شعار الموقع (Our Logo)

 

 

تُنظّم السفارة الإيطالية في لبنان، بالتعاون مع <<المركز الثقافي الإيطالي>> و<<جمعية المتخرّجين اللبنانيين في إيطاليا>>، الدورة الثالثة ل<<أسبوع السينما الإيطالية>>، بين السابع والثالث عشر من أيار الجاري، في <<قاعة المحاضرات>> في <<فندق مونرو>> (مقابل <<فندق فينيسيا>>)، تُعرض فيها سبعة أفلام بنسخ <<دي في دي>>، أُنتجت في أعوام مختلفة في الثمانينيات والتسعينيات المنصرمة، بالإضافة إلى أفلام أنتجت في الأعوام الثلاثة الفائتة.

تقدّم هذه المقالة قراءة نقدية خاصة بالفيلمين الأولين: <<القبلة الأخيرة>> لغابرييلي موتشينو و<<منافسة غير مشروعة>> لإيتوري سكولا. يُذكر أن <<هدية الميلاد>> لبوبي آفاتي عُرض مساء أمس الأحد، في حين أن الأفلام الأخرى تُعرض في الثامنة من مساء كل يوم، من الاثنين إلى الخميس، وهي: <<أسطورة عازف بيانو في المحيط>> أو <<أسطورة 1900>> كما العنوان الإنكليزي للفيلم الرائع لغويسيبي تورناتوري، الذي عُرض في الصالات اللبنانية قبل أعوام قليلة، <<إنهم يضحكون هكذا>> لجياني آميليو، <<هكذا هي الحياة>> لآلدو وجيوفاني وجياكومو وماسّيمو فينييه و<<من صفر إلى عشرة>> للوتشيانو ليغابو.

يبقى <<مجرّد قبلة>> أفضل ترجمة ممكنة للعنوان الإيطالي لفيلم غابرييلي موتشينو، على نقيض الترجمة المعتمدة في الكرّاس الخاص ب<<أسبوع السينما الإيطالية>>، وهو <<القبلة الأخيرة>>. فالسياق الدرامي يؤكّد أن <<قبلة واحدة>> (أو <<مجرّد قبلة>>) قادرة على إحداث تغيير ما، وكفيلة بتدمير علاقات وصوغ مفارقات، كما أنها تدفع الشخصيات إلى البحث عن أجوبة ما لأسئلة إنسانية وعاطفية ووجودية مُعلّقة. فالقبلة المذكورة ليست قبلة عادية فقط. إنها تعبير مُبطّن عن حالات إنسانية مرتبكة في علاقاتها الزوجية والعائلية والأبوية، وتفسير ضمني لما يعتمل في نفوس ممزّقة، وأرواح هائمة في متاهة الألم والحب الموؤود والوجع الدفين. في مقابل هذا كلّه، غلّفت الكوميديا الخفيفة السردَ والتفاصيل والعلاقات، وكشفت باطن الأمور والنفسيات والهواجس والأوهام، في لعبة مشوّقة اخترقت المستور، وقدّمته بلغة مبسّطة وجميلة عن معنى الحبّ الحقيقي، وعن التمرّد الصامت في ذوات شابّة تبحث عن خلاصها، أو ربما عن خلاص غير مؤكّد تماما. لم يقتصر الألم الإنفعالي والرومانسي على الشباب الضائع، بل طال أيضا أناسا في خريف العمر، ظنّوا أنهم تغلّبوا على وحشية القدر، وحين وجدوا أنفسهم في متاهة القلق والتمزّق، سعوا إلى مواجهة التحدّي، وإلى ترميم الذات وصوغ اليوميات، انطلاقا من هذه التجارب كلّها.

بدا الحب، في <<منافسة غير مشروعة>> لإيتوري سكولا، مختلفا عن صورته الرومانسية في فيلم موتشينو. ذلك أن سكولا عاد إلى الأعوام القليلة السابقة على اندلاع الحرب العالمية الثانية، ليصوّر الحب في أشكال متعدّدة، في قراءته المأزق الإنساني في مرحلة الفاشية الإيطالية. حب رومانسي بين شابين، وحبّ الوطن، بعد أن شوّه فاشيو موسوليني الحبّ والوطن معا، وحبّ إنساني نابع من <<وحدة>> الحالة المأسوية بين الإيطاليين والمُهَاجرين، وبين الكاثوليك واليهود.

