خلال
الأمسية السينمائية التي أقامها المشرفون على فعاليات الملتقى
الثقافي الأهلي نهاية العام الماضي، عرض الفيلم البحريني القصير
"غياب"، وكان محدثكم (كاتب السيناريو) وصديقه مخرج الفيلم، قد
تحدثنا عن
تجربتهما
لإنجاز
هذا الفيلم..!!
كان
استقبال الجمهور لفيلم "غياب" البحريني أكثر من رائع.. وردود الفعل
كانت مشجعة حقاً.. لولا أن هذا الجمهور الجميل، والذي تفاعل مع نوع
جديد عليه من السينما، يفتقد لثقافة خاصة بالفيلم القصير.. أقصد
بأن مشاهداته لهذا النوع من الأفلام قليلة، بل نادرة..!!
فالفيلم القصير.. فن كبقية الفنون الأخرى، أي أنه ليس بداية أو
تجارب أوليه يقوم بها الفنان لكي تؤهله للقيام بتقديم فيلم طويل..
هذا المفهوم للأسف شائع لدى أغلب المشتغلين بالصورة المتحركة ليس
في دول الخليج فحسب بل حتى في الوطن العربي.. وهو خطأ فادح لابد من
تداركه، والاهتمام بثقافة الفيلم القصير كفن قائم بذاته، له مقومات
خاصة فنية وتقنية..!!
الفيلم
القصير.. من وجهة نظر خاصة، هو فيلم سينمائي يقوم أساساً على فكرة
لماحة تقدم بشكل مركز ومختزل في زمن قياسي، لا يتعدى النصف ساعة
على أكثر تقدير.. يستثمر كل ثانية فيه لتوصيل ما يريده مبتعداً عن
المباشرة، ومتخذاً الصورة التي تقول ولا تفسر كوسيلة لتوصيل ما
يريده من أفكار ومفاهيم..!!
الفيلم
القصير فن مظلوم، وخصوصاً عندنا في البحرين، باعتباره محجوب عن
الجمهور العريض.. وهذا أمر يعد حقاً خسارة للمتفرج وللفيلم في نفس
الوقت.. هذا الظلم جاء نتيجة طبيعية لسيطرة الفيلم الطويل على
الساحة السينمائية وبالتالي على دور العرض العامة.. واقتصرت عروض
الفيلم القصير على المهرجانات والملتقيات والمناسبات الخاصة.. مما
جعل جمهوره مقصور على النخبة من المثقفين المتابعين.. في المقابل
أصبح الجمهور العريض فقيراً في تعامله مع ثقافة الفيلم القصير
ويفتقد القدرة على التعامل مع نوع مختلف من الفيلم..!!
الأصوات التي نادت بعرض الفيلم القصير في دور العرض العامة كثيرة..
ولكن التفاعل مع هذه الأصوات في أغلب الدول العربية، اقتصر على بعض
المؤسسات الرسمية، وعلى شركات القطاع العام السينمائي خاصة..!!
أذكر
بأن دور العرض السينمائي في البحرين، عند نشأتها وحتى نهاية
الستينات من القرن الماضي، كانت تعرض أفلاماً قصيرة قبل عرض الفيلم
الطويل، تقتصر هذه الأفلام القصيرة على الأخبار الرسمية وبعض
الفعاليات والمناسبات الخاصة والعامة التي تقام في تلك الفترة
بالبحرين، أنتجتها شركة بابكو في مجملها.. وكانت بالفعل أفلاماً
توعوية وتثقيفية وحتى إخبارية، يستفيد منها المتفرج ويستمتع بها..
إلا أن ذلك توقف منذ زمن طويل..!!
يتبع...
|