نحن
هنا أمام نموذج خاص ونادر للمرأة العربية، امرأة رقيقة شفافة
وجميلة، ملامحها الهادئة تكشف عن مدى النعومة والبراءة التي في
أعماقها. وهي تعيش في مجتمع متخلف، يفرض على المرأة الكثير من
القيود والتقاليد، ويكبلها بأغلال لا تنتهي أبداً.. مجتمع لا يعترف
بحرية المرأة الشخصية، ولا يعطي أي اهتمام لمشاعرها وبراءتها.
نوال
(سعاد حسني) امرأة متزوجة من رجل أعمال كبير يدعى عزت (حسين فهمي)،
وتعيش حالة فقدان الحرية الشخصية، وذلك عندما تجبرها الظروف على
هذا الزواج. لذلك ينتابها شعور دائم بأن والدتها قد باعتها لهذا
الرجل وقبضت الثمن فلوسه.
فهو
رجل غني ومتسلط، يفضل أن يعيش عالمه الخاص ويسعى إلى النجاح في
أعماله. نراه يهمل زوجته ويتركها تذبل وحدها في المنزل، وكأنها
قطعة من ديكوره. ونراها كارهة له ولطريقته الشاذة للاستحواذ
عليها، والتي تركت في نفسها جرحاً لا ينسى. فقد أكرهها على مشاركته
الفراش وهي عذراء لإجبارها على الزواج منه، وهذا ما يبرر استمرار
كراهيتها له وللمجتمع المحيط به. وهو مجتمع بورجوازي مزيف، همه
الوحيد حضور المزادات واقتناء التحف وإقامة الحفلات الفاخرة ..
مجتمع لا يتناسب مع شفافيتها ورقتها وبراءتها. لذلك تطلب الطلاق،
اعتقادا منها بأنه كفيل بتحريرها من سجنها الذهبي المزيف. فبالرغم
من أن طلاقها يأتي بعد معاناة نفسية قاسية، نتيجة تعرضها للاغتصاب
الجسدي والنفسي، إلا أن فرحتها بحصولها على حريتها لا يوازيها أي
شيء آخر. فهي تحاول أن تنسى كل ما مضى، إلا أن المجتمع المتخلف لا
يتركها وشأنها. فشخصية زوجها عزت تمثل هذا المجتمع المتخلف، شخصية
نموذجية لرجل الأعمال المتسلط والقاسي، والذي لا يفرق بتاتاً بين
تعامله مع السوق التجاري وبين تعامله مع المشاعر الإنسانية.
شخصية
مريضة ومعقدة ومصابة بعقدة حب التملك، لدرجة أنه يعتبر زوجته من
ضمن ممتلكاته، ومن المستحيل أن تكون لغيره، حتى بعد أن يطلقها،
يعتقد أن هذا ما هو إلا حدث عرضي سيزول سريعاً وسيسترجعها ثانية.
لكنه يفاجأ بتمسك نوال بحريتها وإصرارها بالبقاء بعيداً عنه. فيعود
لمضايقتها من جديد لإجبارها على الرجوع إليه، خصوصاً عندما يعلم عن
علاقتها الجديدة مع شكري (أحمد زكي)، ومن ثم زواجها منه. هنا يجن
جنونه ويزيد إصراره على استرجاعها، حتى ولو أدى الأمر إلى ارتكاب
القتل. حيث يكون زوجها شكري هو ضحيته، معتقداً بذلك أنه استطاع
إزالة العقبة التي تعيق استرجاعه لنوال مرة ثانية.
هنا
تقرر نوال إنهاء حياة هذا الرجل الأناني، وإنهاء حياتها أيضاً..
ويكون ذلك بعد دعوته على العشاء واعداد الوجبة التي يحبها.. (المسقعة).
19.04.2009