أثناء مشاهدتي لفيلم (أيام السادات ـ 2000)، بهرني النجم الأسطورة أحمد
زكي، في أداء رائع وممتاز، وهو ـ كما عودنا دائماً ـ قادر على إدهاشنا
ومفاجأتنا، فكان كل الفيلم، حيث قام بدراسة الشخصية من كل جوانبها النفسية
والعاطفية، ونجح في تقمص الشخصية وليس تقليدها. هذا مما أضفى وجوده في
الفيلم مصداقية على أحداث فيلم ضخم كهذا، واستطاع أن ينقذه من الفشل
الجماهيري، فكان الحمل بالطبع ثقيل عليه.
في البدء لابد من الإشارة إلى أن الفيلم يعتبر حدثاً هاماً بالنسبة للسينما
المصرية. أولاً لنجاحه الجماهيري المتميز، وثانياً لأننا أمام شريط سينمائي
يتحدث عن شخصية زعامية بارزة، أثرت في تاريخ مصر والوطن العربي بشكل عام..
فهو بالتالي فيلم هام.
سيناريو الفيلم، كان أضعف العناصر الفنية، فهو يقدم نظرة أحادية الجانب،
باعتباره مأخوذاً عن كتابي (البحث عن الذات) لأنور السادات نفسه، و(سيدة من
مصر) لزوجته جيهان السادات. هذا إضافة إلى أن مهمة كاتب السيناريو كانت
مهمة مستحيلة، عندما يتناول فترة تاريخية طويلة من حياة الرئيس أنور
السادات، تبدأ منذ صباه في الأربعينيات من هذا القرن، وحتى اغتياله في
بداية الثمانينيات.. وكلها أحداث من الصعب الحديث عنها في فيلم واحد. وهذا
مما جعله لا يهتم كثيراً بإبراز الصراع الفكري والسياسي بين السادات
والشخصيات الأخرى المحيطة به، ويخفق في رسم بقية الشخصيات التي كان لها
تأثيراً كبيراً على أحداث الفيلم.
ولكن بالرغم من تلك النظرة الأحادية، فقد كان هناك الكثير من المشاهد التي
توخت الحذر في الطرح، وتجنبت أي مغالطات تاريخية. وقد ساهم في ذلك بالطبع
وجود مخرج كبير وراء هذا العمل، وصاحب خبرة ودراية واسعة بلغة السينما،
جعله يتميز عن أي فيلم تاريخي آخر.
والمتابع لمشوار محمد خان السينمائي من خلال أفلامه، يدرك تماماً بأنه مخرج
لا يهتم بالحدوتة، بقدر اهتمامها بالشخصيات والتفاصيل الصغيرة، وهذا بالضبط
ما وجده المخرج محمد خان في شخصية السادات، فهي شخصية ثرية درامياً، مليئة
بالتناقضات، والتباينات المثيرة، ولحظات القلق والتوتر، وفترات هبوط وصعود،
وتأرجح ما بين الحياة والموت. فهي بالتالي شخصية مغرية بالنسبة للمخرج محمد
خان، الذي اهتم في هذه الشخصية بالتفاصيل الصغيرة المهمة وبالأخص الإنسانية
منها.
ولكننا بالمقابل لم نجد في فيلم (أيام السادات) بصمة المخرج محمد خان
الواضحة كمخرج له رؤية إخراجية فنية وفكرية خاصة. أفلامه تصل إلى القلب
مباشرة، باعتبارها أفلاماً سينمائية مكتملة، تتوافر فيها كل الشروط الفنية.
وهو بالتالي صاحب نظرية سينما المكان في السينما المصرية. إلا أن محمد خان
في (أيام السادات) قد وقع في الشرك الذي وضعه له السيناريو، فكان ضحية
لسيناريو ضعيف مترهل، لم ينجح هو في إنقاذه في حجرة المونتاج.
|