عاطف الطيب.. ذاك الفنان
الذي ملء الدنيا سينما ورحل.. كان ذلك منذ ثمانية أعوام عندما دخل غرفة
العمليات في المستشفى لإجراء عملية جراحية في قلبه. وكان حادث وفاته بالفعل
مفاجاءة حقيقية للجميع. ففي الثالث والعشرون من يونيو عام 1995، رحل الطيب،
بعد صراع فني وفكري ضد تيار السينما التقليدية وقوالبها البالية، للخروج بها
إلى آفاق فنية رحبة.. كان فارساً من بين أهم فرسان السينما المصرية الجديدة..
أجمع الكل بأن رحيله أعتبر في حينها خسارة فادحة للسينما المصرية وللفن الجيد
والجاد في كل مكان.
كان فيلمه الثاني (سواق
الأتوبيس) بمثابة البشارة الأولى لوجود فن قادر على محاربة الاستهلاك في
السينما المصرية، والإنطلاقة الجماهيرية التي أعلنت للجميع عن وجود سينما
مغايرة، عرّفت بالسينما المصرية الجديدة، هذه السينما التي قامت على أكتاف
سينمائيين مغامرين ، أمثال محمد خان وخيري بشارة وداود عبد السيد وغيرهم.
كان الطيب أغزر مخرجي جيله،
وكأنه يعرف بأنه لا يملك من العمر إلا القليل.. فقدم، في أقل من خمسة عشر
عاماً، واحداً وعشرين فيلماً سينمائياً.. وجميعها أفلام تسعى الى الصدق الفني
وتتطرق الى الواقع، وتهتم بالمواضيع التي تعبر عن الإنسان البسيط، وتناقش ذلك
الواقع الصعب الذي يحيط بهذا الإنسان.
انحصر إهتمام عاطف الطيب، في
إختياره لمواضيع أفلامه، في ثنائية واحدة محددة، ألا وهي ثنائية:
القهر/التمرد.. قهر السلطة والقانون والمجتمع / التمرد والرفض من الفرد تجاه
السلطة والمجتمع. فكان الطيب حريصاً على أن يقدم أفلاماً تسعى دائماً الى
الصدق الفني وتتطرق الى مشاكل الواقع، وتهتم بالمواضيع التي تعبر عن الإنسان
البسيط.. الإنسان المحاط بظروف إجتماعية وسياسية وإقتصادية معيشية صعبة غير
آمنة. وكان هذا الهم هو الأول والأخير في تفكير الطيب، هم واحد يتملك هذا
الفنان في جميع ما أنتجه من أفلام، في طرحه لمواضيع وقضيايا لصيقة بالإنسان.
|