عندما سئلت المخرجة أسماء البكري، عن المخرجين المفضلين لديها، أجابت: محمد
خان وهتشكوك وأورسون ويلز... ترى ما هو وجه الشبه في هؤلاء الثلاثة، أحبته
هذه المخرجة المثابرة.. فلكل واحد من هؤلاء الثلاثة أسلوب خاص ومختلف في
الإخراج لا يجاريه فيه أحد.
أورسون ويلز صاحب أهم فيلم سينمائي في التاريخ (المواطن كين)، يملك رؤية
فنية إخراجية تنتمي إلى روح الابتكار في صنع السيناريو المصور. وهتشكوك ملك
أفلام الرعب بدون منازع، صاحب مدرسة مذهلة في تصوير الرعب السيكولوجي،
والشخصيات المريضة نفسياً واجتماعيا. أما محمد خان، فهو صاحب الشخصيات
والتفاصيل الصغيرة الكبيرة، راصداً هاماً لما يدور في حواري المدينة
وأزقتها.
ماذا رأت أسماء البكري في هؤلاء المخرجين.. وهل ما قدمته في أفلامها..
يقترب عما شاهدناه لدى أي من المخرجين الثلاثة؟!
ربما ليس صحيحاً ما راودنا من تساؤلات.. فأسلوب هذه المخرجة.. لم يقترب
كثيراً من أسلوب أحدهم.. فهو نتاج تجارب كثيرة مرت بها مخرجتنا في تعاملها
مع المخرجين الآخرين الذين عملت معهم كمساعدة.. فقد عملت مثلاً مع يوسف
شاهين (عودة الابن الضال، وداعاً بونابرت)، لكنها تختلف عنه تماماً.. ربما
حسب ما صرحت بأنها تعلمت منه الإصرار والعزيمة!!
أسماء البكري.. بدأت تسجل بالصورة ما تعرفه وتريد توصيله للمتلقي.. أفلامها
التسجيلية أكثر من الروائية بكثير.. فنانة مثقفة درست الأدب الفرنسي قبل
اتجاهها للسينما.. أفلامها الروائية ثلاثة فقط (شحاذون ونبلاء، كونشرتو درب
سعادة)، (العنف والسخرية) الذي انتهت منه قريباً ولم يعرض بعد.
هذه المخرجة المثابرة.. عملت في بداية اتصالها بالفن السينمائي كـ"دوبلير"
مكان بوسي في فيلم (بيت من الرمال)، ثم ملاحظة للسيناريو والإنتاج في فيلم
(غرباء)، ثم مساعدة للإخراج، هذا إضافة إلى أفلام أجنبية كثيرة صورت في
مصر.. حتى جاءت تجربتها الإخراجية الأولى في (شحاذون ونبلاء).
أفلامها ليست تجارية، تسعى إلى التفكير إلى جانب المتعة.. في (شحاذون
ونبلاء)، تقدم فكرة فلسفية بسيطة.. في (كونشرتو درب سعادة) تتصدى لمشكلة
نقصان المعرفة لدى المتفرج العربي. أما أفلامها التسجيلية، فيحتفى بها في
أوروبا أكثر.
تتجه إلى الإنتاج المشترك مضطرة.. بعد رفضها من قبل المنتج العربي (... لأن
الإنتاج المصري يريد أفلاما معينة لنجوم بعينهم. فيلمي الأخير ذهبت به حين
كان مشروعاً إلى جميع جهات الإنتاج العامة والخاصة, فرفضوه بل إن بعضهم لم
يرد علي بنعم أو لا! ومنهم ممدوح الليثي. إذاً لم يكن أمامي سوى الإنتاج
المشترك لأن التعامل مع المنتجين المصريين يقوم الآن على عدم احترام
متبادل...).
فيلمها الأخير (العنف والسخرية) خالي من النجوم تماماً.. يعتمد على الوجوه
الجديدة مع زكي فطين عبدالوهاب وعائشة الكيلاني، (...بعد تخلي أصدقائي
النجوم عني ممن عرضت عليهم العمل ورفضوا...).
أسماء البكري.. فنانة مثابرة في هذا الزمن العربي المتردي، تنتج فناً
يستعصي على المتفرج العربي التقليدي البليد.
|