يقدم سيناريو فيلم (SYRIANA)
أحداثه من خلال حادثتين هامتين، الأولى هي قيام أمير دولة عربية
بالجلوس بمقعد والده، والثانية تفجير المدمرة الأمريكية "كول" عند
سواحل اليمن. وبالطبع الحادثتين تسيران في خط متوازي ولا تلتقيان
حتى النهاية.. يقدم كاتب السيناريو هاتين الحادثتين ويربطهما بما
يدور في حقول النفط، هذا السائل الذي يشكل أهم ثروة صناعية في
العالم، وبالتالي لابد أن تدور الكثير من المؤامرات والدسائس في كل
دول العالم من أجل امتلاكها. وهذا ما يفسر بأن أحداث الفيلم تدور
في الكثير من دول العالم وتتعامل مع جنسيات مختلفة.. حرص الفيلم
على أن تتحدث كل هذه الجنسيات بلغتها الأصلية، وذلك من أجل
الاحتفاظ بالواقعية وإضفاء مصداقية على الأحداث الخطيرة التي
يتناولها.. لنتابع نحن كمتفرجين، لغات مثل الفرنسية والعربية
والصينية والفارسية والهندية، إضافة إلى الإنجليزية).
ويعد الفيلم فرصة هامة لعرض الكثير من القضايا المحذور تناولها..
مثل التعرف على كيفية إقامة الأثرياء العرب في أوروبا.. وكيف تكون
المنافسة بين شركات البترول الأمريكية، وارتباطاتها بالمخابرات
المركزية. فنراه يقدم الكثير من الشخصيات والأحداث التي تنتقل بنا
من إيران إلى لبنان إلى سويسرا مروراً بمدن أخرى في أمريكا.
كما أن صناع الفيلم لم يستثمروا هذه الفرصة لتقديم رؤية حضارية
حديثه عن الشرق وناسه، حيث طغت النظرة الإستشراقية القديمة عن
غلمان الشرق واللهو المتمثل بشرب الخمر والإدمان عليه، وأيضاً ظروف
المرأة المقهورة والمنسية.
ومع كل هذه الأحداث.. هناك أحداث تدور على خلفية هذا الواقع،
وغالباً ما تكون أكثر أهمية.. فمثلاً نرى حكاية الشيخ محمد عجيزة
(عمرو واكد) مع اثنين من العمال الآسيويين العاملين في مجال آبار
النفط.. حيث يحثهما على تعلم اللغة العربية ويقنعهما بأنها المعين
لكي يتسنى لهما العيش بأمان في هذا البلد.. وبالتالي يقوم
بتجنيدهما للانضمام إلى منظمة لا يشير الفيلم إلى اسمها مباشرة،
ولكنه يتحدث من خلالها عن عمليات انتحارية كبيرة.. وعن جماعة ذات
إيمان عميق يكره التواجد الأجنبي في المنطقة.. ويحث على ضرورة
التحرك لإزالته.
هذه الحكاية تشكل محوراً هاماً في تفسير طبيعة إنتاج البطالة
والسياسات الأمريكية للكثير من العمليات الانتحارية التي تصبح
بالتالي نتيجة طبيعية لإنتاج التطرف والإرهاب في العالم الإسلامي.
يشكل المشهد الأخير من الفيلم ذروة أحداثه، حيث التوازي الملحوظ
بين عملية اغتيال الأمير ناصر على أيدي الأمريكان، وبين العملية
الانتحارية بتفجير المدمرة الأمريكية في بحر العرب.. هنا تصبح
الشاشة بيضاء بدلاً من صوت الانفجار لبضع لحظات.
كل طرف يبارك نجاح عمليته.. يردد أعضاء الجماعة "الهدف أصيب"..
ويبارك الأب سالم خان مقتل ولده في انفجار المدمرة، حين يقول: نحن
من التراب وإلى التراب نعود. وفي نفس الوقت نرى الأمريكان وهم
يشربون نخب انتصارهم بمقتل الأمير وإزاحته عن طريقهم، يرددون وهم
يصفقون أن العملية انتهت.
|