كان أفتتاح فعاليات مسابقة "أفلام من الإمارات" في أبوظبي هذا
العام بالفيلم البحريني (حكاية بحرينية).. وكان بالفعل حفلاً
استثنائياً.. فالجميع احتفى بهذا الفيلم باعتباره ممثلاً للسينما
في الخليج بشكل مشرف.. الجميع أثنى على الكادر الفني والتقني
والجهد المتميز الذي بذل لإظهار هذا الفيلم إلى النور!!
وهي بالطبع لمناسبة جميلة أن نتحدث عن فيلم بحريني آخر في غضون
عامين فقط، أي منذ فيلم (زائر) إنتاج عام 2004.. وهي أيضاً مناسبة
للحديث مرة آخرى عن المخرج السينمائي الطموح بسام الذوادي.. هذا
المسكون بالفن السابع.. والمتوحد مع السينما.. فنان مصر على صنع
فعل السينما، دون ملل أو كلل أو إحباط، رغم كل تلك العقبات التي
يواجهها في مشواره هذا.. لا أحد يجرأ على إثنائه عن فعله هذا..
السينما.
في فيلمه الأخير (حكاية بحرينية)، يتجاوز الذوادي الكثير من
الصعاب، ليقدم حكايات فريد رمضان وحالاتها المليئة بالصدق
والشاعرية.. شخصيات وحالات مفعمة بالواقعية.. تحاول أن تقول الكثير
عن واقع معيشي مؤلم وحياة اجتماعية صعبة.
فقد نجح الكاتب فريد رمضان بانتقائه لتلك الشخصيات التي عاشت في
فترة زمنية محددة.. فترة مازالت تحضر في ذاكرة أغلب المتفرجين. وهو
جيل حضر هذه التغييرات الاجتماعية والسياسية وحتى الثقافية منها..
لذا كان من الصعب تغيير هذا الواقع من قبل أي كاتب أو مخرج.. ليكون
الفيلم بمثابة شهادة لفنان بحريني آثر أن يصنع السينما التي
يحبها.
يتناول الفيلم فترة تاريخية سياسية حساسة من تاريخ الوطن العربي،
وهي الفترة الممتدة من هزيمة حزيران 1967، وحتى وفاة الزعيم جمال
عبدالناصر عام 1970. ويقدم الفيلم لثلاث شخصيات نسائية تحت ظروف
اجتماعية صعبة، حرص فيها الكاتب فريد رمضان على تصوير حالات خاصة
جداً ـ اجتماعية ونفسية ـ استقاها من الذاكرة، تلك التي رأي أنها
قد أثرت في تغيير واقع معاش لتلك الشخصيات التي اختارها.. لذا فلا
يمكن الحديث عن تسلسل زمني موحد يمكن الركون إليه.. فالفيلم يقول
إن الأحداث تدور في مرحلة نهاية الستينيات وبداية السبعينيات.. حتى
أنه لم يكن له أي داع لكتابة التواريخ على شريط الفيلم.. فتلك
الأحداث ـ السياسية منها بالذات ـ كانت قادرة على تقدير الزمن لدى
المتفرج.. وكان ذاك شرحاً للمشروح أصلاً.
فيلم (حكاية بحرينية)، هو تجربة ومحاولة سينمائية لمجارات الأسلوب
السائد في سينما اليوم.. السينما الحديثة.. تلك السينما التي تعتمد
على تقديم شخصيات وحالات.. أكثر من تقديمها لأحداث.. بمعنى أن
الحدث يصبح الخلفية فقط لتلك الشخصيات وتفاصيلها.. لذا فإن الحديث
عن الشخصيات نفسها هو الطريق الأمثل لتناول فيلم (حكاية بحرينية).
يتناول الفيلم ثلاث نماذج نسائية وطفل.. يعطيها الكثير من الاهتمام
ويحيطها بالتفاصيل الصغيرة التي تزيد من تألقها.. وهي شخصيات أعطت
للفيلم الكثير من الصدق والحميمية، ونجحت في كسب تعاطف المتفرج
نحوها.
يتبع....
|