الحديث عن المخرج مارتن سكورسيزي.. حديث لا
ينتهي.. فهو المخرج والفنان المثير على الدوام.. الإثارة هنا
تأخذ الجانب الإيجابي.. أفلامه على مدى أربعون عاماً.. دائما
تتصف بالعنف.. فهو مع المخرج (دي بالما) قد ملأو الشاشة دماء
قاتمة وفاجعة..!! والدماء هنا بالطبع تخفي ورائها الكثير من
الفساد والانحطاط الأخلاقي وانعدام الأهلية لمثل هذه
الأمور..!!
يأتينا سكوسيزي العام الماضي مع فيلمه (المرحل)
لينتزع أهم جوائز الأوسكار لهذا العام.. بعد طول انتظار..!!
فبالإضافة إلى أوسكار أفضل مخرج، استحق أوسكار أفضل فيلم،
وأفضل سيناريو مقتبس، وأفضل مونتاج.. ليبدو حفل الأوسكار هذه
المرة وكأنه تتويج لتاريخ حافل بالإنجازات لمخرج مثل سكورسيزي..!!
فتاريخ سكورسيزي مع الأوسكار طويل.. منذ
الثمانينات، عندما رشح كأفضل مخرج عن فيلمه المهم الثور الهائج
(Raging
Bull)
عام 1980، لتذهب لروبرت ريدفورد عن (أناس عاديون).. ثم رشح عن
فيلمه الرغبة الأخيرة للمسيح (The
Last Temptation of Christ)
عام 1988، لتذهب الجائزة لباري ليفنسون عن فيلم (رجل المطر)..
بعدها جاء مع فيلمه الرفاق الطيبون (Goodfellas)
عام 1990، إلا أن كيفن كوستنر سبقه بالأوسكار عن فيلمه الشهير
(الراقص مع الذئاب).. وفي عام 2002 لم يحصل على الأوسكار عن
فيلمه عصابات نيويورك (Gangs
of New York)،
حيث حصل عليها رومان بولونسكي عن (عازف البيانو).. أما الترشيح
الأخير فكان عن إخراجه لفيلم الطيار (The
Aviator)
عام 2004، حيث حصل عليها كلينت أيستود عن (طفلة المليون
دولار).
إنه حقاً تاريخ طويل مع الأوسكار.. قد جعل
البعض يعتقد بأن هناك ما يمنع القائمين على جوائز الأوسكار من
منح الجائزة لهذا المخرج الكبير.
ولكن السؤال هنا.. هل أضافت جائزة أوسكار أفضل
مخرج لمارتن سكورسيزي الكثير.. بالطبع نعم.. إلا أن عدم وجودها
لن يقلل من أهمية هذا المخرج، وهو صاحب التاريخ السينمائي
المثير والمهم..!! ولا يمكننا أن ننسى بأن عمالقة في الإخراج
أمثال شارلي شابلن وهاورد هوكس وأورسن ويلز وألفريد هيتشكوك
وسيدني لوميت، ومن قبلهم ديفيد غريفيث.. هؤلاء هم الذين خلقوا
أسطورة هوليوود، ولكنهم رحلوا دون أن تعثر الأوسكار على
طريقهم..!!
ولا شك بأن مارتن سكورسيزي لا يقل عن هؤلاء
الكبار.. فلم يكن مخرجاً سينمائياً فحسب، إنما كتب السيناريو
وأنتج ومنتج ومثل أيضاً.. خلال مشواره السينمائي الطويل الذي
يصل إلى أربعين عاماً.. قدم ومازال يقدم السينما التي تتناول
قضايا هامة اجتماعية ونفسية وسياسية.. في حياة المجتمع
والأفراد.. أفلام أصبحت ضمن كلاسيكيات السينما العالمية.. ففي
(سائق التاكسي) كمثال (حصل على سعفة مهرجان كان عام 1976)،
يتناول حياة شخص يعود من حرب فيتنام، مصاباً بمرض الهذيان،
مسلطاً الضوء على حياة مدينة بأكملها وعرض الجانب القذر
والمتعب والكئيب لمجتمع المدينة.. ليقدم إدانة صارخة للحرب..!!
والمتتبع لأفلام سورسيزي.. سيرى بأنه من
القضايا الملحة التي يضمنها أفلامه تتناول تلك الجوانب المعتمة
من حياة شخصياته.. وهي شخصيات تحلم بالسلطة والمال والعنف..
مشاغبون وفي نفس الوقت يعانون منن أزمات حادة بسبب طموحاتهم
لتحقيق هذا الحلم..!!
|