عمر
الشريف يعتزل التمثيل عربياً.. عنوان مثير إلى درجة محيرة..!! وها نحن
نحاول مرة أخرى الكشف عما وراء هذا التصريح الخطير.. من معاني
ومؤثرات..!!
ماذا
يعني هذا التصريح بالنسبة لمنتسبي السينما العربية.. أي العاملين فيها
من مخرجين وكتاب ومنتجين وممثلين.. أعتقد جازماً بأن عمر الشريف
بتصريحه هذا يدق ناقوس الخطر بالنسبة لتدني مستوى الإنتاج السينمائي
المصري..!! وهذا الإعتقاد لم يأتي من فراغ، فما قدمه عمر الشريف في
السينما بعد رجوعه الى السينما المصرية (باستثناء دوره في فيلم "الأراجوز")
مع بداية التسعينات، لم يرقى لما وصل إليه في السينما العالمية، خصوصاً
بعد تأكد هذا الإحساس بظهوره في عدة أدوار عالمية متميزة في السنوات
الخمس الأخيرة، أشعلت نجمه من جديد، بل أهلته للحصول على جائزة السيزار
الفرنسية، وهي المعادل للأوسكار الأمريكي.. وهو كفنان لابد له أن يحمي
تاريخه الفني الطويل من التراجع أو التشويه..!!
هذا
بالنسبة لعمر الشريف نفسه.. فماذا يعني لمنتسبي السينما المصرية.. ما
تعليفهم على هذا التصريح..؟! ماذا هم فاعلون تجاه هذه السينما..!!
وهذه
دعوة (ربما تكون مثالية) للقائمين على الإنتاج السينمائي المصري، أن
يعوا جيداً أهمية الثورة على التقليد وتقديم الجديد والمبتكر لتطوير
هذه السينما العتيقة، والخروج بها من عنق الزجاجة، والإنطلق بها إلى
آفاق فنية رحبة، ثم الوصول بها إلى أجواء ومناخات تتعدى السائد
والتقليدي، ولا تعتمد على مقولة (الجمهور عايز كده).. حتى لا يأتي ذلك
اليوم ونرى بأن أبرز الطاقات السينمائية المصرية قد شُلت حركتها أو
هاجرت إلى منابع فنية أخرى..!!
وبصفتنا من المتابعين لما تنتجه بلاد العرب من أفلام وتجارب سينمائية..
برزت على الساحة العربية، بل تعدت النطاق العربي إلى العالمي.. ووصلت
إلى مراحل فنية متألقة ومبهرة، تجارب خارجة عن المألوف، نجحت في تخطي
حاجز الخوف من التجديد.. وقدمت نفسها كمنافس في المهرجانات والمحافل
السينمائية الدولية.. هذا ما أشعرتنا به سينما فلسطين ولبنان في
السنوات الخمس أو العشر سنوات الأخيرة..!!
أما
على صعيد السينما المصرية.. فمازالت تعاني من مشكلة أساسية، بل مزمنة..
ألا وهي الإنتاج والتوزيع.. فالمنتج في السينما المصرية لابد له أن
يأخذ في الإعتبار أن مسألة الربح والخسارة المادية، التي يسعى إليها كل
المنتجين، هي مسألة نسبية.. فما يصرفه المنتج على الأفلام في الفترة
الأخيرة ليس بالشيء القليل، بل إنها ملايين الجنيهات أو الدولارات..
وهي ميزانيات ساهمت بالطبع في تطور السينما المصرية، تقنياً فقط.. أي
أننا نرى بأن أفلام الأكشن والحركة التي أخذت حيزاً مناسباً في السوق
السينمائي المصري، وهي أفلام تجاري الإنتاج الأجنبي في التقنية
والشكل.. فقط ينقصها الإهتمام بالفكر والمضمون الذي يطرحه الفيلم.. وهي
قضية شغلت الجمهور أكثر من صناع الأفلام أنفسهم.. فالمتفرج يهمه جداً
ما يطرحه الفيلم وما يقوله، ومالفائدة التي خرج بها من هذه المشاهدة.
لذا لابد من الإهتمام بالفكر والمضمون.. أو السيناريو بشكل عام.
والسينما المصرية تزخر بكتاب سيناريو متميزين، نجحوا في تقديم مواضيع
مبتكرة وأفكار جديدة، وعلى صناع الأفلام المتداولة في السوق السينمائية
أن يلتفتوا لهؤلاء الكتاب، ويستزيدو من الفكر المختلف الذين
يقدمونه..!! ويبتعدون عن هذه السطحية والمباشرة في المواضيع المتداولة
في سينما الجيل الجديد..!!
|