شعار الموقع (Our Logo)

 

 

يؤكد الباحث والناقد المصري محمود قاسم في كتابه الجديد الصادر ضمن سلسلة الفن السابع عن وزارة الثقافة السورية تحت عنوان «الفيلم الروائي السوري» انه ليس هناك تفسير محدد للتعثر الملحوظ الذي حدث في بدايات السينما السورية مقارنة بما تم في مصر ولعل السبب الذي حدث في وادي النيل ان العاملين بالمسرح كانوا وراء دفع التيار المتدفق في انتاج الافلام فرغم ان الافلام القليلة الاولى في السينما المصرية قد تمت في المقام الاول على ايدي هواة السينما مثل عزيزة امير واستيفان روستي والاخوين لاما.

فان الذي حمل لواء السينما فيما بعد خاصة من النجوم هم رجال المسرح ومنهم يوسف وهبي منتج فيلم «زينب» وصاحب اول فيلم ناطق وهو «اولاد الذوات».

وفي سوريا لم تكن هناك حركة سينمائية قوية في البداية بسبب عدم وجود منافسة بنفس القوة بين صناع المسرح رغم وجود حركة مسرحية قوية في تلك الفترة حيث يعزى الانتاج السينمائي القليل طوال عقود من الزمن الى التعامل مع السينما من خلال مجهودات فردية انتاجا وتمثيلا الى ان تكتلت جهود ملحوظة مع تأسس المؤسسة العامة للسينما في سوريا في عام 1963 فصار انتاج الافلام بمثابة طموح قومي.

وفي هذا الاطار يشير الباحث الى ان السينما الروائية السورية شهدت بدايتها الحقيقية في منتصف الستينيات على ايدي بعض المخرجين السوريين واللبنانيين القادمين من مصر بعد تجربة طويلة من العطاء خاصة يوسف معلوف وسيف الدين شوكت ولاسيما بعد ان فتحت الحكومة الابواب لصناعة افلام سينما بتأسيس المؤسسة العامة للسينما في سوريا.

حيث لعبت عودة بعض المخرجين السوريين واللبنانيين الى سوريا لاسباب مختلفة دورا مهما في هذه الصحوة والحياة التي دبت في الجسد النائم للسينما في سوريا منها هروب بعض الفنانين من مصر بسبب مشاكل مع مصلحة الضرائب او مع النظام السياسي واجهزة الاستخبارات فهذه العودة دفعت الى تحويل دمشق وبيروت الى هوليوود بديلة حيث بدأت هذه العودة في لبنان في العامين الأخيرين من الخمسينيات على يد المخرج محمد سلمان الذي سعى الى جذب نجوم السينما المصرية وعلى رأسهم صباح ويوسف فخر الدين وعماد حمدي وزوجته نجاح سلام في فيلم من طراز «مرحبا ايها الحب».

كذلك ظهور نجوم جدد في عالم الغناء والتمثيل يمكنهم ان يصيروا نجوما يذهب الناس من اجلهم لمشاهدة الافلام وعلى رأسهم المطرب فهد بلان والثنائي دريد لحام ـ نهاد قلعي الى جانب فشل التجارب السينمائية العديدة للكثير من صناع السينما السورية في مصر وخاصة الممثلين ومنهم على سبيل المثال اغراء الراقصة التي لمعت فيما بعد في السبعينيات كممثلة ومخرجة وكاتبة سيناريو وهجرة بعض نجوم السينما المصرية لاسباب كثيرة ومنهم اسماعيل يس ومريم فخر الدين وصباح وعبدالسلام النابلسي ومحرم فؤاد وفاتن حمامة.

كذلك قيام الدولة في سوريا بتأسيس هيئة عامة تتولى شئون السينما ومساندة القطاع الخاص وانشاء ما يشبه مدينة السينما في مصر واستديو للتصوير والطبع والتحميض واستيراد وحدة ضخمة للتصوير والطبع بالالوان وقد لعب هذا دورا طليعيا ففي الوقت الذي لم تكن الافلام المصرية تعرف الالوان الا للافلام الضخمة الانتاج من طراز «الناصر صلاح الدين» «واسلاماه» و«عروس النيل» و«المظ وعبده الحامولي» و«شفيقة القبطية» وصورت افلام عبدالحليم حافظ بالابيض والاسود فان افلام فهد بلان السورية كانت تصور بالالوان في دمشق اي ان السينما السورية في غالبها في تلك الفترة كانت ملونة.

كذلك يشير الباحث والناقد المصري في كتابه الجديد عن «الفيلم الروائي السوري» الى تأسيس شركات توزيع خارجي للافلام سواء داخل سوريا او لبنان علما بان اصحاب هذه الشركات كانت لديهم الخبرة في توزيع الفيلم المصري خارج الحدود فكانت الطرق معبدة لتوزيع الافلام السورية او اللبنانية الى نفس الاسواق من هنا جاءت فكرة الاستعانة بنجوم السينما المصرية في سوريا مثلا.

بالاضافة الى النجاح في جذب نجوم السينما المصرية للعمل في افلام سوريا والغريب ان السينما المصرية في تلك الحقبة كانت تعمل على جذب نجوم السينما الايطالية للعمل بها مثل جوردون سكوت وفيتورويو جاسمان ومارك دامون.

