ما كتبه حسن حداد

 
 
 
 
عتبة الستات

1995

Ladies threshold

 
 
 
نشر هذا المقال في مجلة هنا البحرين في 22 مايو 1996
 
 
 

بطاقة الفيلم

 
 

نبيلة عبيد + فاروق الفيشاوي + صفية العمري + سعاد نصر + صبري عبد المنعم  

إخراج: علي عبد الخالق ـ تصوير: محسن نصر ـ تأليف: محمود أبو زيد ـ موسيقى: حسين الإمام ـ مونتاج: حسين عفيفي ـ إنتاج: شامل للإنتاج والتوزيع . صالح فوزان

 
 
 

شاهد ألبوم صور كامل للفيلم

 
       

عتبة الستات

مهرجان الصور
       
 
 
 
 
 
 
 
 

رؤية

 
 
 
 
 

بعد إنتظار دام طويلاً، وصل فيلم (عتبة الستات ـ 1995) أسواق الفيديو في البحرين. قام ببطولته هذا الفيلم نجمة مصر الأولى (كما جاء في تترات الفيلم) نبيلة عبيد أمام فاروق الفيشاوي صفية العمري سعاد نصر وصبري عبد المنعم وأمينة رزق وأحمد مظهر.

وفي هذا الفيلم، يعود الثنائي الفني: المخرج علي عبد الخالق/ والسيناريست محمود أبو زيد. اللذان سبق وأن قدما مع بعض أفلام كثيرة، بدآها بفيلم (العار ـ 1982) ومن ثم (الكيف ـ 1985)، (جري الوحوش ـ 1987)، (البيضة والحجر ـ 1990).

وفيلم (عتبة الستات) لا يختلف كثيراً عن الأفلام السابقة التي كتبها محمود أبو زيد وأخرجها علي عبد الخالق. فهو يدور حول نفس الإشكالية، وهي إشكالية الصراع بين العلم والمنطق وبين الخرافات والإعتقادات البالية.

يحكي الفيلم عن زوجين حازم (فاروق الفيشاوي) وسهير (نبيلة عبيد) إتفقا على تأجيل إنجاب الأطفال حتى يتفرغا لذلك، إلا أن والدة حازم الصعيدية لا تقبل بهذا الوضع، خصوصاً أنه قد مضى على زواجهما سبع سنوات. وعندما قررا الإنجاب، إكتشف حازم بأنه عقيم، إلا أنه يخفي على زوجته بأن العيب منه، ويصر على العلاج الذي يأخذه عند صديقه الدكتور (صبري عبد المنعم). وتبدأ الوساوس عند الزوجة سهير في أن أم زوجها (أمينة رزق) قد سحرتها (عملت لها عمل) لأنها لا تحبها بسبب تأخرها في الإنجاب، لأنها تمنت لإبنها زوجة من الصعيد. وتغذي هذا الإعتقاد عندها الشغالة الجاهلة مروج (سعاد نصر). فتقنعها بالذهاب الى الشيخة هناد (صفية العمري) وهي، كما يقول الفيلم، من سلالة الجن. كما أن حديثها مع والدها (أحمد مظهر) كان له دور مهم في إقتناعها بقوة السحر ووجوده. فتذهب سهير الى الشيخة هناد وفي إعتقادها بأن ذلك سيساهم في فك السحر عنها. فتنحرف سهير نحو طريق السحر والشعوذة والدجل، وهو طريق مليء بالخرافة والنصب والإحتيال، إضافة الى مصاريفه الباهضة، حيث كلفها آلاف الجنيهات. أما بالنسبة لزوجها الذي مازال مستمراً في العلاج بالرغم من نصيحة الدكتور في أنه عليه أن يصارح زوجته بحقيقة عجزه، كما أن الشك قد بدأ يساوره في تصرفات زوجته. خصوصاً بعد معرفته بأنها قد سحبت رصيدها في البنك بالكامل. وفجأة يعرف بأن زوجته حامل.. كيف وهو مازال يتعالج.. فيجري تحليلاً عاجلاً إعتقاداً منه بأن العلاج قد أفاد، إلا أن نتيجة التحليل جاءت مخيبة. هنا تجتاحه ثورة عارمة ويذهب الى زوجته ويجرها الى بيت والدها ليعلمها الحقيقة في عجزه وأنه قد أخفاها عنها كل هذه الفترة.. وكان سؤاله الأوحد.. من أين لك بهذا الحمل. وبإعتباره من رجال الأمن يكتشف في حملة تفتيش بأن الشيخة التي كانت تذهب لها زوجته، كانت تخدر البنات وجلب لهن رجالاً لممارسة الجنس معهن، وبالتالي يحملن. هنا يأتي السؤال الذي أراد الفيلم الوصول اليه.. ماذا تفعل الدكتورة سهير في هذه الحالة. ففي أحشاءها جنين لا تعرف أباه. هل تجهضه، وهو أمر محرم في الإسلام، أم أنها ترضى بقدرها في أن يكون وليدها مجهول الأب.

لقد جاء السيناريو تقليدياً في رسمه للأحداث والشخصيات، هذا بالرغم من تلك الأفكار الجديدة التي طرحها عن السحر والحسد، وكذلك عن أطفال الأنابيب. ومن المعروف بأن السيناريست محمود أبو زيد في أفلامه السابقة قد تطرق الى مواضيع جدلية حول العلم والدين وحول الصراع بين العلم والخرافة. وهو في فيلمه هذا يواصل نفس الموضوع، حيث طرق كافة السبل لإقناع الدكتورة والمتفرج في نفس الوقت بفعل السحر ومصداقيته. إلا أنه قد فعل ذلك فقط في الجزء الأول من الفيلم، أما الجزء الآخر منه فقد خلا من أي مناقشة وحوار منطقي حول نفس الموضوع، بل أنه خصص جهده في متابعة عالم المشعوذين وطرق العلاج التي إقترحتها الشيخة المبروكة على الدكتورة سهير.

