(طائر على الطريق ـ 1981) فيلم للمخرج محمد خان، تناول من خلاله
عالم سائقي التاكسي، لينتقي منه شخصية فارس (أحمد زكي).. شخصية
تجسدت فيها صفات النقاء والتردد والخجل والجرأة والتواضع
والاندفاع.. شخصية غير
قادرة على الانتماء الشكلي، ورافضة لأية تشكيلات أو تكوينات
جاهزة.. شخصية يعتمل في
داخلها تكتل رهيب من القلق والألم والاكتئاب، رغم إنها لا
تعاني من أية ضغوطات
مادية في حياتها اليومية.
بهذه الصفات والتصرفات، يبرز الفيلم شخصية فارس.. كشاب منطلق غير
متصل بالواقع، بل ويعيش عالمه الخاص والمنفصل لممارسة حريته
الشخصية.. جاعلاً من إنفصاله بديلاً للواقع، ومن هنا تأتي أزمة
فارس والشخصيات التي تتصل به في واقع الفيلم.. وبرغم التناقضات
التي يحدثها الواقع ولاإنتمائية فارس له، إلا أن الجميع في النهاية
يسقط في طريق المتاهة.
ففارس غير متزوج، ويحاول أن لا يربط نفسه بأحد.. لذا نراه يتهرب من
الارتباط بسيدة متزوجة.. لكنه يرتبط بعلاقة وجدانية عميقة بالفتاة
البسيطة الذكية، التي يلتقي معها في أشياء كثيرة. وبالرغم من أنه
لا يجد نفسه إلا معها، إلا أنه يتردد كثيراً عندما تفاتحه في
الزواج، ويتابع إحساسه بأنه مجرد طائر محلق ومنطلق، ورافض لأي شكل
من أشكال القيود. ولأن فارس يعيش هذا الواقع، فكان لابد له أن يخضع
لهذا الواقع مهما كانت درجة تمرده عليه.. حيث نراه في حالة أخرى،
حين يدفعه إحساس غريب، ويتحرك في داخله انجذاب خفي نحو تلك المرأة
المتزوجة.. يتحول فيما بعد إلى عشق مجنون. ليجد فارس نفسه في موقف
جديد عليه، يشده إلى أرض الواقع، خصوصاً بعد أن تثمر هذه العلاقة
جنيناً في أحشاء حبيبته.. يجد نفسه سلبياً وعاجزاً عن القيام بأي
تصرف إزاء طبيعة وضعه الجديد هذا.
يعيش فارس حالة من التردد والقلق
والتحفز، ويحاول مقاومة تلك القوى الخفية التي تشده للواقع. وعندما
يتخلى عن
سلبيته وتهربه من مواجهة الواقع، يكون كل شيء قد انتهى.. تكون
نهاية فوزية بانتحارها، ونهاية فارس اللامنتمي تحت عجلة سيارة.