فيما يلاحظ ان هناك ما يشبه الهجرة المؤقتة من القاهرة الى دمشق وبيروت وهي هجرة في اتجاه واحد فقط اي ان السينمائيين المصريين هم الذين راحوا الى بلاد الشام دون محاولات مماثلة من اقرانهم السوريين في تلك الفترة بشكل خاص فالمطرب فهد بلان الذي ذاعت شهرته عام 1967 لم يقم بالعمل قط في فيلم مصري وظل تعاونه مقصورا على العمل في دمشق وبيروت سواء مع زوجته في تلك الآونة مريم فخر الدين او بدونها.

ورغم ان فيلم «الرجل المناسب» لحلمي رفلة تدور احداثه في القاهرة فان المتفرج لايحس بذلك كثيرا ولم يحدث للثنائي لحام ـ قلعي ان عملا في السينما المصرية قط وهي السينما التي جذبت قبل هذه المرحلة وبعدها العديد من النجوم العرب مما يعني ان الاحوال السينمائية كانت مستقرة كثيرا في تلك الفترة وان عوامل الجذب كان لها ان تؤسس السينما بكافة مراحلها المتعارف عليها في سوريا.

لذلك بدت هذه السمات واضحة في اعمال المخرجين السوريين العائدين من القاهرة والذين قرروا تقديم خبراتهم في البلاد التي بدأت تفتح اذرعها بقوة لهؤلاء العائدين وعلى رأسهم يوسف معلوف هذا في الوقت الذي بدا ان اغلب المخرجين السينمائيين الذين جاؤوا الى سوريا وكأنهم اتوا في الغالب على شرف النجاح الجماهيري الذي يتمتع به الثنائي لحام ـ قلعي فتبارى الحاضرون جميعا للعمل مع هذا الثنائي لجماهيرته من ناحية.

ولاكساب هذه الافلام طابعها المحلي فليس من الطبيعي الاتيان بالسينما المصرية الى دمشق دون ان يكون لها مذاق سوري وقد عمل في هذه الافلام اي مع الثنائي كل من حلمي رفلة وحسن الصيفي وعاطف سالم واحمد ضياء الدين، كما يلاحظ ان الكثير من هؤلاء المخرجين قد تخلوا عن السينما التي عرفوا بها مثل الرومانسية التي عكف على تجسيدها ضياء الدين او الواقعية الاجتماعية عند عاطف سالم وبدا الكثير منهم وكأنه يتخلى عن مشروعه الخاص مثلما فعل عاطف سالم وهو يقدم «زوجتي من الهيبز» والملاحظ ان اغلبهم استرد عافيته عقب عودته الى بلاده فقدم هذا الاخير فيلمه «اين عقلي» على سبيل المثال.

كما ان اغلب الافلام التي تم اخراجها سبق تقديم قصصها في السينما المصرية وهي بدورها مقتبسة عن افلام اميركية كوميدية اي ان المصريين عندما ذهبوا الى دمشق كانت معهم مشاريعهم السينمائية الكوميدية المضمونة مثل فيلم «مسك وعنبر» الذي يعد بمثابة اعادة لفيلم «سكر هانم» اخراج السيد بدير وكما فعل الكثير من المخرجين.

وحول مصادر السينما الروائية في سوريا يشير الباحث محمود قاسم الى ثلاثة مصادر رئيسية في السينما السورية وهي المصادر العالمية والمصادر الادبية المحلية والسيناريو الاصلى الذي يستلهمه المخرج او كاتب السيناريو من خياله المحض واحيانا من حوادث حقيقية عاشها او قرأ عنها وفي اغلب الاحوال تكون التجربة الشخصية او السيرة الذاتية هي المرجع الرئيسي عند الكتابة.

في حين تم الرجوع الى روايات ومسرحيات وافلام بعد الاستعانة بموضوعاتها الرئيسية وتعريبها بما يناسب الواقع العربي في سوريا اي تعريب النص والاسماء والحدوتة.

كذلك تمت الاستعانة بمصادر ادبية محلية من قبيل لجوء كاتب السيناريو الى الاستعانة برواية محلية في المقام الاول والملاحظ هنا ان السينمائي الذي عمل في القطاع الخاص لجأ الى التساهل باقتباس الافلام العالمية اسوة بما حدث في مصر اما المخرجون الذين عملوا في المؤسسة فقد نظروا الى الادب السوري وتعاونوا مع الادباء سواء بالكتابة او بالرجوع الى النصوص وهي عملية من التعاون الحميد والاحياء للادب المكتوب في سوريا. هذا وقد تناول الكتاب الجديد الحديث عن تجارب سينمائية عديدة من داخل سوريا وخارجها.

البيان الإماراتية في  13 أبريل 2004

كتبوا في السينما

 

مقالات مختارة

مي المصري.. اطفال المخيمات اصبحوا يحلمون بالحب والسينما

عمر الشريف يفوز بـ"سيزار" أفضل ممثل

جوسلين صعب:السينما التسجيلية تمنح رؤية نافذة للاحداث

ناصر خمير: أفلامي حلم... وعندما تحلم تكون وحدك

      برتولوتشي: لقاء

رندة الشهال: أهل البندقية يحبونني

تاركو فسكي: بريق خافت في قاع البئر

 

 

يرصد الحركة السينمائية

"الفيلم الروائي السوري"

كتاب جديد لـ "محمود قاسم"

أحمد أبو الحسن