في
السبعينات من القرن الماضي.. أتذكر بأن جوائز الأوسكار ـ في المحيط
الذي كنت أعيش فيه ـ لم تكن بنفس الصيت والشهرة التي هي عليه
الآن.. كنت أسمع بأن هذه الجوائز محدودة وتتحكم فيها الكثير من
الأمور من بينها السياسة الأمريكية.. فهي جوائز تقتصر على الأفلام
الناطقة باللغة الإنجليزية فقط.. لذا كان الاهتمام والتركيز ينصب
على جوائز مهرجانات السينما العالمية الأخرى، من كان وبرلين
وفينيسيا.. التي تستحق كل تقدير باعتبارها تأتي بصبغة عالمية، لا
تحدها حدود ولا تتحكم فيها سياسات..!!
في الثمانينات.. وبعد أن دخلت عالم السينما كمتابع
وناقد، بدأ الأمر يختلف، وبدأت أتعامل مع تظاهرة الأوسكار بشكل
سينمائي.. حتى أنني كنت أحرص على متابعة الحفل مباشرة حتى تباشير
الصباح. فيما بعد (منذ منتصف التسعينات) لم يعد الأمر مهماً.. أن
أتابع النتائج على الهواء، أو أعرف النتائج فيما بعد.. أصبح الأمر
سيان.. فأمور الحياة والالتزامات الأخرى كانت أهم..!!
تظاهرة الأوسكار وفي عمرها الثمانين.. أصبحت تظاهرة
عالمية مهمة، خصوصاً بعد أن بدأ القائمون على هذه التظاهرة في
إدراج أسماء غير أمريكية في قائمة الترشيحات التي تصدر عادة قبل
شهر أو شهر ونصف.. وهذا ما جعلني هذه المرة أنتظر وأشاهد ـ حتى
الصباح ـ ابرز النجوم العالميين وهم يتوافدون على البساط الأحمر،
وأرى ذلك الاحتفاء الاستثنائي بهم من قبل الصحفيين ومحطات
التلفزيون العالمية.. واستعدادهم لدخول قاعة الاحتفال الكبرى..
لتبدأ مشاعر الترقب والفرح والحزن، وأشياء كثيرة يمكن الحديث عنها،
ضمن هذا الحشد من نجوم السينما والفن في العالم.
لم تكن هناك مفاجآت في أوسكار هذا العام.. هذا
بالرغم من أن الملاحظة الأهم على جوائز أوسكار هذا العام، هي أن
جوائز التمثيل الأربع (أفضل ممثل وممثلة وممثل مساعد وممثلة
مساعدة) قد ذهبت لممثلين غير أمريكان.. أي أن هوليوود خرجت من مولد
التمثيل بلا حمص، كما يقول المثل العربي.. ورغم ذلك فلم تكن هذه
الجوائز مفاجأة.. حيث أن الايرلندي داني لدي لويس كان أبرز
المرشحين للجائزة منذ فترة.. حيث يعد هذا الدور أبرز أدواره حتى
الآن.. كذلك الفرنسية ماريون كوتيار كانت مرشحة منذ عرض فيلمها في
كان الأخير.. هذا إضافة إلى حصولها قبل أيام على سيزار أفضل ممثلة
في فرنسا.. بالنسبة لأوسكار أفضل ممثلة مساعدة.. فلا أعتقد بأن
أحداً يمكن أن يجاريها مع أدائها المتميز والباهر في فيلم (مايكل
كليتون).. الأسباني خافير بارديم عن دوره في (لا وطن للمسنين)..!!
وهذا يعني بأن هوليوود.. أو القائمين على الأوسكار
قد بدأو التفكير جلياً في تدويل الجائزة وإعطائها صفة العالمية
وذلك بالانفتاح على سينما العالم.. وهو أمر بات واضحاً بعد سيطرة
سينما هوليوود على العالم، واكتساحها للعروض حتى في عمق الدول
الأوروبية التي هي مسقط رأس السينما.
|