شعار الموقع (Our Logo)

 

 

فجأة أصبح حسين فهمي مالكا لقسم شرطة وهو الذي لم يفكر يوما في الالتحاق بكلية الشرطة أو العمل في وزارة الداخلية، فقد استطاع بعد ثلاثين عاما من الصراع والحيرة بين المحاكم أن يسترد ملكية 'قسم حلوان' الذي صادرته الثورة ضمن ممتلكات أخري كثيرة كانت تملكها عائلته.

وباعتباره صاحب القسم توقعنا أن يكون حوارنا معه ضاحكا، وأن يهددنا بالحبس اذا لم تكن الاسئلة كما يريد، لكن ذكريات الحق الضائع والألم ثم الحسرة التي مات بها والده ووالدته استيقظت حين عرف بخبر صدور الحكم لصالحه، وتمني لو عاشا ليشهدا لحظة 'عودة الحق الي أصحابه' لكنه المستحيل بعينه.

حسين فهمي يحكي بضحكات ساخرة وأحزان حائرة قصة ثلاثين عاما من الانتظار..
يقول في البداية: لست سعيدا بهذا الحكم، فقد جاء بعد موعده بسنوات طويلة، فالدعوي القضائية مرفوعة منذ عام 1962 وظلت أكثر من ثلاثين عاما في المحاكم، وحين صدر الحكم تساءلت لماذا كل هذه السنوات؟ ولماذا كانت المصادرة من الاصل.. نحن عائلة وطنية كانت تعمل من أجل مصلحة هذا البلد، وفجأة تم الاستيلاء علي ممتلكاتها وهذا خطأ انساني ودستوري.

وما يؤسفني حقيقة أن الامر لا يتلخص في أننا ­ أخيرا ­ سوف نسترد بيتا كان قد انتزع منا، فالاحزان التي صاحبت مصادرة أملاكنا سواء قصورا أو أراضي والحسرة التي مات بها أصحاب هذه الاملاك تمر في رأسي كشريط ذكريات مؤلم.

·         من الذي قام برفع الدعوي لاسترداد 'القسم' في البداية؟

هذه الدعوي مرفوعة من أيام والدي محمود فهمي وتابعنا الامر بعد رحيله.

·         وما هي قصة قصر المانسترلي؟

هذا القصر كان مملوكا لجدتي لأبي 'أمينة المانسترلي' وما يطلق عليه 'قصر' الآن ليس الا مجرد استراحة كانت ملحقة بالقصر الحقيقي الذي تم هدمه وأقيم مكانه 'وابور مياه'!! وهذه الاستراحة كانت مخصصة لحفلات الشاي.. لاحظ حتي الفهم الخاطيء للامر، انهم يقولون عن مكان صغير جدا انه 'القصر' رغم أن القصر كانت مساحته اثني عشر فدانا.

·         أليس استرداد أملاك العائلة سواء كان قسم حلوان أو قصر المانسترلي أو غيره تعويضا عما وقع عليكم من ظلم؟

 الامر ليس بهذه البساطة، فالتأثير لم يكن علي عائلتي أو العائلات الاخري التي صودرت أملاكها فقط ولكنه أثر بشدة علي مصر كلها في الماضي والحاضر والمستقبل لأن أي مستثمر يفكر في العمل هنا يتردد ألف مرة.

وحين يقال له إن القوانين تحفظ لك حقوقك، يرد مؤكدا أن هناك من ضرب بالقوانين والدستور عرض الحائط من قبل وانتزع ممتلكات الناس والمشكلة التي لا استطيع حلها بيني وبين نفسي هي أن 'التأميم' يعني عودة 'الاملاك والاموال' الي الامة، وبالتالي يمكن تبرير تأميم قناة السويس. وأعرف مثلا أن من ضمن التأميمات كانت هناك مطاعم فول وطعمية، كما أعرف جيدا كيف مات الفنان محمد فوزي حسرة علي مصنع الاسطوانات الذي انشأه برأسمال وطني ثم صادروه بحجة التأميم، وهو ما حدث مع مختار ابراهيم، وعبود باشا وفرغلي باشا والكثيرين.

·         أنت تعيش منذ ثلاثين عاما يرافقك احساس دائم بالظلم.. كيف استطعت احتماله؟

لم اكن اسمح لهذا الاحساس أن يسيطر علي مشاعري، والحقيقة أيضا كنت أحمد الله علي نعمة الحياة، فقد قيل لنا في وقت من الاوقات 'احمدوا ربنا انكم لم تقتلوا' لأننا ثورة بيضاء!!