في البدء أخذ السيناريو يعالج الموضوع علمياً، ويثبت بأن السحر والحسد موضوعان مذكوران في القرآن، وأن السحر علم مجهول مثله مثل علم التحنيط الفرعوني. وليت السيناريو إستمر في هذه المناقشة العلمية التي تعتمد المنطق في الحوار. إنما تحول الموضوع فيما بعد الى شعوذة ونصب ودجل. وقد فعل ذلك في البداية حتى يجعل المتفرج يعتقد بالسحر كعلم ومن ثم يصدمه بالحقيقة المرة. حقيقة الشيخة المبروكة، تلك الحقيقة التي لم يكشف عنها السيناريو إلا في جزئه الأخير، بعد أن جعل المتفرج مشدوداً لمتابعة الفيلم.. حتى أنه في المشاهد الأولى لظهور الشيخة هناد، قد أظهرها في حوار منطقي مقبول. فكيف نفسر ذلك التحول الذي حدث لهذه الشخصية.

وقد لاحظنا بأن الفيلم قد تأخر كثيراً في طرحه لموضوعه الأساسي، حيث قدم لنا موضوعاً طويلاً عن تأخير الإنجاب ومن ثم عقم الزوج وعلاجه. هذا إضافة الى أن المبررات التي طرحها السيناريو على لسان البطل، لا تجعله يخفي موضوعاً مهماً كهذا عن زوجته، وكانت مبررات واهية هدفها فقط الوصول الى تلك النهاية المطلوبة.

ثم كيف لنا كمتفرجين الإقتناع بأن دكتورة في الحمل والولادة مثقفة وواعية، تنجرف الى طريق الشعوذة والدجل بهذه الطريقة. فالمبررات التي طرحها السيناريو لم تكن كافية لحد الإقناع. وكل هذه ملاحظات فات على كاتب السيناريو الإلتفات لها.

أما بالنسبة للمخرج علي عبد الخالق، فهو يشكل ظاهرة فنية مثيرة. حيث أنه قادر على إقناعنا بأنه مخرج موهوب في بعض من أفلامه.. وقادر أيضاً على أن يحطم هذا التصور الذي كوناه عنه في أفلام أخرى.. يمتعنا في فيلم، ليعود ويخذلنا في الفيلم التالي.. هذا هو علي عبد الخالق.

كانت البداية لعبدالخالق (أغنية على الممر ـ 1972)، وهو الفيلم الذي يمثل الإنطلاقة الأولى في مسيرة جماعة السينما الجددة. وهو فيلم يعبر عن قوة وشجاعة وفداء رجال ضاعت بطولاتهم في ليل الهزيمة. وقد إستقبل الفيلم إستقبالاً حاراً، سواء من الجمهور أم من النقاد. ولكن لأسباب عدة، إضطربت مسيرة جماعة السينما الجديدة، وتوقف مخرج (أغنية على الممر) عن العمل لمدة خمس سنوات. وجاء فيلمه الثاني (بيت بلا حنان ـ 1976) مخيباً للآمال سواء بالنسبة لموضوعه الميلودرامي التقليدي، أو حتى للغته السينمائية المتواضعة. وفي الفترة من 1976 حتى عام 1981، يقدم علي عبد الخالق أفلاماً تقليدية فاشلة، ليخذلنا تماماً على جميع المستويات، لدرجة الشعور بأن (أغنية على الممر) كان ضربة حظ بالنسبة لهذا المخرج، والتي لن تتكرر ثانية. وفجأة، وفي عام 1981، يطل علينا علي عبد الخالق بفيلم (الحب وحده لا يكفي) الذي يسترد به الكثير من المواقع التي فقدها في فيلمه الأول. حيث ينفذ الفيلم، بفهم وبجرأة، الى واقع السبعينات المختل. وإذا كان علي عبد الخالق بعد (الحب وحده لا يكفي) قد إنزلق من جديد في هوة الأفلام التقليدية، فإنه ـ وعن جدارة ـ يعود ليحتل أحد مراكز الصدارة بفيلم (العار ـ 1982) الذي كان بمثابة إنطلاقة جديدة لنجم علي عبدالخالق. والفيلم دراما إجتماعية إنسانية نجحت لأنها جمعت بين الإثارة والتشويق، وقدمت مثالاً متميزاً للتجانس بين كافة عناصر الفيلم، خصوصاً بين السيناريو والإخراج. وقد حصل فيلم (العار) على الكثير من الجوائز، أهمها جائزة الإخراج في مهرجان مانيلا الدولي. وبعد (العار) والشهرة التي صاحبته، تميز مخرجه علي عبد الخالق بغزارة الإنتاج، وأصبح يقدم بمعدل فيلمين في العام الواحد. وبالرغم من أن علي عبد الخالق من المخرجين الذين يطمحون لتقديم أعمالاً جادة، إلا أنه في نفس الوقت لا يحاول الخروج من أسر السينما السائدة، لذلك نرى مستواه الفني متأرجح وغير ثابت من فيلم الى آخر.

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004