(الكذاب ـ 1975) فيلم للمخرج الكبير صلاح أبو سيف، رائد الواقعية في
السينما العربية، قام بالأدوار الرئيسية فيه كل من: محمود ياسين، ميرفت
أمين، شويكار، جميل راتب.
وكما عودنا أبو سيف في أفلامه الواقعية السابقة (ريا وسكينة، الوحش،
الفتوة)، اعتمد في فيلم (الكذاب) على حادثة حقيقية، فالفيلم كتب قصته
الصحفي صالح مرسي الذي نشر سلسلة من التحقيقات الجريئة في مجلة صباح الخير
حول الفساد في بعض أجهزة القطاع العام، وكشف عن سرقات حدثت في شركة
المنسوجات. وهي قصة شغلت الرأي العام والقضاء المصري لسنوات طويلة.
الفيلم في محوره الأساسي يدور حول الصحفي محمود حمدي (محمود ياسين) الذي
ينشر تحقيقاً مسلسلاً حول سرقة الأقمشة من مصنع حكومي، وبيعها في السوق
السوداء لحساب رئيس مجلس الإدارة سامي بيه (جميل راتب). ويعتمد هذا الصحفي
على أقوال عاملين من المصنع، هما أيضاً عضوين في مجلس الإدارة، إلا أنهما
ينكران أقوالهما بعد ذلك بتهديد من سامي بيه. مما يجعل محمود في موقف حرج،
فيقدم استقالته ويذهب للبحث عن الشاهد الأول مرزوق (حمدي أحمد)، الذي يسكن
في حي السيدة زينب، لذا يتنكر الصحفي ليعمل في القهوة الشعبية هناك.
في هذا الحي، تبرز لنا واقعية أبو سيف، حيث أن فيلم (الكذاب) يذكرنا بحارة
كمال سليم في فيلمه (العزيمة)، والذي عمل فيه أبو سيف كمساعد مخرج منذ
حوالي النصف قرن. وفي فيلم (الكذاب) يقدم لنا أبو سيف شخصيات من واقع
الحارة المصرية، بكل صفاتها من شهامة وتكاتف في وقت الشدة، كما قدم لنا
الفقر والبساطة التي يتحلى بها أهل الحارة الشعبية. إن حارة صلاح أبو سيف
حارة صناعية عملت في الأستوديو، لكنها بدت حقيقية بشخصياتها وبمساعدة فنان
الديكور ماهر عبد النور، الذي جعلنا نشعر وكأننا في حي السيدة زينب فعلاً.
أما الصحفي، ومن خلال عمله في القهوة وتواجده بين أهلها، نراه يقيم علاقة
حب مع عزيزة (شويكار) تصل به أن يعرض عليها الزواج. ومن ناحية سامي بيه،
فيعرف من الشاهد الثاني سعيد (مدحت مرسي) بأن الصحفي يعمل في القهوة، فيدبر
له عملية قتل، يكون ضحيتها سعيد نفسه، وبالتالي يعترف الشاهد الثاني مرزوق
بكل شيء.
هناك ايضاً شخصية المخرج زكي (إبراهيم عبد الرازق)، الذي يدخل في خناقة مع
الصحفي حول أفلامه الهابطة التي تخدر الشعب وتزيد من تخلفه، وهي بالطبع
إشارة مهمة يثيرها أبو سيف ويشير إلى موقفه من هذه الأفلام.
إن صلاح أبو سيف في فيلمه هذا يقدم كوميديا خفيفة في بعض المشاهد، معتقداً
بأنه يخفف من جدية الفيلم وجفافه، إلا انه لم يوفق في ذلك، خصوصاً عندما
قدم شخصية الخادم جمعة (محمد نجم)، حيث كانت شخصية مشوهة ومهزوزة.
إن فيلم (الكذاب) يعتبر من بين أفلام أبو سيف الواقعية الجيدة، والتي عالج
وتناول فيها الحارة الشعبية بشكل جيد يحسب له في مسيرته الفنية الواقعية. |