ضمن سلسلة الفكر الإيراني المعاصر، صدر كتاب جديد في بيروت عن
السينما الإيرانية للشاعرة والمترجمة الإيرانية فاطمة برجكاني،
بعنوان (السينما الإيرانية.. تاريخ وتحديات).. وهو كتاب قيم في
مادته وتفرده باعتباره موجهاً للقارئ العربي مباشرة، بدون وسيط
مترجم. ويتناول هذا الكتاب في طياته، تاريخ السينما الإيرانية منذ
نشأتها قبل تسعين عاماً وحتى وقتنا الحاضر.
في مقدمتها للكتاب، تشير الكاتبة برجكاني، إلى أن السينما
الإيرانية بدأت بصنع أول فيلم سنة 1929م، على يد "آوانس أوهانيان"
(أوغانيانس)، بمساعدة خان بابا معتضدي. وذكرت أيضاً بأن السينما
دخلت إيران كوسيلة لاستخدام أهل البلاط القاجاري والأعيان، حيث كان
يتم عرض الأفلام المستوردة من روسيا بواسطة الجهاز الخاص، في
المناسبات والحفلات. وبعد بضع سنوات أصبح بمقدور العامة استخدام
هذا الجهاز ومشاهدة الأفلام. وفي عام 1930، تم افتتاح أول دار عرض
عامة باسم (سينما بالاس)، تعرض أفلاماً ناطقة.
وقد شهد عام 1932، إنتاج أول فيلم إيراني ناطق، وهو فيلم "دختر لُر"
(فتاة من محافظة لورستان)، الذي أخرجه "عبدالحسين سدنتا"، عن حكاية
شعبية إيرانية. ومن ثم بدأت السينما الإيرانية مسيرتها في الإنتاج
عاماً بعد عام، حتى وصل عدد الأفلام في بعض المواسم إلى أكثر من
ثمانين فيلماً في فترة الستينيات من القرن الماضي.. وبالطبع كان
هناك الكثير من محطات الصعود والهبوط في الإنتاجي السينمائي.. حتى
أواخر السبعينات من القرن العشرين، عند قيام الثورة الإيرانية عام
1979.
من بين أبرز المحطات السينمائية، هو إنتاج فيلم "كنج قارون" (كنز
قارون) إنتاج عام 1965، الذي أخرجه سيامك ياسمي، حيث فتح فصلاً
جديداً في مجال السينما التجارية، وانطلق به تياراً سمي بـ"قارونيسم".
فقد أحدث هذا الفيلم حركة كبيرة في إنتاج الأفلام الإيرانية على
مدار سنوات طويلة، واستقطب جماهير كبيرة إلى دور السينما، وساهم في
ترسيخ موقع السينما الإيرانية أمام الأفلام المستوردة.
كما أشارت برجكاني إلى فيلم (الأيائل) إنتاج عام 1975، للمخرج
مسعود كيميائي، الذي أحدث ضجة كبيرة في الوسط الفني الإيراني، حيث
يتمتع الفيلم بمضمون سياسي أحدث مناقشات بين الجماهير، خصوصاً بعد
حذف بعض من مشاهده في عرضه العام، وكان قد عرض كاملاً في مهرجان
طهران الدولي، وأصبح من غير المستغرب أن تثير أفلام كيميائي ضجة
كبيرة عند عرضها. كما اعتبر الكثيرون بأن (الأيائل) هو أفضل
أفلامه.
وعلى مشارف نهاية عام 1978، كانت السينما الإيرانية قد أنهت مرحلة
هامة من حياتها، قبل الدخول في مرحلة أهم، ألا وهي مرحلة ما بعد
انتصار الثورة.. تقول الكاتبة: "إذا اعتقد البعض أن السينما
الإيرانية في السنوات الأخيرة قبل الثورة الإسلامية، مرت بسنوات
سبات وركود وروتين، فيجب أن لا ننسى أن هذه المسيرة المليئة
بالتجارب المرة والحلوة للسينما، ومرورها بالمنخفضات والمرتفعات،
أثرت بدورها ـ إلى جانب أسباب أخرى ـ في نضوج السينما الإيرانية
لتصبح في ما بعد محط أنظار العالم".
|