بالنسبة لفيلمي (أيام يوسف الأخيرة)، و(مجرد لعبة)، فكلاهم كتبهما
أمين صالح، الأول قام بإخراجه محمد جناحي، والثاني أخرجه محمود
الشيخ. وكلا المخرجين لم يتوصلا لما رأه وأراده أمين صالح عند
كتابته للعملين..!!
ففيلم (أيام يوسف الأخيرة) يتحدث عن الطفولة بلغة شاعرية أدبية،
حملها أولاً الروائي عبدالقادر عقيل، بالكثير من البراءة والشجن،
ومن ثم أمين صالح، برؤية سينمائية شفافة، تخاطب الروح والوجدان قبل
العقل.. إلا أن المخرج تعامل مع هذا النص بشكل تقريري واقعي، خلا
من تلك الشاعرية التي شعرنا بها تموت من جراء المباشرة في التصوير
والتجسيد لأحاسيس ومشاعر مكبوته لدى الشخصيات.
ونتيجة لذلك، فقد جاء الفيلم مشحوناً بلقطات ومشاهد مطولة وصامته
تدعو إلى الملل، متخلياً عن إمكانيات السينما كفن، في تجسيد هذه
المشاعر والأحساسيس، ومن ثم أصبحت شخصيات الفيلم، وبالذات شخصيات
الأطفال، جامدة وغير مؤثرة على مشاعر المتفرج.
وهذا ما حدث أيضاً للفيلم الثاني (مجرد لعبة).. تاه في زوايا الحلم
الذي ينتاب بطله طوال الفيلم.. والذي لم يسعى المخرج لتجسيدة بشكل
يتناسب مع ما اقترحه السيناريو، وتوقعه المتفرج.
(راح البحر)، هو الفيلم القصير الذي شارك به المخرج محسن المتقوي،
في لفته فنية جميلة منه، لما حصل للبحر من حولنا.. فهو فيلم قصير
جداً (دقيقة واحدة)، يقول الكثير ولكن بلغة الصورة المختزلة.. كان
الفيلم مفاجأة حقاً، لكل من شاهده.
فيلم (ليلى) الذي كتبه الإماراتي محمد حسن أحمد، وقام بإخراجه
البحريني علي العلي، يقدم موضوعاً مهماً عن مرضى السكلر المنتشر في
البحرين، والذي أودى بحياة الكثيرين.. في سيناريو اتصف بالشاعرية
والرومانسية، إلا أنه تشعب في أحداث لم تضف كثيراً للموضوع، فتاه
بين الدراما والتسجيل. هذا بالرغم من التقنية المتميزة التي نفذ
بها، وذلك من خلال تصوير وإخراج أنقذا الكثير من هفوات السيناريو،
ورفعا من مستواه الفني.
(كناري)، هو الفيلم الخامس للمخرج المليء بالحماس والثقة، محمد
راشد بوعلي.. هذا الشاب الذي بدأ يجني ثمار ثقافته وجهده، وذلك من
خلال اختياراته الناجحة لمواضيع مهمة.. منذ فيلمه الأول (بينهم)
وحتى الأخير (كناري)، الذي كتبه أمين صالح، في تعاون ناجح بين
الإثنين.
أمين صالح
في (كناري)، يقدم توليفة جميلة من الشخصيات التي دارت حول طير
الكناري، في إشارة واضحة إلى تلك التغيرات التي تطرأ على مجموعة من
الشخصيات بعد تعاملهم مع هذ الطير.. لنجد أنفسنا أمام سيناريو خلاق
ومليء بالتفاصيل المهمة، نجح في التعامل مع أكثر من حدث بصياغة
درامية لماحة.
وبوعلي، ينجح أيضاً، في إعطاء هذه الشخصيات والأحداث، روح الصورة
الحساسة.. تلك الصورة الدلالية التي تقول ولا تفسر.. في تناسق جميل
ما بين السيناريو والإخراج، من خلال كادرات سينمائية مليئة
بالتفاصيل الصغيرة التي تدعم الشخصيات والموضوع في نفس الوقت، دون
التوهان في تفاصيل أحداث لا تضيف شيئاً لما أراد السيناريو أن
يقوله.
|