·         ما الذي تذكره عن أيام التأميم؟

كنت صغيرا، وحاول والدي ألا يشعرنا بأثر ما حدث واذكر انه ارتدي ملابسه وذهب ليلعب التنس . فسألته كيف تذهب للعب في ظل ما يحدث فرد قائلا: هم أخذوا مني كل شيء لكنهم لا يستطيعون تأميم رأسي، وهذا هو المهم.

·         هل كانت التأميمات سببا في بقائك بالولايات المتحدة خمسة عشر عاما؟

لا.. لكن ما حدث كان أكثر مأساوية من التأميم فقد سافرت للدراسة ثم حدثت هزيمة يونيو فأصبت بانهيار تام فقد شاهدنا هناك علي شاشات التليفزيون ما لم يطلع عليه أي مصري في الداخل، وقد شعرت بأنني التقطت أنفاسي بعد نصر اكتوبر .1973

·         هناك أكثر من نقطة مضيئة في حياتك وعلاقتك بالوطن منها نصر اكتوبر والحكم القضائي باسترداد قسم حلوان فمارأيك؟

أريد أن أوضح نقطة هامة وهي أن قيمة استرداد الاملاك لا تكمن في المال ولكنها تكمن في أن يري صاحب الحق أملاكه وقد عادت ولكنه مات بحسرة ضياعها فكيف اشعر بالسعادة هل تمحو عودة هذه الاملاك لحظات التعاسة التي عاشها أهلي.

·         هل تصادف وقبض علي أحد أفراد العائلة ولو بالخطأ وحجز في قسم حلوان؟

ضاحكا.. لا وهذا القسم يعتبر بيته!

ثم أن حلوان كلها كانت ملكا للعائلة، لان جدي هو أول من بني هناك، ومن خلاله بدأ باشوات مصر يتجهون الي هناك وانشئت محطة قطار أيضا لان جدي كان رئيس مجلس شوري القوانين والجمعية العمومية الذي أصبح مجلس الشعب الآن، وكان يستقل 'الكارتة' من القصر الي المحطة ثم يستقل القطار الي 'باب اللوق' ومن ثم يستقل 'كارتة' أخري الي البرلمان ويعود عصرا بنفس الطريقة، وهو أيضا صاحب ركن حلوان، الذي أنشأه ليجلس فيه مساء ثم أهداه للملك فؤاد باسم ركن فاروق، وانشيء من القصر طريق خصيصا اليه، وهناك في حلوان بيوت كثيرة من أملاكنا والسوق أيضا وقد استعدنا مدرسة هناك بحكم قضائي.

·         متي كانت المرة الاخيرة التي ذهبت فيها إلي هناك؟

لا أذكر

·         هل للعائلة أملاك مصادرة في مناطق أخري؟

هناك أراض في الوجه البحري والقبلي، والكثير منها كانت مزروعة وقد تم استرداد بعضها.

عودة للفن

انتقلنا بحسين فهمي الي حبه الكبير وهو الفن الذي طالما نسي أحزانه به وسألناه عن 'ياورد مين يشتريك' فقال:

- هو مسلسل رائع بدأ تصويره بالفعل، واقدمه مع سميرة أحمد ومن اخراج رباب حسين وسوف أبدأ تصوير دوري في منتصف يونيو، وهو دور جديد تماما اعتقد انه سيكون مفاجأة للجمهور وهو باختصار زوج وزيرة، ويستعرض المسلسل العلاقة بين هذا الزوج المحامي المشهور، وبين الزوجة ذات الوظيفة الهامة جدا.

وأنا حاليا اصور 'أصحاب المقام الرفيع' مع عزت أبوعوف ومحمود قابيل..
وماذا عن مشروعك السينمائي مع عزت أبو عوف ومحمود قابيل؟
­
هناك بالفعل مشروع فيلم لكن مادفعني اليه ليس الرغبة في عمل سينمائي بقدر ما هو قلق شخصي من اختفاء اللمسة الرومانسية من افلامنا خاصة ان افلام الجيل الجديد تفتقد المشاعر والعكس في التليفزيون حيث تتواجد بشكل جيد جدا، وهذا شيء يحزنني واتصور أن هذا قد يكون واحدا من أهم أسباب عزوف الجمهور عن السينما سواء في مصر أو في العالم العربي.

والفكرة التي اتمني أن تتبلور في الفيلم بشكل واضح هي تلك العلاقة بين جيلنا والجيل الجديد والملامح الانسانية التي اختفت تماما.

·         هل تمت كتابة السيناريو؟

عرضت الفكرة علي السيناريست عاطف بشاي. هناك ثلاث شخصيات تم تحديدها قبل الكتابة ويقدمها معك محمود قابيل وعزت أبوعوف..

