كتبوا في السينما

أربع سنوات هي عمر الفيلم السينمائي "دنيا" منذ انتهت مخرجته اللبنانية المولد والفرنسية الجنسية جوسلين صعب علي كتابة السيناريو والحوار في باريس.. ثم البحث عن تمويل له.. ثم الحضور الي القاهرة والخوض في معركة شرسة مع رجال رقابة المصنفات الفنية والتي استمرت "6 شهور" من أجل الحصول علي الموافقة ثم بدأ التصوير ستة أسابيع.. وامام المخرجة ستة أشهر أخري ليخرج الفيلم الي النور ما بين التحميض وتركيب الصوت.. والمكساج.

المخرجة جوسلين صعب تأمل عرضه في دورة العام القادم.. لذلك فهي لا تهتم بعنصر الوقت وهي فرصة لكي تعطي لكل جانب حقه.. ولتظهر صورة الفيلم كما تقول جميلة وجذابة تتفق مع موضوعه السينمائي.

و"دنيا" هو ثالث أفلام جوسلين صعب الروائية.. بعد "حياة معلقة" و"كان ياما كان بيروت" عن فترة ما قبل الحرب اللبنانية كما سبق لها أن قدمت أكثر من 30 فيلما تسجيليا طويلا وقصيرا علي مدي 15 عاما عندما كانت مراسلة حرب قدمت خلاله أفلام عن حرب 6 أكتوبر ولبنان وايران والعراق وفلسطين وفيتنام.. آخرها فيلم "امرأة من سايجون" والذي حصل علي جائزة أفضل فيلم تسجيلي من فرنسا.

وجوه جديدة

يشارك في بطولة "دنيا" محمد منير وحنان ترك وعايدة رياض وسوسن بدر وفتحي عبدالوهاب.. وفي أول تجربة بمجال التمثيل السينمائي مع وليد عوني مدير فرقة الرقص المسرحي الحديث والمطربة الشابة مي والتي تعود من خلال هذا الدور الي مجال الفن والغناء بعد فترة اعتزال دامت خمس سنوات.. وحدوتة الفيلم يتعرض لقضية ختان الفتيات وحرية المرأة بالاضافة الي العادات والتقاليد التي تحلم الفتاة في المجتمعات العربية وهي النوعية التي تمولها المحطات الأوربية باهتمام خاص وبما يثير الشك. وتدور أحداثه حول الفتاة "دنيا" ذات الجذور الصعيدية التي تهوي الرقص وتلعب شخصيتها "حنان ترك". وتلتقي بأستاذها الجامعي بشير المصري "محمد منير" الذي يساعدها علي تحقيق هوايتها.. ويتعرض للمشاكل عن أفكاره الجريئة مما يفقده بصره إثر حادث ولكنه يصر علي مواقفه.

وليس غريب ان يفوز سيناريو الفيلم بجائزة أحسن سيناريو من بين 300 سيناريو وهو ما تحول الي صدام مع الرقابة بسبب جرأة الموضوع الذي رفضته رقابة المصنفات الفنية.. فلجأت المخرجة الي لجنة التظلمات العليا فأجازته بدون حذف كلمة واحدة وعن ذلك تقول جوسلين صعب:

فوجئت برفض الرقابة للسيناريو ولكن يبدو ان رجال الرقابة قرأوا السيناريو قطعة قطعة ولم يكتشفوا جمال العمل ورقته بل انهم مارسوا مهنتهم الرقابية.

ولا أخفي عليكم لقد كتبت السيناريو بطريقة سيئة حيث لم أستطع ترجمته من الفرنسية فلجأت لمجموعة أصدقاء ساهموا في اعادة الترجمة.. ثم قامت الشاعرة كوثر مصطفي والتي يغني لها محمد منير أربعة أغنيات في الفيلم بالتعديلات الأخيرة في الحوار باللهجة المصرية.. وهو السيناريو الذي أجازته لجنة التظلمات.

قالت: الفيلم انتاج فرنسي لبناني مصري.. فمن فرنسا القناة الخامسة بالاضافة الي أحد منظمات حقوق الانسان. كما حصلت علي دعم من حكومة لبنان.. ثم هناك مكتبي الخاص للانتاج.. أما الجهة المصرية فهي إحدي شركات الانتاج التي ستساهم في بقية مراحل الفيلم.

وعندما جئت الي مصر لم يكن هناك أسماء محددة في ذهني مرشحة لبطولة هذا الفيلم.. ولكن عندما التقيت مع الفنان محمد منير في منزله أخذت قراري بالموافقة عليه في خمس دقائق.. فهو الأقرب لتقديم تلك الشخصية وهو يمتلك طاقة في التمثيل لا تقل عن امكانياته الكبيرة في الغناء.. فبداخله يبحث عن التمثيل.. ولكن الآخرين لم يستغلوا في منير ذلك بمن فيهم المخرج الكبير يوسف شاهين.. وقمة أدائه في بساطته وأري أنه يمتلك طاقة فنية تماثل امكانيات الفنان الكبير أحمد زكي.

توضح جوسلين: شخصية دنيا.. كانت ستؤديها الفنانة التونسية هند صبري ولكنها خشيت من مشاهد الرقص.. فقامت بترشيح حنان ترك لي حيث وجدت انها تستطيع أداء الدور القريب منها وتستطيع أداء مشاهد الرقص الشرقي أفضل منها.. وتؤدي دور طالبة عمرها 23 سنة تمتلك طاقة فنية هائلة حيث تعشق الرقص منذ طفولتها متأثرة بوالدتها الراقصة السابقة وتقترب من أستاذها بالجامعة والتي تجده يمتلك أفكارا جريئة فيساعدها علي تحقيق أحلامها كراقصة ويواجهان تقاليد المجتمع.

مي وعوني

وعن استعانة المخرجة بوليد عوني مصمم الراقصات ومدير فرقة الرقص الحديث بالأوبرا قالت:

هذا الدور يحتاج الي أستاذ في تعليم الرقص ولم أجد أفضل من عوني.. وهي أول تجربة تمثيل له.. ودوره يكتمل مع الأستاذ الجامعي بشير المصري "محمد منير". أما المطربة مي فقد التقيت بها مصادفة منذ عامين عند مجموعة من أصدقائي واستمعت لصوتها الساحر.. ووضعت في ذهني الاستعانة بها في فيلمي القادم وهو ما حدث خاصة انها مطربة وهناك حوار مع محمد منير من خلال الموسيقي والغناء والرقص.

فلسفة خاصة

ويقول محمد منير: وافقت علي القيام ببطولة فيلم "دنيا" علي الفور.. ولم أتردد علي قبول هذا الدور لأن الفيلم مختلف عن السينما الحالية بالاضافة الي انني أبحث عن فيلم له مستوي لا يقل عن دوري في آخر أفلامي المصير.. ودنيا يحمل فلسفة خاصة وألعب خلاله دور المفكر والفنان.. والشخصية عامة قريبة من شخصيتي في الحياة.

الجمهورية المصرية في 21 مايو 2004