ست
سنوات.. تمر على رحيل المخرج المصري حسين كمال.. هذا الغياب الذي
لابد أنه قد شكل فراغاً فنياً كبيراً.. وبالطبع له تأثيره الواضح
في السينما المصرية والعربية على العموم.. فهذا الفنان يعد من أبرز
مخرجي السينما التقليدية التجارية في مصر، وهذه الصفة ـ بالطبع ـ
لا تنفي من أنه كان مخرجاً مبدعاً وموهبة فنية كبيرة. هذا إضافة
إلى أنه نموذج صارخ للفنان الشامل.. فإنتاجه الفني تجاورز السينما،
عندما ذهب إلى المسرح والإذاعة والتليفزيون. وكانت موضوعاته
متنوعة، ما بين الدراما النفسية والإستعراضة والسياسية والإجتماعية،
ولم يحبس فنه في نمط معين، رغبة منه في التجريب والمغامرة.
ويعد
كمال من مجرجي جيل الوسط، الذين قدموا الأغنية في السينما، فقد
اشتهر بفيلمه (أبى فوق الشجرة)، الذي لاقى نجاحاً كبيراً، بل
ومنقطع النظير. وهو الفيلم الذي قلب الموازين الفنية بالنسبة
للمخرج نفسه. ومما لا شك فيه في أن كمال مخرج مبدع وموهبة فنية
كبيرة، إلا إن السينما المصرية الجادة قد خسرته، بعد أن أهداها
فيلمه (البوسطجي) عام 1968، والذي يعد من بين أهم عشرة أفلام في
تاريخ السينما المصرية. فهو في ثلاثيته السينمائية الشهيرة
(المستحيل، البوسطجي، شيء من الخوف)، استطاع أن يقدم سينما جديدة
وجادة أثارت اهتمام النقاد، وبشرت بظهور مخرج كبير نجح في تقديم
سينما هادفة ذات تقنية عالية. إلا أن توقعات النقاد خابت، بعد أن
حصل تحولاً كبيراً لهذا المخرج، وذلك منذ فيلم (أبي فوق الشجرة)..
فقد اختار، بهذا الفيلم، السير في تيار السينما التجارية، وآثر أن
يكون مخرج شباك على حساب فنه وموهبته، واستمر في تقديم أفلام
كثيرة، لا تمت إلى أسلوبه السينمائي المتميز، الذي بدأبه مشواره
السينمائي.
وإذا
حاولنا في البحث عن أسباب هذه التحول الذي حدث لهذا المخرج، فلن
نجد إلا أنه قد سعى لإرضاء الجمهور العريض، على حساب إمكانياته
الفنية والفكرية. فقد حقق الفيلم، الذي قام ببطولته نجم الجماهير
الأول الفنان عبد الحليم حافظ، حقق ما يصبو إليه حسين كمال من شهرة
كبيرة وأموال طائلة.
ومن
المهم الإشارة إلى أن حسين كمال، لم يعمل في السينما منذ فيلمه
(ديك البرابر) عام 1992. وهي فترة ليست بالقصيرة (عشر سنوات)، كان
خلالها يعد لعدة مشاريع، إلا أنها لم تظهر إلى النور بسبب مشاكل
إنتاجية بالأساس.
|