حكايات آنيّة وتفاصيل تاريخية

روى <<مُجرّد قبلة>> حكايات ثماني شخصيات ارتبطت فيما بينها بعلاقات مختلفة: الأهل والعائلة والصداقة والحب والجنس. شباب وعجائز، عاشوا تجارب الحب والخيانة والصدمات والعلاقات العابرة، والبحث عن خلاص فعلي من الدائرة الخانقة التي صنعها الزواج أو العائلة أو حتى علاقة الحب والجنس. هناك أيضا القلق الذاتي المعتمل في روح المرء، بسبب انتظاره مولودا، وما يُمكن أن تصنعه <<فكرة>> التحوّل من شاب في مقتبل العمر إلى أب. أما <<منافسة غير مشروعة>>، فسرد وقائع أشهر قليلة في العام 1938، من خلال عائلتين (كاثوليكية ويهودية) تقيمان في الشارع نفسه، وتتشابهان في أمور كثيرة، من دون أن يعرفا سلاما بينهما، على الرغم من قصّة الحب <<السرّي>> التي تنشأ بين الشاب الكاثوليكي والصبيّة اليهودية المنتميين إلى هاتين العائلتين المحكومتين بصراع دائم بين رجليها، بسبب منافسة طاحنة نشأت بينهما جرّاء مهنة واحدة لهما، وهي بيع الألبسة والأقمشة.

اختار <<مُجرّد قبلة>> الكوميديا أسلوبا لقراءة واقع إنساني مرتبط بمأزق الحياة اليومية وأزمة الشباب ومنتصف العمر. هناك سلاسة في سرد الحكايات المتشابكة، وفي إدارة الممثلين الذين قدّموا شخصياتهم بحرفية لافتة للنظر. هناك، أيضا، الاستخدام الموفّق للموسيقى، التي رافقت الغالبية الساحقة من الأحداث، وساهمت في تخفيف حدّة المآزق، وساعدت على تفعيل الحسّ الكوميدي. على نقيض ذلك، انحاز <<منافسة غير مشروعة>> إلى الفعل الدرامي البحت، ورسم المناخ السياسي المتوتر في العلاقة المرتبكة بين العائلتين، اللتين وجدتا في المصالحة الحقيقية بينهما نوعا من مواجهة القهر والألم والقمع الفاشي، وأسلوبا في تحمّل التخلّف والانهزام والعزلة التي صنعها وصول الفاشيين إلى السلطة.   

السفير اللبنانية في 10 مايو 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

حوار صريح مع المخرج السينمائي المصري محمد خان

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

<<مُجرّد قبلة>> و<<مُنافسة غير مشروعة>> في <<أسبوع السينما الإيطالية>>

الحب طريقاً للخلاص أو مواجهة للقمع الفاشي

نديم جرجورة

أسبوع للسينما الإيطالية

الى الثالث عشر من أيار الجاري تستمر عروض "اسبوع السينما الإيطالية" الذي افتتح مساء الجمعة الفائت في فندق مونرو، شارع كينيدي، بيروت، بشريط غابرييلي موكينو "القبلة الأخيرة" (2001) الذي يدور حول ثماني شخصيات تتقاطع حيواتهم وعلاقاتهم العاطفية. والتظاهرة هذه من تنظيم المركز الثقافي الايطالي في بيروت بالتعاون مع "جمعية الخرّيجين اللبنانيين في ايطاليا". والعروض المتبقية من اليوم الى الخميس المقبل، الساعة الثامنة مساء، هي على النحو الآتي:

- مساء اليوم: "اسطورة 1900" (1998) لجوزيبي تورناتوري، يروي قصة طفل لقيط نشأ على سفينة بين أوروبا وأميركا وربّاه طاقم السفينة ليغدو عازف بيانو ماهراً ينافس أمهر العازفين، بيد أنه لا يفلح في مغادرة السفينة الى العالم الخارجي، ومأساة في انتظاره...

- مساء غد الثلثاء: "كوزي ريديفانو" (1988) لجياني أميليو، عن شقيقين من صقلية يهاجران الى توران، وإذ يؤمن كبيرهما جيوفاني وهو أمّي، أن الثقافة وحدها تنجيه من البؤس، يطمح الى تعليم شقيقه الأصغر كي يغدو استاذاً في مدرسة ابتدائية، ولتحمّل أعباء المدرسة يضطر الى مزاولة الأعمال الوضيعة والقاسية... لكن إيطاليا المتبدلة والمتحوّلة ستكون في انتظار الشقيقين وتتبدّد أحلامهما.

- مساء الأربعاء 12 أيار: كوزي إي لافيتا" (1988) إخراج مشترك لألدو وجيوفياني وجياكومو وماسيمو فينييه، يدور حول مهمشين ومنحرفين وسجناء في ميلانو التي تتخبّط في أزماتها كالعديد من المدن الاوروبية الكبرى. أناس هامشيون ومعذّبون مدفوعون الى العنف والانحراف، باحثين عن مكان لهم في المجتمع، والرحلة شاقة ومؤلمة ومليئة بالمصادفات المأسوية.

- مساء الخميس 13 أيار: "من صفر الى عشرة" (2002) للوتشيانو ليغابوي، يقتفي رحلة أربعة أصدقاء من كوريدجيو مضوا في عطلة تاركين وراءهم العمل والعائلة والمشاكل والمسؤوليات، متوجهين الى ريميني حيث لهم ذكريات بعيدة عن عطلة امضوها في 1980 واضطروا آنذاك الى قطعها. بيد أن المدينة تغيّرت، وإن لم يتغيروا هم ويودّون تقويم حياتهم من علامة صفر الى عشرة.

10 مايو 2004