شعار الموقع (Our Logo)

 

 

شهد مهرجان الامارات الثقافي الأول تجارب العديد من المخرجات السينمائيات العربيات، من خلال افلامهن التي تعرض يومياً، اضافة الي شهاداتهن في ندوة سينما المرأة ، ثم حضورهن المتالق وسط مناقشات تعبر عن رؤاهن الفكرية والفنية.

وناقشت المشاركات في الندوة الصحافية امس الاول في دبي حول سينما المرأة ثلاثة أفلام سينمائية، الأول وثائقي بعنوان أحلام المنفي للمخرجة الفلسطينية مي المصري، والثاني روائي بعنوان رشيدة للمخرجة الجزائرية يمينة رشيد شويخ، والثالث روائي بعنوان ليل خارجي للمخرجة المصرية نوارة مراد.

ويتناول فيلم أحلام المنفي معاناة فتاتين فلسطينيتين لاجئتين تعانيان قسوة الغربة، حيث رصدت المخرجة واقع جيلهما الفلسطيني المنسي والمهمش.

وأكدت المصري أهمية الصورة السينمائية التي تختصر كثيراً من الكلام باعتبارها لغة بصرية مؤثرة، معتبرة أن هذه اللغة قد تتحدث عبر العيون ما لا يمكن قوله عبر اللسان، لأن للصورة تعبيرات مختلفة ـ حسب قولها ـ وأرادت مي من خلال تركيزها علي الصورة أكثر من الكلام المحكي أن تختصر فكرة الأمل والألم، خصوصاً عندما ركزت علي مشاهد حميمية في حديث الفتيات مع الشباب، حيث البراءة والعفوية والصراحة في كلامهم، مشيرة إلي أن العمل مع المراهقين أمر صعب للغاية ويحتاج إلي وعي كافٍ من المخرج بما يجب أن يعكسه من الواقع علي الشاشة الكبيرة.

واستطاعت المصري أن تعزز فكرة اللاجئ المنفي الحالم بالوطن، شخصية سحر تلخص قصة المنفي ابتداء بأبيها الذي استشهد مروراً بوالدتها التي هجرتها، وانتهاء بغربتها عن وطنها، كما قالت عن ظروف الشعب الفلسطيني القاسية، خصوصاً أحداث الانتفاضة التي رفدتها بمفردات تعبيرية خاصة بموضوعها، لافتة إلي أنها عاشت المعاناة أو واقع القصة في فيلمها كإنسانة فلسطينية لها همومها ومشكلاتها التي تشكل في مجملها أدواتها التعبيرية البصرية.

أما فيلم رشيدة للمخرجة الجزائرية يمينة رشيد شويخ فيتناول قصة معلمة مرحلة مدرسية ابتدائية في الجزائر ترفض تحت تهديد السلاح وضع قنبلة في المدرسة التي تعمل بها فيطلق عليها بعض شبان الحي النار، وبعد نجاتها من الموت تقرر ترك العاصمة والذهاب للعيش في القرية لكن حالها لم يتغير.

وفي هذا الفيلم أرادت يمينة أن تعكس واقع الإرهاب الذي عاني منه الجزائريون لسنوات طوال، وهي في ذلك استطاعت، كما قالت أن تتحكم بالخوف في داخلها وتقول ما تريد قوله في ساعة ونصف الساعة علي شاشة السينما، كما تمكنت من أن تؤكد استمرارية الحياة في وطن يعصف فيه العنف والإرهاب من الاتجاهات كافة، فهناك من يحب ويكره ومن يتعلم ومن يقيم علاقات اجتماعية، كما تمكنت من أن تتطرق إلي بعض تفاصيل العنف الذي ينساق وراءه البعض من دون أي أيديولوجية أو مبرر عقلاني، مشيرة إلي أنها استطاعت أن تروي قصة عبر الفيلم في وقت يتحكم فيه الإعلام الغربي بكل شيء بما فيها إحصاءات الموتي وضحايا الإرهاب في الجزائر.

وأضافت أن فيلمها يريد أن يقدم تساءلات أهمها: لماذا وصلت الجزائر إلي هذه الدرجة من الإرهاب والعنف والبربرية؟ ولماذا يلحق الشبان بالإرهابيين وما الذي يدفعهم لذلك؟

ليل خارجي تجربة جديدة

ويناقش فيلم ليل خارجي قصة أربع نساء من أجيال مختلفة يلتقين مصادفة ذات مساء، ويتعرضن طوال تلك الليلة لمواقف مثيرة، ما يدخل نوعاً من التغيير في حياتهن.
ويبدو أن المخرجة أرادت أن تركز في فيلمها كأول تجربة سينمائية لها علي التفاصيل الدقيقة في الحياة من خلال بطلاته، خصوصاً سلوك تمرد المرأة علي كثير من العادات والتقاليد الاجتماعية، مشيرة إلي أنها امتلكت في ذهنها تفاصيل كثيرة ترجمتها بصرياً عبر الفيلم. وأن الفيلم يركز علي التمرد ابتداءً من اللقطة الأولي التي تجسد التمرد المتجهم للفتاة وانتهاءً بالتمرد المتفائل الذي ينتهي بلقطة لفتاة تشعل سيجارة مرفقة بابتسامة ناعمة.