·         لماذا؟

اخترت وجود ثلاث شخصيات من جيل واحد 'أنا وعزت ومحمود' وقد عاش كل منهم في عالمه لفترة والتقوا مرة أخري بعد أن بدأ العالم يتغير.. وهم معا يبحثون لماذا تغير العالم وأيضا يحاولون تحديد مفهوم الشباب هل هو بالسن وشهادة الميلاد أم بالاحاسيس التي يعيش الانسان بها، فأنا أذكر أثناء تصوير فيلم 'اسكندرية ليه' كان يوسف شاهين أكثر منا شبابا، وكنا نصور في منطقة سقارة، وكان أسرع من يسير ويصعد الجبل ونحن نلهث وراءه.

·         تتحدث وكأنك مخرج الفيلم؟

يضحك' اتمني طبعا، لان لدي أفكارا كثيرة أرغب في تنفيذها ، وان كنت اعوض ذلك بالاتفاق مع مخرج العمل علي الخطوط العامة.. وممكن أنفذه أنا.. فمازلت افكر ولم احسم الامر بعد.

·         أنت أقدم مشروع مخرج في مصر لم ير النور.. فلماذا؟

لأنه مشروع شديد الخطورة، وأنا لم اكن في أي مرحلة من مراحل حياتي متحمسا للممثل المخرج لأن مجتمعنا اعتاد علي نظام مختلف عن النظام الامريكي وبعض الناس يسألونني لماذا لا تكون مثل كلينت ايستوود وروبرت ردفورد، وأنا ارد دائما أن المسألة لن تكون بهذه البساطة في مصر فإذا نفذت تجربة الاخراج في فيلم.. هناك احتمالان أن ينجح أو يفشل والاحتمالان متساويان تماما ولان النجاح يحسب بإيرادات الشباك فلا يوجد شيء مضمون خاصة انني سأقدم عملا فنيا من الدرجة الاولي، وقد لا ينجح في شباك التذاكر.

اذن سيحكم علي بانني مخرج فاشل، وما اقصده ان التجربة اذا لم تكن محسومة جيدا فلا داعي لها لان هناك مساحة كبيرة من الخطورة.

·         تتحدث عن النجاح الفني والتجاري كأنهما منفصلان.. هل يحدث هذا مثلا في أمريكا؟

النجاح واحد وهذا ما يجعل الافلام الامريكية تحصد الايرادات وتشارك في مهرجانات في نفس الوقت وتنجح في الاثنين معا اما عندنا فتوجد نغمة غريبة اسمها 'فيلم مهرجانات' لا توجد في أي مكان ولكن كل فترة يظهر فيلم يجمع بين النجاح الفني والتجاري مثل 'العار' أو 'خللي بالك من زوزو' الذي حمل فكرة جيدة وحذر من الجماعات المتطرفة حين كانت في مهدها من خلال شخصية 'محيي اسماعيل' وفيه فكر اجتماعي ايضا من خلال 'زوزو' ابنة 'الغازية' وحقها في اثبات ذاتها داخل المجتمع والدراسة، فقد دخلنا بفيلم 'العار' مهرجانات وحصلنا به علي عدة جوائز ونجح فنيا كما نجح تجاريا.

·         اذن أنت تبحث عن تركيبة 'مضمونة النجاح' لخوض تجربة الاخراج هذا صحيح؟

نعم لانها خطر.

·         نعرف ان الاخراج السينمائي ليس فقط قناعة ذاتية ولكنه هاجس فني .. كيف تعالجه في داخلك؟

أنا لا أعالجه.. لانني لم أتركه فإحساسي بالكامل أثناء ادائي كممثل هو احساس المخرج فاحيانا يقول المخرج ­ مثلا ­ ان هذا المشهد سيكون من زاوية معينة فاجدني اقترح عليه زاوية أفضل للتصوير، بل اقترح أن ينتهي المشهد عند حد معين حين يكون الاسترسال لا داعي له واحذف احيانا كلمات من الحوار علي أن اعبر عن معناها بملامحي ليكون هناك تركيز في الموقف الدرامي ويمكنك أن تقول ببساطة انني مخرج لا يتحمل المسئولية في اعماله.

