شعار الموقع (Our Logo)

 

 

يطبق النظام الحالي لتصنيف الافلام السينمائية في الولايات المتحدة بصورة تطوعية منذ العام 1968، وقد حل هذا النظام محل نظام تطوعي اخر للرقابة السينمائية الذاتية امتد تطبيقه منذ العام 1934 حتى العام 1967، ولابد من الاشارة الى ان هذين النظامين هما نظامان تطوعيان وضعتهما صناعة السينما الاميركية نفسها ليناسبا مرحلتين زمنيتين مختلفتين.

حيث لا توجد في الولايات المتحدة اي رقابة حكومية على الافلام السينمائية. وسوف نستعرض فيما يلي تاريخ تصنيف الافلام السينمائية في الولايات المتحدة واسبابه والمراحل التي مر فيها والتغييرات التي ادخلت عليها تماشيا مع تطورات العصر.

ظهرت البوادر الاولى للحاجة الى نوع من الرقابة او التصنيف السينمائي في الولايات المتحدة في اوائل فترة العشرينيات من القرن الماضي بعد ان تحولت السينما الى صناعة رئيسية تقدم عدة مئات من الافلام السينمائية سنويا وبعد ان وصل عدد دور السينما في الولايات المتحدة الى 000,20 صالة عرض.

وظهر انذاك عدد من الافلام الجريئة في عرض المشاهد الجنسية ومشاهد العنف والجرائم، مما اثار موجة احتجاج كبيرة في اوساط رجال الدين والسياسيين وبعض القطاعات الشعبية، ورافق ظهور تلك الافلام بعض الفضائح الشخصية المتعلقة ببعض الممثلين السينمائيين.

وفي العام 1922 وقع اختيار مؤسسة منتجي وموزعي الافلام السينمائية في اميركا على وزير البريد الاميركي السابق ويل هيز كمدير لمنظمة جديدة كلفت بتحسين الصورة الايجابية لهوليوود، وفي العام 1930 صدر ما يعرف «بنظام هيز» الذي يحمل اسم ذلك الوزير والذي وضع موضع التنفيذ في العام 1934.

وقد تميزت اوائل فترة الثلاثينيات من القرن الماضي بصدور المزيد من الافلام الجريئة، وخاصة ما يتعلق منها بالموضوعات والمشاهد الجنسية التي كانت اشهر رموزها الممثلة جين هارلو الملقبة «بالشقراء البلاتينية» والتي توفيت في سن السادسة والعشرين.

وقد عجلت مثل هذه الافلام الجريئة بتطبيق «نظام هيز» في العام 1934 بعد ان تزايدت الضغوط على المؤسسة السينمائية في هوليوود، وقام مديرو استديوهات هوليوود الكبرى بمنح دعمهم التام لما اصبح يعرف بـ «مكتب هيز» الذي قام بتطبيق انظمته على افلام هوليوود بحزم وشدة ودون هوادة. وتضمن «نظام هيز للافلام السينمائية» مجموعة من القواعد التي حكمت مضامين الافلام السينمائية فيما يتعلق بالجنس والعنف والقواعد الاخلاقية.

وفرضت هذه المعايير على الكتاب والمخرجين السينمائيين في جميع الافلام السينمائية الاميركية التي انتجت منذ العام 1934، واستمر تطبيقها على مدى سنين عديدة، بمساندة من المؤسسة السينمائية في هوليوود والتي كان هدفها انتاج افلام «نظيفة» ومربحة بعيدا عن أثار المشاكل مع اي قطاع من قطاعات المجتمع.

وشملت تلك القواعد السينمائية سلسلة من المعايير الاخلاقية التي فرضت على افلام هوليوود ومن اهمها انه «لا يجوز لاي فيلم ان يسهم في اضعاف المعايير الاخلاقية لمن يشاهدونه» او «ان يصفح عن او يمجد الجريمة او ان يسمح بعدم معاقبة عناصر الشر»، وما الى ذلك من المعايير التي استوجبت ايضا عدم استخدام الالفاظ النابية.