المخرجة الاماراتية نجوم الغانم تشارك في المهرجان ممثلة للإمارات في فيلمها الوثائقي بين ضفتين ، تقول: مشاركتي جاءت من منطلق تمثيل الامارات في المهرجان، وفيلمي يتحدث عن العبار الذي يعمل ما بين ضفتي خور دبي في مرحلة التحول الذي طرأ علي المجتمع الاماراتي، والانتقال من معالم المدينة القديمة الي المدينة الحديثة، ورصدت في الفيلم لحظة التحول هذه في حياة الرجل، والانتقال من هذه الحياة البسيطة الي حياة اكثر تعقيداً علي المستوي العمراني والاجتماعي والاقتصادي والنفسي، وأنا اعتبر الفيلم الآن بعد اختفاء ظاهرة العبار وثيقة مهمة.

وأبدت الغانم فرحها باللقاء المتجدد مع المخرجات العربيات والذي توج في المهرجان من خلال محور سينما المرأة وهو تخصيص موفق، لأنه كلما ذهبنا الي التحديد والتركيز علي المحاور يكون الموضوع أكثر زخماً وعمقاً، خصوصاً ان سينما المرأة تعتبر أو تسمي سينما الاقلية فكان المهرجان فرصة لإبراز هذه الاعمال المتميزة والجادة.

وترد نجوم الغانم علي من يري ان سينما المرأة محملة بالأدلجة علي حساب القيمة الجمالية للأفلام فتقول: انا لا اعتقد بوجود أدلجة في لحظة صناعة الفيلم، ولكن عندما تختار من كل مخرجة فيلماً عن المرأة وتجمعها في مهرجان واحد ومحور واحد، تبدو فيها الأمور وكأنها مؤدلجة، إلا أننا جميعاً ومن دون استثناء لا نعتمد في أعمالنا علي الفكر المسبق، ولكن الموضوع يتخلق ويتمحور من خلال التنظيم كما ذكرت وجمع اعمال معينة عن المرأة في ندوة واحدة.

وتضيف الغانم: أنا ضد أي مبررات تحاول تعزيز هذا التوجه نحو أدلجة الفن، حتي ولو كان الأمر يتعلق بقضايا مهمة كقضية المرأة، لأن العمل السينمائي لا يتحمل التركيز في المضمون علي حساب القيمة الجمالية للفيلم.

المخرجة ليانة بدر مخرجة أفلام وثائقية وروائية وكاتبة سيناريو فيلم القدس في يوم آخر زواج رنا تؤكد علي ان عقد ندوة سينما المرأة ضمن فعاليات مهرجان الامارات الثقافي الأول مبادرة ايجابية وتدل علي توجه حضاري يفسح المجال أمام تطور العمل الفني، وخصوصاً في ما يخص المرأة فتقول: اعتقد ان سينما المرأة تمتلك خصوصية فنية وفكرية معاً، أو هي لم تحظ حتي الآن بالدراسة والاهتمام، لأنها تحمل دلالات لمشاركة المرأة في بناء المجتمع الحضاري وجوانبه الثقافية.

وتشارك ليانا بدر في هذا المهرجان ككاتبة سيناريو للفيلم الذي اخرجه هاني أبو أسعد، وقصة الفيلم تدور حول الفتاة المقدسية رنا التي تتواجه مع والدها حول قضية زواجها، لنشاهد الوضع الصعب أمام هذه الفتاة التي تحاول ان تحقق ذاتها رغم الصعوبات الاجتماعية التي تواجهها من جهة، والاحتلال وممارساته من جهة أخري، لذا فهو يصور حالة الشعب الفلسطيني وينقل لنا معاناته.

وعن معاناة فريق العمل في اثناء تصوير الفيلم تقول: وجدنا صعوبات جمة خصوصاً تلك المشاهد داخل المدينة المقدسة، وكذلك امام الحواجز العسكرية المزروعة في كل مكان، ذلك ان المخرج اصر علي تصوير المواقع الاصلية المكتوبة في السيناريو، لدرجة ان في احد مشاهد الفيلم تبدو تلك الكاميرات الاسرائيلية التي وضعها الجيش الاسرائيلي في طرقات القدس لمراقبة المواطنين الفلسطينيين، وترصد خطواتهم وحتي ملامحهم.

أما عن تركيز الفيلم علي المرأة فتؤكد ليانة بدر: ذلك لكون المرأة من العناصر الفعالة في القضية الفلسطينية، اضافة الي الانطلاقة نحو رؤية الصراع الاجتماعي بين تلك الفتاة ووالدها الذي يريد ان يزوجها بمن لا تحبه ولا تريده، وذلك من خلال عيون الجيل الفلسطيني الشاب الذي يطمح ايضاً إلي تحقيق طموحاته ورغبته في العيش واسلوبه وطريقته الخاصة في الحياة. وتضيف ليانة بدر: الفيلم ينتمي الي الرؤية الواقعية، وقد كرّم بجعله فيلم الافتتاح في مهرجان كان عام 2002، ونال جوائز عدة منها جائزة الممثلة الفلسطينية كلارا خوري عن افضل ممثلة.

القدس العربي في  15 أبريل 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

مخرجات سينمائيات عربيات في مهرجان الامارات الثقافي:

نرفض أدلجة العمل الفني وأفلامنا تعبر عن الصراع الاجتماعي ومعاناة المرأة العربية

جمال المجايدة