اختار المخرج الراحل عاطف الطيب زمناً محدداً لغالبية أفلامه، وهو الفترة
الممتدة منذ مطلع عصر الانفتاح وحتى رحيله، أي منذ منتصف السبعينات وحتى
مطلع التسعينات. فقد ناقش الطيب مجموعة من المتغيرات الاجتماعية
والاقتصادية التي أفرزتها مرحلة الانفتاح والفترة ما بعد الانفتاح، والتي
طرأت بشكل مفاجئ على المجتمع المصري وغيرت في كثير من القيم والأخلاقيات
العامة.
ولا نعتقد بأن التدليل على هذا الزمن في تجربة عاطف الطيب سيكون صعباً،
فغالبية أفلامه توحي بهذا الزمن، إما بشكل مباشر أو غير مباشر. فالتفكك
الأسري والتفسخ الأخلاقي للمجتمع في فيلم (سواق الأتوبيس) ـ كمثال ـ جاء
نتيجة ذلك التغيير المفاجئ في العلاقات الاجتماعية لعصر الانفتاح، حيث أوحت
شخصيات الفيلم بذلك.
ويمكن لأي متتبع لأفلام الطيب أن يكشف الزمن وعناصره فيها.. هنا يبرز
التساؤل.. لماذا اختار عاطف الطيب هذا الزمن بالذات في غالبية أفلامه؟
وللإجابة على هكذا تساؤل، لا بد من التأكيد على أن كافة الموضوعات والأفكار
والأطروحات التي حملتها أفلام عاطف الطيب، تمثل وجهة نظر شخصية للمخرج، أي
إنه يتبناها ويؤمن بها تماماً. فهو مثلاً، في أحد أحاديثه الصحفية، يؤكد
هذا التصور، بل ويسهب في الحديث، عندما يتذكر إحدى لقاءاته الجماعية مع
صديقيه المخرج محمد خان والسيناريست بشير الديك، في مقهى في وسط مدينة
القاهرة، في أوائل الثمانينات، حيث كان الحديث عن السينما والسياسة
والحياة.
يتحدث عاطف الطيب، فيقول: (...لا أستطيع القول بأن أحلامنا وأفكارنا ساعتها
كانت واضحة أبداً، كانت مجرد إرهاصات، تنبؤات، آمال.. كنا نستبصر الدنيا،
ونحن نسعى لشمول ثقافي، لا يعني القراءة فقط، ولكن الحياة مع مختلف
الشرائح، فهم مجريات الأمور، الاحتكاك بالواقع، ملازمة التجارب.. والقراءة
أيضاً.. كان سؤالنا ـ المر ـ كيف استطاع السادات في عشر سنوات أن «يشخبط»
إنجازات عبد الناصر، رغم الجماهيرية الواسعة التي كانت تحيط بناصر
وإنجازاته، رغم انحيازه للناس والفقراء؟).
وهذا ما يفسر ثبات الزمن ـ إلى حد كبير ـ في غالبية أفلام الطيب، إذ أراد
بذلك أن تكون أفلامه شاهداً على هذه المرحلة الزمنية بالذات.
|