرب حاولت ان تبتكر توازنا بين الحالة السائدة والمضامين العادية التي لم تخرج في معظمها عن النمطين الاستهلاكي والتجاري، ولو ان الحرب ساهمت في بلورة افق ما لسينما لبنانية لم تكن اقل من وارثة لانتاج المراحل السابقة. ومع نهاية الحرب اللبنانية تنامت ظاهرة السينمائيين اللبنانيين الشباب الذين اظهروا اهتماما ملحوظا بتقنيات الفيديو وخصوصا مع نشوء عدد من المعاهد والاكاديميات السمعية - البصرية. كما شهدت تلك الفترة عودة سينمائيين لبنانيين الى بلدهم، فبدا ان في الافق ما يبشر بنهضة سينمائية ولو بفـضـل الـمـبادرات الفـرديـة الـدائـمـة. في النهاية، لا يدّعي هذا الكتاب قراءة تاريخية شاملة إن هو الا "اضاءة متواضعة على تاريخ حافل بالالتباسات والاسئـلـة الـمعلقة" على حد قول كاتبه. دليل النهار في 28 مايو 2004 |
برتولوتشي: لقاء |
"السيرة المنقوصة" لنديم جرجورة بحث في تاريخ السينما اللبنانية |
|