ومن الامثلة الشهيرة على دقة وحزم تطبيق «نظام هيز» ان «مكتب هيز» فرض على المنتج السينمائي الشهير دفيد سيلزنيك دفع غرامة مالية قدرها 000,15 دولار بعد ان اصر هذا المنتج على عدم حذف كلمة «لعنة» من حوار المشهد الاخير بين بطلي الفيلم الشهير «ذهب مع الريح».

والذي ردد فيه بطل الفيلم كلارك جبيل الذي قام بدور «ريت بتلر» تلك العبارة في تعبيره للممثلة فيفيان لي التي قامت بدور «سكارليت اوهارا» عن عدم اكتراثه بما يحدث قبل رحيله عنها، ولعل هذا المبلغ الكبير في عرف تلك الايام يعبر عن مدى الحزم في تطبيق «نظام هيز».

الا ان قواعد هذا النظام اصطدمت بواقع الحياة الاميركية مع مرور الزمن لانها حاولت فرض رؤية مثالية للمجتمع الاميركي، وهي رؤية لا تعكس حقيقة المجتمع الاميركي بل تصور ما يجب ان يكون عليه ذلك المجتمع، ومن الامثلة على ذلك انها منعت استخدام النعوت العنصرية .

في مجتمع يعاني من التفرقة العنصرية وحظرت امورا كالانتحار او الطلاق الا كملاذ اخير في مجتمع يسجل واحدة من اعلى نسب الطلاق في العالم، ونتيجة لذلك اوجدت السينما هوة واسعة بين الحياة كما عرضت على الشاشة والحياة كما كانت في الواقع.

ومع مرور الوقت تعمقت تلك الهوة، خاصة بعدالحرب العالمية الثانية التي عاد منها ملايين الجنود الاميركيين الى بلادهم بعد الانفتاح على العالم، وغير ذلك من العوامل كالازدياد الكبير في عدد الجامعات الاميركية.

كما حدث في تلك الفترة تطوران مهمان ارغما هوليوود على اعادة تقييم نفسها، اولهما واهمهما هو انتشار التلفزيون على نطاق شعبي، مما ادى الى فقدان دور السينما لقطاع كبير من روادها، وثانيهما هو ظهور الفيلم الايطالي الواقعي الذي قدم للمشاهد الاميركي صورة واقعية مغايرة لما يشاهده في الفيلم الاميركي، وسرعان ما انتشر الفيلم الواقعي الى فرنسا وبريطانيا والسويد، مما وضع مزيدا من الضغط على هوليوود للحد من تدخل «مكتب هيز» الذي دأب السينمائيون الاميركيون على اتهامه بالحد من الخلق والابداع في اعمالهم السينمائية.

ومع بدء عقد الخمسينيات من القرن الماضي بدأت بوادر الافلام الواقعية تظهر في السينما الاميركية استجابة لرغبات الجماهير التي شدها التلفزيون، وقدمت هوليوود في تلك الفترة مجموعة من الابتكارات لشد الجمهور اليها ومنها السينما سكوب والسيناراما والسينما المجسمة التي لم يعمر منها سوى السينما سكوب او الشاشة العريضة.

واصدرت المحكمة العليا الاميركية في فترة الخمسينيات قرارها الحاسم المعروف باسم «قرار المعجزة» الذي اعترف بحماية الافلام السينمائية ضمن الت الاول للدستور الاميركي، وهو تعديل ينص على حماية الحريات الاساسية ومنها حرية التعبير عن الرأي، وبذلك لم يعد التقيد بأنظمة «مكتب هيز» ملزما من الناحية القانونية.

