السنوات
العشر التي تبعت الحرب العالمية الأولى، بالنسبة للسينما الأمريكية، كانت
سنوات رخاء وازدهار، وليست كذلك بالنسبة للسينما الأوروبية، لأسباب موضوعية
أهمها حذف الأفلام الأجنبية من برامج عروض عشرين ألف صالة في الولايات
المتحدة، هذا إضافة إلى أن الأفلام الأمريكية قد سيطرت في بقية أنحاء العالم
على 60% إلى 90% من برامج العروض، كما وخصص مائتا مليون دولار سنوياً لإنتاج
سينمائي تجاوز الـ 800 فيلم، مما أدى طرح مليار ونصف من الدولارات للاستثمار
إلى تحويل السينما إلى مشروع يشبه، بهذه الرساميل المخصصة له، أكبر الصناعات
الأمريكية، كصناعة السيارات والفولاذ والبترول والسجائر. وسيطرت بعض الشركات
الكبرى على الإنتاج والاستثمار والتوزيع العالمي أمثال: بارامونت، ولوي،
وفوكس، ومترو، ويونيفيرسال، وربطتها علاقات قوية بالشركات المالية الكبرى في
حي وول ستريت. هذه الشركات التي لم تعد تعتمد على المخرجين، بعد إخفاقات
جريفيت في أفلامه الأخرى، ما بعد (مولد أمة)، بل على النجوم السينمائيين،
فأصبح المنتجون هم أسياد الفيلم منذ ذلك الوقت، إذ سيطروا على الصلاحيات
السينمائية كافة: كانتخاب موضوعات الأفلام، والنجوم، والتقنيين، وتنمية فكرة
النص والموضوع، إلى غيره من العناصر السينمائية.
مع نهاية
العقد الثاني من القرن العشرين، ظهر نظام النجوم في هوليوود، الذي استحوذ على
نتاج هوليوود فيما بعد، بينما بقى المنتج في الظل. وبذلك احتل النجم واجهة
هوليوود، وصار نظام النجوم أساس سيطرة هوليوود العالمية. هنا بدأت هوليوود
تستقطب الكثير من السينمائيين في أوروبا والعالم، من فرنسا وألمانيا،
والنمسا، والسويد، وغيرها من بلدان العالم، الذين عرفوا بأن العمل في هوليوود
سيعطيهم الشهرة التي يريدون.
ومع اكتشاف
السينما الناطقة عام 1929، بدا التردد الأمريكي والخوف واضحاً لدى المنتجين،
من حرمان هوليوود من تواجدها الخارجي، هذا التردد الذي كان اقتصاديا في
الأساس وليس تقنياً. فاتجهت هوليوود لإنتاج الأفلام الغنائية والاستعراضية،
التي أخذت نصيباً من النجاح، في محاولة يائسة لتجاوز هذه الأزمة، إلا أن
أرقام الإنتاج بدأت في التناقص. فبعد أن كانت السينما الأمريكية تنتج ما
يقارب الألف فيلم في العام الواحد، بدأ الرقم يتناقص إلى النصف بعد ظهور
السينما الناطقة.
هذا النقص
في الأفلام الأمريكية، قابله نشاط إنتاجي في الدول الأوروبية التي احتكرت
فيها أمريكا صالات العرض أيام السينما الصامتة. حيث بدأت جماهير تلك الدول
تطالب بأفلام تتكلم لغتها. وقد نجحت هوليوود في تجاوز هذا الإشكال من خلال
دبلجة الأفلام باللغات الأخرى، وإيجاد حلول أخرى، حيث لم يكن من الصعب على
صناع الفيلم الأمريكي، إيجاد حلول لأية أزمة تعترض طريق تدفق ثرواتهم على مدى
تاريخ هذه السينما العتيق، لهذا نحن ما نزال نعيش في زمن السينما الأمريكية.
|