يجرى حالياً، تصوير دراما تلفزيونية باسم (العار)، والمأخوذة عن
قصة الكاتب محمود أبوزيد.. قصة "العار" هذه، كانت قد تحولت إلى
فيلم سينمائي في الثمانينات من القرن الماضي، أخرجه المصري علي
عبدالخالق.
ويعد فيلم (العار)، الذي انتج عام 1982، من بين افضل الافلام التي
انتجت في عقد الثمانينات، حيث لاقى نجاحاً كبيراً عند عرضه على
المستويين
الجماهيري والنقدي. واعتبره النقاد والمهتمين حينها فيلم الموسم.
فقد حصل على جائزة الاخراج في مهرجان مانيلا السينمائي الدولي،
وانتزع افضل ثلاث جوائز من مهرجان جمعية الفيلم السنوي، هي افضل
فيلم واخراج
وسيناريو.
وفيلم (العار) دراما اجتماعية انسانية مشحونة بالاثارة والتشويق،
تحكي
عن اسرة تاجر عطارة تعيش في بحبوحة من العيش في هدوء واستقرار نفسي
واجتماعي، وكل
شيء في حياة هذه الاسرة طبيعي ويسير بروتينية وهدوء.. وفجأة
تحدث الكارثة، عندما يموت رب الاسرة في حادث مرور. هنا يحدث التحول
في الخط الدرامي ويتطور الى النقيض
تماماً، حيث يتضح فيما بعد بان الحاج الوالد كان من اكبر تجار
المخدرات. وبعد
معرفة الاسرة المنكوبة بهذا السر الخطير، يبدأ في التأثير على مسار
الاحداث والشخصيات وفضح كوامنها، ويبرز الفروق بين الممارسات
الاجتماعية والانسانية وبين
الصورة الحقيقية لهذه الشخصيات. ويشترك الاخوة الثلاثة في
تصريف صفقة المخدرات
التي اتفق عليها المرحوم الوالد قبل وفاته، ووضع فيها مبلغ خمسة
ملايين جنيه،
آملين ان يحصل كل واحد منهم على نصيبه .
والفيلم يعد إدانة واضحة لمرض استشرى في
مجتمع الإنفتاح، الا وهو طغيان المادة واللهث وراء الثروة لدرجة
تناسي القيم
النبيلة والمباديء الاخلاقية والانسانية. كما ان الفيلم قد اشار
الى تأثير المخدرات (المادة) على الروابط الاسرية الى حد التفكك.
وقد شاهدنا كيف ان بريق
المادة قد جعل الطبيب الذي يعالج مرضاه بعقاقيره يلجأ اليها
عندما توترت اعصابه،
وشقيقه رئيس النيابة لم يتمكن من مواجهة احد تجار المخدرات رغم
كفائته واحكانه
السابقة. هنا يقعان في وضع صعب وهو الاختيار بين وظيفتهما والقيم
التي رباهما
عليها والدهما، وبين الثروة الكبيرة التي تأتي من تجارة
المخدرات. ولانهما رضخا
لسيطرة المادة، كانت النتيجة فقدانهما لكل شيء في النهاية.
لقد جمع فيلم (العار) بين الاثارة والتشويق، وقدم مثالاً متميزاً
للتجانس بين كافة عناصر الفيلم، وخصوصاً بين السيناريو والاخراج.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، نرى كيف ان
السيناريست رغبة منه لتوصيل افكاره، حرص على عدم اظهار الشرطة حتى
النهاية، على
عكس ما يحدث عادة في الافلام المصرية من ضرورة تدخل الشرطة
وإلتحامهم مع تجار
ومهربي المخدرات في معركة شرسة، تنتهي ـ بالطبع ـ بانتصار الشرطة.
هنا أصر محمود
ابو زيد على البحث عن وسيلة اخرى لقول ما يريده.. ونجح فعلاً في
ذلك
.
كذلك
المخرج علي عبدالخالق، الذي استطاع السيطرة تماماً على ادواته
الفنية والتقنية والحفاظ على عنصري الاثارة والتشويق طوال الفيلم.
كما نجح حقاً في ادارة ممثليه،
حيث قدم مباراة في الاداء التمثيلي بين ثلاثة نجوم كبار.
واخيراً يمكن القول
بان (العار) فيلم يستحق الاحترام، لانه استطاع قول ما يريده
للمنفرج بدون افتعال
ودون مباشرة وباسلوب شيق وجميل .
|