·         تحظي المرأة في حياتك بحكاية خاصة دائما.. من أين أتت؟

المرأة في حياتي' فهي 'حياتي' .. لا استطيع أن اعيش بدونها ودورها في حياتي هو الاهم، وكانت والدتي هي أهم سيدة في حياتي فقد علمتني كيف احب المرأة واحترمها واتعامل معها، وكانت سيدة مجتمع من الدرجة الاولي وناشطة في جمعية نسائية تهتم بضحايا الحروب اسمها 'مشوهي الحرب' انشئت بعد حرب 1948 وانضمت للجيش وكان قائدها الرئيس السابق محمد نجيب حيث كانت برتبة نقيب ولدي صور لها بالملابس العسكرية وكانت عضوا في جمعية الهلال الاحمر وجمعية تحسين الصحة وكنت اراها وهي تجهز الملابس للجنود، لم تكن سيدة مجتمع مثل اللاتي نشاهدهن في السينما ، كانت تعمل في خدمة المجتمع بشكل حقيقي، وعلمتني مع اخوتي كيف نرتدي ملابسنا ونقرأ الكتب والموسوعات.

·         والمرأة الزوجة.. الحبيبة.. ماذا تمثل في حياتك؟

زوجتي الاخيرة هي الثالثة ولدي ابنتان ، لذلك فالمرأة حياتي، ولا استطيع أن اعيش دون حب وخارج نطاق الزواج.. في الفترات التي لم اكن متزوجا فيها، عشت قصص حب كثيرة.

·         رغم قصص الحب في حياتك فان الشائعات لم تقترب منها.. لماذا؟

لانني احترم المرأة جدا، في ظل كل الظروف فعندما ننفصل يكون الانفصال بشكل راق وتجدني لا اتحدث عنها بعد ذلك، وعندما انفصلت عن الفنانة ميرفت أمين اتصل بي البعض يعرضون ان اقول واحكي عن كل شيء.. فرفضت تماما وعندما تم تكريم رموز الرومانسية في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي اخترت ميرفت أمين.

·         ومع ابنائك.. هل تستطيع أن تفصل بين حبك لهم وضرورات التربية؟

طبعا، فرغم انني احب اولادي حبا يفوق التصور الا ان هناك مواقف اتخذتها كنت قاسيا فيها الي درجة كبيرة وعذري في ذلك انني اقسو عليهم من اجلهم، فالمهم أن يفيد الاب أولاده ويفعل ما فيه صالحهم، لان الحب قد يتحول الي افساد واذكر موقفا حدث مع ابني 'محمود' وكنت قد وعدته انني سأشتري له سيارة بعد تخرجه في الجامعة، وتخرج وجاء ليطلب مني أفخم أنواع السيارات فرفضت تماما، وقلت له انني استعمل هذا النوع من السيارات لانني 'حسين فهمي' ولانني تعبت واشتريتها بمالي، ولكنك لم تعمل ولم يصبح لك مال خاص ولست 'حسين فهمي' لذلك عليك أن تعمل وتشتريها من مالك، وبالفعل سافر 'محمود' وعمل في الخارج واشتري النوع الذي اراده من ماله الخاص وارسل لي خطابا يشكرني فيه علي الموقف القديم والعكس حدث مع بعض أصدقائي الذين اشتروا لابنائهم سيارات فارهة فكانت النتيجة حوادث مأساوية.

وأنا اتبع مع أولادي نظام 'عقلك سأصرف عليه كل ما املك لكن السيارات شيء مختلف'.

·         من هم أولادك؟

محمود درس ادارة اعمال وتخصص في الفنادق، وكانت دراسته في سويسرا ثم امريكا واليوم هو مدير ادارة أحد الفنادق الكبري.

و'نائلة' درست العلوم السياسية وتعمل في النشاط الاجتماعي وتعليم الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وأنا فخور بها جدا ولها ولدان 'أحمد وحسين' وهما أولاد ابنتي صحيح لكن 'أنا مش جدو' واللي يقوللي يا جدو كاني ما سمعتش حاجة!

وهناك العروسة الصغيرة 'منة الله' انهت دراستها في الجامعة الامريكية وهناك طابور من العرسان لم يتم اختيار أحدهم بعد.

·         هل تعلمت هذا من وجودك في أمريكا؟

تعلمت هناك وتعلمت من الحياة انه يجب أن يكون للانسان قدم في الارض واخري في السماء، بمعني أن يقف علي أرض الواقع ويحلم أيضا لانه لو لم يحلم لأصبح واقعيا اكثر من اللازم ولو أغرق في الحلم لانعزل عن الواقع وصار بلا وجود، لابد أن يكون هناك توازن.

·         وماذا عن أخبار السفير حسين فهمي؟

لدينا في يوليو القادم مؤتمر يعقد في تايلاند لأربعة أيام وسوف يحضره مجموعة من الرؤساء السابقين في افريقيا ويتحدث عن حقوق المرأة والايدز في أفريقيا.

أخبار النجوم في 22 مايو 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

بعد ثلاثين عاما من الصراع في المحاكم :

حسين فهمي:

أنا صاحب القسم !

حوار: أسامة صفار