بمناسبة اليوبيل الماسي لميلاد الفنانة الكبيرة فاتن حمامة.. دشن صندوق
التنمية الثقافية في مصر موقعاً إلكترونياً خاصاً لهذه الفنانة
الرائدة.. خطوة ـ ولو أنها جاءت متأخرة جداً ـ إلا أنها تحسب لهذه
الجهة.. وهي بالطبع مناسبة يستحق أن يحتفى بها حقاً.
ونحن
في هذا الموقع، نتشرف بالمشاركة في هذا الاحتفاء.. لفنانة قدمت الكثير
لهذا الفن وللثقافة الفنية في الوطن العربي. فهي حقاً استحقت لقب سيدة
الشاشة العربية.. الفنانة التي منحتنا من روحها المحلقة برهافة في
سماوات الفن.. مشاعرها المسكونة بالدهشة خمسون عاماً .. نفرح .. نحزن
.. نتعذب معها .. ندافع عنها نحتويها بمشاعرنا ولا نتركها أبداً..؟!
نشتاق لفنها الجميل.. لطلتها المريحة التي تحيل كل شيء أمامها إلى
خيال.. ليتعلق القلب بها وبسحر عطائها الخلاق فقط. هي التي مازالت
تتربع على القمة بالرغم من غيابها الطويل عن الشاشة، والتي تزداد
بريقاً وتألقاً.. بعد أن أهدت للسينما ما تجاوز المائة فيلم سينمائي،
تركت بعضها علامات في تاريخ السينما المصرية، خلال الخمسين عاماً
الماضية. ولأن تاريخ فاتن حمامة يعد بمثابة كتاب سينمائي ضخم، من الصعب
تصفحه في حيز كهذا.. ولكننا نقدم منه سطوراً قليلة.. فهذا الكتاب مازال
مفتوحاً، ومازالت الصفحات فيه كثيرة.. ومازال العطاء مستمراً.
وفي
هذا الحيز الصغير.. كان لابد لنا أن نستعيد الذاكرة.. لأفلام باتت
خالدة في ذاكرة السينما العربية والعالمية.. إذن لنبدأ بفيلم أقل ما
يقال عنه إنه من بين أفضل الأفلام التي قدمتها السينما المصرية.. إنه
فيلم (دعاء الكروان).
عرض
فيلم (دعاء الكروان) لأول مرة عام 1959، أي منذ خمسة وثلاثين عاماً..
ورغم مرور كل هذه السنين، إلا أن بريق هذا الفيلم مازال باقياً.
يتحدث
الفيلم ـ من خلال قصة باتت من كلاسيكيات السينما العربية كتبها الأديب
الكبير"طه حسين" ـ عن "آمنة".. الفتاة الريفية التي تتمرد على العادات
والتقاليد في صعيد مصر، حيث تقع أختها "هنادي" في حب ذلك المهندس
العازب الذي تعمل عنده خادمة، ولكنه يعتدي عليها ويحطم حياتها،
وبالتالي تُقتل أمام أختها "آمنة" على يد خالها.. فتقرر "آمنة"، بعد أن
عاهدت نفسها مع دعاء الكروان في القرية، الانتقام لأختها من ذلك
المهندس.....
عند
الحديث عن فيلم (دعاء الكروان)، لا يمكن إغفال ما لدور الحوار من قيمة
فنية كبيرة أضيفت إلى الفيلم، خصوصاً إذا عرفنا ـ أيضاً ـ بأن الرواية
الأصلية تكاد تكون خالية من الحوار، فقد اعتمدت بشكل كبير على السرد
الدرامي من وجهة نظر ذاتية للبطلة.. فقد كان الحوار معبراً بأسلوب
وجمال عباراته عن البيئة بدقة متناهية، ويتناسب مع ظروف الحياة والفترة
التاريخية التي جرت فيها الأحداث، هذا إضافة إلى حيوية أدائه وإجادته
من قِبل الممثلين.
قام
بإخراج الفيلم، واحد من كبار مخرجي السينما العربية، وواحد من أعمدة
الإخراج السينمائي المصري.. فقد اشتهر المخرج "هنري بركات" بأفلامه
العاطفية والغنائية ذات الطابع الرومانسي.
اشتركت مصر بفيلم (دعاء الكروان) في مسابقة الأوسكار، ووصل الفيلم إلى
التصفية النهائية، ضمن أفضل خمسة أفلام أجنبية، وإن كان الفيلم لم يفز
بإحدى جوائز الأوسكار.. كما اختير (دعاء الكروان) لتمثيل السينما
المصرية في مهرجان برلين الدولي في نفس العام.
|