لم تمتلئ القاعة التي خصصت بالأمس للنقاش مع الناقد
السينمائي
البحريني حسن حداد الذي قدم قراءته في أفلام هذه
الدورة، إلا بعدد قليل جدا من
المخرجين والعاملين عموما في الأفلام المشاركة من
كتاب سيناريو أو مسؤولي
مونتاج...وللمصادفة، فإن من حضر من هؤلاء كانوا
أنفسهم هم أصحاب الأعمال التي أشار
إليها حداد بأنها جيدة وذلك بعد إصرار من أحدهم بأن
يسمي حداد بعض الأعمال. هذه
المصادفة التي أشار إليها مقدم حلقة النقاش الناقد
السينمائي ومنسق مظاهرة “هايكو”
صلاح السرميني، هي مصادفة لها معناها برأيه، وتؤشر
على محدودية عدد المتابعين
لأعمالهم والمهتمين بتطوير أنفسهم وأعمالهم وكيفية
التطوير، وهذا ما قاله ايضا حداد
في بداية قراءته للأفلام. واعتبر أن جميع التجارب
التي قدمت منذ بداية المسابقة
والتي تقارب الخمسمائة بمجملها، تجارب شخصية في
أغلبها نفذت بكاميرات فيديو وليس
هناك عجلة انتاج سينمائية ثابتة ذات كيان خاص، يمكن
أن تشكل استمرارية انتاجية.
وهذا ينطبق برأيه على مجمل الأفلام في الدول
العربية باستثناء مصر. ويطرح سؤال:
لماذا يكون هناك سينمائيون متحمسون لهذا الفن وليس
هناك عمل سينمائي بالمعنى
الحقيقي للكلمة؟ وأجاب بأنه لن تكون هناك قائمة
لهذا الفن إلا من خلال دعم القطاعين
العام، أي الأجهزة والمؤسسات الرسمية الحكومية، في
حين لا يمكن التعويل على الخاص
لأن ذلك لن يحصل قبل أن يطمئن إلى أن هناك جمهوراً
سينمائياً أو بالأحرى مستهلكاً،
إلا أنه اعتبر هذه المسابقة رافداً مهماً وأساسياً
من روافد انتعاش واقع الفن
والثقافة في منطقة الخليج العربي بأكمله. وقال “يحق
لنا تصنيف هذه الاحتفالية
السينمائية بأنها مهرجان تخصصي يعنى بالفيلم
التسجيلي والقصير”، داعيا إدارة
المهرجان إلى عدم التأخر في تغيير التسمية من
مسابقة إلى “مهرجان أبو ظبي للفيلم
التسجيلي والقصير”، وهذا ما أيدته أيضا د. منى
الصبان، الاستاذة في المعهد العالي
للموسيقا في أكاديمية الفنون في القاهرة.
هذا لا يمنع حداد من تقديم قراءة
نقدية للأفلام ولو جاءت بلغة هادئة لكنها كانت
صريحة وقاسية أحيانا، مما اثار
اعتراض بعض المخرجين الحاضرين وأيضا المتخصصين،
وكما قال مدير مهرجان مسقط للأفلام
خالد الزجالي، بأنه لو استطعنا الخروج بخمسة مخرجين
فقط من منطقة الخليج فذلك بعمل
كبير، وبأنه علينا إيجاد من يحتضنهم ويدعمهم، معلنا
عن تخصص مهرجان مسقط في العام
المقبل للأفلام التسجيلية والقصيرة، ليصبح المهرجان
الأول لهذه الفئة.
وبالعودة إلى قراءة حداد، برأيه فإن معظم الأفلام
التي شاركت قبلا في
المسابقة البحرينية (95% منها) والمسابقتين
الإماراتية والبحرينية (من 75 إلى 80%
منها)، تتجه للهم الدرامي التقليدي، وهذا برأيه
ناتج عن سيطرة الدراما التلفزيونية
على المتفرج العربي والخليجي وبالتالي صناع هذه
الأفلام. وهي برأيه خاصية ليست
بالسلبية، بقدر ما هي مهمة صعبة على شباب، ربما
تكون هي بدايتهم الأولى في خوض مجال
السينما، فالدراما لعبة فنية تحتاج إلى متخصص في
اختزال فكرة معينة في زمن قياسي
يحتاجه هذا الفيلم القصير الذي لا تتجاوز الساعة.
وقال ان معظم الاعمال الدرامية
التي قدمت فعلت ذلك كما عهدوها في التلفزيون، والتي
اوقعت الكثير في السطحية وعدم
التركيز. داعيا إلى التركيز أكثر على الفيلم
التسجيلي، معتبرا أن أهم الأفلام التي
شاهدها كانت تسجيلية، منتقدا تلك اللامبالاة
للتسجيلي، فمواضيعه متاحة للجميع
للتخلص من قيود الدراما وتكاليف الانتاج الصعبة.
ودعا إلى التركيز أكثر على في
التعبير بالصورة والابتعاد عن الحوار التقليدي
المكرر وخلق كادرات جميلة وزوايا
مختلفة وهذا ما لم نلحظ كما قال في معظم الأعمال
المقدمة. كما دعا إلى أن تكون
الفكرة مركزة ولافتة في الفيلم القصير، معتبرا أن
أهم الأفلام المشاركة ينقصها
الفكر والاختزال، ووقعت في التطويل الممل، ففكرة
الفيلم القصير يجب أن تكون جديدة
مبتكرة. وانتقد ايضا المونتاج، الذي يجهل معظم
العاملين أهميته، مشيرا إلى وجود
صورة ميتة ثابتة ولقطات طويلة مملة في الأعمال
وكأننا على خشبة مسرح وليس كادرا
سينمائيا. وعلى مستوى الموسيقا، أتت معظم الأعمال
بموسيقا لأعمال سابقة، وهذا ليس
عيبا بحد ذاته، انما على صانع الفيلم أن يكون
دقيقا، إذ شاهدنا، كما قال، فيلما
انسانيا اجتماعيا بموسيقا رعب.
|