(كيف تشّيد جسراً للعبور إلى الآخر)
إن تبادل الأفكار وإقامة العلاقات مع طاقم العمل هو عنصر جوهري وحاسم لخلق
مسار سلس، ناعم ورشيق لمجرى العمل في موقع التصوير. وهذا يجب أن يؤسس بفترة
تسبق تصوير الفيلم. عكس ذلك، سيكون الوقت متأخراً جداً وسيترك آثاراً سلبية
على روحية العمل الذي نقوم به أثناء التصوير. دعني أورد لك مثالاً على ما
أقول. حين قررت إخراج فيلم "التانغو الأخير في باريس" أخذت مصوري فيتوريو
ستورارو لزيارة معرض الرسام فرانسيس بيكون في (Grand Palace)
في باريس. لقد أريته لوحات بيكون، وأوضحت له، أنني أردت استخدام هذه
الأشياء مثل إيحاءات ملهمة لي في الفيلم. ولو أنك دققت النظر جيداً في
الفيلم، لاستطعت أن تجد هناك درجات لون برتقالية فيه، تلك التي كانت بتأثير
وإلهام مباشر من بيكون. بعدها أخذت مارلون براندو لرؤية المعرض نفسه،
وأريته اللوحة (8) التي ستظهر فيما بعد خلال التايتل في بداية الفيلم.
إنه بورتريه يبدو لك مجازياً تماماً حين تراه لأول مرة. لكنك لو تأملته
لبعض الوقت، فإنه سيفقد نزعته الطبيعية تماما ً، ليصبح تعبيراً عما يحدث في
لاوعي الرسام. قلت لمارلون "هل تأملت تلك اللوحة جيداً؟ حسناً، أريد منك أن
تعيد خلق ذات الألم الرهيب الذي ينبعث منها". وقد كانت تلك الملاحظة
الوحيدة أو بالأحرى التوجيه الرئيسي والوحيد الذي أعطيته لمارلون براندو في
مجمل العمل في الفيلم. أنا غالباً ما أستخدم لوحات الرسم كواسطة لتبادل
الأفكار وخلق الصلات مع الممثلين أو طاقم العمل، فتصبح تلك اللوحات أشبه
بجسر لعبور الرؤى والأفكار مابين الضفتين، أي، ما بينك وبين الآخر، وهي
غالباً ما تكون أكثر تأثيراً بكثير من استخدام مئات الكلمات.
جزء من حوار طويل ترجمه علي كامل ـ عن كتاب "
Private Lessons
From The World’s Foremost Directors"
|