ونتيجة للتطورات الاجتماعية والثقافية والسياسية التي شهدتها الولايات المتحدة منذ فترة الثلاثينيات اي حين بدأ تطبيق «نظام هيز» للرقابة السينمائية التطوعية وحتى فترة الستينيات، تعمقت الهوة بين ذلك النظام وبين واقع الحياة الاميركية، وازداد تحدي افلام فترتي الخمسينيات والستينيات لقواعد ومعايير ذلك النظام.

حتى فقد ذلك النظام بحلول اواخر فترة الستينيات قيمته الفعلية، مما شجع رئيس مؤسسة الافلام الاميركية جاك فالينتي على الغاء «نظام هيز» في العام 1967 كخطوة تمهيدية نحو اصدار نظام تصنيف جديد للافلام السينمائية.

وفي الاول من شهر نوفمبر من العام 1968 بدأ تطبيق نظام التصنيف السينمائي الجديد، وهو نظام تطوعي كسابقة الا انه يستند الى تقسيم الافلام الى خمس فئات حسب أعمار المشاهدين الذين يسمح لهم بمشاهدتها، ابتداء بالتصنيف الاول الذي يسمح لجميع افراد الاسرة بمشاهدة الفيلم وانتهاء بالتصنيف الخامس الذي لا يسمح لمن هم دون سن السابعة عشرة بمشاهدة الفيلم.

اي ان النظام الجديد يضع المسئولية على المشاهد او على والده او والدته او ولي امره او من يرافقه من الكبار اذا كان صغيرا في السن، ويترك للمخرج السينمائي مطلق الحرية في ان يفعل او يقول ما يشاء في فيلمه.

ولكن على هذا السينمائى ان يتوقع القيود المفروضة على اعمار مشاهدي فيلمه بناء على ما قدمه في ذلك الفيلم، الا ان نظام التصنيف الجديد يسمح للمخرج السينمائي بأن يعترض على تصنيف فيلمه وان يستأنف قرار التصنيف، ومن الممكن تغيير قرار التصنيف بعد موافقة المخرج على إجراء التغييرات اللازمة في فيلمه.

وقد استغل الكثيرون من المخرجين السينمائيين فرصة الحرية الجديدة المتاحة في نظام التصنيف السينمائي الجديد بالافراط في مشاهد الجنس والعنف والدم والجرائم والالفاظ النابية في افلامهم، مما ادى الى أثر معاكس في اقبال الجمهور على مشاهدة الافلام السينمائية، وبذلك خسرت السينما جمهورا عريضا من المشاهدين الذين كانت تلك الافلام تسعى لاجتذابهم، علما بأن هذه المشاهد تروق في الوقت ذاته لقطاع واسع من المشاهدين.

وقد تم تعديل نظام تصنيف الافلام السينمائية الحالي مرتين منذ صدوره في العام 1968 فيما يتعلق بالفئات العمرية التي يسمح لها بمشاهدة الافلام المختلفة، وذلك زيادة في الدقة والتوضيح.

ويذكر ان الاشخاص الذين يكلفون بتصنيف الافلام يتم اختيارهم من افراد المجتمع العاديين الذين يشاهدون كل فيلم ويناقشونه ثم يوافقون على تصنيفه بأغلبية الاصوات.

ولابد من الاشارة الى ان نظام تصنيف الافلام السينمائية لايصدر احكاما على جودة الافلام او ضعفها، اي انه لا يقوم بما يفعله الناقد السينمائي، ويوافق او لا يوافق على مشاهدة الفيلم ولا يفرض عليه اي رقابة كما تفعل بعض المؤسسات الدينية في الولايات المتحدة.

بل يكتفي بتحديد الفئات العمرية المناسبة لمشاهدة الافلام السينمائية، ويترك للآباء والامهات ولاولياء الامور القرار الاخير في السماح او عدم السماح للاطفال والمراهقين بمشاهدة تلك الافلام.

البيان الإماراتية في  14 أبريل 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

يحدد الفئات العمرية للمشاهدين

الرقابة السينمائية الأمريكية تتطور مع الزمن

محمود الزواوي